Forum of Fouad Zadieke

Forum of Fouad Zadieke (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/index.php)
-   شخصيات و رجالات (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/forumdisplay.php?f=47)
-   -   من جعبة الذاكرة بقلم/ فؤاد زاديكى (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=46419)

fouadzadieke 05-09-2018 10:01 AM

من جعبة الذاكرة بقلم/ فؤاد زاديكى
 
1 مرفق


من جعبة الذاكرة


بقلم/ فؤاد زاديكى


ممّا لا شكّ فيه, أنّه مرّت و تمرّ في حياة كلّ إنسان لحظات و مواقف في وقت ما و مكان ما, تشهد على روح معيّنة و تشير إلى حالة خاصة, و كثيرٌ مِنّا لا يقوم بتدوين ما يجري معه, أو مع بعض الناس ممّا يؤدي إلى غياب المعلومة لتصبح في عالم النسيان, و هناك مواقف قد لا تتكرّر في حياة الناس, لهذا من الجميل أن نسعى لاستعادة بعضٍ من ذلك القديم, و الذي ربّما لا يعرفه الكثيرون, فليست كل معلومة معروفة أو أنّ الذين كانوا على علم بها لم يعودوا على قيد الحياة ليؤكدوا حصولها و يذكروها بشكل جيّد, و اليوم سآتي لكم على حكاية حقيقيّة من واقع ديريك لا أظن أن كثيرين يعرفونها, لقد روتها لي والدتي (حانة قرياقس) أطال الله في عمرها و هي من جملة روايات و حكايات و أحداث لا تزال مختمرة في ذاكرتها و أحبّ على الدوام أن أطرح عليها بعض التساؤلات و الأسئلة و أستشيرها في تأكيد حقيقة حادثة أو موقف و قد تعود لذاكرتها مواقف أخرى فأحاول اقتناص الفكرة لأقوم بتدوينها لكونها من التراث الذي تآكل مع مرور الزمن الطويل أو بسبب الإهمال.
إنّي من محبّي التوغّل في مجاهل الذاكرة كثيرًا و الغوص في بحرها للحصول على معلومة أو ما يفيد في أمر من أمور الحياة, و تبقى ذكريات الزمن الجميل مختمرة بشوق و رغبة و دافع فضول معرفي من قبل الناس, و قصة اليوم هي عن فتاة أرمنية كان اسمها (شِمو بنت بُوزو) تسكن في البيت الذي سكنه بعد ذلك قريبي (مرقوز الحارس) أبو الياس مع عائلته, وقعت هذه الفتاة الجميلة و الساحرة بقامتها الطويلة و شعرها الأشقر و حيوية أنوثتها بعشق (إيليا كوركيس إيليا) المعروف في ديريك و كان يومها يملك دكّانًا في سوق ديرك, و يعزف على آلة الكمان, كوّن فيما بعد (فرقة إيليا) في ديريك و أعتقد أنّها كانت أول فرقة موسيقيّة في ديريك سبقت (فرقة عيسى شَنِه) عازف الكمان المعروف, كانت (فرقة إيليا) تنافس (فرقة آرام ديكران) المعروفة في القامشلي و أذكر جيّدًا في أواسط الخمسينات أنّ فرقة آرام قدمت إلى ديريك لتُحيي عرس (بيت آرو) جارتنا حين كنا نسكن في حوش بيت المرحوم (مراد لوزه) بينما فرقة (إيليا) كانت تُحيي هي الأخرى في نفس الليلة عرسًا آخر و ظلّ التنافس بينهما قائمًا لغاية الصباح دون توقّف.
كان المرحوم (إيليا) وسيمًا و شخصية فيها رجولة تجذب الفتيات, كانت تلك الفتاة الأرمنية تخرج كلّ صباح إلى رأس الشارع المقابل لدار بيت (كوركيس إيليا) حيث كان يسكن في الحوش الأخوة الثلاثة (الياس) أبو الصديق الفنان موسى إيليا و (منصور) أبو الصديق حنّا المصورّجي المعروف و (إيليا) أبو جان, لدى ذهاب (إيليا) إلى دكانه كي تحظى برؤيته و في كل مساء عندما كان يعود إلى البيت بعد انتهاء عمله, و هي تغنّي له أهزوجة نظمتها من تأليفها خصّيصًا له تسمعه إيّاها, كانت كلمات الأهزوجة تقول:

"أهلًا و سهلًا دَلالْ

جاني هالأزخيني

قُنْدَرتُو هالحَمرا

پَنْطَرونو النّيلي

قَميسُو هايِه البَيْظَا

گرافيتو طَحيني"

خشي إخوة إيليا مِنْ أن يقع إيليا في غرام تلك الفتاة حيث كانت بوادر ذلك بدأت بالظهور, فبدأ يشعر بميل لها, و كان أهل (إيليا) خَطَبوا له (آسو) و هي كانت مقيمة في آزخ, فقرروا الإسراع في تزويج إيليا من (آسو) للتخلّص من تلك الفتاة التي بدأت تؤثر بعشقها عليه, فذهبوا إلى آزخ و جاؤوا بآسو كزوجة لايليا و حينها انتهت المشكلة و كفّت الفتاة عن مضايقة إيليا و الظهور أمامه مرة أخرى بحكم كونه أصبح رجلًا متزوّجًا.
لبعض الذكريات شجنٌ جميل لا يمكن ان يزول بفعل تقادم الزمن و البعض الآخر منها لا يبقى له أثر لكونه لم يكن ذا تأثير فاعل على حياة الناس و واقعهم.


الساعة الآن 01:06 AM.

Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke