Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
(هارون) و الوحي. بقلم: فؤاد زاديكه
(هارون) و الوحي بقلم: فؤاد زاديكه أتى الوحيُ يوما,ً رجلاً مِن سفالةِ القوم، اسمه (هارون) فقالَ له الداعي: قمْ يا(هارون) و انصرْ دينَك! فنهض (هارون) متلبكاً و هو يتساءل بخوف: ماذا أنصر؟ و عن أيّ دين تتحدّثُ؟ أجابه الوحي: إنّكَ منذ السّاعةِ نبيٌّ, و عليكَ أن تعمل بجميع السبل و الوسائل لكي تنشر هذا الدين بين الناس. كان هذا الرجل المسكينُ يقيمُ في بلدةٍ صغيرةٍ، انعدمتْ فيها جميعُ وسائل الاتصال و المواصلات، فلا سيّارات و لا طائرات و لا تلفزيون و لا كومبيوتر و لا غسالات و لا برّادات الخ. فكّرَ (هارون) فيما قاله له الوحيُ و ما دعاه إليهِ, فلم يكترثْ بكلّ هذا الكلام و اعتبره مدعاة للسخريّة، إذ ليس بإمكانه الانتقال إلى أقرب بلدة إليه إلاّ في وقتٍ قد يستغرقُ أيّاماً. هبط الوحيُ عليه مرّة أخرى من فتحة كانت في أعلى الجدار, إلى جهة الباب. كان صوتُهُ في هذه المرّةِ مهدّداً و مُرعباً و مدويّاً: انتصبْ يا (هارون)! فانتصب الرجلُ الجاهلُ و هو ينظرُ إلى رجل الوحي الذي بدا له على غير المألوف إذ كان له في رأسه قرنان, و في عينيه عامودان من لهبٍ مُشتَعِلٍ. ماذا يفعل؟ هل يرفض؟ هل يذعن؟ هل يهرب؟ لكن إلي أين و كيف و هذا الوحي المرعب الشكل و الفظيع الوجه سدّ عليهِ كلَّ المنافذ فلم يترك له أية فرصة للاختيار؟ يا إلهي ما هذا الذي يجري لي و لماذا أنا بالتحديد و ليس غيري؟ صار يسأل (هارونٌ) _ نبيّ الغد_ نفسَه. لم ينتظرْ الوحيُ طويلا، فصرخَ في وجه الرجل قائلا: لماذا أنت هكذا خائفٌ و مرتعب و مُرتبك؟ ألم أقلْ لك إنّك النبيُّ المُرتقَب؟ عليك فوراً أن تعدّ نفسَكَ لتقبّلِ الدعوة و نشرِها بكل ما تستطيع. لم يكنْ من الرجل الذي وقع في حيرة شديدة من أمره، سوى أن يقبل, فإن منظر هذا الوحي مخيف و مقزّز فهو لا يريد أن يلتقي به ثانية لذا أجابه دون تأنٍ قائلا: قبلتُ الدعوة أيّها الوحي المخيف، لكن ألا تقول لي ما هي مبادئ هذه الدعوة و ما هي أهدافها؟ ضحك الوحي لما سمع من الرجل هذا الكلام, فأجابه بالطبع ستعرف كلّ شيء، كلَّ شيء، و كنتُ أنتظر موافقتك أولاً! فقال الرجل سائلا الوحي: و هل كنت تتوقّع أن أقوى على رفضي بعد هذا الرعب الشديد الذي جعلته ينهش في قلبي و عقلي؟ أجاب الوحي: جيدٌ إذاً فقد اتفقنا و الآن اسمع بنود دعوتك و أهدافها و حاول أن تفهمها جيّداً لكي تتمكن من نشرها بين الناس و الحيوانات و الأشياء الأخرى التي تراها بعينيك، و التي تسمعها بأذنيك. أولا: إنّ المسيح صار له أتباعٌ كثرٌ و هذا يضعف موقفنا و يخفّف من تأثير نفوذنا لذا يجب محاربة أتباعه بجميع ما يتوفر لديك من إمكانيات دون رحمة أو شفقة. و أهم مبدأ من مباديء المسيحية هو المحبّة. من هنا يجب أن تعلم بأن أخطر عدو لك و لنا هو هذه المحبّة، فهي سلاح خطير يجب أن نقضي عليها بالعنف و القوة. إنّ دعوتك التي أوحينا إليك بها هي ضد المحبّة، و بالطبع فإنّك لن تتمكنَ من القضاء على المحبة بالمحبة، بل بنشر الكراهية و البغضاء و تأجيج الأحقاد بين الناس. أول مبدأ لدعوتك هو نشر الشر و العداء بين الناس. يجب ألا تفتر همتك في التحريض و العمل على تقوية نفوذ الكذب و النفاق و الكراهية و بثّ الأحقاد في صدور الناس و قلوبها. ثانياً: السّلام هو العدو الثاني و هو من ركائز العقيدة المسيحية فعليك أن تنشر الإرهاب بما لك من قوة، لأن الإرهاب هو عدو السلام. متى حلّ السّلام بين الناس، فإنّ دائرة نفوذنا تتقلّص و قوّتنا تضمحل. أسرع إلى كل عمل أو فكر أو جهد يزعزع الأمن و الاستقرار و ذلك عن طريق التفجيرات و العمليات الانتحارية و تفخيخ المباني و ترهيب الناس بالقوة. و نشر الفوضى و الخوف و نسف كل أسس الأمن و الاستقرار لكي تخضع الناس إلى سلطان دعوتك التي يجب أن تنسف السلام من العالم نسفاً تامّاً. ثالثاً: التسامح هو الآخر من مبادئ المسيحية القوية المفعول بين الناس, ولهذا فهو عدو لدود لنا و خطورته لا تقلّ عن خطورة المحبّة و السّلام، و كما تعرف فإن المسيح سامح قاتليه و مضطهديه و بذلك ضرب مثلا لمن يتبعه فدعاهم إلى مسامحة الأخ و العدو و عدم الاعتداء أو استعمال السيف قائلا: من يضرب بالسيف فهو بالسيف يذهب. أما نحن فسبيلنا هو السيف و المحاربة و القتال و التعدّي و الظلم، و متى لم نتمكن من تحقيق هذا فإن وجودنا يتهدده خطرٌ حقيقيّ. فلا تدعو إلى التسامح في دعوتك أبداً، بل ادعُ إلى الانتقام و ضرورة الأخذ بالثأر عملا بقول العين بالعين و السن بالسن و البادي أظلم. إيّاك أن تدعو إلى صلح بعد خلاف، أو إلى تقارب بعد تناحر، أو إلى تسامح بل إلى ضغينة و عليك إيقاد الغلّ في الصدور و أن تسعى إلى تشويه جميع صور التسامح و تمزيقها و إلغائها. رابعاً: المسيحيّة تدعو إلى الحريّة على مختلف أنواعها و منها حرية الفكر و الاختيار, و في هذه الدعوة خطورة علينا، فمتى تحررت المرأة من العبودية و الاستغلال الذي تعيش فيه و ألغي العنف الجاري بحقها فإن دعوتنا ستموت. لا تدعو إلى احترام المرأة، فهي مخلوق ناقص، أنكرْ جميع المباديء التي تدعو إلى الحرية الشخصية أو إلى إطلاق الحريات الإنسانية. إن نظام القيد و العبودية و كمّ الأفواه بالقوة, هو سبيلنا الوحيد لكي نستمر في الحياة. لا حرية! و أي نوع من أنواع الحرية غير مقبول و مرفوض بشكل قاطع. ادعُ إلى إلغاء جميع المواثيق و العهود التي ترفع من قيمة الإنسان، و تدعو إلى إعطائه حقوقه. انتبه الحريات بالمطلق هي عدوٌّ لنا مهما كانت و كيفما تجمّلت. و خاصة الحرية الفكرية و التي من خلالها يستطيع الناس أخذ خياراتهم بوعي منطلقين و متحررين. خامساً: الوعي و إطلاق طاقة العقل و الفكر الإبداعية هي من أخطر ما يمكن أن يهدد مصيرنا. عليك أن تعي هذا و تدركه جيدا. أما نحن فشعارنا الجهل و الإبقاء عليه و صديقنا هو الغباء فلا تغفل دوره. اعمل على نشر الجهاد من أجل الجهل و الغباء بين الناس. حذّر من مغبّة التفكير بالعقل و قلْ أنّ هناك ممنوعات أو محرّمات أو غير مسموحات أو تابو. سمّها ما شئت, المهم أن يغزو الجهل العقول, لأنها إن تحررت, فسوف تكشف حقيقتنا المرّة و سوف تقاومها و تقضي عليها. الجهل ثم الجهل ثم الجهل. و إن سُئلتَ عن أمر ترى أنه سيكشف زيفنا، فحاول أن تتهرب من الإجابة أو تخيف الناس من حقيقة المعرفة على أساس أن فيها الداء الذي ليس منه شفاء و لا براء، و من الأفضل عدم المعرفة. المعرفة تضرّنا كثيراً. سادساً: لا تثق بالناس و حاول دائماً التشكيك بهم و تخويف الناس بعضهم من بعض، و اعمل على تخوينهم وتكفيرهم و رفض الاعتراف بهم, بل العمل على عزلهم و السعي للقضاء المبرم عليهم. يجب أن تفهم بأن لدعوتك وحدها الحق في الحياة فهي الأقوى و الأثبت و الأعلى و الأصدق و الأحب إلى قلب أبينا الشيطان. لا تزرع الثقة و الطمأنينة بين الناس فهي ستعرقل مساعيك في نشر دعوتنا التي أرادها السلطان الأعلى لقوى الشرّ. سابعاً: التمتّع بمغريات الحياة و شهواتها من النساء و المال غاية نبيلة و أمر واجب الحصول و التنفيذ فليس هناك ما هو أطيب من النساء و أشهى من المال. إن عدونا المسيح قال لأتباعه: لا تكنزوا لكم كنوزا في الأرض، و قال: لا تزن، و قال: من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها، و قال: الأغنياء لا يدخلون ملكوت السماوات، و قال: عيشوا العفة و الفضيلة و التقوى. انظرْ! إنّ جميع هذه الأفكار تشكل خطورة علينا فنحن همنا المال و النكاح و ملذات الدنيا. احترسْ من الفضيلة و لا تقربْها و متّعْ جسدك بكلّ ما لذّ و طاب ففي هذه الحياة كما في الآخرة ما يفرح الذكور و يسعدهم من الغواني و الحور الجميلات. إن العفّة و القداسة و الطهارة مشاريع فكرية و أخلاقيّة مضرّة جدا بدعوتنا فلا تعمل إلا على نشر الرذيلة و السقوط الأخلاقي تحت مسميات مختلفة لكي ترضي غرائز الناس و شهواتهم فيتبعون دعوتك بلا تردد أو تذمر, بل برغبة عمياء و محمومة من أجل السعي وراء الملذات و الشهوات. ثامناً: عليك أن تفهم جيدا بأن الكذب و النفاق هو من أهم أسس دعوتك، فنافق و لا تصدقْ يوماً في أيّ شيء, و حاولْ أن تعتمد على الأساطير القديمة و الجديدة، و حتى لو اضطرك الأمر إلى تأليف أساطير جديدة لكي تشلّ عقول الناس، فإن لم تفعلْ هذا فلن تتمكن من السيطرة عليهم. حافظ على عقولهم جامدة غير متحركة أو ناطقة. اعملْ على تخدير إرادتهم بغرس ما يشبع غرائزهم و يحدّ من طاقة الفكر ليصيروا أدوات في يدك تسخّرهم في تحقيق أغراضك من خلال اللعب على أوتار عواطفهم و مشاعرهم الانفعالية ليقوموا بحركات و تصرفات غير موزونة أو مسئولة أو معقولة. تحريك الغرائز ضرورة و تأجيج المشاعر و التلاعب بها يجلب الهدوء لنا. تاسعاً: فرض رأيك على الآخرين من أهم ما يجب أن تدعو إليه و تسعى إلى تطبيقه بقوة. لا يُقبل الرأي الآخر مهما كان. لا تتأثر بما سيشاع عنك من أنك استبدادي و ظالم و غير متوازن و لا تقيم وزناً لمشاعر الغير أو آرائهم. كلّ هذا لا يهمّ، و المهمّ هو أن تفرض رأيك بجميع الطرق دون استثناء و أن تنسى شيئاً اسمه العدل أو الحقّ فهذان ليسا من أسس دعوتك. عاشراً: لا تعمل خيراً في كلّ حياتك، فعمل الخير ليس من شأننا و متى عملنا الخير و شجعنا على عمله و دعونا إليه فإننا نحقّق أهداف العقيدة المسيحية القائمة على وجوب عمل الخير. أنت مدعو دائما من أجل فعل الشرّ. القتل. الكذب. الغشّ. الإرهاب. الظلم. الحقد. الجمود. الجهل. الانحطاط. الزنا. التفاخر الباطل و غيره. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|