Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-06-2025, 05:49 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,085
افتراضي ✒️ الكَراهِيَةُ تَقْتُلُ الإِنْسَانِيَّةَ بِقَلَمِ: فُؤَاد زَادِيكِـي ٱلْكَراهِيَةُ

✒️ الكَراهِيَةُ تَقْتُلُ الإِنْسَانِيَّةَ

بِقَلَمِ: فُؤَاد زَادِيكِـي

ٱلْكَراهِيَةُ شُعُورٌ مُظْلِمٌ، غَرِيزِيٌّ فِي جَوْهَرِهِ، غَيْرُ سَوِيٍّ فِي مَضْمُونِهِ، يُولَدُ فِي نَفْسِ ٱلْإِنْسَانِ نَتِيجَةَ تَرْبِيَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ تَعَالِيمَ مَرِيضَةٍ، وَ يَكْبُرُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ حَتَّى يُصْبِحَ نَمَطًا سُلُوكِيًّا يَقُودُ صَاحِبَهُ إِلَى ٱلْهَلَاكِ ٱلْأَخْلَاقِيِّ وَ ٱلرُّوحِيِّ.
إِنَّهَا لَيْسَتْ مُجَرَّدَ حَالَةٍ نَفْسِيَّةٍ عَابِرَةٍ، بَلْ مَرَضٌ خَطِيرٌ يُدَمِّرُ صَاحِبَهُ قَبْلَ أَنْ يُدَمِّرَ ٱلْآخَرَ.

إِنَّ مَنْ يَكْرَهُ لَا يَرَى فِي ٱلْآخَرِ إِنْسَانًا، بَلْ خَصْمًا، عَدُوًّا، تَهْدِيدًا يَجِبُ ٱلْقَضَاءُ عَلَيْهِ أَوْ تَحْجِيمُهُ، وَ هَذَا ٱلْٱنْغِلَاقُ عَلَى ٱلذَّاتِ يُعْمِيهِ عَنْ رُؤْيَةِ ٱلْفَوَارِقِ ٱلدَّقِيقَةِ بَيْنَ ٱلْخَيْرِ وَ ٱلشَّرِّ، بَيْنَ ٱلْحَقِّ وَ ٱلْبَاطِلِ. فَٱلْكَارِهُ لَا يَسْمَعُ إِلَّا صَوْتَهُ، وَ لَا يُؤْمِنُ إِلَّا بِمَا تَرَبَّى عَلَيْهِ مِنْ فِكْرٍ وَاحِدٍ، لَا يَحْتَمِلُ ٱلِٱخْتِلَافَ وَ لَا يَقْبَلُ ٱلتَّنَوُّعَ، يَرَى فِي كُلِّ مُخَالِفٍ خَطَرًا يَجِبُ إِقْصَاؤُهُ. وَ بِهَذَا يَتَحَوَّلُ إِلَى أَدَاةٍ تُنَفِّذُ فِكْرًا مُتَعَصِّبًا، دُونَ وَعْيٍ أَوْ إِدْرَاكٍ.

هَذَا ٱلنَّوْعُ مِنَ ٱلْكَراهِيَةِ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى ٱلْفَرْدِ فَحَسْبُ، بَلْ يَنْسَحِبُ أَثَرُهُ إِلَى ٱلْمُجْتَمَعِ بِأَسْرِهِ، إِذْ يُوَلِّدُ ٱلتَّوَتُّرَ وَ ٱلْفُرْقَةَ، وَ يُقَوِّضُ دَعَائِمَ ٱلسِّلْمِ ٱلِٱجْتِمَاعِيِّ. فَحَيْثُمَا وُجِدَتِ ٱلْكَراهِيَةُ، وُجِدَتِ ٱلْحُرُوبُ وَ ٱلصِّرَاعَاتُ وَ ٱلتَّمَزُّقُ. إِنَّهَا ٱلسُّمُّ، ٱلَّذِي يَسْرِي فِي أَوْصَالِ ٱلْعَلَاقَاتِ ٱلْإِنْسَانِيَّةِ فَيُحَوِّلُهَا مِنْ تَعَاوُنٍ إِلَى تَصَادُمٍ، وَ مِنْ تَعَايُشٍ إِلَى رَفْضٍ وَ ٱسْتِئْصَالٍ.

