Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
اللغة المحلّمية بقلم/ سليمان محمود
اللغة المحلّمية بقلم/ سليمان محمود هل تعلم أنَّ اللهجة المحلمية هي إحدى لهجات بلاد مابين النهرين التي أُطلق عليها جوازًا لغة أهل الجزيرة و هي لهجة القبائل العربية التي قطنت المنطقة و أهمّها قبائل ربيعة التي حملتها معها و حافظت عليها كما ذكر عادل البكري في كتابه اللهجة الموصلية و قال بأنّها من أقرب اللهجات العربية إلى الفصحى ,و عدّها المقدسي أصحّ من لغة أهل الشام لأنّ أهلها عرب و أحسنها الموصلية. و هي لهجة أهل الموصل و بازبدي و المحلمية و ماردين و قرقيسيا (دير الزور و الميادين) و يلهجها اليوم أكثر من مليون شخص مسلمين و مسيحيين في جبل الطور و ماردين. و لقد منحتها كثرة الألفاظ العربية القديمة و النادرة في بطنها مكانةً مميزةً جعلت الكثير من اللغويين يُجرون عليها أبحاثاً و يكتبون عنها، أمثال الباحث اللغوي الألماني (Urgen Sasse ) الذي أجرى عليها بحوثا و دراسات معمقة في العام 1971 و أصدر كتاباً حمل اسمها بعنوان : (des arabischen Dialekts der Mhallamiye in der Provinz Mardin) أي ( اللهجة العربية المحلمية في قضاء ماردين ) و حذا حذوه باحث لغوي آخر و هو الألماني البروفسور الدكتور(Otto Jastrow ) الذي أجرى بدوره أبحاثاً كثيرة عن اللهجات العربية في أناتوليا و خلص الاثنان إلى أنّ اللهجة المحلمية هي لهجة عربية قديمة و أكثرها قربًا من الفصحى في هذا الزمان ، و صنّفوها من ضمن مجموعة لهجات "قلتُ" التي عدّوها أقدم مجموعة لهجوية عربية في الوقت الحاضر و التي ينطق أصحابها القاف مهموسة و يلفظون الضمة الواقعة فوق تاء الفاعل. و لقد صنّفتها جمعية ( فولكسفاكن ) الألمانية من اللهجات العربية المهدّدة بالانقراض ، نظرا لعدم اهتمام العرب الآخرين بها و لمزاحمة التركية لها في عقر دارها و استغناء من هاجر من أهلها إلى المناطق الأخرى عن الكثير من ألفاظها القديمة أو تحديثه . و كتبت عنها (Journal of the American Oriental ) عام 1982 مقالا تحدّثت فيه عن هذه اللهجة العربية و ما لها من ملامح و ظلال صوتية. أهم الكتب التي تحدثت عن اللهجة العربية المحلمية: - اللهجة العربية المحلمية في قضاء ماردين - اركون ساسي. - اللهجة العربية المحلمية (لهجات قلتُ) و أفصحها لهجة كندة ريب- اوتو ياسترو. - الحروف الفعلية في اللهجة العربية المحلمية المحكية في منطقة مديات - جورج غريغوري - القيم الأخلاقية في الأمثال المحلمية(Moral Values in Mḥallami Proverbs)-يشار آجات و تيسير محمد الزيادات.مركز الدراسات العربية رومانيا - اللهجة العربية المحلمية بين الدخيل و العامي و الفصيح - عبدالقادر عثمان. - من مظاهر التخفيف في اللهجة المحلمية المهاجرة-الأستاذ الدكتور أحمد علي محمود ربيع كلية اللغة العربية في القاهرة جامعة الأزهر. و من أهم خصائص هذه اللهجة: - إثبات النون بعد واو الجماعة وياء المخاطبة في الأفعال الخمسة موافِقةً لما نصّت عليه كتب القواعد و النحو، مثل: ( ينامون، و تلعبين ). و الأفعال الخمسة هي كل فعل مضارع اتصلت به: ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المؤنثة المخاطبة. ـ ضمْ تاء الفاعل للمتكلم و تسكين ما قبلها و لفظها كما جاءت في كتب اللغة مثل: ( قلـْتُ، نمْتُ ). إلّا أنَّ هذه الضمة تُمَدّ لتصبح واوًا ممدودة إذا اتصل بها ضمير، مثل : " ضربتوك ، ضربتوهُ ، ضربتوا ( للمؤنث ) " . ـ ضم هاء الغائب و لفظها كما جاءت في كتب اللغة مثل : سقاهُ ، لـُهُ ، و شاركهم هذا اللفظ أهل ماردين و من يجاور المحلمية من الناطقين بلهجتهم . ـ كسر كاف المخاطبة و لفظها كما تلفظ في كتب اللغة، مثل : ( لكِ ، وبيْتكِ ) ، و هكذا لفظها أهل الجزيرة الفراتية باستثناء أهل دير الزور الذين بدلوا هذه الكاف إلى ( ج ) بدوية وقالوا بيتجِ ( بيتجي ) بدلاً من بيتكِ . ـ تسكين الياء و الواو إذا سبقها حرف مفتوح في ألفاظ مثل : بَيْت، زَيْت، أيـْن، لـَوْن، هَوْن، و في أسماء مثل : فـَيْصل، حسَيْن، زَيْنِة ، و ذلك مطابقة للفظ المماثل في كتب اللغة. ـ الإبقاء على تحريك أحرف وسط الكلام كما في : (مَلـِيح، مَرَتي، عَمـَّتـَك ، تاكـُلـَك ) التي سَكِّنَتها بعض اللهجات العربية الأخرى و لفظتها : (أمْليح ، مَرْتي عَمْتـَك، و تاكـْلـَك ) . ـ كسر أوائل الأفعال المضارعة مثل: ( نـِلعب، يـِلعب، تِلعب ) ماعدا ألف المتكلم التي تلفظ عندهم مفتوحة مثل: ( أنا ألعب )، في حين يفتحها البدو مطلقاً ويقولون: ( ألعب، نـَلعب، يَلعب، تَلعب ) و كانت هذه لهجة تميم. يقولون: ( خذ و كلْ ) للمفرد المخاطب ، و لا يقولون ( خود ، و كول ) التي يلفظها أهل الشام . ـ كسر لام الجر أحياناً مع الظاهر، و تسكين الضمير، و ضمّ اللام و الضمير معاً أحياناً أخرى كقولهم: "روح اشتري لِكْ و لـُهُ" و للمؤنث "اشتريْ لِكِ و لها " و قال الرافعي : في لغة خزاعة يكسرون لام الجر مطلقاً مع الظاهر و الضمير، و غيرهم يكسرها مع الظاهر و يفتحها مع الضمير غير ياء المتكلم فيقولون : "المال لِكّ و لـَهُ" (3) . ـ التحدّث باسم الطائفة من الشيء فيقولون : دَوْمة في دوم ، و جوْزة في جَوْز، و توثة في توث ، و سليقة في سليق ، و لحمة في لحم ، و باقورة في بقر ، و رمادة في رماد ، و دهنة في دهن ، و قصلة في قصل ، قال ابن منظور : دهنة تعني طائفة من الدهن(4) . و قال الزبيدي : والقَصلةـ الطائفةُ المُنقصِلَة من الزرعِ جَمْعُها قَصَلٌ (5) . و لهذا نرى أن أغلب اسماء قراهم و بلداتهم تحمل اسم الطائفة و ليس الجمع مثل كفر توثة , كفر جوزة, و غيرها. و كلمة كفر سريانية و تعني قرية. ـ الإبقاء على حرف التحقيق "قد" الذي يشير وجوده إلى إتمام الفعل و تحقيقه مثل : "كت نام ، كت لعب" و ذلك مطابقة للوزن المماثل في الفصحى و لكن مع تحريف هذا الحرف و لفظه ( كت ) بدلاً من ( قد ) . و يشاركهم استعماله أغلب اللهجات الجزراوية الأخرى مثل أهل الموصل و بعشيقا و بازبدي (آزخ) الذين يلفظونه " كن " ، و أهل ماردين و محيطها الناطق بالعربية "كل" ، أما أهل دير الزور فلا يستعملونه البتة . و يستعمله أيضا أبناء بعض العشائر العربية الربعية في الأردن ، يقال لهم الجعافرة ، و ينطقونه ( كن ) على طريقة أهل الموصل إلّا أنّ أغلب اللهجات الأخرى قد أهملته و حذفته من قواميس لهجاتها . ـ استعمال حرف الاستقبال في كلامهم، مطابقة للفصحى، و لكنّهم ينطقونه " تـَ " بدلًا من " سـَ " فيقولون : ( تينام ، في سينام ، و تيلعب في سيلعب و هكذا يفعل أيضا ممن يتحدثون العربية في محيطهم ، و هذا ما يفعله أهل ( نجد ) أيضاً الذين يقولون : ( تتكتب ) في ( ستكتب ) و تتروح في ( ستروح ) كما ذكر الذيب في المعجم النبطي(6). و ما إذا كان قلب السين إلى تاء ممكناً في اللغة العربية يقول الدكتور رمضان عبد التواب : تفسير قلب السين تاءً سهلٌ لأنّهما من الناحية الصوتية متناظران في الشدة و الرخاوة أي أنّهما يتّفقان في المخرج و هو الأسنان و اللثة كما يتفقان بالهمس و هو عد اهتزاز الأوتار الصوتية و يتفقان أخيرًا في الترقيق و الفرق الوحيد بينهما هو أنّ السين رخوة احتكاكية و التاء شديدة انفجارية - و هناك ظاهرة لغوية في هذه اللهجة و هي البدء بسكون و هذا من خصائص اللغة السريانية ممّا يدلّ على جذور هذه اللهجة أو تأثرها بالسريانية إلى حدّ كبير. و من ظواهر تأثير السريانية في العربيّة: 1 - إسكان المتحرك في أول الطلمة كقولهم كْبير بدلًا من كَبير و مْليح بدلًا من مليح. و بْعيد بدلًا من بعيد الخ.. 2 - قلب الميم نونًا في ضمير المخاطبين و ضمير الغائبين مثل: أبوكن بدلًا من أبوكم و بيتكنْ بدلًا من بيتكم 3 - إسكان آخر الفعل الماضي مثل قامْ في قام و نامْ في نامَ و شِرِبْ في شربَ الخ.. 4 - التصغير على صيغة السريانية فيقال خلدون في خالد و زغيرون في صغير. 5 - هناك كثير جدًا من الألفاظ السريانية في اللهجة المحلمية و العربية العاميّة عمومًا منها. شبط بمعنى سرق. و شوب بمعنى حرّ سكّر الباب أي قفله أو أغلقه. الخ... (لقد قمت ببعض الإضافة و التعديل على المقال أنا فؤاد زاديكى) |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|