![]() |
الدليل على قتل المرتد من القرآن والسنة الفعلية للنبي العدنان
الاثين، 22بريل، 2013
الدليل على قتل المرتد من القرآن والسنة الفعلية للنبي العدنان بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد: فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حد الردة بعد انتشار فتوى المجلس العلمي الأعلى في ذلك، فسالت الكثير من الأقلام بين مؤيد ومعارض، كل ينظر إليها من منظوره الخاص وإيديولوجيته المختلفة. ولئن كان رفض بعض الأقلام العلمانية واليسارية وغيرها لهذه الفتوى أمرا مقبولا ومستساغا عقلا، فإن الغريب أن تجد بعض من ينتسب إلى حقل العلوم الشرعية ينكر هذا الحكم ويعترض عليه باعتراضات أوهى من بيت العنكبوت. ومن بين تلك الاعتراضات التي كثر ترديدها عن علم أو جهل أو تقليد، شبهة عدم ورود حد الردة في القرآن الكريم صراحة أو إيماء بالإضافة إلى عدم وقوعه زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أصبحت هذه المقولة حقيقة راسخة في أذهان البعض لا تقبل الرد ولا الإبطال بل ويحتج بها على رد هذا الحد الثابت بصريح قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي صارت الآن مشتهرة ومحفوظة لدى المؤيدين والمعارضين على حد سواء، رغم أن القاعدة تقتضي تقديم قوله صلى الله عليه وسلم على فعله في حالة التعارض وبالتالي فلو افترضنا جدلا أن هذا الحد لم يطبق في زمنه صلى الله عليه وسلم سواء وجد المقتضى أو لم يوجد لكان في قوله حجة مستقلة لا تحتاج إلى معضد خارجي عنه. إلا أنني ومن خلال هذا البحث المختصر سأعمل على بيان الأدلة والبراهين الدامغة التي تدل على إشارة القرآن الكريم إلى هذا الحد من جهة، ووقوعه في عهده صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى، مع العلم أنني لا أدعي السبق ولا الإتيان بما لا لم يأت به أحد قبلي، إذ أن هذه الأحاديث مشتهرة بين العلماء والفقهاء منثورة في كتبهم لا تحتاج إلى عناء كبير لاستخراجها إذ يكفي للباحث الموضوعي المتجرد أن يفتح كتب الفقهاء والمفسرين والمحدثين، ويطالع الفهارس ثم يفتح الكتاب على الصفحات التي تتحدث عن الموضوع – وهي لا تعدو في مجملها عشر صفحات أو أقل – فيجد الأدلة التي سأسوقها في هذا البحث مبتدئا بالأكثر دلالة ووضوحا للمقصود لوضوح العبارة، منتهيا بما يحتاج من القارئ إلى مزيد نظر واستدلال للوقوف على الغرض والمطلوب. أولا: دلالة القرآن الكريم على حد الردة: قال تعالى: {وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْوَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُاللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِنيَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُعَذَابًا أَلِيمًا فِيالدُّنْيَاوَالآخِرَةِ } التوبة الآية 74. فهذه الآية كما هو ظاهر من خلال سياقها تتحدث عن الردة والكفر بعد الإسلام والإيمان، والآثار المترتبة على هذا الفعل المستقبح شرعا سواء في الدنيا أو الآخرة، مما جعل الكثير من المفسرين يستنبطون من هذه الآية حكم المرتد وذلك أن الله عز وجل ذكر نوعين من العذاب يلحقان بمن كان هذا حاله، أحدهما في الدنيا والآخر في الآخرة، والذي يعنينا الآن هو عذاب الدنيا في قوله تعالى: { وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا }، فدل ذلك على أن المقصود بهذا العذاب هو القتل، قال ابن كثير مبينا هذا المعنى: «وإن يستمروا على طريقتهم يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا أي بالقتل والهم والغم ...» 4 – 108، وقال صاحب البحر المحيط: « والمعنى: وإن يديموا التولي إذ هم متولون في الدنيا بإلحاقهم بالحربيين إذ أظهروا الكفر فيحل قتالهم وقتلهم » 5- 74، وفي الطبري 14 – 369 : « يعذبهم عذابا موجعا في الدنيا ، إما بالقتل ، وإما بعاجل خزي لهم فيها » وفي تفسير القرطبي 8 – 133، والجلالين ص: 199 : « يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا بالقتل »... فبعد كلام أئمة التفسير وأساطين القرآن ودلالة الآية على عقوبة المرتد الدنيوية ليس لنا إلا أن نقر بورود هذه العقوبة في القرآن الكريم على وجه الإجمال - كعادة القرآن في بيان الكثير من الأحكام الشرعية الهامة - حيث بينتها سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية كما سيأتي. ثانيا: السنة النبوية 1 – السنة القولية: 1 - عن بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من بدل دينه فاقتلوه " ( البخاري 3017). 2 - عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة " ( البخاري 6878 ، ومسلم 1676). فالحديثان صحيحان وعباراتهما واضحة في محل النزاع، ولا يفهمن أحد من قوله صلى الله عليه وسلم " التارك للجماعة" تقييد القتل بترك الجماعة وخيانتها لا بالارتداد نفسه، فالتارك: تعرب بدلا من ثلاث، ولدينه: جار ومجرور متعلق بالتارك، والمفارق: نعت أوصفة للتارك. والصّفةُ هي : تابعٌ يُذكرُ بعدَ اسمٍ لبيانِ صفتِه أو تمييزِه عن غيرِه وهي – أي الصفة - تفيد توضيح الاسم الذي قبلها إن كان معرفة وتخصيصه إن كان نكرة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا يصف وينعت التارك لدينه بكونه مفارقا لجماعة المسلمين، فكل من ارتد وترك دينه يصح وصفه بكونه مفارقا للجماعة. فإن كان القتل متعلقا بالردة فقد وجب، وإن كان خاصا بمفارقة الجماعة فقد انطبق عليه الوصف وحق عليه القول ( النص الأخير مقتطف من مقال لي كنت قد نشرته سابقا ). 2 – السنة الفعلية – تطبيقه صلى الله عليه وسلم لحد الردة - 1 - في صحيح البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى الأشعري رضي الله عنه واليا إلى اليمن، ثم اتبعه معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما قدم عليه ألقى أبو موسى وسادة لمعاذ، وقال: انزل، وإذا رجل عنده موثق، قال معاذ: ما هذا؟ قال: كان يهوديا فأسلم ثم تهود، قال: اجلس، قال: لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله ـ ثلاث مرات ـ فأمر به فقتل». ( البخاري 6923، مسلم، 1733). فالنص واضح الدلالة ولا يحتمل التأويل على أن هذه الواقعة قد حدثت زمن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن بعث كل من أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما كان في حياته صلى الله عليه وسلم كما أن قتل ذلك المرتد كان مباشرة بعد وصول معاذ ابن جبل لدلالة الفاء (فلما قدم ) على الترتيب والتعقيب، فإن قال قائل: إن هذا القتل لم يكن بأمره صلى الله عليه وسلم، قلت: لاشك أنه قد بلغه ولم ينكره فدل هذا على سنية فعل معاذ رضي الله عنه حيث أقره النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان في فعله ما يخالف شريعة الإسلام لتبرأ منه كما تبرأ من قتل خالد رضي الله عنه للأسرى لأنه صلى الله عليه وسلم لا يسكت على الباطل ولا يقره. 2 - عن البراء بن عازب قال مر بي خالي سماه هشيم وقد عقد له النبي صلى الله عليه وسلم لواء فقلت له أين تريد فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده فأمرني أن أضرب عنقه ( أخرجه أحمد 4 – 292، وأبو داود: 4456، وابن ماجة حديث رقم: 2607- 2608، وصححه الإمام الألباني في إرواء الغليل 8 – 18). حيث إن هذا الرجل كان قد أسلم ثم فعل ما يوجب الكفر والردة وهو الزواج من امرأة أبيه مخالفا بذلك صريح القرآن الكريم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله ردة، يقول الإمام الطحاوي في شرح حديث البراء: (.. إن ذلك المتزوج فعل ما فعل على الاستحلال، كما كانوا يفعلون في الجاهلية، فصار بذلك مرتداً،فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد ) شرح معاني الآثار 3/149، ومثله قول ابن جرير:(.. وكان الذي عرس بزوجة أبيه متخطياً بفعله حرمتين، وجامعاً بين كبيرتين من معاصي الله، إحداهما: عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله:- {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} [النساء، آية 22]. والثانية: إتيانه فرجاً محرماً