ٱلْكَارِهُ لَا يَسْتَطِيعُ بِنَاءَ عَلَاقَةٍ سَلِيمَةٍ، لِأَنَّهُ يَرَى نَفْسَهُ دَائِمًا عَلَى حَقٍّ مُطْلَقٍ، وَ ٱلْآخَرِينَ عَلَى بَاطِلٍ لَا يَقْبَلُ ٱلنِّقَاشَ. وَ هَذَا ٱلشُّعُورُ ٱلْمُتَعَالِي يُوصِلُ إِلَى تَطَرُّفٍ فِي ٱلرَّأْيِ وَ ٱلسُّلُوكِ، وَ يَجْعَلُ ٱلْإِنْسَانَ عَبْدًا لِأَفْكَارِهِ ٱلظَّلَامِيَّةِ، حَتَّى لَوْ تَزَيَّنَتْ بِشِعَارَاتٍ بَرَّاقَةٍ. وَ هُوَ مَا يَجْعَلُ ٱلْمُجْتَمَعَاتِ عُرْضَةً لِلْٱنْقِسَامِ ٱلدَّاخِلِيِّ، وَ يَزْرَعُ ٱلشَّكَّ بَيْنَ ٱلْأَفْرَادِ، وَ يُقَوِّي نَزَعَاتِ ٱلْعُنْفِ وَ ٱلتَّهْمِيشِ وَ ٱلْإِقْصَاءِ.

وَ ٱلْكَراهِيَةُ، فِي كَثِيرٍ مِنَ ٱلْحَالَاتِ، تَجِدُ جُذُورَهَا فِي تَرْبِيَةٍ خَاطِئَةٍ أَوْ تَعَالِيمَ دِينِيَّةٍ أَوْ أَيْدِيُولُوجِيَّةٍ مَغْلُوطَةٍ، تَمَّ تَصْوِيرُهَا عَلَى أَنَّهَا تُمَثِّلُ ٱلْحَقِيقَةَ ٱلْمُطْلَقَةَ، فِي حِينَِ أَنَّهَا فِي ٱلْوَاقِعِ لَا تَعْدُو كَوْنَهَا أَدَوَاتِ سَيْطَرَةٍ وَ إِخْضَاعٍ. فَحِينَ يَتَشَرَّبُ ٱلْإِنْسَانُ هَذِهِ ٱلْأَفْكَارَ دُونَ تَمْحِيصٍ، يُصْبِحُ سَهْلَ ٱلِٱنْقِيَادِ، عَدِيمَ ٱلنَّقْدِ، غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى ٱلتَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا يَخْدِمُ ٱلْإِنْسَانِيَّةَ وَ مَا يَهْدِمُهَا.

لَقَدْ أَثْبَتَ ٱلتَّارِيخُ أَنَّ ٱلْمُجْتَمَعَاتِ، ٱلَّتِي سَادَتْ فِيهَا ٱلْكَراهِيَةُ سَقَطَتْ فِي هَاوِيَةِ ٱلِٱنْحِطَاطِ، بَيْنَمَا ٱلَّتِي نَشَرَتْ ثَقَافَةَ ٱلتَّسَامُحِ وَ قُبُولَ ٱلْآخَرِ تَقَدَّمَتْ وَ ٱزْدَهَرَتْ. فَٱلْحَيَاةُ لَا تَقُومُ عَلَى ٱلتَّشَابُهِ، بَلْ عَلَى ٱلتَّنَوُّعِ، وَ ٱلِٱخْتِلَافُ لَيْسَ تَهْدِيدًا، بَلْ فُرْصَةٌ لِفَهْمٍ أَعْمَقَ وَ تَكَامُلٍ أَرْقَى.

مِنْ هُنَا، فَإِنَّ مُحَارَبَةَ ٱلْكَراهِيَةِ لَيْسَتْ خِيَارًا، بَلْ ضَرُورَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ وَ أَخْلَاقِيَّةٌ. عَلَيْنَا أَنْ نُرَبِّيَ ٱلْأَجْيَالَ عَلَى ٱلْمَحَبَّةِ، عَلَى ٱحْتِرَامِ ٱلْآخَرِ، عَلَى ٱلْحِوَارِ لَا ٱلْإِقْصَاءِ، عَلَى ٱلْفَهْمِ لَا ٱلشَّكِّ، عَلَى ٱلتَّشَارُكِ لَا ٱلِٱسْتِعْلَاءِ. فَٱلْحَيَاةُ أَجْمَلُ حِينَ نَرَاهَا بِعُيُونٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَ نَتَذَوَّقُهَا مِنْ زَوَايَا مُخْتَلِفَةٍ.

خِتَامًا، تَبْقَى ٱلْكَراهِيَةُ سَرَطَانًا يَنْخُرُ فِي جَسَدِ ٱلْمُجْتَمَعَاتِ، وَ يُهَدِّدُ قِيَمَ ٱلْعَيْشِ ٱلْمُشْتَرَكِ، وَ ٱلْوَاجِبُ ٱلْإِنْسَانِيُّ يُحَتِّمُ عَلَيْنَا أَنْ نَقِفَ فِي وَجْهِ هَذَا ٱلشُّعُورِ ٱلْبَغِيضِ، وَ أَنْ نَنْشُرَ مَكَانَهُ ٱلْمَحَبَّةَ، فَٱلْإِنْسَانُ فِي ٱلنِّهَايَةِ لَا يُقَاسُ بِمَا يَمْلِكُ أَوْ يُؤْمِنُ، بَلْ بِمَا يُمْنَحُ مِنْ حُبٍّ وَ ٱحْتِرَامٍ.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:11 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke