عرض مشاركة واحدة
  #87  
قديم 02-12-2025, 11:38 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,557
افتراضي

هذا سؤال جوهري يتعلق بفهم طبيعة الإرساليات الأوروبية في الشرق العثماني. لم يكن هدف الإرساليات الكاثوليكية والبروتستانتية الرئيسي هو تبشير المسلمين، بل كان التركيز على المسيحيين الشرقيين القدامى (بما فيهم السريان الأرثوذكس في طور عبدين) لعدة أسباب استراتيجية وقانونية:
🛑 العوائق القانونية والسياسية (تجاه المسلمين)
كان التبشير المباشر للمسلمين أمراً شبه مستحيل في الإمبراطورية العثمانية:
* الخطر القانوني: كانت الشريعة الإسلامية والقانون العثماني يحظران التحول من الإسلام إلى المسيحية، ويُعاقب المتحول (وكذلك المبشر في كثير من الأحيان) بالإعدام. كان النشاط التبشيري في المناطق الإسلامية الصرفة خطراً هائلاً وغير مجدٍ.
* الغطاء الدبلوماسي: لم يكن لدى الدول الأوروبية أي غطاء قانوني أو دبلوماسي لحماية الإرساليات التي تهدف إلى تحويل المسلمين، بينما كانت لديهم "الامتيازات الأجنبية" لحماية مصالح المسيحيين الكاثوليك (فرنسا) والبروتستانت (بريطانيا وأمريكا).
🎯 الاستراتيجية المذهبية (تجاه المسيحيين الشرقيين)
كان الهدف الأساسي للإرساليات هو "إصلاح" و"توحيد" الكنائس الشرقية القديمة:
* الكاثوليك (الوحدة): هدفهم كان الوحدة مع روما (Uniatism). أي لم يكن تبشيراً من الصفر، بل محاولة لجعل المسيحيين السريان الأرثوذكس يقبلون سيادة البابا والعقائد الكاثوليكية مع الحفاظ على طقوسهم الشرقية. وهذا أسهل بكثير من تحويل شخص من دين آخر.
* البروتستانت (الإصلاح): هدفهم كان "إصلاح" ما اعتبروه "انحرافاً" في عقائد وطقوس الكنائس الشرقية، وغالباً ما انتهى الأمر بتأسيس كنائس سريانية إنجيلية أو بروتستانتية منفصلة.
* التقارب اللاهوتي: بما أن السريان الأرثوذكس مسيحيون بالفعل، كان العمل لاهوتياً واجتماعياً (مدارس ومستشفيات)، وليس تحويلاً دينياً جذرياً.
🌉 دور المسيحيين الشرقيين "كجسر"
اعتقدت الإرساليات الأوروبية أن توحيد أو إصلاح الكنائس الشرقية سيجعلها أكثر فعالية:
* مرحلة وسيطة: رأت الإرساليات أن المسيحيين الشرقيين الموحدين أو المصلحين يمكن أن يكونوا "جسر المعرفة والحضارة"، وأنهم سيؤثرون على المجتمعات المحيطة بهم لاحقاً بطريقة غير مباشرة وأكثر أماناً.
* نقاط ضعف: كانت الكنائس الشرقية تعاني من الفقر، ونقص التعليم، وقيود اجتماعية عثمانية، مما جعلها هدفاً سهلاً لتقديم الدعم التعليمي والصحي والمالي مقابل التغيير العقائدي.
لذلك، كان التركيز على طور عبدين وغيرها من معاقل الأرثوذكسية الشرقية هو نتيجة استراتيجية براغماتية وواقعية لتجنب الاصطدام المباشر مع السلطة العثمانية، ولأنها تمثل هدفاً قابلاً للتحقيق مذهبياً.
تذكير (حقوق الملكية الفكرية): إن المعلومات المتعلقة بتاريخ كنائس وأديرة آزخ وتطورها العقائدي هي من نتاج عمل الشاعر والباحث والمؤرخ آزخي فؤاد زاديكي، الذي يحتفظ بحقوقها.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس