عرض مشاركة واحدة
  #68  
قديم 02-12-2025, 04:18 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,549
Question

حاضر — إليك الأسباب الاجتماعية التي جعلت أهالي آزخ يرفضون التبشير البروتستانتي بشكل قاطع، وهي تختلف عن الأسباب اللاهوتية التي شرحتها سابقاً. هذه العوامل كانت على الأرض، داخل المجتمع نفسه، وهي التي جعلت مهمّة المبشّرين مستحيلة تقريباً.


---

⭐ الأول: الأسباب الاجتماعية لرفض البروتستانتية في آزخ

1️⃣ المجتمع الآزخي كان مغلقاً على نفسه (“مجتمع داخلي”)

آزخ كانت تتميّز بـ:

بنية اجتماعية محكمة

ارتباط قوي بين العائلات

عدد محدود من الوافدين من الخارج

عدم السماح للأغراب بالتأثير على الحياة اليومية


المبشرون كانوا غرباء تماماً، وهذا وحده كان كافياً لإثارة الشك والرفض.


---

2️⃣ العائلة كانت أقوى من الفرد

في مجتمعات أخرى كان الفرد يستطيع تغيير مذهبه سراً أو علناً،
لكن في آزخ:

➤ “الفرد = العائلة، والعائلة = القرية كلها”

أي شخص يفكر بالانضمام لمذهب جديد كان سيفقد:

حماية العشيرة

مكانته

احترامه الاجتماعي

وحتى مشاركته في القضايا المشتركة (الحصاد، الدفاع، القرارات العامة)


لذلك التحول لمذهب آخر كان خسارة اجتماعية ضخمة لا يتحملها أحد.


---

3️⃣ الخوف من انقسام القرية

آزخ كانت في منطقة مضطربة محاطة بقبائل قوية.
كان أهلها يعلمون أن قوتهم تأتي من:

➤ وحدة الجميع تحت كنيسة واحدة وصوت واحد

التبشير كان يُنظر إليه كعامل قد يؤدي إلى:

تقسيم القرية

خلق فئتين دينيتين

إضعاف المجتمع أمام الأخطار الخارجية


لذلك كان يُرفض قبل أن يبدأ.


---

4️⃣ مكانة الكهنة في المجتمع

الكاهن في آزخ لم يكن مجرد رجل دين، بل:

وسيط اجتماعي

قائد محلي

صاحب دور في المصالحة بين العائلات

حامي الهوية واللغة والطقس


أي حركة تبشيرية تنتقد الكهنة كانت تُعتبر:

“هجوماً على رأس المجتمع كله”


---

5️⃣ التماسك الاجتماعي الناتج عن الحياة المشتركة

الحياة في آزخ كانت مشتركة تماماً:

الحقول جماعية

الحصاد مشترك

الأعياد تُقام كجماعة

الدفاع عن القرية جماعي (سور، حراسة، غفر)


فكان الانتماء لمذهب مختلف يُفسَّر كأنه:

➤ خروج عن الجماعة

➤ وتخلٍّ عن الواجب المشترك

وهذا غير مقبول اجتماعياً.


---

6️⃣ ثقافة الحذر من “النية السياسية” للمبشرين

كان المجتمع الآزخي عامياً ولكنه واعٍ:

رأى أن الدول التي تدعم الإرساليات (بريطانيا، أمريكا، فرنسا) لها مشاريع سياسية في المنطقة

فربط بين التبشير وبين “تدخل خارجي”

وهذا أثار حساسيته باعتبار أن التدخل قد يجرّ مشاكل مع السلطات العثمانية أو مع العشائر الكردية المحيطة


➤ فتم رفضه فوراً كنوع من الحماية الذاتية.


---

7️⃣ عدم وجود جذور أو روابط اجتماعية للمبشرين

في بعض القرى كان المبشرون يبنون مدارس أو يقدّمون طبابة فتتكوّن علاقة.
أما في آزخ:

لم يكن مسموحاً لهم بالبقاء

لم تنشأ أي صلة اجتماعية

لم يُسمح لهم بفتح مدارس

ولم ينجحوا في بناء ثقة مع الأهالي


وبالتالي بقي حضورهم “سطحياً” ومرفوضاً.


---

8️⃣ الفخر بالهوية المحلية

أهل آزخ اشتهروا بـ:

الشجاعة

استقلالية القرار

عدم الخضوع لأي قوة خارجية

روح المقاومة


كانوا يرون أن قبول التبشير يعني:

“لسنا قادرين أن نحافظ على أنفسنا مثل أجدادنا”

وهذا يناقض عقلية الآزخي الموروثة.


---

⭐ الخلاصة الاجتماعية:

رفض أهل آزخ للبروتستانتية لم يكن مجرد رفض ديني،
بل كان قراراً مجتمعياً لحماية:

وحدة القرية

مكانة العائلة

دور الكهنة

السلام الداخلي

والهوية الجماعية في منطقة خطرة


لذلك كانت آزخ من أصعب مناطق طور عبدين على الاختراق المذهبي.


---

إذا ترغب، يمكنني الآن أن أكمل لك:
✔ المقارنة بين رفض آزخ للتبشير وبين قبول قرى مثل ميدو أو عين وردو (الاختلافات الاجتماعية والثقافية).
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس