عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-09-2014, 03:02 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,743
افتراضي ردّ على أكاذيب ونفاق أحمد عصيد بخصوص الجذور الحقيقية للإسلاموفوبيا ردّ على أكاذيب و


ردّ على أكاذيب ونفاق أحمد عصيد بخصوص الجذور الحقيقية للإسلاموفوبيا


ردّ على أكاذيب ونفاق أحمد عصيد بخصوص الجذور الحقيقية للإسلاموفوبيا
بقلم: مالك بارودي

لكثرة المقالات التي أقرأها يوميّا، عندما يسمح لي الوقت، ولكثرة مشاغلي وأعمالي، أجد نفسي في كثير من الأحيان عاجزا عن الكتابة. لذلك أسعى ما إستطعت إلى الإحتفاظ بالمقالات التي أراها تستحقّ ردّا أو تصلح كأساس لكتاباتي، ممّا تسبّب في تكدّس أكوام الصّحف والمجلات والكتب، مع مرور الأيّام، في كامل أنحاء غرفتي. لكن هذه الفوضى لا تزعجني في شيء، فهي تمثّل نوعا من الأرشيف، خاصّة أنّي تعوّدت على تدوين ملاحظاتي وبعض الأفكار العابرة على هوامش الصّفحات، لذلك أجد متعة في العودة إلى هذه الأكداس والنّبش فيها بحثا عن كلمات تمثّل مرحلة معيّنة من حياتي أو تقدّم فكرة وليدة لحظتها ما كان لي أن أفكّر فيها لو لم أطّلع على هذا المقال أو ذاك...
عدتُ البارحة إلى أحد أعداد جريدة "الصّريح" التّونسيّة، فوقعتُ على مقال للمغربي "محمّد عصيد" عنوانه "الجذور الحقيقية للإسلاموفوبيا" (28 ديسمبر 2013، ص18)، وكان الفراغ المحيط بالمقال مليئا بالملاحظات والأشكال والسّهام، فأعدتُ قراءته لإعادة ترتيب ما دوّنته أصابعي كهوامش، وسرعان ما طار من عينيّ النّوم ووجدتُ نفسي بصدد تحبير مقال جديد.
يقول أحمد عصيد في مقاله: "إطلعت على حوار نشرته بعض المواقع الإلكترونية أجري مع هاينر بيليفيدت، عالم الدين الكاثوليكي وأستاذ كرسي ألماني لحقوق الإنسان وسياسة حقوق الإنسان في جامعة إرلانغن - نورينبيرغ، والذي كان أيضا مديرا سابقا للمعهد الألماني لحقوق الإنسان. تناول الحوار مظاهر وأسباب ما يُدعى في البلدان الغربيّة «الإسلاموفوبيا»، ورغم وجاهة العديد من الأفكار التي عبّر عنها بيليفيدت، إلا أنّ الحوار لم يبلغ الغاية في تفسير الظاهرة وبيان أسبابها الحقيقية، بل إن العنوان الذي تم إختياره للحوار والذي ركّز على أن الإسلاموفوبيا ليست سوى نظرة عنصرية غربية مقنّعة بالليبرالية، يخفي بشكل كلّي الأسباب المتعلقة بالجالية المسلمة وإختياراتها، وخاصة منها ما يتعلّق بدور التطرّف الديني في إشاعتها، ودور المساجد في تكريس الهوّة العميقة بين المسلمين المهاجرين والمجتمعات المضيّفة."
أردت أن أتوقّف هنا عند مغالطة كبيرة رائجة عند أغلب النّاس، شرقا وغربا، وهي إعتبار أنّ الإسلاموفوبيا نظرة أو تصرّف عنصري. أوّلا، الإسلاموفوبيا لفظ ناتج عن الجمع بين كلمتين: إسلام و"فوبيا" (الخوف). إذن، الإسلاموفوبيا هي الخوف من الإسلام. والإسلام سواء إعتبرناه دينا أو مجرّد إيديولوجيا لا علاقة له بأيّ "عنصر" محدّد، فكيف يكون الخوف من الإسلام نظرة عنصريّة؟ ثمّ عن أيّ عنصر يتحدّثون؟ أليس هناك عرب مسلمون وهنود مسلمون وصينيّون مسلمون وروس مسلمون وأمريكيّون مسلمون وفرنسيّون مسلمون؟ فإذا كانت الإسلاموفوبيا نظرة عنصريّة يجب أن تكون موجّهة لعنصر أو عناصر محدّدة. العنصرية التي وقف في وجهها "مارتن لوثر كينغ" كانت موجّهة لكلّ إنسان أسود البشرة، أي أنّها مرتكزة على سمات ومميّزات خلقيّة تولد مع الإنسان. فهل الإسلام ميزة خلقية؟ هل يولد الإسلام مع الإنسان؟ لكن، لنفرض أنّ الإسلام عنصر. ماهي المميّزات الخلقيّة الفطرية والتي توجد لدى كلّ المسلمين، سواء كانوا مولودين من عائلات مسلمة أم مولودين من عائلات غير مسلمة ولكن إعتنقوا الإسلام في مرحلة من مراحل حياتهم؟ لا شيء. إذن، إعتبار أنّ الإسلاموفوبيا هي نظرة عنصرية فكرة سخيفة وأكذوبة يسعى مروّجوها لكسب تعاطف النّاس وللإستفادة من القوانين التي تمنع العنصريّة والتّمييز على أساس لون البشرة والعرق.
ويواصل عصيد: "يعود الأساس الأوّل لظاهرة الخوف من الإسلام والمسلمين إلى سبب تاريخي هو الحروب الصّليبيّة التي مثّلت لقاء تصادميّا دمويّا بين الإسلام والغرب، لم ينته بنهاية الحروب بل إستمرّ من خلال التمثّلات التي غذّتها الإنتاجات المكتوبة والشّفويّة لقرون طويلة."
هنا، يجب أن نسأل سؤالا بسيطا للتّحقّق من صحّة كلام الكاتب: هل الحروب الصّليبيّة هي المرّة الأولى التي وقع فيها لقاء تصادميّ دمويّ بين الإسلام والغرب؟ التّاريخ يقول: لا. فأوّل اللقاءات التصادميّة الدّموية بين المسلمين والأوروبيّين (الغرب) كانت بسبب الغزوات الإستعماريّة الإسلاميّة المسمّاة، نفاقا وكذبا، بـ"الفتوحات الإسلاميّة". الحروب الصّليبيّة بدأت سنة 1096، والإستعمار الإسلامي بدأ حوالي سنة 632 وكان في فترة خلافتي الرّاشدين والأمويّين وإستهدف مملكة الفرس والإمبراطورية البيزنطية حتّى وصل إلى إسبانيا. فهل كان الإستعمار الإسلامي سلميّا لكي تُغفل ذكره في مقالك، يا أحمد عصيد، وكلّ كتب التّراث الإسلامي مليئة بمذابح ومجازر ومعارك يندى لها الجبين قام بها المسلمون؟ أعرف أنّك تعي جيّدا الأسبقيّة التّاريخيّة التي للإستعمار الإسلامي على الحروب الصّليبيّة، وأعرف جيّدا أنّك أغفلت الحديث عنها عن قصد لكي توهم القارئ بأنّ "الآخر" الغربي هو أوّل المعتدين وهو السّبب في ولادة الإسلاموفوبيا... لكنّ حقائق التّاريخ المدوّنة ستكون دائما بالمرصاد لكلّ منافق وكاذب يحاول طمسها والتّلاعب بها. فإن كنتم قد نجحتم في تحريف التّاريخ قبل الإسلامي وفي تشويه الفترة المسمّاة بـ"الجاهليّة" نظرا لعدم وجود مصادر تاريخيّة، فالنّجاح لن يحالفكم في تشويه وقلب حقائق الفترات اللاّحقة.
ويقول عصيد: "وتعود الظّاهرة أيضا إلى المرحلة الكولونيالية التي كرّست أشكالا من التعامل بين الإنسان الغربي الأبيض وباقي سكّان المعمورة، قوامها نوع من التّعالي والمركزيّة الغربيّة. وقد لعب الإسلام دور اللّحام الإيديولوجي بين مكوّنات المجتمعات الإسلاميّة في مواجهة الإحتلال وتأطير المقاومة والحركات الوطنيّة. هذه العوامل حكمت نظرة الإنسان الغربي للجاليات المسلمة بعد المرحلة الإستعماريّة، فأظهر نوعا من التّعاملات العنصرية لم يكن الجيل الأول من المهاجرين يشعر بها، حيث كان يُعطي الأولويّة لعلاقته بالدّولة وللمكتسبات المادية والخدمات الإجتماعية، على العلاقة بالأفراد. ويُفسّر هذا الإعجاب الشديد الذي كان يعبّر عنه أفراد هذا الجيل بالدول الغربية ومؤسساتها مقارنة بواقع بلدانهم المتردّي، كما كانت أزمة الهويّة الناتجة عن حالة الإغتراب متحكما فيها عبر الحفاظ على علاقة وطيدة بالجذور وبالوطن الأصلي وبالتقاليد والعادات الأصلية."
نجد أنفسنا هنا أمام كاتب يناقض نفسه من سطر إلى آخر. يقول أنّ المرحلة الكولونيالية "كرّست أشكالا من التعامل بين الإنسان الغربي الأبيض وباقي سكّان المعمورة، قوامها نوع من التّعالي والمركزيّة الغربيّة" ثمّ يقول أنّ الغرب "أظهر نوعا من التّعاملات العنصرية لم يكن الجيل الأول من المهاجرين يشعر بها، حيث كان يُعطي الأولويّة لعلاقته بالدّولة وللمكتسبات المادية والخدمات الإجتماعية، على العلاقة بالأفراد". نحن نعلم أنّه منذ بداية هذه المرحلة الإستعمارية الغربية للبلدان العربيّة كان هناك أناس هاجروا إلى الغرب وإستقرّوا فيه، ومن بينهم كتّاب وشعراء جزائريّون وتونسيّون ومغاربة كانت وجهتهم فرنسا ومصريّون إتّجهوا إلى بريطانيا. وكانوا يعيشون حياة طبيعيّة، لا تختلف عن حياة السّكّان الأصليّين في تلك البلدان، وكانوا يتمتّعون بالخدمات الإجتماعيّة ولهم مكتسبات مادّيّة، كما يقول الكاتب، وهي أشياء لم يكن المهاجر يتمتّع بها في بلاده الغارقة في واقعها المتردّي. فكيف يجب أن نفهم هذا الكلام المتناقض؟ أمّا بخصوص التّعالي، فبإمكانك أن ترجع إلى التّاريخ وتسألها عن علاقة المستعمرين المسلمين مع الأقباط في مصر مثلا أو مع الأمازيغ في شمال إفريقيا وستلاحظ أنواعا من التّمييز العرقي الحقيقي والتّفرقة قلّما ستجد نظيرها في "المرحلة الكولونيالية" التي تتحدّث عنها على أساس أنّها مرحلة مؤسّسة في تاريخ الإسلاموفوبيا. فهل هناك تمييز عرقي جيّد وتمييز عرقي سيء في نظرك، أم أنّك لا تحاول من خلال كلّ هذا الدّوران إلاّ تنزيه الإسلام، خاصّة بداياته، ممّا علق به من دماء وقتل وتمييز، تمهيدا لإلصاق كلّ التّهم بالغرب...؟
ويواصل عصيد حديثه قائلا: "هذه الروابط التي كانت تلعب دور التّوازن النّفسي سرعان ما شرعت في التلاشي والذوبان مع الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، وذلك بسبب ضعف العلاقة بالوطن الأصلي، وظهور عامل جديد هو الوهابيّة العالمية المتشدّدة التي تمتلك شبكات تمويل هائلة، والتي نجحت في إستقطاب نسب كبيرة من أعضاء الجالية، حيث أصبحت تلعب دور العزاء النّفسي والتعويض عن حالة الإغتراب وفقدان المرجعية بالنسبة لأعضاء الجالية الذين عانوا من ضعف الإندماج، وساهم في ذلك بشكل كبير تفاقم الأزمة الإقتصادية وتزايد البطالة مما دفع بالعديد من الشباب نحو المساجد التي يؤطّرها أئمّة بعضهم سلفيّون وهابيّون، لا يكتفون بإمامة الصّلاة والوعظ والإرشاد الدّيني بل يركّزون على تكريس الخصوصيّة بمعناها المغلق، ونشر ثقافة الممانعة ضدّ قيم حقوق الإنسان على الخصوص، وضرب ثقافة التّعايش في الصّميم إلى حدّ يصل إلى درجة زرع مشاعر النّفور والكراهيّة للمواطنين غير المسلمين، مما يظهر في سلوك أبناء الجالية بشكل عنيف. وقد إستعملت القضيّة الفلسطينية وأخطاء سياسة الهيمنة المعتمدة لدى الخارجية الأمريكية بشكل كثيف لتيسير عملية التأطير المنحرف هذه."
أوّلا، هل تلاشي العلاقات بين المسلمين المهاجرين وبلدانهم أو بين بعضهم البعض كان بسبب مؤامرة غربيّة؟ ما دخل الغرب في هذا الأمر؟ وحتّى لو فرضنا أنّ هذا التّفكّك والضّعف في العلاقات كان سببا من أسباب كراهية الغرب للإسلام فالمسلمون هم السّبب وليس الغرب.
ثانيا، الوهابيّة المتشدّدة التي تحاول أن تُظهرها هنا على أنّها دخيلة على الإسلام هي في الحقيقة تطبيق أمين للإسلام وإقتداء بما كان يفعله محمّد بن آمنة وصحابته وإلتزام بما جاء في القرآن والأحاديث. فالنّعوت والأوصاف التي تضعها على كاهل الوهابيّة يجب أن تطبّقها على الإسلام، لأنّك لو نظرت في كتب التّفسير والأحاديث والسّيرة وتمعّنت في آيات القرآن ستجد تطابقا كلّيّا بين جرائم محمّد بن آمنة وجرائم الوهابيّة، وبين شريعة القرآن المتشدّدة وتشدّد الوهابيّة، وبين تكفير محمّد بن آمنة والقرآن لكلّ غير المسلمين وما ينادي به الوهابيّة في هذا الموضوع، إلخ.
ثالثا، أنت تعتبر الوهابيّة العالميّة أحد أسباب خوف الغرب من الإسلام، فما دخل الغرب في ذلك؟ الوهابيّة إنتشرت مستفيدة من منظومة حقوق الإنسان وحماية الحرّيّات التي يطبّقها الغرب، مثلما إستفاد من نفس تلك المنظومة المسلمون العاديون فبنوا المساجد وأسّسوا الجمعيّات الدّعويّة، إلخ. وإذا كانت المساجد التي تتحدّث عنها "يؤطّرها أئمّة بعضهم سلفيّون وهابيّون" ساهموا في تعفّن الجوّ وزرع الكراهيّة في نفوس المسلمين تجاه الغرب، فلتعلم أنّ قرآنك نفسه فيه من الآيات المحرّضة على غير المسلمين (كراهية، براء، عنف، قتل، إلخ) ما يعجز مقالي هذا عن ذكره بالتّفصيل. وبالتّالي، فأيّ إمام، مهما كان محبّا لكلّ البشر، لو أراد تقديم خطاب لا يحرّض على الكراهيّة، لن يستطيع إلاّ تناسي تلك الآيات وإغفال الحديث عنها، ولكنّه سيسقط في فخّ آيات أخرى تتحدّث عن نفس تلك الكراهيّة وتحيل بطريقة ملتوية على ما حاول تناسيه وإغفاله. إذن، فالعيب ليس فقط في الأئمّة والشّيوخ (سواء كانوا وهابيّين أو سلفيّين أو زيتونيّين أو أزهريّين) بل العيب في القرآن نفسه وفي الأحاديث والسّيرة. العيب في الإسلام كلّه، لأنّه يدّعي أنّ الدّين عند الله الإسلام وبالتّالي فالأديان الأخرى على خطأ ومن يؤمنون بها كفّار وحكم الكافر في الإسلام "القتل".
رابعا، يكفي أن أحيلك على الآية: "يا أيّها الذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ الله لا يهدي القوم الظّالمين" (المائدة، 51) في مفهوم البراء في الإسلام، أي قطع الصّلة مع الكفّار فلا يحبّهم المسلم ولا يناصرهم ولا يقيم في ديارهم إلاّ لضرورة. فالمسلم، حسب التّفاسير، عليه أن يوالي في الله وأن يعادي في الله وأن يحبّ في الله وأن يُبغض في الله فيحبّ المسلمين ويناصرهم ويعادي الكافرين ويبغضهم ويتبرّأ منهم. ومن ذلك ما رواه إبن عبّاس عن محمّد بن آمنة: "أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحبّ في الله والبُغضُ في الله". (رواه الطبراني في الكبير: 11/215، والبغوي في شرح السّنّة: 3/329، بسند حسن) أليس هذا دليلا على أنّ الخوف والكراهية صناعة إسلاميّة بإمتياز، وبسند نبويّ وقرآني أيضا؟
ويواصل عصيد: "وقد زاد من تأزّم الوضع بشكل كبير إنتشار ظاهرة الإرهاب المسلّح وظهور تنظيم «القاعدة» وفروعه، ممّا جعل الإسلام مرتبطا في وجدان الإنسان الغربي بالعنف والدّم، خاصّة بعد أن تكاثرت الحوادث والوقائع الدّمويّة التي أبطالها ملتحون إسلاميّون وسلفيون في كل من مالي والجزائر وليبيا وتونس ومصر والعراق واليمن والصومال وكينيا ونيجيريا وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان. دون ذكر التفجيرات في البلدان الغربية نفسها وعلى رأسها واقعة 11 سبتمبر التي كانت فيصلا بين زمنين فيما يخصّ هذا الموضوع، وهو ما أدّى إلى بروز ظواهر جديدة ذات خطورة في قارات أخرى مثل ما حدث في أنقولا مؤخرا حيث تمّ حظر الإسلام رسميّا وهدم مساجد الأقلية المسلمة."
يربط عصيد هنا إنتشار ظاهرة الإرهاب المسلّح بظهور تنظيم القاعدة وفروعه، وهذه مغالطة أخرى. فالإرهاب الإسلامي قديم قِدَمَ الإسلام. وما الغزوات التي قام بها محمّد إلاّ نوعا من الإرهاب (تحت إسم منافق هو "الجهاد") يستهدف قبائل عربيّة أو يهوديّة كلّ ذنبها أنّها لم تصدّق خرافات محمّد ولم تعتنق دينه الجديد. يقول القرطبي: "الغزو غزوان غزو فرض وغزو نافلة والغرض في الجهاد ينقسم أيضا قسمين أحدهما فرض عام متعين على كل أحد ممن يستطيع المدافعة والقتال وحمل السلاح من البالغين الأحرار وذلك ان يحل العدو بدار الإسلام محاربا لهم فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار ان ينفروا ويخرجوا إليه خفافا وثقالا وشبابا وشيوخا ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج (..) حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عن الآخرين ولو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضا الخروج إليه والقسم الثاني من واجب الجهاد فرض أيضا على الإمام إغزاء طائفة إلى العدو وكل سنة مرة يخرج معهم بنفسه أو يخرج من يثق به ليدعوهم إلى الإسلام ويرغبهم ويكفّ أذاهم ويطهر دين الله عليهم ويقاتلهم حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية فان أعطوها قبلها منهم وإن أبوا قاتلهم وفرض على الناس بأموالهم وأنفسهم الخروج المذكور حتى يعلم أن في الخارجين من فيه كفاية بالعدو وقيام به فإذا كان ذلك سقط الفرض عن الباقين وكان الفضل للقائمين على القاعدين أجرا عظيما وليس عليهم ان ينفروا كافة وأما النافلة من الجهاد فإخراج طائفة بعد طائفة وبعث السرايا في أوقات العزة وعند إمكان الفرصة والأرصاد لهم بالرباط في مواضع الخوف" (الكافي في فقه أهل المدينة، كتاب الجهاد، باب واجب الجهاد ونافلته) فالغزو إرهاب وترهيب وسبي وسرقة وإستيلاء على أملاك الآخرين وقتل للآخر المخالف في العقيدة لا ينجو منه إلاّ إذا دخل الإسلام أو دفع الجزية صاغرا ذليلا، في حالة أهل الكتاب. وما الإستعمار الإسلامي إلاّ إستكمال لرحلة غزو العالم. وما القاعدة وبقية الجماعات الإرهابيّة الموجودة الآن إلاّ أناس يقتدون بسيرة محمّد بن آمنة وبالقرآن والأحاديث... فالمشكلة في الإسلام وليست في الغرب.
وينهي عصيد مقاله بقوله: "كما أنّ تخلّف الدّول الإسلامية وفشلها في بناء ديمقراطيات ناجحة وفي تنمية مجتمعاتها وإفراطها في إستعمال الدّين في إضطهاد أبنائها وعرقلة تطوّر بلدانها رسّخ لدى الغربيّين فكرة إرتباط الإسلام بالإستبداد والقهر والظّلم."
هنا، يعترف أحمد عصيد، وإن جزئيّا، بمسؤوليّة المسلمين عن ترسيخ الإسلاموفوبيا في الغرب. ولتأكيد ذلك سنأخذ مثالا سهلا وبسيطا. الإنسان بطبعه ينفر من الرّوائح النّتنة المتعفّنة ويكرهها، أليس كذلك؟ فهل يمكن أن نتّهم إنسانا يمرّ بجانب حاوية فضلات متعفّنة فيسدّ أنفه لكي لا يشمّ روائحها، هل يمكن أن نتّهمه بأنّه يكره الفضلات دون سبب؟ أو أنّ كراهيته للفضلات تنمّ عن عقدة نفسيّة متأصّلة فيه؟ أو أنّها نتيجة عيب في حواسّه؟ بالطبع، لا. لنضع الإسلام مكان حاوية الفضلات ولنضع شخصا يحسّ بالخوف والكراهية تجاه الإسلام ومظاهر التّخلّف والقهر والإستبداد والظّلم والإستعمار والإضطهاد وإنعدام الأخلاق التي نجدها في كلّ كتبه بداية من القرآن وتفاسيره وكتب الأحاديث والفقه والسّيرة وفي تصرّفات المسلمين الذين لا يمانعون في التّمتّع بخيرات الغرب ولكنّهم في نفس الوقت يشعرون بالكراهية تجاهه ويحرّضون عليه ويصفونه بالإنحلال والفسق والعهر والكفر ويريدون غزوه وتحطيمه وتطبيق شريعتهم الإسلاميّة المبنيّة على قطع الأيدي والأرجل والرّؤوس والرّجم وتحريم التّمتّع بالحياة وطمس الحرّيّات ودفن النّساء في أكياس قمامة سوداء وختان البنات وإغتصاب القاصرات أسوة بنكاح محمّد بن آمنة لعائشة وهي بنت تسع سنوات... هل إذا كرهنا الإسلام يكون العيب فينا نحن، أم في الإسلام نفسه؟ هل العيب في كاره الإسلام أم في النّماذج التي يراها كلّ يوم تحمل مكانس تحت وجوهها وتحرّض على قتل المرتدّ وقتل الكافر...؟
خلاصة القول هي أنّ الإسلام في حقيقته مثل حاوية الفضلات النّتنة المتعفّنة، وهو الوحيد المسؤول عن مشاعر النّفور والخوف والكراهية التي يرسّخها عند المتلقّي. فقبل إتّهام الآخرين بمعاداة وكراهية الإسلام، قفوا قليلا وإطرحوا على أنفسكم هذا السّؤال: ماهي الأشياء التي في الإسلام والتي تجعل الغرب يكرهه؟ فعلى هذه الإجابة تتوقّف كلّ الأجوبة الأخرى.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس