Forum of Fouad Zadieke

Forum of Fouad Zadieke (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/index.php)
-   المنتدى الثقافي (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/forumdisplay.php?f=9)
-   -   الخنساء (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=45298)

جورج رباحية 31-01-2017 06:11 PM

الخنساء
 
1 مرفق
الخَنْسَـــاءْ
575 ـ 664 م
المهندس جورج فارس رباحية
هي أمّ عمرو تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد بن رباح ... ابن خُفاف بن امرئ القيس ... ابن سُليم ... ابن قيس بن عيلان بن مُضَر ولُقِبت بـ ( الخنساء ) لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه ، وهي صفة مُستَحبّة ، أكثر ما تكون في الظّباء وفي البقر الوحشي . وكان يُقال لها أيضاً ( خُنَاس ) . ومعنى تماضر : البيضاء أو البياض .
وُلِدَت الخنساء المُضَريّة النَسَبْ سنة 575 م ، الأصغر من أخويها ، وكان أبوها ذا نفوذ واسع وثروة طائلة ، وكان يمسك بيد ابنيه صخر( تولّد 565 ) ومعاوية ( تولّد 570 ) ويقول " أنا أبو خَيرَي مُضَر " فلا ينكر عليه ذلك أحد ، كان للخنساء من حريّة الاختيار مع وجود أبيها وأخويها بالرغم من صغر سنّها التي لم تتجاوز العشرين ، حيث عاشت معهما في بيت عزّ وجاه ، وحدث أن جاء إلى أبيها دريد بن الصمة ـ وهو من شيوخ العرب ـ طالباّ يدها ، فاستشارها والدها بذلك فرفضت وقالت لأبيها : " يا أبتِ ، أتراني تاركة بني عمّي مثل عوالي الرّماح ، وناكحة شيخ بني جُثم ، هامة اليوم أو غدٍ . "
ذَكَرَ أحد شُرَّاح ديوانها إنها تزوّجت أربع مرّات ، إلاّ أن الثابت والمعروف أنها ، بعد أن ردَّت دريد بن الصمة ، خطبها ابن عمّها رواحة بن عبد العزيز السُّلمي ، ثم مات . فتزوّجها عبد العُزَّى أو عبد الله بن العُزَّى ، من بني خُفاف . فولدت له عمراً ، والبعض يدعونه عبد الله ، وهو المعروف بأبي شجرة . وكان ذلك نحو 593 م ، ثم تزوّجها مرداس بن أبي عامر السلمي فولدت له يزيد ومعاوية وعمرو وسراقة وعَمْرَة . وقد اشتهر أبناء الخنساء جميعهم بالفروسية وقول الشعر . عُمِّرت الخنساء طويلاً حتى بلغت الإسلام فاعتنقته مع بنيها والمعروف أن أربعة من أولادها حاربوا في وقعة القادسية ســنة 635 م وأوصت أولادها أن يُجاهدوا فيها حتى الموت فحفظوا وصيّتها حتى قُتِلوا جميعهم ، فلما بلغها خبر مقتلهم هتفت : ( الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم ، وأرجو من ربّي أن يجمعني بهم في مستقرّ الرحمة ) . ولم يُذْكَرْ بعد ذلك شيئاً عن حياتها إلاّ ما رواه علقمة بن جرير لمعاوية من إنه شاهدها في البادية في عرس ابنتها عَمْرَة ، وهي ملتفّة بكساء أحمر ، وقد هَرِمَت وقد توفّيَت سنة 664 م
مقتل أخويها :
لما كان مقتل أخوي الخنساء من الحوادث الجليلة ، التي أثّرت في حياتها فحوّرت مجرى شعورها وأفاضت شاعريّتها الحسّاسة . فقد اختلف معاوية أخو الخنساء ، وهاشم بن حرملة ، في سوق عكاظ فتشاتما وتواعدا . فتقابلا في مكان يُدعى : الحوزة ( وادٍ بالحجاز ) ، فانفرد هاشم ودريد ابنا حرملة بمعاوية وقتلاه ، وكان ذلك نحو 612 م . وأخذ صخر بثأر معاوية في الحوذة فقتل دريداً . وأما هاشم فقد لقيه عمرو بن قيس الجشمي وتبعه وقتله فمدحته الخنساء . وكان ذلك نحو 613 م . وكان صخر سيّد بني خُفاف ، فسار بهم غازياً بني أسد ( في يوم كُلاب أو يوم ذات الأثل نحو 615 م ) فاكتسحوا أموالهم وسبوا نساءهم ، وكان بين الأسديين فارس اسمه ربيعة بن ثور الأسدي فطعن صخراً في جنبه فجرحه استمرّ إثرها حولاً كاملاً ثم توفّي فبكته الخنساء . الخنساء امرأة أُصيبت في صميم قلبها ، وكان الخطب الذي ألمَّ بها عظيماً فموي أخويها ولا سيّما صخر فجَّرَ من عينيها ينبوعي دموع ، ومن قلبها شِعْراً هو شعر العاطفة المُحِبّة والمتألمة في محبّتها .
العاطفة كانت قوام شعرها وهي مصدره ، وهو التعبير عنها في معانيه وأخيلته وألفاظه فكانت لا تعرف للبكاء حدّاً ، والذكريات تملأ عالمها ، فكل شيء كان يُذكِّرها بأخيها صخر فالشمس إذا طلعت تُذَكِّرها بغارات صخر ، والشمس إذا غربت تُذَكِّرها ضيافة صخر :
يُذكِّرُني طُلوعُ الشمسِ صَخراً ***** وأذكُرُهُ لِكُلِّ غُروبِ شمسِ
فكانت العاطفة صورة لأحوال نفسها المتألّمة ، وتنفُّساً لقلبها المنقلب بين الأسى والثورة والإعجاب بصفات صخر الفريدة وبالأسف على تلك الصفات . فكان اسلوبها عاطفياً وسهلاً .
ولكن مما لا شكّ فيه هو أن مَن تبعها من شعراء الرّثاء وشواعره اغترفوا جميعهم من بحرها الفيّاض بفيض العاطفة البشرية . فحقاً هي شاعرة الرّثاء . وقال عنها :
ـ الرسول (ص) : أتى إليه رجل وقال : أشعر الناس فينا امرؤ القيس وأسخى الناس حاتـم
الطائي وأفرس الناس عمرو بن معد . فقال (ص) : بل قُل أشـعر الناس الخنساء
ـ بشاربن برد : لم تكن امرأة تقول الشعْر إلاّ ويظهر فيه ضعف ، إلاّ الخنساء فتلك غلبـت
الرجال .
ـ النابغة الذبياني : الخنساء أشعر الجن والأنس .
ـ جرير : سئلَ عن أشعر الناس فقال : أنا ، لولا الخنساء .
أعمــالها الشِعْريّة :
حفظ السُلميون أقوال الخنساء في حياتها وتناقلوه أجيالهم حتى أتاهم جامعو الشعر القديم في القرن الثامن ، فأخذوه عنهم لا سيّما عن أشجع السّلمي ، ابن أخت الخنساء . فألّفوا ( ديوان الخنساء ) الذي شرحه عدد من العلماء أشهرهم ابن السكّيت ، وابن الأعرابي ، والثعالبي . وقد حفظت شروحهم في نسختين للديوان كتبهما العاصمي والكرماني سنة 839 م ، ووقف عليهما أحد الأدباء سنة ( 1223 ـ 1224 ) م فجمعهما في نسخة واحدة ووفق عليها الأب لويس شيخو فطبعها سنة 1888 م ثم أصدرها بطبعة مدرسية مختصرة بعنوان : ( أنيس الجلساء في ديوان الخنساء ) سنة 1896 م . كما قام الأب ( دي كوبييه De Coppier ) بترجمته كاملاً إلى اللغة الفرنسية وطبعه في بيروت سنة 1889 .
مقتطفـــات من أعمــالها :
1 ـ مقتطفات من أشهر قصيدة برثاء معاوية ، فقد وردَ في ( الأغاني ) عن أبي عبيدة :
أن هذه القصيدة في رثاء صخر ، إلاً أن السُلمي أنكر هذا القول :
ألا مـا لعينـي ! ألا ما لــــها ! ***** وقد اخضل الدّمع سربالها
أبعد ابم عمروٍ من آل الشريـ ***** د حلّت به الأرض أثقالها
يدَ الدهر ، آسى على هالـــكٍ ***** واسـألُ نائحــــــــةً ما لهـا
لتجرِ المنيّـةُ ، بعـد الفتــــــى ***** المُغـــادر بالمحوِ ، أذلالها
هممت بنفسي كل الهمــــوم ، ***** فأولى لنفسي ، أولى لها !
سأحمل نفســي على آلــــــــةٍ ***** فإمّـا علـيها وإمّــــــا لها ؛
فخرَّ الشــوامخ من قتلــــــه ، ***** وزلزلت الأرض زلزالها.
وزال الكواكب مـن فقـــــده ، ***** وجُلّلت الشمس أجـــلالها .
2 ـ وهذه مقتطفات من قصيدة أخرى في رثاء معاوية :
ألا لا أرى في الناس مثل معاويـــة ***** إذا طرقت إحدى الليالي بداهيـه ،
بداهيـة ٍيُضغي الكلابَ حسيســـــها ***** وتخرج من سرِّ النّجِيِّ عــلانيه .
ألا لا أرى كالفارس الورْد فارســاً ***** إذا ما علته جُرأة وغلانــــــــيه ،
وكان لِزاز الحرب ، عند شبوبــها ***** إذا شمَّرَت عن ساقها وهي ذاكية ؛
وقُوَّادَ خيلٍ نحو أخرى ، كأنــــــها ***** سَـعالٍ وعقبـانٌ عليها زبانــــــيـه .
بلينا ، وما تُبلى تِعارٌ ، ومـا تُــرى ***** على حـدث الأيام ، إلا كما هيـــه .
فأقسمت : لا ينفكَّ دمعي ، وعولتي ***** عليك بحـزنٍ ما دعا اللهَ . داعـيه .
3 ـ ونقرأ رِقّة شِعْرها في رِثاء صخر :
قذىً بعينـك ، أم بالعيــــــنِ عُوَّارُ ، ***** أم ذرفت ، إذ خلت من أهلها الدّارُ ؟
كأن دمعي لذكراه، إذا خطـــــرت ، ***** فيضٌ يسيل على الخدّينِ ، مِدرارُ !
تبكي خُناسٌ ، فما تنفكّ ما عَمَرت ، ***** لها عليه رنيـنٌ ، وهي مِفتـــــــارُ !
تبكي خُناسٌ على صخرٍ وحقَّ لها ، ***** إذ رابها الدّهرُ ؛ إن الدهرَ ضــرَّارُ !
مثل الردينيّ لم تنفــذْ شـــــــــبيبته ، ***** كأنه ، تحت طيّ البُـردِ ، أُســـوارُ !
في جوف لحدٍ مقيـــــمٌ ، قد تضمّنــه ***** في رمسه مُقمطرّاتُ وأحجــــــارُ ؛
لا يمنع القوم ، إن سألوه خُلعتــــــه ، ***** ولا يُجـــــــــاوزه بالليــــل مُــرَّارُ .
4 ـ وقالت أيضاً في رِثاء صخر :
يا عينِ ، ما لكِ لا تبكين تســــكابا ! ***** إذا راب دهرٌ ، وكان الدّهر ريّابا !
فابكي أخــاكِ لأيتــامٍ وأرمــــــــلةٍ ! ***** وابكي أخاكِ ، إذا جاورت أجنابا !
هو الفتى الكامل ، الحامي حقيقتَه ، ***** مأوى الضريك ، إذا ما جاء مئتابا ؛
سـمُّ العُداة ، وفكّـــــــاك العُناة ، إذا ***** لاقى الوغى ، لم يكن للمـوت هيَّابا .
5 ـ وقالت في رِثاءِ صخر :
أعينَيَّ ، جودا ولا تجمُـــدا ! ***** ألا تبكيان ِ لصخــــــرِ الندى ؟
ألا تبكيان الجريء الجميلَ ؟ ***** ألا تبكيــان الفتى السيّـــــــــدا؟
طويلَ النجاد ، رفيع العمـــا ***** د ، ســاد عشــيرته أمــــــــردا
إذا القوم مــدّوا بأيديهـــــــم ***** إلى المجد ، مــدَّ إليه يــــــــدا ؛
فنال الذي فــوق أيديهـــــــم ***** من المجد ثم مضى مصعـــدا .
ترى المجد يهوي إلى بيته ، ***** يرى أفضل الكسب أن يُحمدا ؛
وإن ذُكِرَ المجـد ، ألفيتــــــه ***** تأزَّر بالمجـــد ثم ارتـــــدى !
غياث العشيرة ، أن امحلوا ، ***** يُهينُ التلاد ، ويُحيي الجـــدا !

6 ـ توفّي زوجها مرداس بعد أن أصابته حمَّى شديدة بالقرب من أرض شَوَان وكان قــد
أراد تجفيف مُستنقعاتها فألّف العرب من ذلك رواية غريبة جعلوا فيها الأرض مسكونة
، والجنّ ثائرة من مرداس لأنه حرق غيضها ، وأراد تحويل مجرى مياهها ، فقالـت
الخنساء ترثيه :
ولمّا رأيت البـــدر أظلم كاســــفاً ، ***** أرنَّ شــوانٌ : بُرْقُهُ ، فمســايلُه،
رنيناً ؛ وما يُغني الرّنين ، وقد أتى ***** بنعشك من فوق القُرَيّة حاملُـه ؟
لقد خار مرداساً على الناس قاتلُه ، ***** ولو عـاده كنّـاتُه وحلائـــــــلــُه ،
وقلنَ : " ألا هل من شفاء يناله ؟ " ***** وقد منع الشفـاءَ من هو قاتلُـــه !
وفضّل مرداساً على الناس حلمُهُ ، ***** وأنَّ كلّ هَمٍّ همَّــه فهو فاعلُـــــه ،
وأن كل وادٍ يكره القومُ هبطَـــــــه ***** هبطتَ ، وماء منهـلٍ أنتَ ناهلُه ،
تركتَ به ليــلاً طـــــويلاً ، ومنزلاً ***** تعادى على جنب الطريق عواسلُه .
وسبيٍ كآرام الصـريم حويتَــــــه ، ***** خِلال رجالٍ ، مستكينٍ عواطـلُه ؛
فعدت عليه بعد بؤسى ، بأنعُــــــمٍ ***** وكلهــمُ تُعنى بـه وتواصــــــــــلُه.
متى ما توازن ماجداً تعتدلْ بـــه ، ***** كما عـدل الميـــزان بالكفِّ ثاقلُه !
7 ـ وقيل أن قصيدة ( يذكّرني طلوع الشمس ) هي آخر قصيدة قالتها :
يُذَكّرني طلوعُ الشمس صخراً ، ***** وأذكــره شـمـــــــسِ ،لكلّ غروب
ولولا كثـــرة الباكين حولــــــي ***** على اخوانهــم ، لقتلت نفســـــــي !
فيا لهفي عليه ، ولهــــفَ أُمّي ! ***** أيُصبح في الضريح ، وفيه يُمْسي !

8 ـ ذكرنا أنه عندما سُئِل جرير عن أشعر الناس قال : أنا ، لولا الخنساء ، فقيل له بِــمَ
فضّلتها ؟ قال بقولهــا :

إن الزمان ، وما يفنى له عجبٌ ، ***** أبقى لنا ذنباً ، واستؤصل الراسُ ؛
أبقى لنا كلّ مجهــولٍ ، وفجّـــعنا ***** بالحالمين ، فهم هامٌ وأرمـــــاسُ .
إن الجديدين ، في طول اختلافهما ، ***** لا يفسُدان ؛ ولكن يفسـد الناسُ !
******
12/12/2016 المهندس جورج فارس رباحية

المصــادر و المـــراجع:
ـ روائع الأدب : فؤاد إفرام البستاني ، بيروت 1930
ـ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري
ـ المنجد في اللغة والعلام : بيروت 1973
ـ مواقع على الإنترنت :


الساعة الآن 09:02 AM.

Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke