![]() |
اغتيـال هرانت دينك والعلاقات التركية – الأرمنية 1
اغتيـال هرانت دينك والعلاقات التركية – الأرمنية ثلاثة أجزاء اغتيال "هرانت دينك" القادة الأتراك يفشلون في الامتحان محمد علي بيراند: كاتب وسياسي تركي بارز: "تركيش دايلي نيوز" ترجمة نسرين ناضر: النهار 26/1/2007 كانت فرصة عظيمة. أتتذكّرون تلك الشعارات التي لا ينفكّون يكرّرونها عن وحدتنا وأخوّتنا؟ تلك الشعارات عن التصدّي للمجموعات المسلّحة وأهمّية الديموقراطية وحرّية التعبير؟ أتتذكّرون أولئك السياسيين الذي كانوا ينتقدون باستمرار المجموعات التي تقتحم المعارض وقاعات المحاكم وتهاجم الناس باسم "الوطنية"؟ هؤلاء الأشخاص هم الذين فشلوا في الامتحان. لقد فشل قادتنا للتوّ. لم يستطيعوا الإفادة من هذه الفرصة. لو حضروا جنازة هرانت دينك لأثبتوا أنّهم يعنون فعلاً ما يقولونه. كانت البيروقراطية بكاملها والمجتمع بأسره قد بدأا يفكّران بطريقة مختلفة عندما رأيا قادتنا يلقون تحيّة الوداع على هرانت دينك. لكنّ الرئيس أحمد نجدت سيزر ورئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان ووزير الخارجية الأشخاص الذين خيّبوا ظنّنا. كان ينبغي على رئيس الوزراء أن يكون في اسطنبول أمس [الثلاثاء 23 كانون الثاني]. وكان يجدر به أن يصطحب معه رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي بعد افتتاح النفق في بولو والاستعراض لبضع ساعات. وإذا كان هذا مستحيلاً، كان بإمكانه إرسال غول. كانت الجلسة البرلمانية المغلقة حول العراق مقرَّرة في المساء. إذاً لا يمكنهم أن يتذرّعوا بأنّ جدول أعمالهم كان حافلاً. ما الذي يمكن أن يكون أهمّ من هذه الجنازة؟ أين هي معايير الاتّحاد الأوروبي التي يعملون على تلبيتها منذ وقت طويل؟ أين الديموقراطية وحرّية التعبير؟ وقع أردوغان وغول ضحيّة أصوات القوميين. من أجل بضع مئات آلاف الأصوات، خدعوا أنفسهم. يبدو أنّهم لم يؤمنوا قطّ بهذه المعايير وكان هذا كلّه مجرّد كلام. البادرة الأكثر إيجابية الصادرة عن "حزب العدالة والتنمية" كانت من النائب عمر جليك. فاقتراحه لفّ نعش دينك بالعلم التركي أظهر أنّه لا يذعن للقوميين. تهانيّ لجليك والعار على رئيس الوزراء ووزير الخارجية. ماذا عن زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، دنيز بايكال؟ ألا يُفترَض به أن يكون منقذنا؟ ألا يُفترَض بحزبه أن يحمي حرّية التعبير؟ فشل بايكال في الامتحان. لم يكن الذهاب إلى منزل دينك وتقديم التعازي كافياً. كان عليه أن يقود مسيرة الاحتجاج. وتوقّعت أيضاً من زعيم "حزب الحركة القومية"، دولت بهجلي، أن يشارك فيها أيضاً. كان على بهجلي الذي يردّد باستمرار أنّه يريد أن يجعل من الشبّان المنتمين إلى أقصى اليمين أعضاء منتجين في المجتمع، الإفادة من هذه الفرصة العظيمة. كان يجب أن نراه في المسيرة. كانت هذه لتشكّل بادرة رائعة فعلاً تجاه الجميع. وماذا حلّ بمحمد آغار؟ هل خاف هو أيضاً؟ هل خشي هو أيضاً أن يخسر أصوات القوميين؟ أياً يكن السبب، ليس هذا السلوك جديراً بزعيم "حزب الطريق القويم". وقد تمنّيت من كلّ قلبي أن أرى رئيس هيئة الأركان، الجنرال يشار بيوك انيت، هناك. كانت هذه لتشكّل البادرة الأجمل والأكثر رمزية. ولكانت هذه أفضل طريقة للتعبير عن إدانة الجيش التركي لحوادث كهذا. لو تقدّم الرئيس سيزر المسيرة بحضور كلّ قادة الأحزاب السياسية ورئيس هيئة الأركان، لقدّمنا أروع صورة عن تركيا. هل من رسالة أفضل نعطيها لأنفسنا وللعالم بأسره؟ لقد فوّتنا فرصة كبيرة جداً. من جهة أخرى، هناك أشخاص لا يختبئون: هناك سياسيون لا يريدون الاختباء وراء أصوات القوميين. إنّهم إركان مومجو وزكي سيزر ومورات كارايالجين. خرجوا بشجاعة إلى الشارع. لم يختبئوا بل أظهروا أنّهم يتحلّون بالشجاعة. تهانيّ الصادقة لهم... لقد تمسّكوا بآرائهم حتّى ولو كان ينبغي عليهم توخّي الحذر والكفاح من أجل كلّ صوت. لم يتصرّفوا مثل الآخرين. لكنّ الأهمّ كان سلوك عشرات آلاف الأشخاص الذين مشوا في المسيرة منذ ساعات الصباح الأولى. أعطوا صورة عن تركيا التي يريدون العيش فيها. وأظهروا توقهم إلى تركيا لا يُقتَل الناس فيها بسبب أفكارهم. لن تعود السياسة كما كانت في تركيا. سيجري التخلّي عن العادات الحالية. وسيأتي زمن القادة الذين يفون بوعودهم. هل يفتتح هرانت دينك شهيدا التاريخ الجديد للعقلانية التركية - الأرمنية؟ جهاد الزين: النهار 24/1/2007 ها هو شهيد جديد لحرية الكلمة يسقط في مكان آخر، في مدينة أخرى في دولة أخرى في العالم. عالم ما زال أحيانا، وبشكل "مألوف" يعبر عن ضيق صدر جماعات او أفراد هنا وهناك وهنالك على مدى القارات الخمس، تجاه موقف فكري او سياسي. لقد أظهرت الصدمة الشاملة التي احدثتها الجريمة في تركيا إمكان ان تتحول هذه الجريمة الى نقطة انطلاق لمرحلة ايجابية من العلاقات بين جمهوريتي تركيا وارمينيا، ولربما لاحقا الى علاقات مختلفة بين تركيا والجاليات الارمنية في كل انحاء العالم. لقد التقط وزير خارجية ارمينيا "نبض" رد الفعل الاعلامي السياسي، الثقافي على الاغتيال... فدعا الى تحسين العلاقات بين الدولتين بهذا، وفي مثل اللحظات الحالية، يجوز السؤال الافتراضي: هل يمكن ان يلعب رد الفعل التركي – الارمني على جريمة اغتيال هرانت دينك، دورا ما مشابها، او يجوز مقارنته بالدور الذي "لعبه" زلزال "ازميت" الذي ضرب عام 1999 بعنف تلك المدينة التركية غير البعيدة الى الجنوب من اسطنبول عندما تحوّل الى مناسبة لتحسن تاريخي في العلاقات بين تركيا واليونان. وقتها أخذت اليونان في لحظة نكبة وطنية تركية مبادرة التضامن الانساني مع تركيا. وهما العدوان التقليديان، بما تحوّل – حتى اليوم – الى مناخ ايجابي مختلف في العلاقات بين الدولتين، فأعقب ذلك تبادل الكثير من الزيارات وتخييم جو من الهدوء والعقلانية (الاوروبية!) على علاقات البلدين الأكثر عداوة منذ ولادة دولة تركيا الحديثة عام 1923 وبما يجعل اليونان – على سبيل الايضاح – في الاستراتيجية العسكرية التركية العدو الاول المعلن تقليديا حتى وقت قصير! وما زالت احدى النقاط الأكثر بحثا بين الخبراء الأتراك، هي النقطة المتعلقة باي تغيير يجب ان يطرأ (او لا يطرأ) على الاستراتيجية العسكرية التركية في القرن الحادي والعشرين، لجهة التداخل الخطر مع اليونان في جنوب البحر الابيض المتوسط وفي بحر ايجه. من المسلّم به ان "زلزال إزميت" هو نقطة تحول تاريخية في علاقات تركيا واليونان. وخلال اجتماع >"الاشتراكية الدولية" الاخير في بيروت الشهر الماضي، اتيح لي ان اتبادل الحديث على طاولة الغداء مع وزير خارجية اليونان السابق، الرئيس الحالي للاشتراكية الدولية، جورج باباندريو عن العلاقات اليونانية – التركية. ولاحظت درجة حماس باباندريو العالية في الحديث وهو يستعيد تلك المرحلة ويؤكد على أنها >"تأسيسية" و"تاريخية" في علاقات تركيا واليونان ويتكلم على دوره في السنوات التي اعقبتها باعتزاز طبعا رغم المشاكل التي لا تزال قائمة وعلى رأسه الارث القبرصي! هل لنا ان نطمح بأن يكون رد الفعل على استشهاد هرانت دينك ردا تركيا – ارمنيا "صانعا للتاريخ" من حيث تحوله الى نقطة انعطاف... ولو طويلة المدى ... في واحدة من اكثر ملفات القرن العشرين عبئا سياسيا واخلاقيا على العلاقات الدولية والاقليمية مثل الملف الارمني وبالتالي ملف الصراع التركي – الارمني؟ يمكن لرد فعل على جريمة ان يلغي مفعولها السياسي. أما في حالة استشهاد هرانت دينك، فان ما يمكن ان يحصل هو اكثر من مجرد إبطال مفعول جريمة تريد إرهاب مسار ليبرالي جديد في اوساط المثقفين الاتراك الذي بدأوا يمارسون حريتهم في مناقشة المسألة الارمنية في العهد العثماني، سواء اختلفوا كوجهات نظر شخصية، او اتفقوا جزئيا او كليا مع وجهة النظر الارمنية في موضوع "المجازر" ومدى المسؤولية الفعلية للدولة التركية عنها. |
| الساعة الآن 05:52 PM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke