عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 31-01-2007, 10:03 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,343
افتراضي اغتيـال هرانت دينك والعلاقات التركية – الأرمنية 3

اغتيـال هرانت دينك والعلاقات التركية – الأرمنية

الجزء الثالث والأخير

ويبدو أن خطر هذه الجماعات القومية محصور حتى
الآن في الدعاية والترويج إعلامياً، ولم تنجح بعد في اختراق صفوف السياسيين والظهور على الساحة السياسية
بشكل يمكنها من الترويج لأفكارها ومعتقداتها في شكل قانوني وعلني. حرب الحوارات الصحافية ليلة اغتيال هرانت دينك
أخذت الأتراك في رحلة عبر الزمن مرت بهم خلالها على المئات من حوادث الاغتيال والخطف والتفجير التي
استهدفت صحافيين او مواطنين وقيدت ضد مجهول باسم المصلحة الوطنية، وتركتهم في دوامة جديدة من
سيناريوات المؤامرة والمؤامرة المضادة، لكن تلك الحوارات أكدت شيئاً واحداً هو وجود تلك الجماعات
القومية المتطرفة وقوتها وامتداداتها، وان لم تستطع حتى الآن ان تثبت بالدليل القاطع مسؤولية هذه
الجماعات عن الاغتيالات، لكن الحوار أيضاً كشف عن نقطة مهمة وهي ان جميع من القي القبض عليهم من قتلة
كانوا «قوميين صغار» مولعين بالإنترنت، وتلقوا تعليماتهم وتدريبهم عبر الإنترنت من جهات مجهولة، وهو ما يشبه الى حد ما وسائل بعض الخلايا النائمة لتنظيم «القاعدة». وبعد ليلة حوارية طويلة، اختتم مذيع قناة «أي أر تي» القومية حلقة النقاش بالقول
بأن «جميع هذه الحملات الإعلامية ضد القوميين الشرفاء لا يجب أن تثنينا عن المضي قدماً في كفاحنا
من أجل مقاومة الهيمنة الاميركية والإسرائيلية على تركيا وقياداتها السياسية»
.وجهة نظر تركية تـــعــــرّفــــــوا إلـــى الـــوحــش: الــفــــاشـيـــة الــتـــركــيــــة مصطفى أكيول: أستاذ في العلوم السياسية وكاتب:
>"توركيش دايلي نيوز"
ترجمة نسرين ناضر: النهار 27/1/2007
قُتِل هرانت دينك، معلم من معالم الضمير الحيّ والحرّية، في 19 كانون الثاني الجاري. منذ ذلك
الجمعة الأسود، تحلّى أتراك كثر بالفضيلة لإدانة هذه الجريمة النكراء والاحتجاج إكراماً لذكرى هذا الرجل النبيل. غير أنّ بعض "قادة الرأي" لدينا اخترعوا أيضاً مؤامرات خفيّة ضدّ "الأمّة التركية" تقف وراء عمليّة القتل هذه. فقد سارعوا إلى الاستنتاج بأنّها
مناورة من "القوى الأجنبية" واستخباراتها لإقحام تركيا في وضع صعب على الساحة الدولية.
لكن مهلاً! اعتقلت الشرطة القاتل وتبيّن أنّه ليس عميلاً لدى "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي آي أي)، ولا الموساد ولا الاستخبارات البريطانية ولا جيش شعبي ما لتحرير أرض تركية محتلّّة في مكان ما.
ليس أرمنياً ولا كردياً، بل هو كما قالت عائلته بفخر من أصل تركي صرف". علاوةً على ذلك، وكما قال هو
بنفسه معتزّاً، إنّه تركي قومي عنيد قتل دينك مدفوعاً بحماسته "للدم التركي". وتبيّن أيضاً أنّ
هذا التابع المتعصّب البالغ من العمر 17 عاماً يوجّهه "أشقاؤه" الأكبر في طرابزون الذين لديهم
تاريخ بشع من العنف القومي. فهذه المدينة هي حصن القومية المتشدّدة: الكاهن الكاثوليكي الأب أندريا
سانتورو قُتِل هناك أيضاً على يد مناضل عمره 16 عاماً، ومواصفاته مشابهة جداً لمواصفات رفيقه الذي قتل دينك.
إزاء هذا كلّه، من المأسوي والمثير للاشمئزاز بكلّ بساطة رؤية بعض الشخصيّات البارزة في تركيا تصرّ على إلقاء اللوم على "أعداء خارجيين" متخيَّلين. لقد طفح الكيل، ويا للأسف، وحان الوقت لنكون صادقين. ما نواجهه هو عدوّ داخلي ويستحقّ أن
نسمّيه "الفاشية التركية". قياس الجمجمة التركية لا تعني هذه العبارة وجود رابط عضوي بين الأتراك والإيديولوجيا الفاشية. فهذه الإيديولوجيا وباء حديث أصاب عدداً كبيراً من الدول على مرّ القرن العشرين. ألمانيا وإيطاليا هما المثالان البارزان بلا شكّ لكن
هناك عدداً لا يحصى من البلدان الأخرى. حتّى الانغلوسكسون الليبراليون جداً كانت لهم تجربتهم مع الوحش (ال"كوكلوكس كلان" و"اتّحاد الفاشيين البريطاني").

في تركيا، قصّة الفاشية هي الأكثر غرابةً، لأنّه على الرغم من أنّ فاشيينا المعاصرين معادون للغرب بتطرّف، الإيديولوجيا مستوردة من الغرب إلى الأراضي المتعدّدة الثقافة تقليدياً للامبراطورية العثمانية الكبرى. بدأ كلّ شيء مع الداروينية الاجتماعية التي
تعلّمها بعض المفكّرين الأتراك الشبّان، مثل يوسف أكجورا، في العواصم الأوروبية في مطلع القرن الماضي.
تحوّلت رؤيتهم عن دولة تركية الطابع مئة في المئة، حقيقة في العشرينات مع إنشاء الجمهورية التركية. لم تكن رؤية أتاتورك عن هذه الدولة الجديدة عنصرية بل حدّد بدلاً من ذلك الانتماء إلى تركيا على أساس الثقافة والجنسية، غير أنّ الأمور بدأت تتغيّر في الثلاثينات. كانت إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية محطّ إعجاب من بعض النخب الجمهورية مثل رجب بكر الذي تولّى لفترة طويلة منصب الأمين العام ل"حزب الشعب الجمهوري" (الحزب الذي يرأسه الآن دنيز بايكال الذي يتحدّر فكرياً من بكر). وقلّدت تركيا الثلاثينات أيضاً النقابوية أي النموذج الاقتصادي لإيطاليا الفاشية، وتبنّت شعار موسوليني "كلّ شيء للدولة؛ لا شيء خارج الدولة؛ ولا شيء ضدّ الدولة".في الفترة نفسها، اكتسب "الانتماء إلى تركيا" أيضاً معنى إتنياً. عُقِد مؤتمر "علمي" مرخَّص من السلطات الرسمية في أنقره عام 1932، وقد أثني فيه على الخصائص "المتقدّمة" لـِ"الجمجمة التركية"، وأُعلِن بفخر أنّ الأتراك من العرق الآري. وفي الفترة عينها، اشترطت طلبات التوظيف في المناصب الحكومية أن يكون المرشّحون للوظيفة من "أصل تركي". أكّد وزير الخارجية، توفيق روستو أراس "سيهزم الأتراك الأكراد في النضال من أجل الحياة". ولوزير العدل، محمود عزّت بوزكورت تصريح شهير "في تركيا، غير الأتراك خدّام وعبيد لدى الأتراك".في سنوات الحرب، أطلقت تركيا أيضاً الضريبة الشهيرة على الثروة والتي كان الهدف منها مصادرة ممتلكات المواطنين المسيحيين واليهود. وفي عام 1942، أنشئ أوّل معسكر لتشغيل اليهود في مقاطعة أسكال في
ارضروم. لو ربح الرايخ الثالث الحرب، لما وجدت تركيا على ما يبدو صعوبة كبيرة في التأقلم مع "نظامه الجديد".هستيريا "الأعداء
الداخليين" بالتأكيد، لم تصبح تركيا قط فاشية بالكامل، لكن هناك أدلّة كافية لإثبات أنّها تأثّرت كثيراً بتلك الإيديولوجيا المروِّعة. لكن، ويا للأسف، بما أنّ تركيا ليست فاشية بالكامل، لم تحظَ بالفرصة لتحرير نفسها كلياً من الفاشية. بدأت ألمانيا وإيطاليا واليابان بعد الحرب من الصفر، لكنّ تركيا لم تشهد سوى انتقال جزئي إلى الديموقراطية. عام 1950، وصل
>"الحزب الديموقراطي" إلى السلطة في أوّل انتخابات حرّة وديموقراطية منذ إنشاء الجمهورية، رافعاً شعار "كفى، الكلمة للأمّة!" لكن مع الانقلاب العسكري عام
>1960، سحق طغاة يرتدون الزيّ العسكري "الحزب الديموقراطي" ولم يرتدعوا عن إعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس واثنين من وزرائه عقب محاكمة استعراضية. منذ ذلك الوقت، استمرّت الفاشية، ليس كنظام إنّما كروحية، في تركيا. وصفُ كلّ الدول الأخرى ب"أعداء الأتراك"، وعبادة الشخص المبنيّة حول مؤسّس البلاد، وتأليه الدولة، كلّها عناصر تلك الروحية. في الأعوام الأخيرة، وكردّ فعل على الاندفاعة في اتّجاه مزيد من الديموقراطية والحرية المستوحاة من الاتّحاد الأوروبي، تصاعد الخطاب الفاشي. نشر بعض وسائل الإعلام، إلى جانب بعض النقّاد والبيروقراطيين والسياسيين، بطريقة منظّمة الخوف من أنّ تركيا تواجه
تهديدات وجودية. يُعتبَر الأكراد والأرمن واليهود واليونان والمرسَلون والمسلمون غير القوميين – كلّ من يقع خارج التعريف الضيّق ل"التركي الصالح" –
>"أعداء داخليين" متحالفين مع الأعداء الخارجيين –الأوروبيين والأميركيين والأكراد العراقيين، وفي الواقع، العالم بأسره.
قاتل دينك هو وليد هذه الهستيريا الشعبية. إذا لم نقبل هذا الواقع المرير ونبدأ بالتفكير جدياً في فاشيّتنا الداخلية، فعلى الأرجح أنّ تركيا ستنتج المزيد من أمثاله. قال صامويل جونسون "القومية هي آخر ملاذ للأوغاد". يجب ألا نسمح بأن نصبح دولة أوغاد.




Published: 2007-01-31
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس