الأرنبة المسكينة
بقلم: فؤاد زاديكه
كان يا ما كان. كان في قديم الزمان أرنبةٌ جميلة النفس, طيّبة الخلق و حسنة الأخلاق, أرادت ذات يوم أن تزور صديقتها, و تقضي معها أيّاماً معدودات. توقّعت هذه الأرنبة المسكينة أن تكون رحلتها مليئة بالفرح فتلتقي صديقاتها, لكنها لم تدرك بأن إحدى تلك الصديقات كانت عاشرت أرنبة أخرى تعلّمت منها الخبث و المكر و الدهاء, فهي تستطيع أن تسوق لها بمليح الكلام كل ما تريده من شرّ و من بثّ حقد في نفس تلك المسكين و هذا ما كان. لم تكد الأيام الموعودة تمضي على زيارة هذه الأرنبة البريئة حتى رجعت إلى أهلها من معشر الأرانب فلاحظوا هذا التغيّر و التبدّل الكبيرين اللذين طرآ على حياتها, فحوّلاها من أرنبة وديعة ساكنة إلى أخرى ثائرة هائجة.
مضت الأيام, و صار السوءُ يظهر في تصرفات هذه الأرنبة و التفكير لديها يتحوّل من تفكير التسامح و المحبّة, مما دعا أمّها أن تأتي إليها قائلة و بنبرة حزن شديدة: يا ابنتي! أنت تغيّرتِ كثيراً. كيف يمكن لك أن تتحولي من أرنبة محبّة و مطيعة و مسالمة و في فترة قصيرة إلى أرنبة تريد أن تخلق المتاعب للآخرين, و أن تزعج بقية أخواتها؟ إنّي جئتك الآن بالكلام الطيّب و عاملتك بالحسنى التي يجب أن تكون, لكنّك يا ابنتي متى لم تدركي أين أنت؟ و متى قررت الاستمرار في هذه السلوكية فإنّنا سنتبرأ منك و نعلن لجيراننا أنه لم تعد لنا أيةُ صلة بك. فقد تحوّلتِ من أرنبة طيّبة إلى أرنبة خبيثة و طبع الخبث ليس من طباع معشر الأرانب في هذه البلدة. حزنتْ الأرنب المسكينة و ندمت على ما صارت إليه, وعدت أمّها بأن تغيّر من سلوكياتها و أن تعود إلى سابق عهدها من المحبة و من التسامح و من الطبع اللين الهادي, ففرحت أمّها كما فرحتْ أخواتها الأرانب.... و زبدة القصة أنّ الإبن الضالّ قد يسهو لكنّ عودته إلى أحضان أبويه ستكون عظيمة الوقع و الأثر في نفسيهما و قلبيهما.