Arabic keyboard |
|
#1
|
||||
|
||||
دراسة الكلمة
دراسة الكلمة في يوم من الأيام جاء الى القرية شاب جميل الطلعة ، صغير السن ، ولكنه ذكي دارس لكلمة الله في انجيله المقدس ، عامل بها ، ليعمل راعيا لكنيسة القرية الصغيرة التي أُحيل راعيها القديم الى التقاعد لمرضه وكبر سنه . وفي نهاية أول عضة له يلقيها على أهل قريته الجُدد سألهم : اين وصلتم في دراستكم لكلمة إلهنا الحي في كتابه المقدس . فقام أكبر رجال القرية سناً ليجيبه على تساؤله : نحن لا ندرس الكتاب المقدس يا سيدي . إن احتجنا الى استشارة أو نصيحة كنّا نتوجه بها الى راعي كنيستنا لنسأله ، وكان الرجل لا يتوانى عن شرح كل ما نروم معرفته ، في كل مرة نقدم فيها اليه . فأجابه الراعي قائلا : أتعلمون ان كتابنا المقدس نافع في كل طرق الحياة ودروبها وحل مشاكلها التي يمكن أن تصادفكم في حياتكم اليومية ، فهو نافع للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب الذي في البر ، ونحن نسعى الى تعلمه لكي نكون أناساً كاملين متأهبين لكل عمل صالح . ثم عاد فسألهم : ولماذا لا تدرسون وتتعلمون ما جاء في كلمة الله الحي بأنفسكم ؟ فقام يوسف راعي الغنم في القرية قائلاً : يا سيدي ليس لدينا الوقت الكافي . وقال له مزارع آخر : نعود من حقولنا متعبين لا نستطيع الدراسة . ونحن حقيقة لا نشعر ان دراسته ضرورة لحياتنا اليومية البسيطة التي نحياها في هذه القرية . فنحن نأتي كل اسبوع الى الكنيسة وهذا يكفينا . فأجابهم راعي كنيستهم : حسنا … حسنا . وبعد أيام حضر الى القرية شاب غريب عن أبناءها ، لم يسمع باسمه أحد ، ولم يتعرف على شكله رجل من القرية كان أو امرأة . كان اسمه (حجر) . امتهن (حجر) عدة مهن في تلك القرية ، فيوم يجدوه جامعا لمحصول الحقول ، ويوم يتحول الى بائع متجول ، ويوم يقوم برعي الأغنام لمالكيها ، كل ذلك من أجل توفير لقمة يسد بها رمقه عندما يأوي الى فراشه ليلاً . وسمح تنوع أعماله تلك ، بتعرفه على أحوال رجال القرية ، وطبيعة أعمالهم ، وكيف يقضون وقتهم ، ومتى يعودون الى بيوتهم . كان (حجر) في كل يوم يمر بجانب واجهة مكتبة صغيرة في تلك القرية في طريقه الى مكان عمله ، يحمل زجاجها رسما لوجه يسوع المسيح . وقف (حجر) في يوم يتأمل في الرسم طويلاً . شدّه شيء غريب الى تلك الخطوط . مرت به امرأة عجوز فنظرت بدورها الى الرسم ، ثم أدارت رأسها باتجاه وجه (حجر) وبعد برهة قصيرة من الزمن قالت له : يا الله ما أكثر الشبه بينك وبين هذا الرسم . وفي تلك اللحظة رتب الشيطان خطة كان بطلها (حجر) . في نفس ذلك اليوم كان يوسف عائدا بغنمه ، متأخرا في العودة الى بيته ليلا ، وفي إدخاله لغنمه الى حضيرتهم . فلاحظ طيف شخص ما يتحرك ، مختبئا بين أشجار الطريق ، فشعر بخوف شديد ولكن بعد قليل خرج ذلك الطيف له فتبينه رجلا لابساً عباءة طويلة تشبه تلك التي يراها في رسومات الكنائس وايقوناتها الدينية القديمة . اقترب الطيف من يوسف وقال له : لا تخف يا يوسف ، جئت أُباركك ، فأنا يسوع . ركع الرجل على ركبتيه جاثياً يصلي . فقال له الطيف : قم يا يوسف لا تخف . لماذا أنت على عجلة من امرك . دعني أُباركك . فقام ووضع يده فوق رأس يوسف . ثم أكمل حديثه قائلا : دع قطيعك في رعايتي واذهب لتستريح في بيتك ، لأنك تبدو متعباً ، وسأُبارك لك مالك وماشيتك وأعود بها الى حضيرتها سالمة . شكره الرجل كثيرا ، وغادره تاركاً قطيعه في رعايته وهو يكاد يطير من الفرح لأن يسوع المسيح قد اختاره من بين كل العالمين ليظهر له ويبارك روحه وماله . عاد يوسف مسرعاً الى بيته قاصاً على أسماع زوجته ما حصل له فهنئته وأعدت له طعام العشاء . وأخذت تنتظر معه مجيء يسوع الى بيتها المتواضع . وانتظرت … ساعات طوال ولم يأتي يسوع ولا أتى بالماشية كما وعد . وفي الليلة التي أعقبتها كانت هناك قافلة تجارية قادمة من بعيد الى القرية ، وقبل وصولها بقليل ظهر لها ذلك الطيف بعباءته الطويلة قائلا لقائدها : تباركت يا صالح . فلم يتمالك صالح نفسه ودون أية كلمة ركع أمامه مصلياً . فقال له الطيف : اذهب الى بيتك في رعاية الله ، وسأُبارك قافلتك ومالك . ولكن لا تخبر أحدا بظهوري ، فأنا قد ظهرت لك فقط . ذهب الرجل الى بيته تغمره السعادة من رأسه الى أخمص قدميه . وانتظر . وانتظر . وضاعت القافلة بجميع أحمالها ولم يتمكن أحد من العثور عليها أبدا . وتكرر وقوع مثل هذه الأحداث ، حتى شعر الناس بالخوف ، وأحسّوا ان هناك شيئا غير طبيعي تجري أحداثه داخل قريتهم ، عليهم أن يتبينوه ويكشفوا سره . اجتمع رجال القرية جميعهم وذهبوا الى راعي كنيستهم يخبرونه بما حدث في قريتهم . فاستمع لهم الشاب بهدوء ثم قال لهم : حلّها بسيط جداً . ولكن كل المطلوب منكم أن تشيعوا في كل مكان تتواجدون فيه ان راعي الكنيسة سيستلم عشرة آلاف رأس من الخراف في يوم الأحد القادم عند ضفة النهر المحاذي لقريتهم . فأجابه أحدهم : - ولكنه عدد مذهل يا سيدي لرؤوس غنم . فرد الراعي عليه : - هذا هو المطلوب بالضبط يا عزيزي . وستأتون جميعكم معي وسترون بأعينكم وتسمعون بآذانكم ما أنا فاعل به . في يوم الأحد ذهب راعي الكنيسة الى المكان المحدد وصحبه في ذهابه جميع رجال القرية الذي كان بينهم يوسف راعي الغنم ، وصالح حارس القافلة . واختبأ الجميع في مكان قريب بناء على وصية راعي كنيستهم ، يسمح لهم برؤية وسماع كل ما سيجري أمامهم من أحداث بين ذلك (الطيف) وراعي كنيستهم ، الذي أبقوه وحده في انتظار (الطيف) ، الذي كان الجميع متأكدين من قدومه ، من أجل العشرة آلاف رأس غنم الذي ليس لها وجود أصلا . ولم يطل انتظار الجميع فبعد دقائق لمح راعي الكنيسة من بعيد قدوم شبح إنسان ليست له ملامح محددة . فقال له : مرحبا ، من أنت . فقال الطيف : أنا يسوع جئت لأُباركك وأُبارك قطيعك . يا ترى أين هو ؟ فقال له راعي الكنيسة : - شكرا لك يا سيدي . وأنا في طريقي اليك ، حملني زكا سلامه لك . فشعر (الطيف) بالخوف وتصور ان هذا الذي اسمه (زكا) يمكن أن يكون قد كشف لعبته . - من هو هذا زكا ، أنا لا أعرفه . - ولكنه يعرفك حق المعرفة يا سيدي ، حتى انه قابلك يوما . - لا أدري ، لعلي قابلته ونسيت . أين هي خرافك ؟ - يمكنك أن تناديها يا سيدي . فهي ستسمع صوتك . - كيف لي أن أتكلم مع خراف ؟؟ - أنا لم أتعود أن أُسمع الخراف صوتي ، أنا أُباركها فقط . فأين خرافك لأُباركها ؟ - حسناً حسناً … أيها الباب ؟ - كيف أكون باباً يا رجل ، أ جننت هل تعرف مع من تتكلم . - اني أعرف بالضبط مع من أتكلم . فمن المفروض اني أتكلم الآن مع حمل الله . - أنا لست حمل ، أنا أُبارك الحملان فقط . لقد بدأت أتضايق . أنا لا أُحب مثل هذا التأخير. انك تحدثني وكأنك عدو لي . - لا تهتم بذلك . ألست أنت الذي قلتَ لي : أُحبوا أعداءكم ؟ - متى قلت أنا لك ذلك ؟ فأنا أول مرة أظهر لك . وأنا لا أستطيع أن أُحب عدواً لي … كيف لي أن أُحب أعدائي ، أنا دائما أتمنى موت أعدائي . فقال له راعي الكنيسة الشاب : هكذا إذن … والتفت الى رجال قريته المختبئين كل في موضع بين الأشجار المحيطة به ، والذين استمعوا جيدا الى كل كلمة دارت في هذا اللقاء . فهجم الرجال على ذلك الطيف وأتوا به الى القرية مكبلا بالأصفاد . وعندما أزاحوا العباءة من على جسده ظهر لهم ذلك الذي اسمه (حجر) . وفي اليوم الثاني ، جلس الجميع أمام راعي كنيستهم ، للاستماع الى الدرس الأول الذي يشرح لهم أهمية تعلم كلمة الله الحي ودراستها في كتابه المقدس ، وتطبيقاتها في جميع أمور حياتهم. تناول الراعي قطعة طباشير صغيرة وخطَّ على اللوح الأسود ، المسند الى جذع شجرة باسقة الخضرة ، جلس الجميع تحت فيء ظلالها ، كلمات تقول : " هو ذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم ! " يوحنا 1 : 29 . … وبدأ الدرس . منقول عن موقع (إنجيلي) |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|