عليه إتيانه، وأعظم من ذلك تقدمه على ذلك بمشهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلانه عقد النكاح على من حرم الله عليه عقده عليه بنص كتابه الذي لا شبهة في تحريمها عليه وهو حاضره، فكان فعله ذلك من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما آتاه به عن الله تعالى ذكره، وجحوده آية محكمة في تنزيله … فكان بذلك من فعله حكم القتل وضرب العنق، فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وضرب عنقه؛ لأن ذلك كان سنته في المرتد عن الإسلام ) تهذيب الآثار 2/148. وانظر قول المباركفوري في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 4 – 498. 3 – عن أنس رضي الله عنه أنه دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه – رواه البخاري 1846 وغيره، ومسلم 1357 – فسبب قتل ابن خطل أنه كان مسلما فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا مع صحابيان آخران فقتل أحدهما ثم ارتد وصار مشركا ( أنظر فتح الباري 4 – 61 )، وقد يرد على هذا الحديث اعتراض من جهة أنه قتل قصاصا نكالا لما اقترفه من جناية قتل الأنصاري، ويرد عليه بأن المطالبة بالقصاص بيد أولياء المقتول ولا نجد في الروايات التي بين أيدينا ما يدل على أنهم طالبوا بقتله، كما أن واقعة فتح مكة اتسمت بالعفو عن كل من أجرم في حق المسلمين أو قاتلهم أو قتل منهم حيث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القتل إلا من قاتل بالإضافة إلى النفر الذين أهدر دمهم لشنيع صنيعهم ومنهم ابن خطل، وبما أن المقام مقام عفو فلا شك أنه سيتم العفو عن الدماء أيضا، فيبقى أن من أمر بقتلهم قد اقترفوا جرما ليس للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لغير إسقاطه ألا وهي الجرائم المستوجبة للحدود فدل ذلك على أن قتل ابن خطل لم يكن قصاصا وإنما كان ردة. والله أعلم . 4 – إن حد الردة كان مشتهرا ومعلوما لدى الصحابة رضوان الله عليهم زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لم يطبقه على نطاق واسع لمصلحة راجحة، ( ما سيأتي مقتطف من مقال سابق كتبته في الموضوع ) حيث إنه صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هوازن بين الناس بالجعرانة قام رجل من بني تميم فقال: اعدل يا محمد! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل؟! لقد خبت وخسرت إن لم أعدل»، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ألا أقوم فأقتل هذا المنافق؟ قال: « معاذ الله أن تتسامع الأمم أن محمداً يقتل أصحابه» ( البخاري 3138، ومسلم 1063 )، وقد قال صلى الله عليه وسلم أيضا حين بلغه قول عبد الله بن أبي بن سلول :"والله لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل"، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" (البخاري 3518 – ومسلم 2584)، فكل من لديه فهم بسيط بسياق الكلام ولحاقه يعلم أن قتل المرتد كان حكما معلوما لدى الصحابة معمولا به في زمانهم، وإلا لما تجرأ عمر رضي الله عنه على قتل آحاد المسلمين من تلقاء نفسه، ولما أقره النبي صلى الله عليه وسلم على الخطأ في كلتا الحالتين مع عدم الإنكار عليه، والعلة دائما واحدة : « لكي لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه »، أضف إلى ذلك ما وقع في قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه والقصة بكاملها في صحيح البخاري (3007،4272،4890،6259 ) ومسلم (4550) فلتراجع. وهناك أحاديث تدل أيضا بصريح العبارة على وقوع حد الردة زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنها ضعيفة، منها: 5 - وعن جابر رضي الله عنه: "أنَّ امرأة يُقال لها أُم مروان ارتدت فأمر النبي صلى اللهعليه وسلَّم بأنْ يُعرَض عليها الإسلام فإنْ تابت وإلا قتلت، فأبت أنْ تُسلِمفقتلت" (أخرجه الدارقطني 3 – 118- 119، والبيهقي في السنن الكبرى 8 – 203. والإسناد ضعيف، انظر إرواء الغليل 8 - 125 حديث رقم:2472). 6 - حدثنا أبو الربيع ، حدثنا إسماعيل بن زكريا ، عن المعلى ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استتاب رجلا ارتد عن الإسلام أربع مرات». رواه أبو يعلى الموصلي في المسند : " 3 – 320 رقم: 1785، ضعفه محقق المسند تبعا لمجمع الزوائد 6 – 262. وفي ختام هذه الدراسة المختصرة جدا لا يسعني إلا أن أبدي تعجبي واستغرابي من ضآلة فكر القوم إذ أنهم ينكرون الكثير من الأحكام الشرعية القطعية مستندين في ذلك إلى القوانين والتشريعات الوضعية المتمثلة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مع اعتقادهم أن الإسلام هو دين بلا دولة أو هكذا يريدونه أن يكون، والحال أن الإسلام دين ودولة، قرآن وقانون، سياسة وسيادة، شريعة وحياة، لا ينفصل بعضها عن بعض ولا ينفك أحدها عن الآخر، وبالتالي فإن نظرتهم إلى الأحكام الشرعية لن تتغير حتى ينظروا إلى الإسلام بمنظومته المتكاملة ويقروا بريادته، فطالما أنهم يقرؤونه من زاوية كونه دين فقط ومحله القلب والمساجد فإنهم سيعترضون ويعترضون، فإذا لم يعترضوا يوما فاعلم أنهم أيقنوا حينها بأن الإسلام في حد ذاته دولة وكيان مستقل يحتاج كغيره من الدول إلى تشريعات تحمي حدوده وتنافح عن سيادته، وما حد الردة إلا تشريع زجري يقصد به حماية بيضة المسلمين وبقاء شوكتهم، وعدم السماح لمن شاء وكيفما شاء ومتى شاء أن ينقض عرى الإسلام أو أن يتطاول على أهله أو يشكك عامة الناس في عقيدتهم من خلال دخوله في الإسلام وخروجه منهم متى سولت له نفسه نكاية في الإسلام وأهله. فما من عاقل ولا راشد إلا ويقر أنه ما من دولة لها دين وضعي وقانون أرضي إلا وتضع تشريعات تعاقب من خالف نظام الدولة أو خرج عنه بتهمة الخيانة العظمى التي لها عقوبة واحدة لا ثاني لها وهي القتل. إلا أنني وفي نهاية هذا المقال أتساءل سؤال المستفتي لا سؤال المعترض، هل يجوز – مع أنني أعلم أن الحدود لا تسقط إلا في حال الشبهات - أن نطبق حد الردة في هذا الزمن حيث انتشر الجهل بالدين وغير الناس فيه وبدلوا، خاصة بعد أن قويت شوكة العلمانيين واليساريين وامتلكوا الإعلام وتحكموا في رقاب الناس واستحلوا ما حرم الله، وأعلنوا منابذة الشريعة في المواقع والمنتديات وألفوا الأسفار وكتبوا المقالات، ودرسوا في الجامعات، وعششت أفكارهم في المدرجات، وباضوا بيضا وفيرا وفرخوا حتى لا ينقطع منهم النسل، وتحكموا في رقاب الناس وغيروا المفاهيم وبدلوا الحقائق، فالصواب ما يرونه صوابا، والخطأ كل الخطأ أن تخالف أو تعترض، لأن المجتمع – في نظرهم – يحب الرذيلة، ويعشق الزنا، ويستبيح التبرج والاختلاط، ويعاقر الخمر، ويشاهد الأفلام والمسلسلات الخليعة، فمن حرم هذه الملذات أو نادى بمنع هذه الطيبات !!! يسبح ضد التيار ويحد من حريات الأفراد والجماعات، ويخالف ما عليه المجتمع الذي يمثلونه كما زعموا، مع أن الواقع خلاف ما يعتقدون، فهم شرذمة قليلون سرعان ما سيظهر للناس عوارهم ثم ينقرضون... فنحن لم نقم بحماية عقيدة المسلمين، ولا نادينا بتحريم مظاهر الاستبداد والاسترقاق والاستعباد المنتشرة في المجتمع، وما حرمنا الجشع والطمع الاقتصادي الذي أدى إلى ظهور طبقات في المجتمع لا تجد قوت يومها ولا خبزا تسد به رمقها أو دواء يبرئ سقمها، ...، ومع ذلك أقول: يجب أن ننادي بتطبيق الشريعة كلها بحدودها وجميع أحكامها دون أن ننسى نشر العدل والمساواة وتحقيق الكرامة الإنسانية التي لخصها عمر رضي الله عنه في قوله: « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار »، ذلك أن الإسلام كل لا يتجزأ وعلى المؤمن الحق أن يلتزم أحكامه كلها لا أن يتخير منها ما يوافق هواه أو يتناسق مع المنظومة الدولية، لقوله تعالى: { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض }، وقوله : { يا أيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كافة }. والله الموفق للصواب وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. بقلم: منير المرود |
| الساعة الآن 04:04 PM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke