نعم، من **المنطقي تاريخياً** ومنسجماً مع ما نعرفه عن دور رجال الدين الأوائل في طور عبدين، أن نفترض أن **الأساقفة الأربعة في بيت زبداي**—
**مزرا، بطرا، هيليودورس، وباباي الكبير**—قد كان لهم **دور مباشر أو غير مباشر** في نشر الوعي الديني والاجتماعي، وأن نشاطهم أسهم في تشكيل **نواة الثقافة التي مهّدت لظهور مدرسة آزخ لاحقاً**.
لكن يجب التمييز بين ما هو **مؤكّد تاريخياً** وما هو **تفسير منطقي بناءً على السياق**.
فيما يلي توضيح دقيق:
---
## **1. طبيعة دور الأساقفة الأوائل في تلك الفترة**
في القرون الأولى للمسيحية، لم يكن الأسقف مجرد رجل دين ليتورجي، بل كان:
* مربّياً ومعلّماً للكتاب المقدس.
* مشرفاً على الكهنة والشمامسة.
* قائداً اجتماعياً وإدارياً.
* منظِّماً لحياة المجتمع المسيحي.
* حافظاً للتراث الشفهي والكتابي.
وهذا الدور يشير عادةً إلى وجود نوع من **التعليم الأولي غير النظامي** أينما وُجد هؤلاء.
---
## **2. هل لدينا مصادر مباشرة عن نشاطهم التعليمي؟**
### **المصادر المكتوبة**
للأسف، لا توجد مصادر كتابية سريانية مبكرة تتحدث تفصيلاً عن “مدرسة” أو “تعليم منظّم” في بيت زبداي في فترة هؤلاء الأساقفة.
لكن توجد إشارات غير مباشرة في:
* **السجلات السريانية الكنسية** التي تتحدث عن دور الأساقفة في تعليم الإيمان.
* تقاليد الأديرة المحيطة (مثل دير الزعفران ودير مار غابرييل) التي تشهد بأن الأسقف كان مركزاً للمعرفة الدينية.
### **المصادر الشفوية**
التراث الشعبي والمحلي في آزخ وطور عبدين ينقل عدة روايات عن:
* عناية الأساقفة بتعليم الأطفال الصلاة واللغة السريانية.
* تكوين حلقات تعليم في البيوت والكنائس.
* دور باباي الكبير خاصةً في نشر التعليم والتفسير.
هذه الشهادات الشفوية تُعَدّ ذات قيمة لأنها تعبّر عن **ذاكرة جماعية** متوارثة وإن لم تكن موثقة نصياً.
---
## **3. كيف أثّروا في نشوء المدرسة لاحقاً؟**
### يمكن تحديد أثرهم في ثلاثة محاور رئيسية:
### **أولاً: نشر الوعي الديني**
كانوا أوّل من:
* علّم الناس القراءة بالخط السرياني.
* شرح العقيدة والكتاب المقدس.
* نشر الطقوس والتراتيل (وهي شكل من أشكال التعليم).
هذه هي اللبنات الأولى لأي ثقافة مدرسية لاحقاً.
### **ثانياً: ترسيخ الهوية السريانية**
وجود أساقفة مثقفين مثل **هيليودورس** و **باباي الكبير** كان يعني:
* تعزيز اللغة السريانية.
* نشر الفكر الكنسي.
* خلق جو عام يعتبر “التعلّم قيمة”.
الهوية الثقافية القوية غالباً ما تؤدي إلى ظهور مدارس.
### **ثالثاً: خلق بنية كنسية منظمة**
وجود أربعة أساقفة في بيت زبداي يدل على:
* مركز كنسي مهم.
* توفر كهنة وقرّاء وشمامسة.
* وبالتالي وجود “طبقة تعليمية” مصغّرة.
هذه البنية هي التي سمحت في القرن الثامن عشر بأن تظهر مدرسة حقيقية مرتبطة بالكنيسة.
---
## **4. النتيجة: هل شكّلوا نواة مدرسة آزخ؟**
**نعم – بشكل غير مباشر.**
لم يؤسسوا مدرسة رسمية، لكنهم:
* زرعوا تقليد التعليم الديني.
* شكّلوا طبقة من المتعلمين.
* أسهموا في رفع الوعي الروحي والاجتماعي.
* وضعوا البنية الثقافية التي ستتحول لاحقاً إلى مؤسسة تعليمية.
بمعنى آخر:
**من دون نشاط أولئك الأساقفة، ربما لم تكن مدرسة آزخ في القرن 18 لتظهر بالشكل الذي ظهرت عليه.**
---
إذا رغبت، يمكنني أن:
* أكتب لك **تحليلاً شاملاً** عن تطوّر التعليم في آزخ عبر المراحل التاريخية.
* أو أقدّم **خطاً زمنياً** من وصول المسيحية إلى تأسيس المدرسة.
* أو أعدّ **مقالة أكاديمية** موثقة حول الموضوع.
__________________
fouad.hanna@online.de
|