عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-06-2019, 11:11 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي استخدامات الفعل الأزخيني (ٍسِمِعْ) بقلم فؤاد زاديكى القسم الخامس

استخدامات الفعل الأزخيني (ٍسِمِعْ)

بقلم فؤاد زاديكى

القسم الخامس

كِنْ سِمِعْ (كُو سِمِعْ): أي أنّه سبق وأن استمتع بالأمر واطلّع عليه بعلم و معرفة, من أُناس آخرين فليس مِنْ داعٍ لأنْ تُخبره أنت أو أنا (يكون الكلام موجّهًا لشخص يرغب في إفشاء سر أو إذاعة خبر لشخص ثانٍ) لقد عَلِمَ بالخبر وصارت له دراية بما جرى فلم يَعُد الأمر مفاجئًا له ولا جديدًا عليه. ونقول (سِمِعْتُو كِنْ رِحتْ عِندُو!) بصيغة الاستفهام المشوب بالاستغراب و الداعي للدّهشة, كما علمتُ أنّك كنتَ قرّرت عدم زيارته أو الذهاب إلى طرفه, وأراك اليوم تُخالف الوعد الذي قطعته على نفسك, أو الرّغبة التي أعلنت تأكيدها مصرًّا على ذلك, أي في ما يخصّ مقاطعتك لهذا الشّخص و عدم التعاطي معه تحت ايّة ظروف بسبب تجربة سابقة سيئة كانت وقعت لك معه, تعلّمتَ منها درسًا. وسمعتك تقول: سوف لن تسعى لإقامة علاقة جديدة بينكما, لهذا فأنا أعتبُ عليك أشدّ العتب لكونك لم تَفِ بالوعد الذي قطعتَه على نفسك, و أصبحت في موقفٍ يتعارض مع نفسه ولا يحترم قراراته أو وعوده التي قطعها, فأنت نكصت بتلك الوعود وتجاهلتها ولم تقم بالتزام الوفاء لها. فذهابُك إلى طرفه ومحاولتك إعادة المياه إلى مجاريها يجعلني أُعيدُ النّظرَ في مجمل علاقتي بك, فأنت شخصٌ متقلّب المزاج والهوى غير ثابت على مبدأ يحترم نفسه, تقول ما لا تفعله وتفعل ما سبق وأن أعلنت عدم رغبتك القيام به. وقد يُقصَد بذلك أنّ المتكلّم يودُّ إعلام الشخص المخاطب بأنّ خبرَ زيارته للطرف الثالث (وهو العائد عليه ضمير الغائب (و) بمعنى (ه) رِحتْ لعندو: ذهبت إلى طرفه قد بلغه وتُنطق الجملة بأسلوب يختلف بعض الشيء عن طريقة لفظها في المعنى الأول الذي سبق شرحه. ففي حين يتضمّن المعنى الأوّل بعض الروح الاستفزازيّة والاستغراب والدّهشة الممزوجة باللوم وعدم الارتياح وفي عدم قبول الأعذار لتبرير ما حصل, فإنّ المعنى الثاني (سِمْعْتُو كِنْ رِحتْ عِندُو!) يُعطي فقط مدلول الإخبار في معرفة أمر الزيارة والتأكيد على هذه المعرفة سواءً أخبر بها المخاطب أم لم يُخْبِرْ وهي ترد في سياق الجواب على عدم إعلام الشخص المُخاطب للشّخص المتكّلم بخبر هذه الزيارة.
سِمِعْ فِمَسامِعُو: أي هو سمع ما يُروى عن هذا الشخص المقصود بالكلام من مواقف بطوليّة أو إنسانيّة ومواقف رجولة تشهد له, وكلمة (مَساِمعْ) يُقصد بها هنا كلُّ ما يُقال ويُروى عن هذا الشخص من أحاديث وأخبار تشهد لها وقائع وهي تأكيد ضمني على حصولها وتأتي كاعترافٍ ضمني وأحيانًا علني حول حقيقة ما يُقال ومدى صحّته. والمَسامِع وهي هنا ما يُسْمَعُ عنه من الآخرين الذين شهدوا له بذلك في مواقفهم وأحاديثهم وهي تحمل دائمًا المعنى الإيجابي لها وتقرّ بحقيقة وبواقع أنّها ليست من اختراع الناس ومبالغاتهم فهي كائنة وقد حصلت بالفعل. وبالمختصر فُيراد من ذلك القول بأنّ هذا الشخص غنيٌّ عن التعريف يشهد له ماضيه وحاضره.
لا أسْمَعْ ولا أسَمِّعْ: بمعنى لستُ راغبًا البتة في سماع ما تريد قوله لي أو في سماع ايّ شيء منكم, فقلبي ليس قلب مَنْ يسمع لمثل هكذا أقاويل إنّي أكرهُ مثل هذه الثرثرة (الگَرگَرَة) إذ لا طائل منها ولست من محبّي ممارستها كهواية سيئة. فهذا أسلوب الذين يعيشون في مستنقعات الكراهية والنّميمة واستغابة الناس للحديث في ظهرهم ومحاولة الإساءة إليهم بشكل ما. هؤلاء الأشخاص يسعون إلى الصيد في الماء العكِر أملًا بالتقاط كلمة من هنا وأخرى من هناك ليبنوا عليها مساعي خرابهم وكأنْ لا شُغل شاغل لهم ولا همّ سوى نقل الكلام واللغو الفارغ الذي لا فائدة تُرتجى منه. إنّي لستُ من هذا النّمط من البشر وأكره التدّخل في شؤون الآخرين وحشر أنفي في ما لا يعنيني من أمورهم. فمثلُ هذه المساعي والمحاولات قد تخلق بلبلةً وقلقًا وتعكير الأجواء الصافية لهدم الثقة بين النّاس ولتخريب علاقاتهم مع بعضهم البعض. إنّه من عمل الأبالسة. فهناك مَنْ لا يهدأ له بال ولا يرتاح له ضمير ما لم يُوقِع بين النّاس ويؤذيهم بفتنته التي يثيرها والزوبعة التي يخلق لها ظروفها. كما إنّي لستُ مِنْ الذين يحبّون نقل هذا الكلام إلى الغير تمامًا كما لا أريد الاستماع لقائله. فلا أسمع ولا أنقل. لأساهم في تعكير أجواء حياة الآخرين.
مَليحْ ما سِمِعْ: حمدًا لله وشكرًا لعنايته التي منعت (المقصود به القول) مِن سماع ما جرى فلو حصل ذلك لَوقعَ ما يُخشى منه. إنّ هذا الشخص ربّما لا يستطيع تمالك نفسه ولا السيطرة على أعصابه بوضع تصرفاته وسلوكه تحت نظام مراقبة وضبط (كونترول). ففي عدم سماعه لِما جرى يكون قد تمّ تجنّب كارثة أو وقوع مصيبة كانت ستؤدي إلى عمل انتقامي إجرامي, بكل تأكيد فإنّ عدم وصول هذا الخبر إلى هذا الشخص يكون فيه الخير فمن المعروف عنه أنّه شخصٌ عنيد ومتهوّر وصعب المراس, لا يمكن ضبط سلوكيته وتصرّفه في حال الغضب. فهو قد يُخطئ في ساعة طيش فيتصرّف بما لا تُحمد عُقباه. إنّ في عدمِ سماعه بالخبر والأمر راحةٌ وأمان واطمئنان.


يُتبع القسم السادس


19/6/2019
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس