Arabic keyboard |
|
#1
|
||||
|
||||
الذّهنيّةُ الإسلاميّة تحتاج لِمَصَحّةٍ عقليّة بقلم فؤاد زاديكى
الذّهنيّةُ الإسلاميّة تحتاجُ لِمَصَحّةٍ عقليّة بقلم فؤاد زاديكى في علم النّفس يُشيرُ مفهومُ العقليّة إلى مجموع الفروع البحثيّة، التي تركّز على عمليّات الإدراك و التفكير، مثل الوعي و الصّور الذّهنيّة و عامل الإدراك، و قد تمّ استخدام مصطلح (العقليّة) لأوّل مرّة من قبل السّلوكيّين، الذين يعتقدون أنّ علم النّفس العلمي يجب أن يركّز على مجموع هيكل العلاقات الاجتماعيّة، و من التّعريف فإنّ الذّهنيّة العلميّة هي التّفكير العلمي، و يمكن القول أنّ التّفكير العلمي و النّقدي متشابهان كثيرًا، لهذا نرى أنّ هناك مَنْ يستخدم التّفكير العلمي و مَن يستخدم التّفكير النّقدي.
لقد ثَبُت بالأدلّة أنّ طريقة التّفكير العلمي هي الأوفر حظًّا و الأكثر نجاحًا، و حين يقترن التّفكيران معًا فحينذاك يمكن التّفكير بنجاح و من ثمّ الوصول إلى استنتاجات لا تقبل الشّكّ، أي أنّها تكون موثوقةً. هناك ارتباطٌ وثيق و ترابط كبير بين الذّهنيّة و بين التّربية، لهذا نرى أنّ طريقة تفكير المسلم تعتمد في أساسها على الإيمان بالله و بالرّسالة التي جاء بها نبيّ الإسلام، فهو لا يستطيع الخروج عن هذه الدّائرة المغلقة، لأنّ طريقة تفكيره خاضعة للشّريعة الإلهيّة، التي يؤمن بها، لهذا يعتقد المسلم بأنّ هذا المنهج متكامل التّفكير و الانتاج الفكري و الاستنباط و الاجتهاد و هو منهج أُصولي يعتمد على ما فرضه و التزم به السَّلَف و على الخَلَف أن يسيروا على ذات المنهج دون أيّ تغيير أو تبديل، فأيّة محاولة لتجاوز هذا المنهج بالخروج عنه، يتمّ تصنيفه في خانة الكفر و الإلحاد و الخروج عن الدّين، و قد رأينا عبر التّاريخ الإسلامي الطويل كثيرًا من مثل هذه الحالات، التي تمّ فيها تكفير البعض و الأمر بقتلهم، فقط لكونهم دعوا إلى التّجديد، لهذا تبقى هذه الذّهنية جامدة غير قابلة للتّطوير و لا للتّجديد و بهذا فلن يكون لها أيّ تطوّر لانعدام حوافز التّقدّم و التّجديد. إنّ هذا الضّعف في البناء الذّهني للمسلم، يتسبّب له بأزمات كثيرة، فيجب إعادة صياغة هذه الذّهنيّة، فلا تقتصر مصادرها على القرآن و السيرة و الأحاديث، فالعلوم الإسلاميّة، التي يتمّ تلقينها للمسلمين، لا تفي بالغرض المطلوب، فهي تفتقر إلى الرّوح العلميّة - الفكريّة - الثّقافيّة المتطوّرة، و إلى فكر الانفتاح، فأيّ انغلاق فكري إقصائي لا يمكن أن يجعل من هذه الذّهنيّة حالةً إيجابيّةً، و بالتّالي فهي لا تلامس روح العصر بما فيه من تطوّرات و أحداث و تفاعلات و تغيّرات، فهو يظلّ متمسّكًا بالماضي، غارقًا في أمانيه و أحلامه و أوهامه، يصبح متجذّرًا فيه مُتأصّلًا بترابط عضويّ، يستحيل معه أي تجديد أو تطوير أو فصل بين الإثنين. إنّ اعتماد الذّهنيّة المسلمة على الشّريعة، يُعيدها إلى الماضي، و يفصلها عن الحاضر، و يُعيق طريقها إلى المستقبل. لكلّ ما أوردناه نرى أنّ العقليّة الإسلاميّة الحاليّة، كما هي تعيش أزمةً علميّةً منهجيّة و معرفيّةً حادّة، بانتهاج التّراث الفقهي التّاريخي الماضوي بكلّ سلبيّاتِه و إيجابيّاتِه، و هي عقليّة خاضعة للجمود و ملتزمة بقيود بحيث تعجز عن امتلاك أدوات التّغيير من حيث الاجتهاد و التجديد، و حتّى لو ملكت تلك الأدوات، فهي غير قادرة على القيام بأيّة خطوة نحو الأمام، لأنّها تخشى على مجموع هذا التّراث، علمًا أنّه تراث فاسد و قديم و بالٍ لم يكنْ و لن يكون مفيدًا أو مُجديًا في أيّ زمانٍ و مكان إنْ هو بقيَ على ما هو عليه. المسلم يُخضع العصر الحالي لتطبيقات و مقاصد و شرائع الماضي من خلال الوحي المقدّس، الذي يؤمن به و هو القرآن و السنّة و الأحاديث. إنّ أهمّ ما لدى المسلم انْ يحافظ على عقيدته و إيمانه و هذا ما يجعله ضمن دائرة مقفلة لا تتجاوز مُلزمات هذا الدّين، و هنا يكمن الخلل كما تكمن الخطورة بالأمر فهي ذهنيّة رجعيّة متخلّفة عنفيّة إقصائيّة، تحتاج بكلّ تأكيد إلى مصحّةٍ عقليّة قد تفيد في علاج حالتها المتأزّمة هذه، فالذّهنيّة الإسلاميّة إذًا و على ما هي عليه اليوم، ليست بخير. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 31-12-2023 الساعة 11:03 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|