حاضر — إليك التحليل المفصّل لسبب كون آزخ من أصعب مناطق طور عبدين على التبشير (بروتستانتي وكاثوليكي معاً)، مع شرح العوامل التاريخية والاجتماعية والدينية التي جعلت البلدة شبه "مستحيلة الاختراق" حتى مقارنة بالقرى السريانية الأخرى.
---
⭐ 1. البنية العشائرية الداخلية القوية
آزخ لم تكن مجرّد قرية، بل تجمّع عشائري محصّن:
وجود أسر كبيرة مترابطة (مثل آل آلِه، آل قره، آل برصوم وغيرهم).
القرارات الدينية والاجتماعية تُتَّخذ جماعياً.
أي تغيّر طائفي كان يُعدّ تمرداً على البنية العائلية، وليس مجرد تغيير ديني.
النتيجة:
الفرد لا يستطيع الانضمام إلى مذهب جديد دون خسارة حماية العشيرة.
---
⭐ 2. السمعة القتالية وذهنيّة “التحفّظ على الهوية”
آزخ مدينة عُرفت تاريخياً بـ:
صمودها في حروب عديدة (منها وقائع 1915 لاحقاً).
وعي مرتفع بضرورة الحفاظ على الهوية الطائفية كـ"خط دفاع وجودي".
كان السريان في آزخ يرون أن التبشير = محاولة لتفكيك القوة الداخلية.
---
⭐ 3. الدور المركزي للكنيسة السريانية الأرثوذكسية
في آزخ، كان للكهنة والمطرافوليط نفوذ كبير:
الوعظ المستمر ضد الانشقاقات
مراقبة دقيقة لأي زيارة تبشيرية
سلطة روحية متجذّرة تحظى باحترام شعبي عميق
حتى المثقفون في آزخ كانوا يعتبرون الأرثوذكسية ركناً من الهوية القومية السريانية.
---
⭐ 4. الطابع المحافظ للبلدة مقارنة بقرى طور عبدين الأخرى
بخلاف قرى مثل:
ميدو (حيث انتشر البروتستانت بسهولة)
عين وردو (قابلة للتأثر بالمبشرين)
كانت آزخ:
أكثر محافظة
أكثر تشدداً في تقاليدها
أقل انفتاحاً على الغرباء
تتمتع بنسيج داخلي منغلق اجتماعياً
---
⭐ 5. التركيبة الاجتماعية: “كلّ أهل آزخ متساوون”
آزخ لم تكن منقسمة طبقياً (مثل بعض القرى ذات الإقطاع).
هذا خلق مجتمعاً يشعر بأن وحدة الجميع شرط للنجاة.
أي تغيير عقائدي = خطر على وحدة الصف.
---
⭐ 6. الموقع الجغرافي القريب من القبائل الكردية
كانت آزخ محاطة بقبائل قوية.
وهذا جعل أهلها يعطون أهمية كبرى للوحدة الداخلية ضد الأخطار الخارجية.
وبالتالي فإن السماح ببداية انشقاق ديني داخل البلدة كان يُعدّ تهديداً أمنياً مباشراً.
---
⭐ 7. نفور تاريخي من الهيمنة المذهبية الأجنبية
بسبب تجارب سابقة مع:
الإرساليات اللاتينية
مشروعات توحيد الكنائس
تداخل السلطة الدينية بالسياسة العثمانية
طوّرت آزخ حساسية كبرى تجاه أي “تدخّل خارجي”، سواء من:
بروتستانت
كاثوليك
أو حتى إصلاحيين داخل الكنيسة نفسها
---
⭐ 8. عدم وجود حاجة اقتصادية تدفع لقبول المبشّرين
بعكس قرى فقيرة كانت تتجّه للمبشّرين بسبب:
المدارس
الطب
المساعدات
كانت آزخ تعتمد على اقتصادها الزراعي المحلي القوي ولا تحتاج مراكز تبشيرية لتأمين الخدمات.
---
⭐ 9. شخصية أهل آزخ العملية
التبشير البروتستانتي اعتمد على النقاشات العقائدية.
بينما أهل آزخ كانوا عمليين ومنشغلين بحياتهم الزراعية وبالدفاع عن القري.
فلم يجدوا وقتاً أو دافعاً للدخول في سجالات لاهوتية.
---
⭐ الخلاصة المركّزة
آزخ كانت أصعب موقع على المبشّرين في طور عبدين لأن مجتمعها كان:
متماسك عشائرياً
متحفّظاً دينياً
ذا حسّ هويّاتي عالٍ
يرى التغيّر العقائدي تهديداً وجودياً
ويعتمد على الكنيسة السريانية الأرثوذكسية كمرجع مطلق
لذلك:
لم يتمكن البروتستانت من تأسيس وجود، ولم ينجح الكاثوليك إلا في دائرة صغيرة جداً.
---
إذا تريد، أستطيع الآن أن أشرح:
✔ مقارنة دقيقة بين آزخ والقرى التي نجح فيها التبشير البروتستانتي.
✔ أو تفصيل أسماء العائلات التي ارتبطت بالكاثوليك والبروتستانت (حسب الوثائق).
__________________
fouad.hanna@online.de
|