![]() |
Arabic keyboard |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() 📜 المرأةُ بينَ مِطرَقَةِ القَهرِ الذُّكوريِّ و سِندَانِ تَهميشِ الحُقوقِ ✒️ بقلم: فُؤاد زاديكِي فِي زَمَنٍ تَزْعُمُ فِيهِ المُجتَمعاتُ الشَّرقيَّةُ المُحافِظَةُ أَنَّهَا تَسِيرُ نَحْوَ الحَداثَةِ وَ التَّقَدُّمِ، ما تَزَالُ المَرْأَةُ تُعَانِي مِن أَشْكَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الظُّلْمِ وَ الإِجْحَافِ، تُعامَلُ فِيهَا كَمَخْلُوقٍ دُونِيٍّ، لَا حَقَّ لَهُ فِي الحُرِّيَّةِ وَ لَا فِي اتِّخَاذِ القَرارِ. فَالمُجتَمعُ الذُّكُورِيُّ هَذَا، الَّذِي يَحْمِلُ رَايَةَ التَّقْدِيسِ لِلرَّجُلِ، يُمَارِسُ أَبْشَعَ أَشْكَالِ الإِقصَاءِ عَلَى المَرْأَةِ، جَاعِلًا إِيَّاهَا حَبِيسَةَ سُجُونٍ غَيرِ مَرْئِيَّةٍ، تَكَبِّلُ خُطَاهَا وَ تُحَاصِرُ أَحْلَامَهَا. فِي هَذِهِ المُجتَمعاتِ، يُنظَرُ إِلَى سُلُوكِ المَرْأَةِ نَظْرَةَ شَكٍّ وَ رِيبَةٍ، فَكُلُّ كَلِمَةٍ تَقُولُهَا، وَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا، تُوضَعُ تَحْتَ المِجْهَرِ، كَأَنَّهَا جُرمٌ يُرَاقَبُ، وَ خَطَرٌ يُتَوَقَّعُ. تُطَالَبُ بِالحَيَاءِ وَ العِفَّةِ وَ الطَّاعَةِ، فِي حِينٍ يُسْمَحُ لِلرَّجُلِ بِالتَّمَادِي وَ التَّجَاوُزِ بِاسْمِ القِوَامَةِ وَ الدِّينِ وَ التَّقَالِيدِ. كَيْفَ يُمْكِنُ أَن تُنصَفَ المَرْأَةُ، وَ هِيَ لَا تَمْلِكُ حَقَّ اخْتِيَارِ مَصِيرِهَا؟ تُزَوَّجُ غَصْبًا، وَ تُحرَمُ مِنَ التَّعْلِيمِ فِي بَعْضِ القُرَى، وَ تُمنَعُ مِنَ العَمَلِ فِي الكَثِيرِ مِنَ المُدُنِ، وَ إِذَا نَطَقَتْ، قِيلَ لَهَا: "اسْكُتِي، فَصَوْتُكِ عَوْرَةٌ". وَ الأَكْثَرُ إِيلَامًا، أَنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ أَصْبَحْنَ يَتَبَنَّيْنَ هَذِهِ الأَفْكَارَ، وَ يُدَافِعْنَ عَنْهَا، وَ يُرَبِّينَ أَجْيَالًا جَدِيدَةً عَلَى أَنَّ المَرْأَةَ مَخْلُوقٌ ضَعِيفٌ، وَ أَنَّ الرَّجُلَ هُوَ صَاحِبُ السُّلطَةِ وَ القَرَارِ. هَذِهِ الهَيْمَنَةُ الذُّكُورِيَّةُ لَمْ تُنتِجْ سِوَى جِيلٍ مَهزُوزِ القِيَمِ، ضَائِعِ الهُوِيَّةِ، وَ مُجتَمعٍ يَرْزَحُ تَحتَ الفَسَادِ وَ التَّخَلُّفِ. إِلَى مَتَى سَتَبْقَى المَرْأَةُ تُحَاسَبُ عَلَى مَلابِسِهَا، وَ طَرِيقَةِ مَشْيِهَا، وَ نَبْرَةِ صَوْتِهَا؟ إِلَى مَتَى يُسْمَحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَدَخَّلَ فِي أَدَقِّ تَفَاصِيلِ حَيَاتِهَا بِاسْمِ الوِصَايَةِ؟ أَلَا يَحِقُّ لَهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَةً فِي الحَيَاةِ، لَا عَبْدَةً فِيهَا؟ إِنَّ الحَقِيقَةَ المُرَّةَ أَنَّ المُجتَمعَ الَّذِي يَظْلِمُ نِصْفَهُ، لَنْ يَقُومَ عَلَى القِيمِ وَ العَدْلِ وَ التَّقَدُّمِ، فَكَيْفَ لِأُمَّةٍ أَنْ تَنهَضَ وَ هِيَ تُقَيِّدُ أَجْنِحَةَ المَرْأَةِ؟ إِنَّهَا صَرْخَةٌ لِلضَّمِيرِ، لِكَي يُعِيدَ النَّظَرَ فِي تَصَوُّرَاتِهِ، وَ يَكْسِرَ قُيُودَ المَاضِي، الَّتِي أَثْقَلَتِ الوَاقِعَ، وَ خَنَقَتِ الإِنسَانِيَّةَ. المَرْأَةُ لَيْسَتْ ضِدَّ الدِّينِ، وَ لَا ضِدَّ العَادَاتِ، وَ لَكِنَّهَا تَرْفُضُ أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً فِي زَمَنٍ يَتَغَنَّى بِالحُرِّيَّةِ. فَهَلْ آنَ الأَوَانُ لِنُرَاجِعَ أَنفُسَنَا، وَ نَكُفَّ عَنْ ظُلْمِهَا؟ أم سنبقى أسرى عقولٍ عَاجِزَةٍ تَخْشَى النُّورَ وَ تُؤْثِرُ الجَهْلَ عَلَى العَدلِ؟ فَإِنْ لَمْ نُجِبْ عَنْ هَذِهِ الأَسْئِلَةِ بِصَرَاحَةٍ، فَسَنَظَلُّ نُدَاوِي الجُرْحَ بِالكَلِمَاتِ وَ نُرَقِّعُ فَجْوَةَ العَدْلِ بِالخُطَبِ وَ الشِّعَارَاتِ. المَرْأَةُ لَا تُرِيدُ مِنَّا إِذْنًا لِتَكُونَ، وَ لَا صَكًّا لِتَنْطِقَ، وَ لَا تَصْرِيحًا لِتَحْلُمَ. هِيَ تُرِيدُ مَا يَسْتَحِقُّهُ الإِنْسَانُ بِفِطْرَتِهِ: الكَرَامَةُ، الحُرِّيَّةُ، وَ الحَقُّ فِي الحَيَاةِ بِكِيَانٍ مُسْتَقِلٍّ. لَا يُمْكِنُ لِمُجْتَمَعٍ أَنْ يَدَّعِي التَّقَدُّمَ وَ هُوَ يُؤْمِنُ بِأَنَّ المَرْأَةَ مَخْلُوقٌ نَاقِصُ العَقْلِ وَ الدِّينِ، وَ أَنَّهَا تَخْضَعُ لِرَقَابَةِ الرَّجُلِ فِي كُلِّ أَمْرٍ، صَغُرَ أَمْ كَبُرَ. هَذِهِ المَفَاهِيمُ البَالِيَةُ هِيَ العَائِقُ الأَكْبَرُ أَمَامَ نُهُوضِ الأُمَمِ، وَ هِيَ أَصْلُ الكَثِيرِ مِنَ المَآسِي النَّفْسِيَّةِ وَ الاِجْتِمَاعِيَّةِ، الَّتِي تَضْرِبُ جُذُورَ المُجْتَمَعِ. فَانْظُرْ إِلَى بُيُوتٍ تَتَزَعْزَعُ فِيهَا الثِّقَةُ، وَ إِلَى زَوَاجَاتٍ تُبْنَى عَلَى الخَوْفِ وَ الإِجْبَارِ، وَ إِلَى أَطْفَالٍ يَكْبُرُونَ عَلَى العُقْدِ وَ الكَبْتِ، كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ غِيَابِ الحِوَارِ وَوالمُسَاوَاةِ بَيْنَ الجِنْسَيْنِ. فَلَيْسَ مِنَ العَدْلِ أَنْ يَكُونَ نِصْفُ المُجْتَمَعِ مُقَيَّدًا، ثُمَّ نَتَسَاءَلُ لِمَاذَا لَا نَتَقَدَّمُ. الذُّكُورِيَّةُ لَيْسَتْ فَقَطْ ظُلْمًا لِلمَرْأَةِ، بَل هِيَ خَسَارَةٌ كُبْرَى لِلرَّجُلِ أَيْضًا، الَّذِي يُحْرَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا حَقِيقِيًّا فِي حَيَاةٍ مُتَكَافِئَةٍ. إِنَّهُ يَخْسَرُ أُمًّا قَادِرَةً عَلَى التَّرْبِيَةِ الصَّحِيحَةِ، وَ زَوْجَةً تُسَاعِدُهُ فِي مِحَنِهِ، وَ ابْنَةً تَرْفَعُ اسْمَهُ، وَ رَفِيقَةً تُنِيرُ طَرِيقَهُ. إِنَّ المَطْلُوبَ اليَوْمَ لَيْسَ خُطَبًا حَمَاسِيَّةً، وَ لَا دُرُوسًا فِي الفِيمِينِيزم (الدّعوةُ الى المُسَاواةِ التامّةِ بينَ الرّجلِ و المرأةِ في الحُقوقِ و فُرصِ العملِ و حقِّ التّعبيرِ و الحرّياتِ)، بَل هُوَ وَعْيٌ جَمَاعِيٌّ يُؤْمِنُ بِأَنَّ الكَرَامَةَ الإِنْسَانِيَّةَ لَا تُقَسَّمُ، وَ أَنَّ الحُقُوقَ لَا تَتَجَزَّأُ. لِنَبْدَأْ بِتَعْلِيمِ الأَطْفَالِ أَنَّ المَرْأَةَ لَيْسَتْ ضِدَّهُم، وَ لَا أَقَلَّ مِنْهُم، بَلْ هِيَ نِصْفُهُم الجَمِيلُ، المُكَمِّلُ، الشَّرِيكُ، لَا الجَارِيَةُ. فَهَلْ نَجْرُؤُ عَلَى التَّغْيِيرِ؟ هَلْ نَخْرُجُ مِنْ كُهُوفِ التَّقَالِيدِ القَاتِلَةِ وَ نُعِيدُ لِلمَرْأَةِ وَجْهَهَا الحَقِيقِيَّ؟ لَعَلَّ فَجْرَ العَدْلِ يَقْتَرِبُ... إِنْ نُؤْمِنْ بِذَلِكَ. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; اليوم الساعة 01:46 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|