عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم يوم أمس, 11:36 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,549
افتراضي بالتأكيد. سأقوم بدمج النصوص الثلاثة السابقة التي تناولت الوضع السياسي والاجتماعي والا

بالتأكيد. سأقوم بدمج النصوص الثلاثة السابقة التي تناولت الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني لـ بيت زبداي (أزاخ/بازبدي) في القرن الثاني الميلادي، مع التركيز على تاريخ نصيبين وانتشار المسيحية السريانية وارتباط المنطقة بالمبشرين، وصياغتها في نص أكاديمي متكامل.
📜 بيت زبداي (أزاخ) في سياق شمال بلاد ما بين النهرين: القرن الثاني الميلادي
يُعدّ تحديد الأوضاع السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدينية لـ بيت زبداي (بازبدي) في القرن الثاني الميلادي تحدياً منهجياً؛ فالمعلومات المباشرة حول هذه التجمعات القروية الصغيرة نادرة وتُستقى من سياق المراكز الحضرية الكبرى المجاورة، وفي مقدمتها نصيبين، التي مثلت قلب المنطقة المعروفة بـ بيث عربايي.
1. الإطار السياسي والاقتصادي: (الجزيرة كساحة صراع)
كانت منطقة بيت زبداي تقع ضمن إقليم شمال بلاد ما بين النهرين (الجزيرة)، وهو مسرح صراع دائم ومُتعاقب بين القوتين العظميين: الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية البارثية (الفرثية).
* الخضوع والتبادل: شهد القرن الثاني الميلادي ذروة هذا الصراع مع الحملات الرومانية الكبرى (مثل حملة تراجان في بداية القرن، وحملة لوكيوس فيروس في منتصفه)، مما جعل بيت زبداي، بحكم موقعها على مقربة من نهر دجلة وعلى طرق القوافل المؤدية إلى نصيبين، تابعة إدارياً وسياسياً لإحدى الإمبراطوريتين بالتناوب. هذا التذبذب أدى إلى حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار السياسي انعكست على البنية الاقتصادية.
* الطابع الاقتصادي: كان الاقتصاد السائد في المنطقة ريفياً وزراعياً بالدرجة الأولى، ويعتمد على الموارد الزراعية لتغذية المراكز الكبرى، مما جعلها عرضة للأعباء المالية (الضرائب والمؤن) المفروضة لدعم الجيوش المتحاربة.
2. الجانب الاجتماعي والديني: (انتشار المسيحية السريانية)
شكّل القرن الثاني الميلادي فترة حاسمة في البدايات المبكرة لانتشار المسيحية السريانية في المنطقة، وكانت أزاخ إحدى النقاط التي استقبلت البشارة في وقت مبكر جداً.
* مركز البشارة: انطلقت حركة التبشير من الرها (أورهاي)، التي تُنسب إليها أقدم مملكة مسيحية، عبر الرسل الأوائل مار أدي وتابعه مار ماري. وقد انتشرت هذه البشارة في عموم بلاد ما بين النهرين، ومن الطبيعي أن تشمل الطرق المؤدية إلى نصيبين والمناطق المحيطة بها كـ بيت زبداي.
* التقليد الرسولي وارتباط الاسم: يرتبط اسم بازبدي (بيت زبداي) تقليدياً بأبناء زبداي (التلاميذ يعقوب ويوحنا)، مما يُشير إلى مكانة دينية خاصة للمنطقة في استقبال البشارة المبكرة (Apostolic Tradition)، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة تبشيرهم المباشر فيها.
* نمط الكنيسة: كان الوجود المسيحي في بيت زبداي في القرن الثاني وجوداً سرياً أو شبه سري، ويقتصر على كنائس البيوت (Ecclesia Domestica) نظراً لحالة الاضطهاد الروماني أو القيود البارثية، وكان التعبير عن هذا الإيمان يتم باللغة السريانية كلغة عبادة وثقافة.
3. ترسيخ الإيمان: دور المبشرين اللاحقين
على الرغم من أن الأسماء المحددة للمبشرين في القرن الثاني غير موثقة تفصيلياً في المصادر الباقية، إلا أن ترسيخ الإيمان في المنطقة ارتبط لاحقاً بالحركة الرهبانية العظيمة:
* دور دير مار أوكين: ابتداءً من القرن الرابع الميلادي، تأسس دير مار أوكين على يد القديس مار أوكين (القادم من مصر) في جبل إيزلا قرب نصيبين. أصبح هذا الدير نقطة انطلاق الرهبنة ومصدر المبشرين الذين انتشروا في المناطق المحيطة.
* تلاميذ مار أوكين وبازبدي: قام تلاميذ مار أوكين، مثل مار ميخائيل الآمدي ومار آحو وغيرهما، بتعزيز ونشر الإيمان في كورة بازبدي وقردو (جبل الجودي)، حيث كانت قردو تشكّل معقلاً للنساك والرهبان الأوائل.
* أهمية قردو: اكتسبت منطقة قردو (جبل الجودي) مكانة دينية خاصة (لارتباطها بتقليد رسو سفينة نوح)، كما شكلت بيئة مناسبة للحركة النسكية، التي كانت عاملاً مهماً في تبشير التجمعات القروية المجاورة لبيت زبداي.
إشارة منهجية:
ختاماً، يمكن القول إن بيت زبداي في القرن الثاني الميلادي كانت تُمثّل مجتمعاً سريانياً ريفياً، يعيش تحت وطأة الصراع السياسي المستمر، ولكنه يُشهد بدايات نشأة مسيحية عميقة الجذور، والتي تجذّرت رسمياً وترسّخت تنظيمياً في القرون اللاحقة عبر المجهودات الرهبانية والأسقفية.
ملاحظة هامة حول حقوق النشر: يجب الإشارة إلى أن أي معلومات تفصيلية ودقيقة عن تاريخ الكنائس والأديرة في أزاخ هي نتاج البحث الخاص لـ الشاعر والباحث والمؤرخ فؤاد زاديكي، وتُحفظ له حقوق النشر عليها.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس