Arabic keyboard |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
دواعي التفكيرِ التآمري المتنامي في ممارسات الفكر الإسلامي بقلم: فؤاد زاديكه
دواعي التفكيرِ التآمري المتنامي في ممارسات الفكر الإسلامي بقلم: فؤاد زاديكه من خلال مراجعة التاريخ الإسلامي و ما تخلله من أحداث و حوادث و تقلبات, و مما على نهجه يمضي المسلمون لغاية هذا اليوم, يتوضّح تفكيرُ التركيز على فكرة المؤامرة, و تسويق مشروعها بين أوساط المسلمين و لهذا المسعى أهداف متعددة سوف نتطرق إليها في موضوعنا اليوم. من المستغرب جداَ, أن جميع محاولات المطالبة بالحرية و بنقد الفكر الديني و بتصحيح النصوص التي لم تعد تلائم واقع العصر و حياة الناس, تقابلها هجمة شرسة من المتأسلمين و بعض المسلمين غير المتنورين, منطلقين من دافع غيرتهم على دينهم - هذا من حقهم طبعاً - لكن الرد يجب أن يكون بالمنطق و بأسلوب عقلاني متحضّر و بحوار راقٍ هادف, لا باتهام و كيل الشتائم و تشخيص الفكرة بالتهجم على شخص الناقد في محاولة للهروب من مواجهة العقدة و السعي إلى حلها, من باب الاعتراف بالغلط فضيلة و تصحيحه يكون أكثر فضيلة.. سنعرض لكم بعض الأمثلة التي يعتمد عليها المسلمون في نظرية المؤامرة و نشر فكرة خبث الآخر, و وجوب عدم الثقة به, و من الطبيعي أن يكون لتقديس هذه النصوص في حياة المسلمين, أكثر كبير على تعميم و تعميق فكرة المؤامرة كممارسة حياتيّة, و هي التي يلجأون إليها كلّما تعرّضوا لمشكلة أو صادفتهم ظروف لم يتمكنوا من مواجهتها, ليعيدوا سببها إلى طرف خارجي يضمر لهم الشرّ و يسعى إليه. و نذكر من هذه النصوص على سبيل المثال بعضاً: "ما اجتمع رجل وامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" حديث قال نبي الإسلام **اذا تعلمت لغة قوم أمنت شرهم ** (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ ... .... {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} (45 ... {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36 و قبل أن نأتي على ذكر الغاية من نشر فكرة المؤامرة و التركيز عليها ننقل إليكم تعريف المؤامرة كمفهوم شائع الاستعمال بين المسلمين, أكثر من غيرهم. يقول الأستاذ محمد عز العرب في مقال للإهرام الاستراتيجي في مقال بعنوان (لماذا تنتشر فكرة المؤامرة في الفكر العربي) " تعني المؤامرة قيام أحد الأطراف، منفرداً أو بالتعاون مع طرف أو أطراف أخرى، بالتخطيط، خفيا على عكس ما يصرح به علناُ، إما لإلحاق الضرر بطرف مناوئ أو على الأقل الحيلولة بينه وبين تحقيق أهداف قد تحرم الأطراف المتآمرة من مزية يتمتعون بها، أو تفشل، على الأقل، خططهم لتحقيق تلك المزية، وعلى هذا الأساس تخطط تلك الأطراف المتآمرة لإفشال خطط المتآمر عليه وحرمانه فرصة تحقيق أهدافه. ومن الواضح أن التعريف السابق يركز بالدرجة الأولى على "التآمر" السياسى، وهو ذلك النوع من التآمر الذى لا يخضع لمعايير الأخلاق. ورغم ذلك، فإن نظرة الفكر العربى لنظرية المؤامرة قد تجاوزت ما يحدث من "تقلبات" فى العلاقات السياسية الدولية لتشمل التطورات الاقتصادية والحوارات الثقافية، بل امتد الأمر إلى المسابقات الفنية (برنامج سوبر ستار العربى)، علاوة على ذلك فقد أصبح التفكير التآمرى مسيطرا على الكثير من مانشيتات الصحف وعناوين المقالات وبرامج الفضائيات ومضامين الكتب وخطب الأئمة فى المساجد " في حقيقة الأمر لا يوجد ما يسمى مؤامرة على هذا النحو الذي يصوره المسلمون لتوهيم الآخرين بحقيقة وجوده. وجدت - بالعرف السياسي الدولي - مؤامرات و مشاريع هدفت لأغراض سياسية معينة قامت بين بعض الدول, و هذا أمر واضح لا خلاف عليه, لكن أن يظل الفكر العربي و الإسلامي أسير هذه النظرة النظرية لفكرة المؤامرة إلى أجل غير مسمّى, فمن المؤكد أنه سيسير بهذه المجتمعات إلى المزيد من التراجع و التخلف و الجهل و التقوقع و الانغلاق, فنظرية المؤامرة – من المفترض – يكون من نتائجها ما يلي: · قطع جميع الصلات بين العرب و بين بقية شعوب العالم و خاصة المتحضر منه و المتقدم علميا و تكنولوجيا و هذه المجتمعات العربية هي بأمس الحاجة إلى هذا التواصل. · عدم قدرة العرب و المسلمين - و هم بهذا التفكير - من خلق أجواء الثقة بينهم و بين من يشككون بهم و يتهمونهم بالتآمر عليهم. · الإساءة إلى علاقات الشعوب مع بعضها و بالتالي خلق مجال لتصادم الحضارات بدلا من حوار الحضارات و الأديان الذي من المفترض أن يقود إلى احترام متبادل لخصوصية الجميع. · و كنتيجة لهذه الحالات المذكورة أعلاه, فإن معايير الفقر و الجهل و التخلف و ازدياد الفكر العنصري المتطرف الإقصائي سيكون أمرا منطقيا كوليد مشوّه لسوء العلاقة هذه بين العرب و المسلمين من جهة و العالم الآخر من جهة أخرى. يلجأ العرب و المسلمون منهم خاصة, إلى خلق هذا الوهم و استمرار ديمومته في العقل المسلم, و وازعه الأساس و مستنده الإرث الفكري الديني من خلال العمل بهذه النصوص كما هي, دون أي تعديل أو تطوير أو تقويم, فالمسبب الأول لكل هذا هو الدين و الفكر الديني كمصدر للممارسة الحياتية من منطلق أن الإسلام دين و دنيا و هنا يصح قلب هذه المقولة إلى أن الإسلام دنيا و دين, فهو يحشر نفسه في جميع أمور الحياة الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية كمنظومة سياسية, و متى اختلط الدين بالسياسة و تم تسييه فإنّ المعضلات التي يتسبب بها ستكون معالجتها عسيرة للغاية, ففي تسييس الدين خراب للمجتمعات و خراب للدين أيضاً و تفريقٌ للمجتمعات على أساس عنصري ديني لا يتلاءم مع واقع المعطيات الجديدة من القيم الإجتماعية و الحريات العامة و الشخصية و الإنسانية الكبيرة التي حققتها البشرية خلال قرون طويلة من النضال الدؤوب و العمل الشاق المضني.. أما لماذا يلجأ المسلمون إلى فكرة المؤامرة و يحاولون و بكل ما أوتوا من قوة وجهد أن يحافظوا على استمرارية هذه الفكرة في مجتمعاتهم, فإننا نستطيع أن نجملها بالآتي: · الإلحاد. يرى فيه المسلمون مؤامرة على الإسلام, علما أنه حرية شخصية و هو موقف شخصي بحت من الأديان لا علاقة له بأي تآمر على الإسلام و المسلمين و لا يأتي بفعل خارجي, بل داخلي ينبع من إراد الشخص و حريته في الاختيار. · المطالبة بالحرية الشخصية. يرى فيها المسلمون تآمرا على دينهم, لأنها تتعارض مع أهداف الشريعة التي يسعون إلى تطبيقها في المجتمعات العربية و الإسلامية. · حرية الإعلام. يرى فيه المسلمون تآمراً على إسلامهم و كفراً, لأنها تلتزم معايير الصراحة و الإعلان و النقد و هذا ما يتعارض مع شرائع الإسلام. · الفن بكل أنواعه. يرى فيه المسلمون مؤامرة على مجتمعاتهم و دينهم لأنه و كما يزعمون يحرّض على الإباحية و هو نوع من الشرّ الذي تعزفه الشياطين كالموسيقا مثلا (الموسيقا مزامير الشيطان). · ممارسة الآخرين لمعتقداتهم الدينية و طقوسهم مؤامرة على الإسلام و المسلمين, فالدين عند الله الإسلام و من آمن بغير الإسلام دينا و بغير نبي الإسلام نبياً فهو كافر و زنديق (من الكافرين) بعرف و بتعريف الإسلام و المسلمين. · ثورات الربيع العربي. يرى فيها المسلمون مؤامرة على إسلامهم. لأنها يإيحاء أجنبي لتنفيذ مخططات الغرب, و لتقسيم العالم الإسلامي, علما أن الشعوب هي التي قامت و تقوم بهذه الثورات كرد على أوضاع استبداد و أنظمة فاسدة خنقتهم و أفقرتهم و داست كرامتهم. · التفكير بعقلانية و بموضوعية و بحرية هو مؤامرة على الإسلام و المسلمين لأنه يحررهم من كابوس الجهل الذي خنق أدمغتهم و جمّد عقولهم و قوقع افكارهم. يمنع عليك أن تطرح فكرة أو موضوعا لا ينسجم مع فكرهم الديني, فأنت إما مرتد أو كافر أو ملحد و في جميع الأحوال فأنت عدو للإسلام. · انفصال جنوب السودان و إعلان تشكيل جمهورية جنوب السودان مؤامرة على الإسلام و المسلمين. لأنها دولة مسيحية؟؟؟؟!!! · مطالبة الأقباط في مصر بالسماح لهم بممارسة حقهم الديني في حرية العبادة و بناء الكنائس و إصلاح ما هدم من كنائسهم و أديرتهم, مؤامرة على الإسلام و العالم الإسلامي. · أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا كانت مؤامرة على الإسلام و المسلمين لأن العالم بحجة الإرهاب أصبح يحارب الإسلام, و كأن الإرهاب هو الإسلام. علما أن جميع المشتركين بعمليات التفجير كانوا من المسلمين. · إدانة و نقد ما يصدر من فتاوى جاهلة و غبية و منحلة و عنصرية من قبل بعض شيوخ المسلمين الزنادقة هو مؤامرة على الإسلام و المسلمين, لأنه يفضح جهلهم و يكشف غباءهم و ينتقد عنصريتهم, إذ لا يجب أن يتم نقدهم, بل السكوت و قبول هذه الفتاوي البلاوي. · زيارة أي رئيس أمريكي أو غربي لأي بلد عربي أو لأية دولة أخرى هو مؤامرة على الإسلام و المسلمين, لأن الغرب الملحد و الكافر و الصليبي لا يمكن أن يأتي منه الخير للعالم الإسلامي. · مطالبة منظمات حقوق الإنسان بوجوب إعطاء المرأة حقوقها و إنصافها و بوقف العنف الأسري و الزواج القسري و زواج الفتيات القاصر و غيره من الانتهاكات بحق المرأة في المجتمعات الإسلامية, هو مؤامرة على الإسلام و المسلمين, لأن المرأة ضلع أعوج و لأنها بنصف عقل و بنصف دين و لأنها ليست بمستوى الرجل بقيمتها الإنسانية, و لأنها خلقت فقط كماكنة تفريخ و هي لم تخلق لإدارة شؤون مؤسسات و لا تولي القضاء و لا تولي مناصب حكومية و لا الدخول إلى البرلمانات و لا و لا و لا لهذا فكل من يطالب بحقوق المرأة في أي مجال كان فإنما يعادي الفكر الإسلامي و يتآمر عليه. · مطالبة المرأة السعودية بحقها في قيادة السيارة أو بالخروج و بالسفر من دون محرّم. يرى فيه المسلمون مؤامرة على الإسلام و خروجا عن مبادئه و شرائعه. · المطالبة بالزواج المدني. يرى فيه المسلمون مؤامرة و خروجا عن الدين و يحاسب المطالب بهذا الحق الإنساني على اساس أنه مرتد و المرتد عقوبته القتل. · المطالبة بفصل الدين عن الدولة. يرى فيه المسلمون مؤامرة على دينهم و على مصيرهم, و السبب أنه يحدّ من تأثير الدين في المجتمعات و هنا يصبح الناس أكثر حرية و تحررا, قادرين على ممارسة حق التعبير, و بهذا فهم سيخرجون عن طوع الشيوخ الذين يستعبدون عقولهم و أفكارهم و يحشونها بما هو فاسد و خبيث يدعو إلى الكراهية و العنف و الإقصاء و التكفير. · المسلمون يكفّرون أصحاب الديانات الأخرى و يتهمونها بالتآمر على الإسلام و المسلمين, عملا بنص الآيات التي تدعو للجهاد و قتال المشركين و الكفرة و كل من ليس على دينهم. و هناك أكثر من مائة آية قرآنية بهذا الخصوص. · أن تكتب مقالا دينيا أو اجتماعيا أو سياسيا بحرية و تعبّر عن رأيك بأمور الحياة و الناس و تسأل عن أمور قد لا تكون من وجهة نظرك منطقية أو مقبولة أو معقول. فأنت تتآمر على الإسلام و المسلمين لأن نصوص مقالتك لا يجب أن يمس مقدسات الدين و لا فكره و لا رموزه بأي نقد أو بإعطاء رأي صريح في هذه النصوص, بدواعي أن الإسلام دين الحق. · المطالبة بحق بناء كنائس في السعودية و بعض البلدان الإسلامية الأخرى. يرى فيه المسلمون مؤامرة على الإسلام و المسلمين لأن للسعودية خصوصية على حد زعمهم فيما تقوم السعودية ببناء مساجد و جوامع في كل أمريكا و اوروبة و كأن هذه الدول لا خصوصية لها. · التبشير بالدين المسيحي في البلاد الإسلامية. مؤامرة على الإسلام و المسلمين, فيما يقوم المسلمون بنشر دينهم و بحرية تامة في كل أمريكا و أوروبا, يعتبر التبشير بالمسيحية في هذه البلاد جرم يعاقب عليه القانون و يطبق فيه حد القتل و هذا ما حصل للقبطي المصري الذي تم قتله بطريقة وحشية في ليبيا قبل أكثر من شهرين, لأنه قام بالتبشير بالمسيحية في دولة إسلامية. للمسلمين الحق بفعل كل شيء فيما الآخرون لا يسمح لهم بأي شيء. (عدالة الشريعة الإسلامية). و كخاتمة القول فإننا نلاحظ بأن المسلمين يرغبون في تعميم نظرية المؤامرة و العمل بها, كي يبقوا سيطرتهم على الناس, و يبقوا الأوضاع على ما هي عليه, و هذا بالطبع يخدم مصالحهم الشخصية أولا و الدينية ثانيا, يريدون نشر روح الاستسلام لدى المسلم للتهرب من المسؤولية فكل شيء قضاء وقدر ( وقل لن يصيبكم إلا ما كتب الله لكم) (لا تسألوا عن أشياء تبدى لكم, فتسؤوكم) و بهذا هم يحدون من قدرة العقل و التفكير لدى المسلمين. و نشر فكرة المؤامرة هو تعبير عن عجز هذه الفئة من الناس و فشلها في حل مشاكل مجتمعاتها و هروبها من المسؤولية الملقاة على عاتقها بإلقاء تبعات ما هي عليه من جهل و تخلف و فقر و تردي أحوال و قيم فكرية بالية على جهات أخرى, تملّصا من المسؤولية المباشرة لها, بكل ما هي عليه هذه المجتمعات من تردٍ و سوء أحوال عامة, و حبذا لو عملت بقول الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا ... وما في الزمان من عيب سوانا. إنّ السبب في ذلك واضح و هو أن هذه الفئة تخشى من تطبيق القوانين و المباديء الإنسانية العادلة, التي تكفل لجميع الناس حرياتهم و تضمن لهم حقوقهم دون تمييز و لا تفريق فالجميع أمام القانون واحد و متساوون.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|