عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-03-2020, 11:43 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,573
افتراضي قُلْ الحقّ ولو على نفسك! بقلم/ فؤاد زاديكى




قُلْ الحقّ ولو على نفسك!



بقلم/ فؤاد زاديكى




يقولُ البعضُ لا يجب أن يهتمّ الشعراء بالسياسة فيما اليوم كلُّ أمور الحياة تخضع للسياسة و الأوطان تلتهبها النيران و الكذب والنفاق يُباعان كلّ لحظةٍ في أسواق النخاسة غير الأخلاقية. لقد كان الشعراء منذ ظهر الشّعر كحالة وجدانيّة ثورةً بأشعارهم ضد كلّ مظاهر التسلّط و الاستبداد و انحراف الحاكم وظلمه. كيف للشاعر أو الأديب أو الفنان أن يبقى متفرّجًا على ما يجري من حوله؟ أليس الشاعرُ جزءًا من كلّ هذه المنظومة الكونيّة؟ أنا شخصيًّا لا أستطيع البقاء صامتًا أو متفرّجًا على كلّ ما يجري من حولي دون أن أتفاعل و أبدي رأيي كدليل على استقلاليتي الشخصية ويقول المثل: "الساكت عن الحقّ شيطانٌ أخرس". مهما يكن الرأي الآخر مغايرًا لمواقفي أو لمواقف غيري من الذين يهتمون بالشأن السياسي في بلدانهم و العالم فإنّ ممارسة هذا الحقّ أمرٌ منطقي واختلاف الرؤى و الأفكار و الآراء لا يجب أن يقود إلى القطيعة و الخصومة أو العداء فكلّ شخصٍ يمتلك جانبًا من جوانب الحقيقة وفي تفاعل الآراء بروح حضاريّة و بانفتاح الأفق الفكري غير المتشنّج يمكن أن يفيد الجميع, أمّا الانزواء و الانحسار و البقاء على ما يُسمّى حيادًا, فهو و إنْ كان مِنْ شأن البعض, فإنّه لم و لن يكونَ من شأني.

إنّ قول كلمة الحقّ كمالٌ للعقل كما هي كمال للرجولة.يقول المناضل الثوري تشي غيفارا: "لا تصمتْ عن الحقّ و سترى كيف يكرهك الجميع" وقيمة الإنسان تكون بقوله كلمة الحقّ حتّى و لو كان على نفسه. قُلْ كلمة الحقّ ولا تخشى لومةَ لائم "لأنّ إرضاء النّاس غايةٌ لا تُدرك" وإن استمريتَ في قبول كلّ ما يُراد منك فسوف يأتي الوقت الذي تتخلّى فيه عن كلّ مبادئك و قيمك الإنسانيّة و الفكريّة و الإجتماعية بل و حتّى عن أبسط الحقوق المشروعة لك كشخص مستقل له إرادة حرّة و رأي يميّزه عن غيره. إنّي مع القول الذي يقول: "إنّ الصمتَ جريمةٌ" يقول نيلسون مانديلا "ليس حرًّا من يهان أمامه إنسان ولا يشعر بإهانة"! فالتاريخ الإنساني الطويل خلّد الأشخاص الذين دافعوا عن الإنسانية باختلاف أعراقهم و أجناسهم و دياناتهم. فمن يحترمنا نحترمه و مَن لا يوافقنا رأينا فهو حرٌّ بذلك, لكنْ لا عليه أن يفرضَ علينا أجندته الفكريّة مِنْ باب إنْ لم تكنْ معي فأنتَ ضدّي. الإنسان كائن له مشاعر و أحاسيس و يتميّز عن بقيّة الخلائق بكونه عاقلًا وهو يفكّر ومن ثمّ يعبّر عن رأيه بما يجري في الحياة عمومًا. وفي اللغة الحقّ نقيض الباطل أي هو الثابت.إنّ الإنسان ينظر لما حوله و يتفاعل معه من أجل التطوير والانتقال من حالٍ إلى أخرى أفضل و يكون ذلك بالنّقد كمنهج عملي موضوعي أمّا أنْ يبقى محايدًا فالانحياز يقود دائمًا إلى الفشل و الابتعاد عن جادة الصواب و عن الحقّ الذي يسعى الجميع له. يجب أن نكون شجعانًا في قول كلمة الحقّ وأكثر ما يجري على مسرح الحياة اليوم باطلُ الأباطيل و هو لا يعبّر عن طموح البشريّة في مستقبلٍ أفضل بل يقود إلى المزيد من الخراب و الدمار و المآسي, فهل نظلّ صامتين أمام كلّ هذا الجنون المستفحل الذي يجري لنقول اللهمّ لا علاقة لي و لا شأن بكلّ هذا؟ لا يا عزيزي إنّه من شأني و مِنْ شأنك كما هو مِنْ شأن الآخرين لأنّ ارتداداته تنعكس على الجميع بدون استثناء.

وفي الختام يقول المثل: "أن تكون ذيلًا في الحقّ خيرٌ مِنْ أن تكونَ رأسًا في الباطل".




3/3/2020



__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس