مشاركتي قبل قليل على برنامج العَزْفُ عَلَى الحُرُوفِ الحلقة السابعة في أكاديمية العبا
مشاركتي قبل قليل على برنامج العَزْفُ عَلَى الحُرُوفِ الحلقة السابعة في أكاديمية العبادي للأدب و السلام تقديم السينارست محمد غلوي و بإشراف عميد الأكاديمية الدكتورة شهناز العبادي
بقلم: فؤاد زاديكى
العَزْفُ عَلَى الحُرُوفِ هُوَ فَنٌّ يُشْبِهُ عَزْفَ الأَنْغَامِ عَلَى الآلَاتِ المُوسِيقِيَّةِ. فَكَيفَ يَكُونُ الكَاتِبُ عَازِفًا لِكَلِمَاتِهِ؟ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَمَا يَخْتَارُ الحُرُوفَ بِحِرْفِيَّةٍ، وَ يَرْسُمُ بِهَا صُورًا تَحْمِلُ الأَصْوَاتَ، وَ تُحَرِّكُ فِي نُفُوسِ القَارِئِينَ أَعْمَاقَ المَشَاعِرِ.
عِنْدَمَا يَكُونُ القَلَمُ فِي يَدِ الكَاتِبِ، يُصْبِحُ كَأَنَّهُ قِيثَارَةٌ تَنْبُضُ بِنَغَمٍ رَقِيقٍ. فَالكَلِمَاتُ تُسَافِرُ بَيْنَ السُطُورِ، وَ تَتَحَوَّلُ إِلَى أَلْحَانٍ تَأْسِرُ العُقُولَ وَ تُحَلِّقُ بِالأَرْوَاحِ.
يَخْتَارُ الكَاتِبُ كُلَّ حَرْفٍ بِعِنَايَةٍ كَمَا يَخْتَارُ العَازِفُ وَتَرًا يُتْقِنُ العَزْفَ عَلَيْهِ. فَالحُرُوفُ تُكَوِّنُ مَقَاطِعَ صَوْتِيَّةً تَنْسَجُ قِصَصًا وَ تُبْدِعُ أَشْكَالًا فِي الخَيَالِ. عِندَ تَرَتُّبِ الكَلِمَاتِ، يَشْعُرُ القَارِئُ بِتَوَازُنٍ بَيْنَ العَاطِفَةِ وَ الفِكْرِ، كَأَنَّهُ يَسْمَعُ سِيمْفُونِيَّةً مُتْقَنَةً.
العَزْفُ عَلَى الحُرُوفِ لَيْسَ مَجَرَّدَ كِتَابَةٍ، بَلْ هُوَ صُنْعُ مَلْحَمَةٍ لُغَوِيَّةٍ تَتَغَنَّى فِيهَا الكَلِمَاتُ بِمَعَانٍ تُضِيفُ عُمْقًا وَ جَمَالًا. هَكَذَا يَتِمُّ العَزْفُ عَلَى الحُرُوفِ، تَتَفَاعَلُ مَعَهُ الأَلْسُنُ وَ تَتَرَاقَصُ مَعَانِيهِ فِي الأَفْئِدَةِ، لِتَصْبَحَ الكَلِمَةُ وَتَرًا وَالحَرْفُ نَغْمَةً فِي مَجْمُوعَةٍ لا تَنْتَهِي مِنَ الجُمَلِ المُتَنَاغِمَةِ.
المانيا في ٥ نوفمبر
__________________
fouad.hanna@online.de
|