![]() |
المسيحيون وأخطار ثلاثة تهدّدهم !سركيس نعوم
المسيحيون وأخطار ثلاثة تهدّدهم !
النهار اللبنانية 2010 الأربعاء 7 أبريل سركيس نعوم عجز المرجعيات الدينية المسيحية العالمية عن تقديم المساعدات التي يحتاج اليها اللبنانيون بل المسيحيون منهم للمحافظة على وجودهم المميز والفاعل والحر ضمن العائلة اللبنانية الاسلامية – المسيحية المشتركة لا يمنعها من الاهتمام بهم ومتابعة اوضاعهم ومحاولة تقديم الدعم اليهم في المحافل الدولية كلما وجدت ان هناك فرصة سانحة لذلك. وقد جعلها هذا مطلعة بدقة احياناً على اوضاع لبنان بكل طوائفه والمذاهب ولا سيما منها المسيحية ومدركة في الوقت نفسه الأخطار الداهمة التي تحيط بهؤلاء المسيحيين من وجهة نظرها طبعاً. ما هي هذه الاخطار؟ المتعاطون مع هذه المرجعيات من داخل لبنان وخارجه يلخصونها بثلاثة: -1 عودة لبنان ساحة حرب من جديد. والحرب هنا هي في الواقع حربان. الاولى، داخلية ذات ابعاد اقليمية. والداخلية هي قطعاً حرب اهلية لكنها يمكن ان تكون بين المسلمين والمسيحيين. كما يمكن ان تكون بين المسلمين انفسهم. وفي الحالين فإن الجهات الخارجية المتدخلة في لبنان، ولا سيما الاقليمية منها، لا بد ان توظف هذه الحرب لحماية مصالحها وتوفير ظروف تنفيذ "اجنداتها" المتنوعة. والتوظيف لا ينجح اذا لم يستثمر اصحابه فيها من خلال تقديم الدعم السياسي والمالي والسلاح وكذلك الدعم الامني واحياناً العسكري غير المباشر للمشتركين فيها وإن من مواقع متناقضة. اما الثانية، فهي الحرب الاقليمية. والمقصود هنا حرب اسرائيل على لبنان، وهي متوقعة منذ انتهاء حرب تموز 2006 بهزيمة الاولى امام صمود لبنان وتحديداً صمود مقاتلي "حزب الله" وجمهوره. ذلك ان اسرائيل لا يمكن الا ان تحاول تصحيح ما حصل في العام المذكور تلافياً لإصابة شعبها بالإحباط بعد تمكن لبنانيين من تحقيق توازن ردع معها وخوفاً ان يكون ذلك بداية النهاية لمسلسل الهزائم العربية امامها. وهذا امر لا تستطيع احتماله على المدى الطويل. اما اسبابها فقد تكون ضرب "احتياط" ايران الاسلامية في لبنان قبل توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية اليها، او ضرب هذا "الاحتياط" بعد فتحه جبهته العسكرية على اسرائيل بسبب ضربها ايران عسكرياً، او قيام "الاحتياط" نفسه بعمل امني وعسكري مؤذ ومذل لاسرائيل، او قيام فصيل آخر لا يعرف احد لمن يتبع باستغلال ثغر في الجنوب المحصن من "الاحتياط" المذكور ومن القوات الدولية والجيش اللبناني بالاعتداء المتكرر والمؤذي على اسرائيل، او قيام الفريق اللبناني الذي تصالح مع "حزب الله" ومقاومته بعد ايار 2008 وتصالح أخيراً مع سوريا بشار الاسد على قاعدة التزام المقاومة وحمايتها وتقديم الدعم لها - قيامه بادخال السلاح المقاوم الحديث وكل التجهيزات اللازمة الى مناطقه وتحديداً الى القمم فيها التي تكشف ليس اسرائيل فحسب بل كل المنطقة حتى قناة السويس المصرية. والامر الاخير هذا يعرفه الفريق المُصالِح وقد يكون تلقى رسائل او بالاحرى نصائح غير مباشرة في شأنه تدعوه الى تجنيب منطقته ولبنان حرباً تبدو محتمة في حال تمركز "الحزب" في تلك القمم، ذلك ان تمركز كهذا سيشمل انتشاراً جبلياً مؤذياً لاسرائيل، وللبنان ربما. -2 سيطرة الجمهورية الاسلامية على لبنان. ولا ينبع الخوف من هذا الخطر من موقف سلبي منها رغم الخلافات الكثيرة بينها وبين المرجعيات الدينية المسيحية العالمية نفسها. بل ينبع من تدخلها المباشر في لبنان والذي افسحت في المجال امام نجاحه في البداية سوريا والذي ادى الى قيام دولة داخل الدولة فيه والى وقوع السلطة والمؤسسات فيه بين يديها او بالاحرى ايدي حلفائها. وقد همّش ذلك المسيحيين في لبنان رغم الحديث عن التحالف معهم ولا بد ان يؤدي مستقبلاً الى تغيير في التركيبة اللبنانية يضعف الدور المسيحي باعتبار ان المناصفة غير أبدية وان الديموغرافيا ستفرض عاجلاً او آجلاً تعديلاً لها قد تكون المثالثة احد ابرز تجلياته، علماً انه قد تكون له تجليات اخرى اكثر سلبية. وطبعاً لا يعني ذلك ان المرجعيات اياها لا يقلقها خطر التيارات الاسلامية الاصولية السنية المتنامية داخل لبنان وفي العالم العربي، ولا يعني انها ترفض التعاون مع اللبنانيين كلهم لمواجهته. لكنه في ظل ميزان القوى الراهن اقليمياً ومحلياً ليس كبيراً ومن الآن حتى يكبر يكون الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب اي يكون الوضع المسيحي صار في اسوأ درجات التردي. -3 الهجرة. وهي اخطر ما يواجهه الوجود المسيحي في لبنان. ولا تقتصر الهجرة على المسيحيين اللبنانيين، لكن هؤلاء يشكلون "عمودها الفقري" اذا جاز التعبير، ودوافعها عندهم ليست فقط اقتصادية وغياب فرص عمل وما الى ذلك بل هي ايضاً خوف من المستقبل وعليه وتحديداً خوف من تحول لبنان دولة اسلامية وربما لاحقاً اصولية سواء على الطريقة الشيعية او على الطريقة السنية. وخطرها يكمن من قلة عدد الذين يعودون منها. وتحاول المراجع الدينية المسيحية اللبنانية معالجة الجوانب الدينية لخطر الهجرة هذا بتأسيس ابرشيات وكنائس لرعاياها المهاجرين. اما معالجة الجوانب الاخرى فمن مسؤولية الدولة المشلولة بفعل انقساماتها الناجمة عن انقسام اللبنانيين شعوباً متناحرة ومرتهنة للخارج. كيف يمكن ازالة الاخطار الثلاثة المفصلة اعلاه؟ لا يبدو أن ذلك سهل، وليس هناك طريقة واحدة لها. ولا يمكن نجاح اي وسيلة لإزالتها لأن المسيحيين ليسوا وحدهم من تستهدفهم اخطار معينة. فالمسلمون لديهم اخطارهم ايضاً أكانوا سنّة ام شيعة ام دروزاً. وما لم "يخترع" اللبنانيون طريقة واحدة او موحدة لازالة الاخطار التي تهددهم كلهم، اي التي تهدد "الشعوب" في لبنان كلها فانها ستبقى كالسيف فوق رقاب العباد. |
| الساعة الآن 06:58 PM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke