Forum of Fouad Zadieke

Forum of Fouad Zadieke (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/index.php)
-   خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/forumdisplay.php?f=277)
-   -   الغدُ الآتي بقلم/ فؤاد زاديكى (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=46856)

fouadzadieke 27-07-2019 09:32 AM

الغدُ الآتي بقلم/ فؤاد زاديكى
 
الغدُ الآتي




بقلم/ فؤاد زاديكى




كما تتعطّش أزهارُ الصيف الثكلى بعطور سحنتها المورقة أتعطّشُ إليكِ وكما يدفقُ شعاعُ الرّجاء في عالم حرمانٍ يائس هكذا أشرقَ حضورُكِ المبدعُ فأمتع مناهلَ ضعفي وأوردها هذا الأملَ وحقن وريدَ ثباتها بعطائه المكتظّ بالسّماحة والبساطة والرّضى، وبحكم خبرتي المسلوقة على نار الحياة الهادئة أدركتُ أنّي وأنتِ يا منارةَ روحي نتعشّقُ إرهاصات الألق ونرشق مظاهر الظلم بورود محبّتنا ليخضرّ وهجُها و يتفرّع امتدادُها سموًّا نحو العالي لا يحني قامةَ غصنه لريح قهرٍ عاتية ولا يُرخي تمرّدَ أعصابه لمضيعة هزلية مثل هذه الدراما البشرية ولا يلوّثُ نظافةَ فكره بهذا الخُبث الممسوخ.


شئتُ أنْ يصير العالمُ كلُّ العالم باقة ورد وأن تتحوّل كلّ مظاهر العُتمة فيه إلى ضياءِ فرحٍ وفرجِ أملٍ نجمع معًا ورودَ محبّةٍ من بستان هذا العالم الجميل المفقود والذي لا نزال نبحث عنه بين طيّات أفكارنا وهجوع روعنا كيلا تنشطر بعد اليوم مرة أخرى ومرّات أُخَر مُتتابعات من أجل أنْ تخترقَ جدارَ الزّمن وتعبث بهدوئه دون أن تُتْلِفَ جمالَه الإنسانيَّ.


تألم قلبي وانفطرتْ نفسي وتآكلتْ جوارحي لِمَا في هذا الكون من نَتَنِ الجُور ومستنقعات الفساد والتسلّط. تألمنا معاً واتّحد تألمُ المغدور بتألُّم المغدورِ به ولا أعرف هل سيغدو هذا الاتّحادُ ذا مصداقية يأخذ شرعيّتها إلى وُلوج زوايا الانسان غير المأهولة بَعْدُ وهي أكوامُ بقايا من أملٍ وحكاياتٌ ورّثها الخَلَفُ لِلسَّلَف من عباقرة مُعْطبي كلّ آليّة حركة الإبداع البشري في توجّهها نحو التحرّر والخروج من هُوَّةِ التبعيّة والخضوع للسلطان المُطلق وحيث أنّ كلَّ مُطْلَقٍ مُفْسِدٌ لهيكليّة هذه الرّوح ومساعيها في الرّقيّ والسموّ نحو رِفْعة الآلهة وهي مراتبُ تفصلُ بين أُلوهيّة الحقّ المتمثّلة في الخير المطلق وألوهية الباطل وهي المتمثّلة في الشرّ المُطلق، وبينهما ترقد هذه النوعيّة من الألوهة غير الحقّة ولا المُحِقّة, وحيث أنّها خَوّلتْ لنفسها الحقوقَ وشرّعتْ لمصالحها القوانينَ الغاشمة لتَزيد مِنْ تعاسة الانسان وتحوّله إلى دابّة ناطقة من غير إرادة تحاول الفهم والتعبير والبوح والشّكوى.


إنّ فلاسفةَ الإفتاء البشري يستميتون في محاولات تجميلهم لصور الشرّ الهالكة مِنْ خلالِ صَبْغِها بطِلاءٍ خارجيٍّ يُبقي على فساد جوهرِه أزليًّا تتآكل عُصَيّات الشرايين منه ليبقى اليوم عاجزًا عن مواكبة الغد، فبكلّ تأكيد لن يكونَ بوسعها أن تمنع الغدَ من القدوم لكنّها قد تؤخّرُ قدومَه لبعضِ الوقت أو لِحين.
إنّ الغدَ قادمٌ بحلّته الجديدة مهما حاولتْ وتحاول أنْ تُلْبِسَهُ عباءَتَها الرديئة وتدلقَ فوق جسده صنوف مراجلها المتشابكة مع حبال حبّ التسلّط ونزعة الاستئثار الّلبلابيّة، هذه الحبال التي يطولُ كَذِبُها ويتمدّد مَسْخُها ويتراصُّ إهمالُها ولا مبالاتها فتبدأ في خَنْقٍ جديد بَدَلَ الخَلْق لهذا الغد المنتظر ليذعن هو الآخر لسلطان الوهم الناقص وجبروت الطيش المشبع بروح الكراهية.
أنتِ وأنا جزء – كما غيرنا - من هذه المعادلة لهذا الغد المنتظر...
أنتِ وأنا ضحايا هذا اليوم فهل سنكون ضحايا الغد أيضاً؟ فإذا لا ينكفئ وهج الإثم وتنقشع سحابة حبّ التسلّط وتختنق كلّ السّبلُ المنبثقةُ عن هذه الموانع المنصوبة كحواجز الدرك العُثمللي في كلّ زاوية وسرداب وشارع من كيان هذا الإنسان...
أنتِ وأنا وغيرُنا ضحايا يا عزيزتي لهذا اليوم المنغرس في جذور اللاتغيير وسنبقى ضحايا غده الذي لنْ يكون أجمل متى لا نسعى إلى إلباسه عباءة أخرى تكون أكثرَ أصالةً وصدقًا وعدلًا. عباءةٌ يكون انتماءُ إرثها عموميًّا شامِلًا بِتَوَزُّعٍ عادلٍ يشملُ الجميع...
أنتِ وأنا لا نخاف من كلمة "الكل" لأنّنا جزءٌ حقيقيٌّ منها غير ملوّث أو مدنّس بغدٍ يأتي مدبلجًا يتحدّث بلغة لا نفهمُها ويُحَدِّثُ عن طموحاتٍ ليس لنا فيها شيءٌ لأنّهم ينتسبون إلى الأمس ويؤذيهم الغدُ الآتي وهم يحاولون دَوْسَ تباشيره بأحذيتهم التي هيأوها لهذا الغرض وضربه بسياطهم التي ستحاولُ أنْ تمنعَ قدومَ الغدِ الآتي!


الساعة الآن 12:48 PM.

Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke