![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]()
الإبادة الأرمنية واتفاقية منع الإبادة الجماعية
بقلم نورا اريسيان - السفير يجيب الاختصاصي المعروف في القانون الدولي وحقوق الإنسان البروفسور والدكتور في القانون والفلسفة ألفريد دو زاياس على هذا السؤال من خلال كتابه «جريمة الإبادة الجماعية ضد الأرمن 5191ـ3291 وصلتها باتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 8491»، حيث يعتبر أن مقاضاة الإبادة الجماعية ومعاقبتها تخضع لسلطة قضائية عالمية. فهي تستلزم نتائج مدنية وجزائية تفرض مسؤولية قانونية جزائية للأفراد ومسؤولية الدولة لتعويض الضحايا وورثتهم. وبما أن جريمة الإبادة تصنَّف في خانة «جرائم القانون الدولي» والجرائم ضد الإنسانية ـ كما تم تعريفها في قرار اتهام وقرارات محاكمات نورمبرغ ـ فإن مسؤولية الدولة والمسؤولية القضائية الجزائية للأفراد في جريمة الإبادة لا تخضع للتقادم أو لقوانين المهلة القانونية. ويعتبر ألفريد دو زاياس أن الإبادة هي اختراق جسيم لمعايير القانون الدولي القطعية، وتفرض التزامات على الدولة التي ارتكبتها أمام المجتمع الدولي بأكمله «على مبدأ الالتزام القانوني أمام الجميع». وفي الحالة الخاصة لإبادة الأرمن على يد الأتراك، فإن التزامات تركيا الدولية ليست فقط تجاه أرمينيا أو الشعب الأرمني فحسب، بل تجاه المجتمع الدولي برمته. وأكثر من ذلك، أنه حسب المبادئ العامة للقانون الدولي والقانون العام الدولي فإن نتائج جرائم «الالتزام القانوني أمام الجميع» لا يمكن أن تكون معترفة وبالتالي مشروعة. وهكذا، يجب على المجتمع الدولي أن يمنع الإقرار بنتائج الإبادة وخاصة الكسب غير الشرعي لممتلكات الضحايا. في بداية الكتاب يعرض دو زاياس مقدمة تاريخية وقانونية حيث يتحدث عن الأشكال المؤسساتية للتمييز العنصري داخل الإمبراطورية لفترة طويلة، لتهيئة أرضية المرحلة الأخيرة والأكثر مأساوية في التجربة الأرمنية في تاريخ الإمبراطورية العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وبرأي دو زاياس فإنه رغم فشل محاولة الخطوة الأولى باتجاه إنشاء محكمة جنائية دولية لمعاقبة الإبادة الجماعية وانتصار الحركة القومية التركية ولامبالاة الحلفاء، إلا أنه تم التوصل إلى إجماع حول حقيقة جريمة الإبادة الجماعية. ومن بين كل محاولات الفشل لمعاقبة مجرمي الحرب العالمية الأولى اعتبرت هذه المحاولة الأكثر فشلاً، وسيكون لها نتائج وخيمة. وفي الفصل الثاني يبين البروفسور أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبتها إنما هو إعلان عن قانون دولي مسبق. فكما أشير في شروط معاهدة سيفر ذات الصلة فإن مبدأ مسؤولية الدولة في الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كانت موجودة في فترة المجازر التي ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن. ومسؤولية الدولة هذه تستلزم التزاماً بالتعويض ومسؤولية قانونية للأفراد المرتكبين على حد سواء. كانت المعايير واضحة، وعدم إذعان تركيا لتلك المعايير لا يعني أن المعايير بالية، بل ذلك يعني أن النظام الدولي الفعال لا وجود له بعد. بالرغم من أن تركيا ليست دولة طرفاً في اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، فإن القانون الدولي واضح حول هذا الموضوع: لا تقادم على مقاضاة جريمة الإبادة بصرف النظر عن توقيت حدوث الإبادة، والتزام مسؤولية الدولة بدفع التعويض للممتلكات التي تم الحصول عليها عن طريق الإبادة لا يزول مع مرور الزمن. أما بخصوص المذهب القانوني لمسؤولية الدولة في الممارسات غير الشرعية، فيستعرض الباحث المبدأ العام في القانون الدولي الذي يشترط أن الدولة مسؤولة عن الأضرار التي سببتها عن طريق الممارسات غير الشرعية، وملتزمة بشرط التعويض لتلك الأضرار. ويجد أنه يجب التشديد على أن الخطأ المعني ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي يتعهد مسؤولية ما بين الدول، بل هو الانتهاك الإجرامي الأخطر للقانون الدولي يتعهد مسؤولية دولية، كما عرّفته محكمة العدل الدولية، التزام الدولة تجاه المجتمع الدولي بأكمله. وهكذا، لا تفرض الجريمة الدولية للإبادة التزامات على الدولة التي ارتكبت الإبادة فحسب، بل تفرض على المجتمع الدولي بأكمله ما يلي: أ) عدم الاعتراف بشرعية موقف خلق عبر جريمة دولية. ب) عدم مساعدة أصحاب جريمة دولية بدعم موقف غير شرعي. ج) مساعدة دول أخرى بتنفيذ الالتزامات الآنفة الذكر. لقد قام ألفريد دو زاياس بالتركيز على سبل التعويض التي لم تسقط بسبب التقادم. ويفسر أنه بسبب استمرار سمة جريمة الإبادة في شروط واقعية وقانونية فإن سبل التعويض لم تكن مرهونة بمرور الزمن. وبذلك، فإن الناجين من الإبادة بحق الأرمن قاموا بشكل إفرادي وجماعي على السواء برفع دعوى للتعويض. ويبقى التعويض مسؤولية الدولة بشكل مستمر بسبب التزامات تركيا الحالية في حقوق الإنسان ضمن القانون الدولي وخاصة مجموعة قوانين حقوق الإنسان الدولية. حيث تتضح أهمية المادة 9 التي تنص على أنه «يجب ألا تطبق قوانين التقادم في ما يتعلق بالفترات التي ليس فيها حلول فعالة لانتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي. ويجب أن تكون الادعاءات المدنية والمتعلقة بجبر ضرر انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي موضوع قوانين التقادم». إن تعريف جريمة الإبادة الجماعية من قبل محكمة العدل الدولية سوف يسهل تحديد الادعاءات للتعويض، بما يتضمن تحديد هوية الممتلكات الثقافية وغيرها التي تمت مصادرتها أو تدميرها، مثل الكنائس والأديرة وموجودات أخرى لها معنى تاريخي وثقافي للشعب الأرمني، حيث يجب أن تعاد إلى أصحابها الشرعيين: الشعب الأرمني والكنيسة الأرمنية. إن اعتراضاً من طرف تركيا حول مكانة أرمينيا في تمثيل حقوق نسل الناجين من الإبادة مردود عليه، وذلك بحقيقة أن العديد من الأنسال هم مواطنون من أرمينيا، ويمكن في هذا السياق الإشارة إلى مبدأ الحماية المعلن من قبل محكمة المقاطعة في إسرائيل في قضية إيشمان (انظر قسم 5). علاوة على ذلك، فإنه يمكن لأرمينيا أن تمنح الجنسية الأرمنية لكل الأرمن في المهجر كما فعلت روسيا بالمواطنين في الاتحاد السوفياتي السابق المقيمين في دول البلطيق وجمهوريات أخرى من الاتحاد السوفياتي السابق. وفي سياق محكمة العدل الدولية، يرى البروفسور أنه يمكن للحكومة الأرمنية كدولة تشكل طرفاً في اتفاقية منع الإبادة الجماعية أن تستشهد بالمادة 4 من الاتفاقية وتدخل بنقاش مع محكمة العدل الدولية، وتطلب تحديد المجازر المرتكبة بحق الأرمن بأنها تشكل «إبادة جماعية» انطلاقاً من هذه الاتفاقية، ساعية إلى تحويل جوهر المطالبة الارمنية إلى إبراز واقع تحوّل عناد تركيا في إنكارها لهوية الشعب الارمني التاريخية ورفضها التعويض عن الخسائر الجسيمة التي ألحقتها بالتراث الارمني والإبداع الحضاري إلى تدنيس الكرامة الإنسانية لدى الشعب الارمني. وبهذا فالجدال قضائي بما أن إنكار التعويض يثابر في المرحلة المقبلة على دخول اتفاقية الإبادة الجماعية حيز التنفيذ. وفي النهاية يبدي الباحث دو زاياس رأيه ويجزم أن هناك التزاما معنويا يقع على عاتق المجتمع الدولي ليتخذ خطوة مناسبة ليضمن حصول إجراء العدالة بما يتعلق بضحايا الإبادة الجماعية بحق الأرمن ونسلهم. والخطوة الأولى تتشكل في اعتراف تركيا بالحقيقة التاريخية للإبادة ومسؤوليتها كدولة وريثة للإمبراطورية العثمانية، مؤكداً أنه ما دامت تركيا تصر على سياسة الإنكار فلن يكون لها مكان الأسرة الأوروبية. (*) اجزاء من نص اطول Published: 2007-05-04 |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|