Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-03-2013, 01:52 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي مائة سؤال و جواب في التمييز بينَ الخطأ و الصواب بقلم: فؤاد زاديكه

مائة سؤال و جواب في التمييز بينَ الخطأ و الصواب

بقلم: فؤاد زاديكه


أخواتي. إخوتي
أعزائي. أحبّتي
أردت من هذه الفكرة أن أفتح باب الحوار لمعالجة أمور في الحياة تجرّنا إلى كثيرٍ مِنَ الأخطار، بما تحمله من ضبابية أفكار و من جنوح المسار، حيث يُتّخذ القرار بحزم و إصرار، و بداعي أنّهُ مُنْزلٌ و غيرُ قابلٍ للنقاشِ و لا الحوار، و هذا ما قد يفجّرُ البركان أو يهيّجُ الإعصارْ. نحن نعيش في عالمٍ اجتماعي منفتحِ الأبواب على حواضر العالم بلا اغتراب، فالعالم صار قريةً صغيرة بحكم النت و الفيسبوك و القنوات، و بواقع الاتصال و التواصل و الاتصالات، فمن المُعيب أن نحشر أنفسنا في زاوية صغيرة، و نسعى إلى الانغلاق و الخوف من الآخر على هذه الوتيرة. نحن بشرٌ مُلْزَمون بالعيش المُشتَرَك _ شئنا هذا أم أبينا _ و علينا خوض هذا المُعتَرك.
إذا كان مصدرُنا واحدا، و وجودُنا واجِدَا، فلمَ لا نفكّرُ فيما يقرّبُ بيننا، و ما يُبْعِدُ تمزيقَ صفّنا؟ قد تكون لكلِّ فئةٍ خصوصيّتُها، و لكلِّ جماعةٍ مَرجعيّتُها، فهذا لا يمنعُ " متى توفّرتِ النيّةُ الحسنةُ" أن نتّفق و على رأي نجمعْ.علينا ألاّ نضخّمَ من هذه الخصوصيّة، فنمنعُ بموجبها ممارسةَ الحريّة، و نسعى إلى إرادة الفكرةِ الاستبداديّة و الخطوةِ الإقصائيّة؟ لا توجدُ في المجتمعاتِ أقليّاتٌ و أكثريّة و متى مارسنا تطبيق هذه الفكرة على أسس صحيحة و عمليّة، فإنّنا نكونُ بهذا أكّدنا على تفعيل الروح الوطنيّة، و خلق المُناخ الملائم لتناغم هذه الفسيفساء الرائع، لهذه المكوّنات الجامعة.
سأطرح هنا مائةَ سؤال و أجيبُ عليها في الحال، لأضع النقاطَ على الحروف، و أحذّر ممّا يمكن أن يبالغ بالموصوف، فيكيل التهمَ و السباب فهذا عيبٌ و مُعاب، لأنّ فاقدَ الاحترامِ لغيرِه و ناشرَ الكرهِ في سَيرِه، لهوَ مُفسِدٌ خطير و مغرضٌ كبير، علينا أن نردعَه و إلى جادةِ الصوابِ ندفعه. إنّ لتبعاتِ التخوين و التكفير نتائجُ خطيرة التأثير على المجتمع و الناس فهو ينسف فكرة التعايش من الأساس. فالخصوصيّةُ يجب ألاّ تتعدّى الخاص، فبالخاص ليس الخلاص، بل في العامّ التامّ الجامعِ لا في الخاص القاطِعْ. لكلّ إنسانٍ أن يعيش دينه على هواه، و أن يمارس شعائر دينه كما يراه دون أن يُفسِدَ الأجواء و يضيّق على غيرِه الفضاء و يُحِقُّ لنفسه وحدها العبورُ إلى السّماء، حيثُ الملائكةُ و الأنبياء. فالدين هو المعاملة، و ليس المخادعة و المجاملة. فانتظروا مني المائةَ سؤالٍ و جواب، سترونها و تقرؤونها في كتاب، يحملُ معاني الودِّ و الصفاء و يدعو إلى الألفة و الإخاء بدلا من التطرّف في الفكر و طرح الآراء و من يريد الإفادة فأنا بخدمته كالعادة و من يسعى إلى نشر الخلاف و تعميق الشقاق و الاختلاف، فله أقول: ستشربُ منَ السمّ الذي تنشرُه و تحصدُ نتائج الكره الذي تفجرُه و سيضيقُ بك السّبيلُ الذي تعبرُه، و ستندم على مَنْ و ما سوفَ تخسرُه.
شئتُ أن يكون هذا هو المدخل، و منه إلى بوابة المائة سؤال و جواب سأدخل، عسى الله يهدي العقول، و يعين على نشر المقبول و المعقول، و أن يفتح البصيرة و البصر، لكل من سمع أو نظر، فحياتنا قصيرة، و أهواؤنا كثيرة، ليكن لنا مع بعضنا تراحمٌ و تآخي، دون أن يصيبنا أيُّ تَرَاخي، ندائي هذا هو إلى كلّ إنسان و في كلّ زمانٍ و كلّ مكان.

يتبع....

__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-03-2013, 04:37 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي

مائة سؤال و جواب للتمييز بين الخطأ و الصواب
تابع..
1هل يتمثّل شرف الرجل في زوجه أو أمه أو أخته؟
من المؤسف جدا أنّ مجتمعاتنا لا تزال تعيش منفصلة عن واقع الحياة, فهي لا تهتمّ بالهامّ و الخطير و المفيد من أمور العالم و أمورها, بالقدر الذي تحصر كلّ مفهوم تقدمها و حضارتها بجانب تطلق عليه مجازا تعبيرياً, الشرف. إنّ مفهوم الشرف واسع و لا يقتصر على ممارسة الجنس فقط, أي في عضو الذكر و الأنثى و على الأغلب في عضو الأنثى, بل هو في أكثر من ذلك, فالشرف بنظري يمكن أن يكون في الصدق و في الأمانة و في الوفاء و في حسن المعاملة و في أمور اجتماعية و سلوكيات أخرى لا ينحصر نطاقها ضمن فرج الأنثى.
إنْ كان شرف الرجل في زوجه أو أمه أو أخته, فهذا يعني أنه إذا فقد هؤلاء فيكون تلقائيا فقد شرفه, مقاربة مضحكة. للرجل شرفه الخاص به و ليس بالضرورة أن يتمثل في زوجه أو أي من الحرائر المقربات له, للمرأة شرفها و للرجل شرفه و لا يصح أن يتم اعتبار أنّ المرأة هي شرف الرجل و إلاّ أنقصنا من قيمة الشرف عند الرجل. الشرف لا يسكن بين فخذي المرأة. الشرف يتجاوز هذا المفهوم المتخلّف و الضيّق إلى بعده الإنساني العام.
2 هل الجهاد إرهاب؟
قد يقول قائل: لم يتمّ بعد الاتفاق على تسمية معيّنة للإرهاب أو تعريف يمكن أن نصنّف المواقف و التصرفات على ضوئه, إن مثل هذا الكلام الفضفاض لا ينطلي على عاقل, فالإرهاب هو كتعريف متّفق عليه لدى جميع الناس, على أنّه مظهر من مظاهر العنف الذي يمارسه الإنسان ضمن المجتمع. و لغوياً فكلمة الإرهاب من رهب ، رهبا ورهبة، ولقد أقر المجمع اللغوي كلمة الإرهاب ككلمة حديثة في اللغة العربية أساسها “رهب” بمعنى خاف، وأرهب فلانا بمعنى خوفه وفزعه، والإرهابيون وصف يطلق على الذين يسلكون سبل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية. عرف الدكتور حسنين عبيد “الإرهاب” بأنه “الأفعال الإجرامية الموجهة ضد الدولة والتي يتمثل غرضها أو طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص، أو من عامة الشعب وتتسم الأعمال الإرهابية بالتخويف المقترن بالعنف، مثل أعمال التفجير وتدمير المنشآت العامة وتحطيم السكك الحديدية والقناطر وتسميم مياه الشرب ونشر الأمراض المعدية والقتل الجماعي" ووضع الفقيه شريف بسيوني تعريفا حديثا أخذت به فيما بعد لجنة الخبراء الإقليميين التي نظمت اجتماعاتها الأمم المتحدة في مركز فيينا (14←18 مارس1988):” الإرهاب هو استراتيجية عنف محرم دوليا، تحفزها بواعث عقائدية، وتتوخى إحداث عنف مرعب داخل شريحة خاصة من مجتمع معين، لتحقيق الوصول إلى السلطة"
يقول إيريك دافيد: " إن ما يميز العمل الإرهابي في هذا الاتجاه هو طابعه الإيديولوجي، فقد عرف الإرهاب بأنه “عمل عنف إيديولوجي، يرتبط بأهداف سياسية" أما الجهاد فهو عمل إرهابي طابعه ديني, لأن الجهاد عمل عنفي قسري دموي يتم القيام به ضد مجموعات بشرية لأهداف دينية.
يقول نبي الإسلام: "الجهاد رهبانيّة أمتي"
يقول محمد ابن عبد العزيز الحضيري و هو أستاذ في كلية المعلمين قسم الدراسات القرآنية عن الجهاد ما يلي: "تعريفالجهـــاد
أ- لغة: الجهاد مأخوذ من الجهد : وهو الطاقة والمشقة ، وقيل : هو بالفتح المشقة ، وسمي بذلك لما فيه من المشقة ، وبالضم: الطاقة والوُسْع وسمي الجهاد به لما فيه من بذل الوسع واستفراغ الطاقة في تحصيل المحبوب أو دفع مكروه،
ب- شرعًا: تطلق كلمة الجهاد في الشرع مرادًا بها أحد معين
1-
المعنى العام : بذل الوُسْع في حصول محبوبِ الحَّـق ودفع ما يكرهه الحَّـق ، وهذا تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية.
2-
المعنى الخاص: بذل الجهد في قتال الكفار لإعلاء كلمة الله والنصوص الواردة تدل أحيانًا على العموم كما في قوله تعالىالمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) رواه أحمد وابن حبّان والحاكم وصححاه ، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي استأذنه في الجهاد أحيّ والداك،قال نعم،قال ففيهما فجاهد) رواه البخاري.

ولكن لفظ الجهاد إذا أطلق فالمراد به قتل الكفار لإعلاء كلمة الله تعالى قال ابن رشد في مقدماته (1/369) <<الجهاد في سبيل الله إذا أطلق فلا يقع بإطلاق إلا على مجاهدة الكفار بالسيف حتى يدخلوا الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ومما يدل على ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مؤمن يجاهد يتقي الله ويدع الناس من شده>> رواه البخاري فالثاني مجاهد لنفسه ولكنه أطلق الجهاد على الأول.
وليس جهاد النفس هو والجهاد الأكبر على الإطلاق كما يزعمه بعضهم، فإن (وصف قتال الكفار بالجهاد الأكبر مغالطة لم يدل عليها دليل من كتاب ولا سنة، ثم إن من جاهد نفسه حقيقة ً حتى تغلب عليها فإنه يسرع إلى امتثال أمر الله عز وجل، ومن تأخر عن قتال الكفار فليس بمجاهد لنفسه على امتثال أمر الله ، فالتذرع بجهاد النفس قد يكون من الحيل الشيطانية الصارف للمسلمين عن جهاد أعدائهم، وجهاد النفس يندرج تحته أنواع كثيرة من أهمها جهاد: العبد نفسه على إخلاص العبودية لله سبحانه، والبراءة من الشرك وأهله، ولا شك أن المجاهد في ميدان القتال إذا لم يحقق إخلاص العبودية لله...لا يستفيد من جهاده, فعلى هذا لا يقال: ما مرادك بجهاد النفس، هل تريد جهادها على تحقيق التوحيد.. أم تريد تهذيبها وتزكيتها بالأذكار والنوافل، فإن كنت تريد الأول فلا شك أنه أكبر لكن ينبغي أن يقال جهاد النفس على تحقيق التوحيد أكبر من غيره، وإذا أردت الثاني فلا شك أن الجهاد أكبر منه وأفضل، وأما الحديث المروى(رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) فهو ضعيف..)(بتصريف من كتاب أهمية الجهاد للعلياني/ 121
إذا و كما أسلفنا فإن الجهاد هو عنف باسم الدين و بتوجيه من الدين و لتنفيذ أوامر دينية مهما كانت التفسيرات و التحاليل و الاستنتاجات, و عليه يمكن اعتبار أن الجهاد مهما تكن أنواعه أو أسبابه فهو إرهاب ضد الآخرين لأغراض و دوافع دينية و بمبررات, و هناك سبعون حديثا في الإسلام تحضّ جميعها على الجهاد, فهو فريضة على كل مسلم.
3 هل الرجل الملحد هو بالضرورة شخصٌ سيئ؟
إنّ الإنسان حرّ بإرادته و بعقله و بطريقة تفكيرهو و بنمط سلوكياته, لهذا فهو حرّ باختياره. و الاختيار عند الإنسان يتوقف عليه و هو يفعل هذا أو يتوجه إلى هذا الاختيار أو ذاك بملء قناعته و إرادته دون غصب أو إكراه, و هذا من حقه. لا يوجد قانون في الأرض يمنع الإنسان من اختيار توجهه و متى كانت هناك موانع تقف في طريقه, فهي تصرفات قمعية و دكتاتورية و تعسفية ليست من الحق في شيء بل هي باطلة و هي ضد إرادة الحياة. من حق كل إنسان أن يختار نهجه و معتقده دون أن يكفره أحد أو أن يتهمه بصفات ليست منطقية و لا موضوعية. أن يؤمن الإنسان أو يكفر فهذا شأنه, ليس لأحد الحق في أن يتعدى على حريته أو يغتصب ممارسته لحقه تحت أية مسميات أو دواعي أو أفكار. و للتذكير فإن عدد الملحدين و اللادينيين يزداد يوما بعد يوم و هو يزيد عن المليار و النص مليار تقريبا في العالم. و في المجتمعات العربية و الإسلامية يصاب الكثير من الشباب بالإحباط لما يسود هذه المجتمعات من أفكار غير مقبولة و غير معقولة و غير عصرية و غير منطقية يتم تنفيذها بالإكراه أو بالضغط أو بالقوة على الناس, لهذا نرى موجة الإلحاد أو ترك الإسلام كثيرة في هذه المجتمعات. من وجهة نظري فإن الملحد ليس سيئا, فهو لا يقوم بتفجير نفسه باسم الدين هنا و هناك و لا يقتل الآمنين كما يفعل الجهادي المتدين باسم الدين مثلا, أيهما أفضل بنظرك؟ كما لا يمارس وسائل قمع فكرية من أجل ترهيب الآخرين, إنه شخص مسالم يحب الدفاع عن فكرته و معتقده, متى دعت الضرورة لذلك, و هذا من حقه, فإن كان مخطئا أو غير مخطئ فلا يحق للبشر أن يحاسبوه. سيحاسبه بالنهائية من بيده الحساب و صاحب الحساب ليس من البشر أي أنه و بكل تأكيد لا يعيش معنا هنا على هذه الأرض! فمن يعطي الحق لنفسه بمحاسبة الملحد, فهو يعمل ضد إرادة الحياة و قانونها. دعوا الناس و شأنها.
يتبع....
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-03-2013, 10:04 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي


مائة سؤال و جواب للتمييز بين الخطأ و الصواب

تابع...

4_إذا كان مصدر وجود البشر واحداً، فلماذا تنوّعت المشارب و تعدّدت المذاهب؟

نعم إني مؤمن إيماناً قاطعاً، لا يقبل الجدل و لا يتخلّله أيّ شكّ بأن مصدر كلّ الحياة واحد، و أن كلّ ما في هذه الحياة من مظاهر الاختلاف و التباين، خاصة فيما له صلة بأفكار الناس و بمعتقداتهم و بقناعاتهم _ و التي تكون في أغلب الأحيان متوارثة أو مفروضة على الناس بحكم ولادتهم في أسر تحمل معتقدا دينيا أو يكون لها انتساب عرقي أو جنسي _ خلقت من أجل خير الإنسان و لم توجد لتكون وبالا عليه، كما هي الآن، و أستطيع التأكيد بأن هذا الفسيفساء الجميل يضفي بهجة على الحياة، لمن ينظر بمنظار الانفتاح الفكري و التفهّم الروحي و المنطقي لجماليات هذه الحياة، فإن هي كانت على لون واحد أو طبيعة واحدة أو فكر واحد أو انتماء واحد أو توجّه واحد، فربما كان الملل سيتخللها، و تنعدم روح المنافسة و الابداع.
الحياة تكون أكثر جمالا عندما تتعدد فيها الأفكار و وجهات النظر و تتنوّع المذاهب و الرؤى، فمن خلال تعاطي هذه الأفكار المختلفة مع بعضها البعض، و من خلال تبادل الخبرات و التجارب فيما بينها، تزداد معارف الإنسان اتّساعا، و تتعمّق لديه الخبرات فتأخذ كلّ من الأخرى و تعطيها، لهذا فإنّ في هذا التعدد جوانبَ إيجابيّة كثيرة، إن حاول الإنسان الاستفادة منها و تسخير منفعتها من أجل حياة أفضل له أولا و من ثم لغيره. لكن تعترض طريق هذا التناغم الذي من الواجب أن يكون، بعض مظاهر النشوز و سلوكيّات تعكير صفو الأجواء السلميّة السائدة، من قبل بعض الجهات أو الناس أو الفئات التي تعيش الفكر المنغلق الذي لا يؤمن بالآخر و لا يحبّ التعاطي معه، فيسقط على روح هذه العلاقة الاجتماعية و الإنسانيّة النبيلة، إسقاطات متزمّتة تدعو إلى فكر الإقصاء و إلغاء الآخر، مما يجعل فكرة أحادية القطب سائدة و بهذا تكون قد تمّت الإساءة المباشرة لروح هذه التعددية و هذا التنوّع الذي من المفترض أن ينمو و من قبل جميع الأطراف نمواً صحيحاً سليماً و معافىً، من دون أن يكدّر صفوَه شواذ مسلكي أو دعوات تقمع الفكر الحرّ، مستمدّة سلطتها و شرعيتها من مصادر ربّانيّة، يكون أمر نقدها خطيراً و فكرة رفضها مستحيلة، لأنها تسير على عكّاز الدين و تلتحي بسلط بلحى مستبدة و مطلقة لا يمكن مجاراتها أو الوقوف في وجهها، بسبب سلوكياتها الشرسة و الترهيبية المؤذية، و ما أسهل من أن تجد تربة لأفكارها في أوساط تعاني التخلف الاجتماعي و الجهل المطبق.
بكل صراحة يجب إعادة النظر في أمور اجتماعية و دينية كثيرة، بحيث نستطيع من خلال ذلك التوصل إلى خلق توازن مقبول و معقول بين العقل و النقل، أي بين العقل الإنساني و الذي هو قائد حياتنا و بين النصوص الدينية، التي لا يمكن الأخذ بها و العمل على تطبيق مضامينها، خاصة منها تلك التي تحرّض على الكراهية و تحضّ على العنصريّة و تدقّ إسفيناً في واقع حياة الناس في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها. روح الاعتدال يمكن أن تكون عاملا على عدم حصول أي احتقان في هذه المجتمعات، إذ أنه لن يكون هناك ضامن لئلا تنفجر في أية لحظة إحدى دواعي الاحتقان مما تتسبّب في تأجيج شرارة حارقة لا تعرف نتائجها.
إن كل فكر أو دعوة إقصائية، تعصبية، عنصريّة، متزمّتة ترفض وجود الآخر إلا بالشروط التي تريدها هي، ليست مقبولة نهائياً، و سيكون من المنطقي و المؤكد أن هذه الجهة هي التي تسعى إلى انعدام التوازن في المجتمعات، من خلال تضخيم الخصوصية على حساب العام. يجب احترام خصوصية الجميع على حدٍّ سواء، فلا يجوز أن يُسمَح لهذا بأمر ما، و يُمنع عن ذاك نفس هذا الأمر، الاستئثار نتيجته غير مضمونة بل هي خطيرة على المجتمعات.
5_ ما هو سبب كراهية العرب و المسلمين لليهود؟

يظنّ تسعون بالمائة من مسلمي العالم و عربهم بأنّ سبب كراهيتهم لليهود هو قضيّة فلسطين_ المتاجر بها أصلاً من قبلهم _ إن هذه الفكرة خاطئة جملة و تفصيلا، فكراهية المسلمين لليهود بدأت مع بدء ظهور الدعوة الإسلامية، و يعرف الجميع كيف أن نبي الإسلام حارب اليهود، و قضى على قبائل يهودية قضاء مبرما،، مما يندرج تحت انتهاك حقوق الإنسان و اعتبار ذلك من جرائم الحرب. كما حارب النصارى، لأن تعاليمه التي جاء بها تدعو صراحة إلى قتالهم و قتلهم لأنهم شعوب لا يمكن الوثوق بها (و هناك آيات كثيرة تحضّ على قتالهم و قتلهم و على وجوب عدم معاشرتهم أو الاختلاط بهم ) و هي محتقرة بنظر الله و كافرة و إلى ما هنالك من ترهات و مبررات سخيفة ساقها نبي الاسلام كي يبرّر قضاءه على الشعب اليهودي، الذي كان يعيش في جزيرة العرب بأمن و سلام و تآخي مع الشعوب الأخرى، لماذا ظهرت هذه العداوة بمجرد ظهور الاسلام؟ من المؤكد أنه لم يتحدث التاريخ الذي سبق الاسلام عن عنصرية و فرز لأي شعب من شعوب الجزيرة، و كان اليهود محترمين في المجتمع و لم يكن أي تمييز بينهم و بين غيرهم. كما يحلو للمسلمين تسمية العالم الغربي بالكافر أو الصليبي أو المشرك و الخ.. من صفات تدل على روح الكراهية و العنصرية و التعصب الديني المتزمّت.
أما السبب الحقيقي لهذه الكراهية فهي أن العرب و المسلمين يعتقدون بأن اليهود نقضوا عهد الله كما أنهم نقضوا عهد نبي الإسلام _ و كل هذه مزاعم إسلامية هم خلقوها من خيالهم العنصري الإقصائي _ لهذا فإنّ الله قد لعنهم و تجب محاربتهم، كما يصوّر المسلمون و كما يروّجون في كتبهم و بين أتباعهم. و يبرّر المسلمون بكل وقاحة هذا الأمر بقولهم: إنّ محمداً دعى اليهود إلى الإسلام، فرفضوا دعوته و لم يستجيبوا لها، يا لها من جريمة يعاقب عليها قانون الإسلام و شريعته و أحكامه، أي إن دعاك أحد من المسلمين إلى التخلّي عن دين آبائك و أجدادك هكذا ببساطة و الدخول في دينه، فأنت و بمجرد أن ترفض ذلك، فأنت ملعونٌ من الله و من نبي الإسلام و فيما بعد من أمة الإسلام، هل هذا معقول أو مقبول أو منطقي؟ لكن إن لاحظنا غياب المنطق و الموضوعية في تفكير أغلب المسلمين و في ما يعتقدون به، فلا يجب أن نستغرب، فهم لا يرونه أمراً عاديّاً فحسب، بل واجباً ملزماً و ربّما جهاداً مَفروضاً، فإنْ تمّت بالسلم و حقّقت الغاية و الهدف المنشود، يكون انتهى الأمر عند هذا الحدّ. أما متى تعذرت الأمور و تعسّرت برفض أصحاب الديانات الأخرى ترك دياناتهم و الدخول في الإسلام، فإن حدّ السيف و القتل سيكون لسان الحال و الردّ على رفض هؤلاء الدخول في الإسلام _ كما رأينا في مئات الحالات في عصور الإسلام الأولى _ يا لها من عدالة و يا لها من حريات دينية و يا له من احترام لحقوق البشر! إكراه و إرغام على اعتناق ما لا رغبة أو لا إيمان به، ترافقه أعمال ترهيب و تهديد و قتل و سبي و تهجير قسري و تكفير و شتم و سبّ و لعن و إلى ما هنالك من أساليب شيطانية أخرى تغضب الله و البشرية، و تناقض أبسط الحقوق الإنسانية في العيش بحرية و كرامة و أمان.
قبائل الحارث بن كعب وكنانة وكندة وقضاعة وجذام، قبائل يهودية دخلت في الاسلام بالقوة أما القبائل اليهودية الأخرى و التي رفضت الدخول في دين الاسلام، فإن النبي محمد حاربها و أبادها أو طردها من المدينة كمركز تجمع لهم و فعل عمر بن الخطاب ذلك أيضا، و قد خرج هؤلاء إلى خيبر و من ثم إلى الشام من هذه القبائل: بنو قريظة و بني النضير و بنو القينقاع، و في معركة الخندق و غزوة خيبر و غزوة بني القينقاع، فقتلُ اليهود سِنّة مؤكدة عند رسول الإسلام "في غزوة بني قينقاع التي أعقبت غزوة بدر الكبرى، حاصر النبي -صلى الله عليه وسلم – يهود بني قينقاع في حصونهم خمس عشرة ليلة أشد الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فأمر بهم فربطوا، وكتفوا كتافاً وهيئوا للقتل (وهو حكم الرسول - صلى الله عليه وسلم – فيهم) فما زال عبد الله بن أبي بن سلول يجادل النبي عنهم حتى أخلى سبيلهم وأجلاهم عن المدينة المنورة فخرجوا بنسائهم وذراريهم إلى أذرعات[2] فما لبثوا قليلاً حتى هلكوا " هكذا يتفاخر المسلمون بالقضاء على اليهود و بهلاكهم و كأنهم حققوا معجزة أو صنعوا عملا مجيدا، يحق لهم التباهي و التفاخر به، علما أنه تخبط فكري و تفاخر أحمق عنصري يظهر مدى فرحهم و سعادتهم و هم يتحدثون عن كيفية القضاء على شعب من شعوب الله بدافع الحقد الديني و العنصرية العمياء. ما لكم و لهم؟ لكم دينكم و لهم دينهم! لماذا ترغمونهم على وجوب تخليهم عن دين آبائهم و أجدادهم؟ هل هذا هو دليل آخر على تسامح المسلمين الديني، كما يحلو لهم أن يسوّقوه كلاما فارغا من أي مضمون حقيقي، و هو يناقض ما كان يحصل بالفعل على أرض الواقع؟
طرح الأستاذ نضال نعيسة في مقال له نشر في الحوار المتمدن سؤالاً هاماً و منطقيّاً حيث سأل أصحاب الرأي و الفكر الإنساني المنفتح: "لماذا لم يبق ولا مسيحي ولا يهودي عربي فيما يعرف بجزيرة العرب إذا أردنا أن نعرج على ما يسمى بتسامح ما وثقافة إنسانية وحضارة عربية، فيما هناك الملايين من الفلسطينيين ما زالوا فيما يعرف بإسرائيل، ويحملون جنسيتها ويتمتعون بكامل حقوقهم، أو في فلسطين المحتلة حسب الخطاب والرواية العرباوية؟"
و خلاصة القول تصح في أن سبب الكره لم يكن يوماً سياسيا، بل له خلفية دينية واضحة و صري
حة. و لهذا نرى لغاية يومنا هذا تلصق المجتمعات العربية و الاسلامية صفات سيئة باليهود فاليهودي عند المسلمين شرير و طماع يحبّ المال و غير أمين إلى غير ذلك من وصفات السوء المملوءة بها قواميس المسلمين.
و في النهاية سأسمح لنفسي بطرح هذا السؤال على كل من له عقل و بصيرة و إدراك ليتأمل في كل هذا. هل كان الله جاهلا أم غافلاً بأن اليهود قوم أشرار و ملعونون, كما يصورهم محمد و قرآنه إلى أن جاء محمد فأعلمه بأخلاقهم و أحوالهم؟ أم أنه (الله) كان نائما إلى أن جاء محمد فأيقظه، ليتنبه إلى هذا الأمر و يقول في اليهود ما قيل عنهم على لسانه (لسان الله)؟ عساكم تفهمون شيئاً و هو واضحٌ لكم.و علينا ألا نستغرب حين تقوم زينب بنت الحارث و هي يهودية من بني قريظة بدس السمّ في شاة أعدتها له انتقاما منه, لما فعله من مجازر و أعمال قتل و إبادة
بربريّة و وحشيّة، و كم كنت أتمنى لو كانت قناة الجزيرة القطرية موجودة في تلك الأيام لتنقل لنا مباشرة ما كان يقوم به المسلمون من جرائم بحق اليهود و النصارى و كلّ من كان يرفض الدخول في الإسلام. و سبي و تهجير قسري و اغتصابات بحق يهود شبه جزيرة العرب و هم أبناء قومها، و بهذا تكون أنهت حياته لكنها لم تتمكن من إنهاء كراهية المسلمين لليهود أبناء أمتها، فلا تزال هذه الكراهية يتوارثها جيل مسلم عن جيل آخر و تتعمق مع مرور الزمن لتختلط بأمور و بأسباب أخرى تضاف إلى السبب الديني الأصلي بالأساس.
و خلاصة القول فإننا أمام معضلة كبيرة تتمثّل في التناقض الواضح بين ما نسمعه قولا ليّناً سهلا "لا إكراهَ في الدين" و بين ما نراه من تطبيقٍ عمليّ على أرض الواقع يؤكد فكرة "القتل من أجل الدين" و يشجّع عليها. على المسلمين أن يستقرّوا على واحدة من هاتين المقولتين، و محاولات التبرير أو الهروب من مواجهة الحقائق الدامغة باللف حولها في دائرة مغلقة، لم يعد ممكناً في عصرنا هذا و لأسباب كثيرة يعلمها كل مثقف و متحضّر و منفتح العقل و الفكر.
يتبع....
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 19-03-2013 الساعة 11:54 AM
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21-03-2013, 04:00 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي

مائة سؤال و جواب للتمييز بين الخطأ و الصواب
بقلم: فؤاد زاديكه

تابع.....
6_ هل يصح إطلاق تسمية الجاهلية على عصر ما قبل الإسلام؟

يطلق تعبير العصر الجاهلي كمفهوم شاع لدى المسلمين بهذه التسمية _ و هي ليست دقيقة التعبير و لا مصيبة بالتعريف على هذا النحو _ على الفترة التي سبقت ظهور الإسلام، و يحاول المسلمون جاهدين إضفاء كل الصفات السيئة على هذا العصر، لكي يعطوا قيمة للإسلام و مبرّر لوجوده. من المعروف أن هذه التسمية اختلف عليها كثير من المؤرخين و المهتمين بأحداث و حوادث هذه الفترة، و على العموم سنوضّح هنا ما يقوله المسلمون عن هذا العصر و عن سبب هذه التسمية، التي أطلقوها عليها

" سمي بالعصر الجاهلي لما شاع فيه من الجهل بسبب جهل الناس بعقيدة إبراهيم عليه السلام ، فسموا جاهلين وليس المقصود بالجهل الذي هو ضد العلم بل الجهل الذي ضد الحلم .

• العصر الجاهلي عبد العرب فيه الأوثان و الأصنام
ومن أشهر أصنامهم في العصر الجاهلي: هبل- اللات- العزى- مناة ،كما أن من العرب من عبد الشمس والقمر والنجوم
وكان هناك فئة لم تعجبهم سخافات الوثنية وهدتهم فطرتهم
فعدلوا عن عبادة الأصنام وعبدوا الله على ملة إبراهيم عليه السلام وكانوا يسمون الحنفاء. العصر الجاهلي كان في شبه جزيرة العرب ومعظمها صحراويّة يسودها الجفاف ، فَطَبَعَتْ الصّحراء طابعها على أهلها ، فأصبحوا يتحلّون بالشّهامة والكرم والوفاء وحبّ الحريّة "

هنا يحاول المسلمون بكل مواربة، و بما يخالف الواقع الذي كان سائداً، أن يصوّروا الناس في ذلك العصر على أنهم كانوا عبدة أوثان، و أنّ قلّةً منهم كانت على الحنفية _ هذا أيضاً اختراع إسلامي_ و هم بهذا يتنكّرون أو يحاولون طمس حقيقة واضحة و كبيرة و هامّة، ظاهرة للعيان، و هي أن الدينين النصراني و اليهودي كانا موجودين في هذا العصر، و كانت هناك كنائس و أديرة و معابد لأصحاب كلتا الديانتين، و هم لم يكونوا قلّة قليلة في ذلك العصر_ كما يروّج المسلمون بأنهم كانوا لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة _ كان اليهود و النصارى يعبدون الله الواحد الأحد، و كانت لهم شعائر دينية و طقوس و عبادات يمارسونها، أي لم يكن الإسلام هو الذي أدخل مفهوم عبادة الإله الواحد إلى شبه جزيرة العرب، سبقه في ذلك اليهود و النصارى. و يقال إن نبي الإسلام عندما تزوّج من خديجة بنت خويلد النصرانية، ابنة عم القس ورقة ابن نوفل، تمّ ذلك في كنيسة مكة.
و يصنّف المسلمون الديانات في العصر الجاهلي على النحو الذي سنبيّنه هنا _ و هذا التصنيف غير دقيق و هو مناف للواقع الذي كان _:

1. الملحدين ( لا يؤمنون بأي إله) ويسمون الدهريين: " وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ(24) ". الجاثية.
فالزمان هو الذي يهلكهم لا الله تعالى ولا الأصنام..
وسماهم ابن كثير: الدهريين من الكفار.

2. عَبَدَة الأوثان: " وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ(71) ". الحج.
" فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " [الأحقاف: 28].

3. عَبَدَة الله وحده واتخاذ الأصنام شفعاء " أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّار " [الزمر: 3].
لكن لهم حكم عباد الأصنام: " وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ". [يونس: 18].

4. عبدة النجوم والكواكب: " وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى(49) " النجم. راجع أقوال المفسرين.

5. الموحدين (الأحناف) : مثل ورقة وزيد بن عمرو بن نفيل والقس بن ساعدة... وهم أقلية لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة ولا يوجد نصوص صحيحة كافية حول عباداتهم.

6. أهل الكتاب: كعبد الله بن سلام وصهيب الرومي وسلمان الفارسي قبل إسلامهم .

كل هذا بحسب التصنيف الخاطئ و غير الدقيق بل و المشوّه من قبل المسلمين.
الدكتور جمال أبو زيد له تصنيف آخر و هو أقرب إلى الواقع من التصنيف السابق:

أ ـ عبدة الأصنام والأوثان:

كان العرب في الجاهلية يعبدون الأصنام والأوثان والأنصاب التي تحوّلت كما يبدو إلى أصنام، وكانت الأصنام على أشكال متنوعة، منها ما هو على صورة إنسان أو حيوان أو طير، ومن أشهرها (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا، واللات والعزى، ومنآة، وهبل..).

ب ـ عبدة الكواكب والنار:

لم تقتصر الحياة الدينية في شبه الجزيرة العربية على عبادة الأصنام والأوثان، بل وجدت بعض الفئات الأخرى التي انصرفت إلى عبادة الكواكب والنجوم بأشكالها المتعددة كالشمس والقمر والزهرة وعطارد والثريا وغيرها..

وقد عرفت هذه الجماعة بالصابئة التي استمدّت أصولها الاعتقادية كما تدعي بالأخذ من محاسن ديانات العالم وإخراج القبيح منها قولاً وفعلاً، ولهذا سموا بـ"الصابئة"، وقد وجد إلى جانب هؤلاء عبدة النار "المجوسية"، وكانت قد عرفت هذه الديانة عن طريق الفرس في الحيرة واليمن، كما انتشرت الزندقة بين صفوف سكان شبه الجزيرة في الحيرة.

والزنادقة قوم أنكروا الخالق والبعث، ومنهم من أنكر الرسالة وأنكر بعث الأنبياء، وإلى جانب هذه النظرات الاعتقادية وعبادة الأوثان، نجد أنه كان للعرب آراء ومعتقدات خرافية، فمثلاً كانت لهم في الجاهلية مذاهب في النفوس، فمنهم من زعم أنّ النفس هي الدم وأن الروح هي الهواء، وزعمت طائفة أن النفس طائر ينبسط في جسم الإنسان فإذا مات لم يزل مطيفاً به في صورة طائر يصرخ على قبره مستوحشاً ويسمونه "إلهام" و"الواحدة"، كما أنهم كانوا يعتقدون بالوهميات كالغول وغير ذلك…

ج ـ الديانات السماوية

وجد إلى جانب الديانات السالفة الذكر أديان أخرى كالمسيحية واليهودية، حيث كانت الجزيرة العربية منذ أقدم الأزمنة معبراً للقوافل وعلى اتصال وثيق بجيرانها، فانتقلت إليها الأديان، الأمر الذي كان له أثر كبير في التلونات الاعتقادية في شبه الجزيرة، وقد تجلى هذا التأثير في اعتناق بعض أبناء الجزيرة للمسيحية واليهودية إلى جانب الحنيفية.

اليهودية

انتشرت اليهودية على وجه الخصوص في اليمن عن طريق اتصال ملوك حمير بيهود يثرب، وتذكر المصادر أن جماعات منهم هاجرت إلى بلاد العرب الشمالية والحجاز بعد أن دمر الرومان أورشليم "القدس"عام 70 للهجرة، واستقرت في يثرب ووادي القرى وخيبر وفدك وتيماء.

وبالرغم من اختلاط هؤلاء اليهود بالعرب وتعايشهم معهم واحتكارهم لبعض الصناعات والحرف كالتجارة والصناعة والحدادة وصناعة الأسلحة القديمة والصيرفة وتعربهم بحكم احتكاكهم بالعرب وتجاورهم، إلا أنهم لم ينجحوا في نشر اليهودية بين العرب لأسباب منها عدم اهتمامهم بالتبشير، لاعتقادهم بأنهم "شعب الله المختار" الذي يتميز عن باقي الشعوب، ومنها احتقار العرب لهم باعتبارهم عملاء للفرس في اليمن، ولما عرفوا به من صفات ذميمة منها نقض العهود، واتّباع أساليب الغدر، والتهافت على جمع المال وخاصة عن طريق الربا وما إلى ذلك.

المسيحيـة

تطلق المسيحية على الدين المنـزل من الله U على عيسى u، وكتابها الإنجيل، وأتباعها يقال لهم النصارى نسبةً إلى بلدة الناصرة في فلسطين، أو إشارة إلى صفة، وهي نصرهم لعيسى u، وتناصرهم فيما بينهم، وكانت هذه الصفة تخصّ المؤمنين منهم في أول الأمر، ولم يلبث أن أطلقت عليهم كلهم على وجه التغليب.

الحنيفيـة

هي دين النبي إبراهيم u القائم على التوحيد، والأشخاص الذين كانوا على الحنيفية، كما تشير إليهم المصادر، كانوا خليطاً عجيباً من أمم مختلفة، بعضهم عرب وبعضهم شعوب أخرى، وكان أصحاب الحنيفية جماعة من عقلاء العرب سمت نفوسهم عن عبادة الأوثان ولم يجنحوا إلى اليهودية والنصرانية، وإنما قالوا بوحدانية الله وكانوا يسمون "الأحناف" (أو الحنفاء أو المتحنفين)، وهي جمع حنيف صفة النبي إبراهيم u.

بينما نرى هنا الدكتور عارف علوان و في مقال له نشر في الحوار المتمدن في سنة 2010 و هو بعنوان: "العرب أخفوا حقيقة الديانة السائدة قبل الإسلام" نورد منه بعض المقتطفات و هي تبيّن صحة ما عرضناه في مقدمة مقالنا هذا:

"لم يسبق لأمة أن زورت تاريخها المكتوب عن قصد، وعبثت بمجرياته كما فعل العرب! ورغم ظهور كتابات قديمة وحديثة ناقشت الحقائق، وصححت مكامن التزوير، الذي جاء لصالح إمبراطوريات أو حكومات اعتبرت مستقرة لكنها ذات طابع دكتاتوري، إلا أن العرب وضعوا هذا التصحيح العلمي في خانة المؤامرة، وتجاهلوه، لأنهم اعتبروه يستهدف الإسلام الذي أرادت تلك الحكومات أن تظهر إخلاصها له، أولاً لأنه يعمل على الاستقرار، وثانياً ظل يشجع المستفيدون، ممن بنوا عليه كم هائل من الأكاذيب، لاهوتية وقومية!"

"إذا اعتمدنا ما أرخ له تباعاً هيرودت، المؤرخ الروماني فلينيوس الأكبر، ويوسفوس قبل الإسلام، ثم الطبري وعلي جواد والمؤرخون الغربيون الحديثون بعدهما، وجميعهم امتازوا بالحياد، فإن التركيب السكاني للجزيرة العربية وما حولها في العهود القديمة كانوا قبائلَ يختلف تحضرها بالنسبة لقربها أو بعدها عن الإمبراطوريات المحيطة بها، ففي حين ظل بدو الصحراء في الوسط يعيشون حالة من البداوة والوحشية أبعدتهم عن تأثير سكان المدن الذين اختلطوا بالإمبراطوريات المحيطة بهم، يشير المؤرخون المذكورون أعلاه إلى تحضر القبائل العربية الأخرى، الذين أبدوا استعداداً للتأثر بما جلبه السومريون والبابليون واليونانيون والرومان والفرس والبطالمة من عادات وأديان جديدة!"

"فالحميريون في اليمن تحولوا إلى المسيحية بعد وصول المبشر ثيوفيلوس إليها، الذي أرسله الحاكم قسطنطيوس إلى المنطقة، وكان أمروء القيس بن عمر، الذي لقب بملك العرب، وحكم قبائل الازد ونزار في الشمال نصرانياً، بعد أن كان الحاكم بالنيابة عن الفرس على الأراضي الحدودية لعرب ربيعة ومضر (حسب الطبري)"

"والقبائل العربية التي أسست تدمر جنوب سوريا والبتراء في الأردن، قد تنصرت لدواعي أمنية بالنسبة للأولى، وعن رضا بالنسبة للثانية. أما بدو سيناء العرب فقد تأثروا بالبطالمة وشاهدوا الدين الجديد المسيحية فأولعوا بها، بينما ظلت غزة تابعة لحكومة يهودا والسامرة التي يغلب على سكانها التهود، إلى أن غزاها المسلمون في عهد أبي بكر ثم عمر بن الخطاب، فتبع الغزاة عدد كبير من سكان الاحساء شمال السعودية، واستولوا على الأراضي التي أخذ قادة المسلمون يوزعونها عليهم لكي يصبحوا أغلبية.

يوجد كتاب حديث جداً، يرسم بدقة انتشار المسيحية بين القبائل العربية، وهو "تاريخ العرب في جزيرة العرب" لمؤلفه روبرت هُيلند، ترجمه إلى العربية عدنان حسن، يذكر، بالاستناد إلى مؤرخين سابقين وعرب، أن نسبة المسيحيين بين القبائل العربية قد انتشر قبل الإسلام، بحيث يمكن للقارئ أن يقدر عددهم بحوالي 80%، بينما بقيت العشرين بالمائة مصرة على وثنيتها، خاصة القبائل داخل شبه الجزيرة، وهم البدو الذين يصفهم المؤرخ فلينيوس بأنهم "قطاع طرق ورعاة، ممن ينتقلون فوراً من مكان إلى آخر عندما تنقصهم المراعي والغنائم، وهم همجيون ومحبين للحرب يعيشون في الخيام، اشتهروا بخطف الرهائن وطلب فدية مقابل ذلك، يسمون ذئاب الجزيرة قبل تنصرهم، وانضمامهم إلى المسيحية لاتصالهم بالكهنة والرهبان، الذين سكنوا بينهم، ومارسوا حياة الزهد والتقشف في الصحارى المجاورة"

و يختم مقاله هذا بالقول "كما ذكرنا في مقال سابق في الحوار المتمدن، فإن محمداً كان نصرانياً، أراد إصلاح النصرانية ليكون زعيماً على عرب مكة، لكنه واجه صعوبات كثيرة من قبيلته قريش، وكانت قريش تريد أن يظهر زعيم منها يسود على العرب، فوجدت من غير المنطقي محاربة النصرانية باسم دينها، لذلك نصحه كبار السن من قريش بالتخلي عن النصرانية والتبشير بديانة جديدة، فيمكنهم والحالة هذه الوقوف إلى جانبه، ويقاتلوا القبائل الأخرى من مسيحية ويهودية باسم الدين الجديد (الإسلام) حتى يستطيعوا فرض زعامتهم على العرب!
وهكذا نرى التاريخ يعيد نفسه في شبه الجزيرة العربية، ولو بصورة مجتزئة، ففي حين امتشق محمد السيف لحمل العرب من المسيحيين والديانات الاخرى على الرضوخ وإعلان إسلامهم، تحاول الوهابية اليوم إشاعة ثم فرض نفسها على المسلمين باسم المذهب الوهابي، رغم محاولات الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز اجتثاث العنف المصاحب لدعوة الوهابيين!!"

إذا لم يكن هذا العصر وثنيا بغالبيته، كما يصور المسلمون، كما لم يكن جاهلا، و الدليل على ذلكانتشارالكتابة و الحساب و القراءة و خاصة بين أصحاب الديانتين اليهودية و النصرانية و بين التجار، فكانت هناك معارف كثيرة دينية و اقتصادية و أدبية و فكرية، و هذا الذي روّجوا له منذ أن أطلقوا هذه التسمية على ذلك العصر، فاعتبروه جاهلية من الجهل و هو عدم المعرفة و ضد العلم، لكن الباحثين و المتخصصين و المؤرخين حين جاؤوا بالأدلة من حياة العرب في ذلك العصر و دحضوا فكرة التسمية و قالوا أنها ليست صحيحة، حاول المسلمون كعادتهم البحث عن أعذار جديدة لتلك التسمية ليسوّقوا مقولة الجاهلية بأي ثمن، فقالوا إنهم قصدوا بها ليس الجهل بالعلم بل الجهل بالحلم، و هنا أيضا يقعون في خلط جديد لم يسعفهم تبريرهم هذا، فما هو الحلم؟ و معارف كثيرة دينية و اقتصادية و أدبية و فكرية، أما للرد على ما يزعمه المسلمون بقولهم أن الجاهلية جاءت من الجهل الذي هو ضد الحلم "الحِلْمُ - حِلْمُ:

الحِلْمُ : الأَناةُ وضبطُ النَّفْس .
و الحِلْمُ العقْل . المعجم: مصطلحات فقهية -
الحِلم :
بكسر الحاء وسكون اللام ، من حلم ، الأناة وضبط النفس
المعجم: مصطلحات فقهية. لغ الحلم ‏:
‏ بلغ سن الرشد وهو سن خروج المني ‏
المعجم: مصطلحات فقهية - "

إذا فالحِلم هو الرشد و هو العقل، و هنا نطرح أسئلة تحتاج إلى إجابة و تبيين من المسلمين كيف يكون الشخص الجاهلي غير حليم و غير رشيد و غير عاقل و هو الذي قدّم المعلّقات و عيون الأدب و الشعر و الفصاحة و البيان؟ هل يستطيع قليل العقل إنجاز مثل هذه الروائع؟ و عن الصفات التي تحلّى بها ساكن الصحراء، بحكم طبيعتها القاسية فكان عندهم الكرم و الوفاء فبمجرد قول الكلمة وعدا و عهداً كانت أقوى من أي عقد كتابي و بشهود، كان الحفاظ على الوعد يكلف حياة الشخص أحيانا. و من الصفات أيضا حب الحرية و إباء الضيم و الأمانة و الشهامة و الرجولة و قريحة الحفظ و الذكاء و الفراسة و الفطنة و المروءة و النجدة و الكرم و السخاء و الصبر على المكاره و قوة الاحتمال و الرضا باليسر و ما تركوه لنا من أمثال و أقوال لا يفوه بها سوى الحكماء و العقلاء و لا يمكن أن تكون صادرة عن أشخاص عديمي الحِلم، أو أغبياء سفهاء، فهم اشتهروا بقوة أجسادهم و بالتالي قوة الصحة النفسية لأن قوة النفس و الروح تؤثر عليها قوة الجسد.

كل ما ذكرناه يدحض مزاعم المسلمين بأن هذا العصر كان جاهليا لجهل علم أو لجهل حلم. يكرّر المسلمون أقوالهم دون الرجوع إلى إمكانية أن تكون صحيحة أو معقولة، إنهم يخافون المعرفة لهذا و عندما يسأل مسلم عن أمر ما يجهله و هو يريد علما و معرفة و إلماما فإن ردّ الشيوخ و الأئمة و أصحاب الشأن و من بيدهم القرار يقولون لهم ما قاله القرآن: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم). كي يسدوا في وجههم باب المعرفة و كشف بواطن الأمور لفهم الأشياء على حقيقتها دون مواربة و لا خداع و كذلك دون تنميق و تلميع و تلوين خارجي ظاهر، لا يمسّ الجوهري الباطني.

أما و أن الوثنية هي سيئة إلى هذا الحدّ الذي صوّره الإسلام و السلمون و أضفوا عليه من خرافاتهم و خزعبلاتهم شيئا كثيراً صار كالأساطير لا يقبله العقل الرشيد، فإننا نسأل المسلمين هل يعلمون أنهم على بعض الوثنية فيما يمارسونه من طقوس دينية و من عبادة؟ و لكي نلقي بالضوء على ما أخذه الإسلام عن الوثنية فنقول:

"(1) قالت (دائرة المعارف البريطانية ج 1 ص 1047):
“يرى الباحثون أن الديانة العربية الوثنية هي أصل الديانة الإسلامية.
(2) ويقول الشيخ خليل عبد الكريم في (كتاب: الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ص8ـ12): “إن العرب ـ في الجاهلية ـ هم مصدر الكثير من الأحكام والقواعد والأنظمة والأعراف والتقاليد التي جاء بها الإسلام أو شرعها حتى يمكننا أن نؤكد، ونحن على ثقة شديدة بأن الإسلام ورث من العرب ـ الجاهليين ـ الشيئ الوفير بل البالغ الوفرة في كافة المناحي: التعبدية والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والحقوقية”
(3) ويضيف الشيخ خليل عبد الكريم في (كتاب: الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ص 8): قوله: ” “بل إن هناك مجالا يحرص دعاة الإسلام على إغفاله أو التعتيم عليه، وهو المجال الديني أو التعبدي، فالكثير من القراء قد يدهش عندما يعرف أن الإسلام قد أخذ من الجاهلية كثيرا من الشئون الدينية أو التعبدية)
(4) وقد ضمَّن الشيخ خليل عبد الكريم في كتابه (كتاب: الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية) الكثير من هذه الشعائر التعبدية مثل:

1ـ تعظيم الكعبة: (ص 15)

2ـ فريضة الحج والعمرة والمناسك: (ص 16)

3ـ شهر رمضان: (ص 18)

4ـ تحريم الأشهر الحرم: (18)

5ـ تعظيم ابراهيم واسماعيل (19)

6ـ الإجتماع العام يوم الجمعة: (21)"
"(1) يقول الدكتور سيد محمود القمني (في كتاب الأسطورة في التراث ص 162): إن كلمة [حج] مأخوذة أصلا من فعل الاحتكاك، فهي في أصلها من [ح ك] (انظر: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد على ج 5 ص 223).
(2) ويوضح (كتاب الملل والنحل لأبي القاسم الشهرستاني ص 247) العلاقة بين الاحتكاك والحج بقوله: “أنه كان يمارس في الحج طقس عجيب وهو الاحتكاك بالحجر الأسود“.
(3) وتوضيحا لمعنى الاحتكاك بالحجر الأسود نورد تعليق الدكتور سيد القمني في (كتاب الأسطورة في التراث ص 163) القائل: “أنه كان هناك طقس لدى الجاهليين تؤديه النساء في الحَجَر، وهو مس الحجر الأسود بدماء الحيض، [نتيجة احتكاك أعضائهن به وهن عاريات]… وقد كان دم الحيض عند المرأة في اعتقاد الأقدمين هو سر الميلاد، فمن المرأة الدم، ومن الرجل المَنِيُّ، ومن الإله الروح. وكان في الكعبة إله القمر”. [ويبدو أنه كان في اعتقاد الجاهليين أن هذا الحجر الأسود كان يمثل عضو إله القمر الذكري، وكن يقمن بهذا الاحتكاك بغية الإخصاب والإنجاب].
(4) والتساءل هو: إذا كان معنى الحج في الجاهلية الوثنية هو هذا الكلام فما هو معنى الحج في الإسلام؟ ولماذا يقبلون الحجر الأسود"
"
(1) يقول (الشيخ خليل عبد الكريم في كتابه: الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ص 16): كان العرب في الجاهلية يقومون بذات المناسك التي يقوم بها المسلمون حتى يومنا هذا وهي:

1ـ التلبية [لَبيك اللهم لبيك]
2ـ الإحرام وارتداء ملابس الإحرام.
3ـ وسَوْقُ الهَدْى.
4ـ والوقوف بعرفات.
5ـ والدفع إلى مزدلِفة.
6ـ والتوجه إلى مِنًى: لرمي الجمرات، ونحر الهدْى.
7ـ والطواف حول الكعبة [أيضا] سبعة أشواط [لم تزد أو تنقص في الإسلام ]
8ـ وتقبيل الحجر الأسود [تعظيما له]
9ـ والسعي بين الصفا والمروة.
10ـ وكانوا أيضا يسمون اليوم الثامن من ذي الحجة [يوم الترويَة]

12ـ وتبدأ من العاشر أيام مِنًى ورمي الجمار، وكانوا أيضا يسمونها [أيام التشريق]، (التشريق هو التجفيف أي تجفيف اللحم بنشره في الشمس بعد يوم النحر)

هذه تساؤلات تفرض نفسها على كل عقل متفتح، وتنتظر إجابة شافية من المتخصصين والعلماء"

أرجو أن أكون سلّطتُ الضوء على بعض الأفكار المتداولة لدى الكثير من المسلمين حول مفهوم الجاهلية المفترض، و ما هي الفروق بينها و بين ما هو عليه الإسلام اليوم. لا نهدف من هذا سوى الإفادة، فإن كانت علة ما في هذا الفكر أو ذاك، فأسلوب الرفض و التنكّر أو النكران له، لن يغيّر من حقيقة الأمر شيئاً، و على المسلمين أن ينظروا بعين الواعي و الباحث و المدقّق في أمور و مفاهيم و ممارسات كثيرة سائدة في حياتهم و في أسرهم و في مجتمعاته و في بلدانهم، تجعلهم باقين على ما هم عليه من تخلّف إجتماعي و من خوف من الحصول على المعرفة أو الهروب من مواجهة الحقيقة و الحقائق التاريخية الثابتة، التي لا يمكن نكرانها أو تجاهلها، بالحيلة و المراوغة و البحث عن تبريرات واهية لا تستطيع مواجهة الحقيقة.

يتبع......



__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 23-03-2013, 09:23 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي

مائة سؤال و جواب للتمييز بين الخطأ و الصواب
تابع...
7 - هل يقبل المسلمون الحوار؟
في الحقيقة إنّ أكثر من ثمانين بالمائة من تاريخنا العربي و الإسلامي مزيّفٌ و مزوّر, تلعب فيه الأساطير و المبالغات و تضخيم الأحداث (بما يوافق الأمزجة و الأهواء) و تضخيم عيوب الآخر بشكل غير معقول أو صحيح (من أجل إظهار حسناتنا و تبرير سلوكياتا) فمن المنطقي أن نطرح سؤالا هاماً يتعلّق بهذا التاريخ و هذا التراث العربي و الإسلامي لنقول: من زوّر هذا التاريخ وما مصلحته في ذلك؟ و هل يقبل المسلمون الحوار؟
من الواضح أن الذي قام بتزويرالتاريخ و تزييفه هو المسلمون أولا و قبل غيرهم, إذ ساهموا بهذا مساهمة فاعلة و فعّالة, استطاعوا و خلال قرون طويلة من الزمن أن يقمعوا الفكر الحرّ و يهمشوا العقل ليتسنى لهم نشر أفكارهم بما لا يقبل أي جدل أو نقاش و الإبقاء عليها بربطها بالدين. فعندما مات محمد و ارتد كثيرون عن الإسلام (لعدم قناعتهم به من جهة و لخوفهم من قمع محمد الدائم لمن يقول لا له) فإن أبا بكر الصديق قام بحروبه المعروفة باسم حروب الردة. أي إجبار المرتدين عن الدين على العودة إليه بقوة السلاح و بالعنف و بالإرغام _ ليس بالحسنى و لا بالإقناع _ فقتل من قتل و أرغم الباقون على الرجوع عن ردتهم، و منذ أيام محمد و لغاية اليوم لا توجد حرية فكرية و لا رأي آخر في الاسلام، فإما أن تقبله و إما أن يتم اتهامك و تخوينك و تكفيرك و هدر دمك خاصة متى كنت مسلما و عارضت أفكار الإسلام, فالمرتد كافر و زنديق يجب قتله. و نحن نرى في عصرنا الحاضر كيف يتكالب المتأسلمون على من يعارضهم الرأي, فيقومون بتصفيته جسديا أو بحرقه فكريا و اجتماعيا لدرجة أنهم أرغموا بعض معارضيهم على تطليق نسائهم منهم (نصر حامد أبو زيد) و ما حصل مع الشيخ حسن البنا الذي قتله الإخوان المسلمون في مصر "بعد أن أصدر الشيخ حسن البنا قراراً بعزلة وتعيين السيد فايز قائداً للنظام الخاص بدلاً منة , وبعد أن أصدر البنا بيانه الذى قال فيه " ليسوا إخواناً .. وليسوا مسلمين " وهو ما يعنى تكفير أعضاء النظام الخاص الذين قتلوا رئيس الوزراء النقراشى والمستشار أحمد الخازندار , كما أن السندى كان هو المتهم الأول فى إغتيال زميلة المهندس / السيد فايز الذى حل محل السندى فى قيادة النظام الخاص بعد ذلك"
و المسلمون قتلوا ابن رشد و أحرقوا كتبه, و هؤلاء الذين قتلوا ابن رشد، و هم يكررون اليوم بنفس المنطق ونفس الفكر الظلامي التكفيري." فقد قال الكاتب كاظم فنجان الحمامي في إحدى مقالاته:
"من منكم لا يعرف الرازي والخوارزمي والكندي والفارابي والبيروني وابن سيناء وابن الهيثم ؟. ومن منكم لم يسمع بالغزالي وابن رشد والعسقلاني والسهروردي وابن حيان والنووي وابن المقفع والطبري ؟؟. ومن منكم لم يقرأ لافتات المدارس والمعاهد والسفن والمراكز العلمية والأدبية التي حملت أسماء الكواكبي والمتنبي وبشار بن برد ولسان الدين الخطيب وابن الفارض ورابعة العدوية والجاحظ والمجريطي والمعري وابن طفيل والطوسي وابن بطوطة وابن ماجد وابن خلدون وثابت بن قرة والتوحيدي ؟؟؟. .
لا شك إنكم تعرفون هذه النخبة المتألقة من الكواكب المتلألئة في فضاءات الحضارة العربية التي أشرقت بشموسها المعرفية الساطعة على الحضارة الغربية, ولا ريب إنكم تتفاخرون بهم وبانجازاتهم العلمية الرائعة في الطب والفلسفة والفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم الفلك والهندسة والفقه وعلم الاجتماع والفنون والآداب, وكانوا أساتذة العالم فكرا وفلسفة وحضارة, وتعلمون إن عواصم كوكب الأرض تسابقت فيما بينها لإصدار باقات من الطوابع البريدية الجميلة لإحياء ذكراهم, فحلقوا فوق سحب القارات السبع, ونشروا رسالتهم المعبرة عن مشاعرهم الإنسانية الصادقة بين الشعوب والأمم على اختلاف ألسنتهم ودياناتهم. .
لكنكم لا تعلمون حتى الآن إن هؤلاء العلماء الأعلام صدرت ضدهم سلسلة من الأحكام التكفيرية بقرارات ونصوص متطابقة بالشكل والمضمون مع قرارات محاكم التفتيش, التي كفرت غاليلو, وجيوردا, ونويرنو, وكوبرنيكس, ونيوتن, وديكارت, وفولتير, وحرمت قراءة كتبهم, وبالغت في مطاردتهم وتعذيبهم والتنكيل بهم, فلا فرق بين تلك الأحكام التعسفية الجائرة, وبين الأحكام الارتجالية المتطرفة, التي ضللت الناس, وحرضتهم على قتل الطبري, وصلب الحلاج, وحبس المعري, وسفك دم أبن حيان, ونفي ابن المنمر, وحرق كتب الغزالي وابن رشد والأصفهاني, وتكفير الفارابي والرازي وابن سيناء والكندي والغزالي, وربما لا تعلمون ان السهروردي مات مقتولا, وإنهم قطعوا أوصال ابن المقفع, ثم شويت أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه بأبشع أنواع التعذيب, وان الجعد بن درهم مات مذبوحا, وعلقوا رأس (أحمد بن نصر) وداروا به في الأزقة, وخنقوا (لسان الدين بن الخطيب) وحرقوا جثته, وكفروا (ابن الفارض) وطاردوه في كل مكان."
أما في العصر الحاضر فحدث و لا حرج عن اغتيال المفكر فرج فودة و عن تكفير طه حسين, و لأن ناصرحامد أبا زيد نادى بوجوب نقد الخطاب الديني فقد تم تكفيره و هدر دمه و تطليقه من زوجته بقوة الشريعة و بموجب فتوى تكفيرية اعتبرته مرتداً كافراً، و بموجب هذا فإنّ زوجه ستكون زانية و كافرة, إن هي بقيت معه يا للعار و للخجل الذي لا يفهم معناه هؤلاء المتحذلقون و المتأسلمون المتشدقون الذين يريدون تخريب المجتمعات و هدمها بظلاميتهم التكفيرية الجاهلة و المتخلفة. كما تم الاعتداء الجسدي على نجيب محفوظ و قتل المعارض التونسي شكري بالعيد و غيرهم كثر و القائمة تطول و منهم الكاتب الهندي المسلم سلمان رشدي الذي أهدر الخميني دمه بفتوى و ما أكثر هذه الفتاوى التي تمنع المسلم من السؤال و الاستفسار و الرغبة في البحث بحرية لمعرفة الحق فهي لا تفسح المجال أمام عمل العقل, و لا تقبل بالرأي الآخر إلاّ إذا كان على هواها. هذه الأفعال و الممارسات هي التي منعت من النقد لكل السلبيات الموجودة في الفكر الاسلامي، و حتى مجرد وجهة نظر مخالفة ممنوعة, تركت أثرها على أية فكرة تسعى إلى التحرر الفكري و البحث الجاد, مما ترك أمر الإبقاء على هذا التراث كما هو عليه دون المساس به, فسيف التكفير و ترهيب الناس و تهديدهم بالتصفية الجسدية مسلّط على الرقاب, مما ساهم على نشر هذه الأفكار المغلوطة و بقائها, إلى أن صارت من المقدسات التي يجرم من ينتقدها أو يوجه إليها إصبع اتهام. عندما تغلق الأبواب أمام الحق فمن الطبيعي أن يغيب المنطق و تنعدم الموضوعية و يتم تجاهل الحقيقة، فتسطو الأساطير و الأفكار الضبابية و الظلامية الجاهلة التي تبقي هذه المجتمعات على تخلفها الاجتماعي و جهلها العلمي و بالتالي تمنع تطورها و تقدمها.
تأمل عزيزي القاريء أنّ هناك أكثر من مليار مسلم في العالم (و المسلمون يتفاخرون دائما بكثرة عددهم) لم يقدموا اختراعا واحدا وحيدا للعالم, اللهم سوى صناعة الإرهاب التي هي وليدة هذه الأفكار و حصيلتها الطبيعية و نتيجة حتمية لهذا الموروث الفكري المتزمّت و الإقصائي التكفيري، و هم بارعون به بدون أدنى شك, و قد تجاوزت حدود صناعتهم هذه حدود بلادهم إلى دول العالم الأخرى, فيما يوجد 9 ملايين يهودي في العالم, قدموا للبشرية أكثر من 200 اختراع, و المسلمون و العرب هم من بين الذين يستخدمون هذه الاختراعات في حياتهم اليومية.
ليست لدى العرب و المسلمين الجرأة على الاعتراف بأخطائهم و عيوبهم، و هم يظنون بأنّ التستر عليها أو تبريرها يلغيها أو يجمّلها و يغيّر صورتها. الجمال يكون من الداخل و هو المضمون و ليس من الشكل الخارجي, بل يفعلون عكس ذلك تماما, فهم يستميتون في الدفاع عنها على ما هي عليه من نواقص و عيوب و أفكار خارج عالم المنطق و حكايات هي أشبه ما تكون بالأساطير, يؤخذ بها على أنها من النصوص المقدسة التي لا يجوز المساس بها.
لماذا يخاف المسلمون من النقد؟
سؤال وجيه يجب أن يعرفه كل مسلم، فالنقد هو إبداء وجهة نظر في حالة سلبية أو فكرة غير صحيحة أو سلوك غير مقبول اجتماعيا أو الخ... و النقد عندما يكون موضوعيا فهو هادف و بنّاءٌ و يقصد منه تقويم الاعوجاج، و حين يكون في غير مكانه فهو لا يتعدى حدود كونه إنقاصا من الحالة أو الفكر أو الشخص الذي يطاله النقد. عندما يكون المُنْتَقَدُ صحيحا و ثابتاً و أصيلاً لا تقام عليه الحجة و يضعف أمامه البرهان، فهو لن يكترث بالمُنْتَقِد، لثقته بنفسه و بما هو عليه، و العكس يكون تماما حين يخاف الطرف المنتقَد على نفسه بسبب زعزعة الثقة و بطلان الدعوة.
العقل الحر و الفكر الواعي من حقه أن يسأل و يناقش و يبحث و ليس بالضرورة أن يمتثل لأوامر مسلمات مفروضة عليه، و إلا فلا مكان للعقل و لا للرأي و لا لحرية الاختيار و النقد. أما المسلمون فإنهم يخافون من النقد لأنهم يرون فيه تشكيكا بمعتقداتهم، أو أنه دعوة للتنقص و للبحث عن عيوبهم، (و من يكون على عيوب، فمن الطبيعي أن يتعرض للنقد) كما أنهم يرون في الناقد (حتى و إن جاء نقده صحيحا و في مكانه) أنه شخصٌ حاقد عليهم أو يحسدهم أو لا يريد الخير لهم، لهذا تراهم يتهجمون قبل كل شيء عليه شخصيا و يحاولون الهروب من الفكرة موضوع البحث و النقاش و سبب ذلك يكون على الأغلب اندفاع أعمى و غيرة لا واعية و قلة الحجة و انعدام إمكانية الرد بالمنطق، هم يسوقون كلاما إنشائيا ليس إلا، و لهذا فهم يعجزون عن الرد و النقاش الموضوعي الهادف. و الأهم من هذا أنهم يخافون من كشف بعض عورات تراثهم، و التي كثيرا ما يجهلونها و حين يعرفونها، لا يريدون أن يصدقوها، فيكذبونها و يرفضونها و يهاجمونها و يهربون من مواجهتها. لم أناقش مسلما واحدا في أي موضوع إلا و رأيته قفز ببهلوانية المسلمين المعهودة إلى موضوع آخر لتشتيت الفكرة و لتمييعها و الهروب من مواجهة حقيقتها، تحدثهم عن الشرق فيحدثونك عن الغرب، هذا هو الحال مع أكثرهم بكل أسف!

إنّ تغييب العقل هو ما تسعى إليه المؤسسة الدينية الإسلامية المتحكمة بالقرار الديني كالأزهر و قياداتها و المشرفين على تسيير أمورها و نشر رؤاها على كل الصعد و كذلك في المؤسسة الدينية السعودية لكون السعودية تمثّل الثقل الإسلامي السنّي, و هو واقع تحت تأثير الفكر الوهابي الاقصائي و العنصري الأصولي السلفي، و الخوف هو السبب الرئيس في وجوب تغييبهم للعقل و لعدم السماح بحرية الفكر و بوجوب قمع أي فكرة تحرّرية تدعو إلى تعديل مسار الدين من خلال نقد الموروث غير السليم، و الذي كثيرا ما يتعارض مع واقع الحياة و ما حصل من تطورات على صعيد المجتمع من خلال النهضة التكنولوجية و المعلوماتية التي وصلت إلى كل أسرة و بيت، فالعالم أصبح بفضل هذه النهضة كقرية صغيرة يمكن من خلاله التواصل بين جميع البشر و معهم. الخوف من التغيير هو سبب استمرار هذا القمع الفكري، و أية فكرة مهما تكن، إن لم تجدد نفسها و تسعى إلى تطوير أسسها و مبادئها و أفكارها و ممارساتها، فهي ستظل على ما هي عليه و لن تتمكن من مواكبة تطورات الحياة و لا التعاطي معها أو التفاعل. إن فرض الفكرة الخاطئة بأية قوة، هو عمل غير صحيح و غير مشروع و يناقض سنّة الحياة.
الفكر الضعيف و غير الواثق من نفسه، و غير المتأكد من صحته، هو الفكر الذي يخاف من الآخر، فيشكك بكل ما يأتي به هذا الآخر أو يطرحه من وجهات نظر و من رؤى فكرية أو آراء و مقترحات. الفكر الواثق من أسسه المتينة و قاعدته الثابتة لا يخشى من أي نقد أو رأي أو فكرة مغايرة لفكرته. الإقصاء و التكفير و غيره من ممارسات الترهيب الفكري و القمع الجسدي و غير الجسدي، لن يبرّر استمرارية الخطأ، بل هو يعقّده أكثر، فيستفحل أمره و يصل إلى درجة لا يمكن لأية محاولة نقد أو تعديل أو إصلاح أن تنجح أو تتخلل إلى مفاصله, و هذا ما وصل إليه الإسلام بفعل القائمين على شؤونه و إدارته.
إفساح مجال حرية النقد و احترام العقل هما السبيل الكفيل بأن يخرج الإسلام من المأزق الكبير و الخطير، الذي وضع نفسه به، و رغب بالاستمرار على نهجه على الرغم من كل الانتقادات التي توجه و وجهت إليه من جهات دينية أو من مفكرين إسلاميين تنويريين، لا يروا في كثير من الإسلام صحة و لا صلاحية لهذا العصر، و برأيي أنه لم يكن صالحا لعصره الذي جاء به، و الدليل على ذلك ما رأيناه من حروب و من غزوات و من تعديات و انتهاكات و من خروج عن الدين و حالات ارتداد كثيرة عنه حصلت في ظروف تاريخية مختلفة، لم تقبل بها المجتمعات التي احتلها الإسلام بالقوة ففرض نفسه دون قبول الناس به. ما كان قبل 14 قرنا من الزمن لا يمكن بأي حال أن يتم تطبيقه على هذا الواقع الذي حصلت فيه متغيّرات كثيرة و قفزات علمية و إصلاحية هائلة، وقف الإسلام حيالها موقف المتفرج، فهو لم يدرسها و لم يقيّم تجاربها لكي يستفيد منها، و إنما فعل العكس تماما، فهو شكّك بها و اتهمها بالتآمر عليه، فكفّها و اعتبرها ضد وجوده. هذا هو المبدأ الذي يتعامل به المسلمون مع الآخر.
لقد أوقع الإسلام نفسه في مشكلة كبيرة و عويصة، مما جعله في وضع غير محسود عليه، حين أعلن عن نفسه و قدّم مشروعه للناس على أنه "دين و دنيا" و لهذا فقد بات عسيرا عليه إنقاذ نفسه و الخروج من هذه الورطة، التي سببها لأتباعه، فمجرد التفكير عن الخروج على هذه القاعدة و هذا المبدأ، يكون الأمر متعلقا بالمساس بأسس الدين و تعاليمه و "بشرعه السماوي" إذ كيف للبشر أن يتحدوا إرادة الله و مشيئته في فرض شرعه و تطبيقه؟ فلو كان الإسلام ديناً فقط, كما هي المسيحية، لسهل الأمر أكثر و لتحققت تطورات من خلال اجتهادات تلائم روح العصر الذي نحن فيه، أما و لكونه دنيا أيضا" دين المجتمع والدولة والحياة والعبادة والتفاصيل بكافة أشكالها" فهذا ما جعله قالبا جامدا غير قابل للتجديد أو التحديث أو التقدم من خلال تطويره و حقنه بأفكار جديدة تكون معاصرة. و لكونه دنيا، فهو يعطي لنفسه الشرعية في فرض نفسه على المجتمع و الناس، سواءا كانوا منه أو من أديان أخرى، ففي حال تطبيق مباديء الشريعة المعروفة، فإن جميع القوانين المدنية و الاجتماعية و الإنسانية ، تلك التي توصلت إليها المجتمعات بعد صراعات و نضالات و تضحيات جمّة سوف تتعطل, و برأيي فإن هذه المجتمعات لن تسمح لنفسها بأن تخسر كل هذه الإنجازات لتتقهقر إلى الوراء و تعيد العمل بقوانين قره قوشية غير عادلة و غير إنسانية و هي تتعارض مع جميع مباديء و مفاهيم حقوق الإنسان. و هنا يمكن القول أنّ هذا من الإسلام السياسي الذي خرّب المجتمعات, و الإسلام السياسي حقيقة واقعة و لا يمكن فصله عن الإسلام التشريعي و إلاّ فمن أين يستقي هذا الشق تعليماته ومبادئه وسلوك أفراده ؟ و يقول الكاتب (رعد الحافظ) في مقالة بعنوان (خرافة الإسلام السياسي) ما يلي " الواقع على الأرض يشير بوضوح الى صعوبة الفصل بين شقي الأسلام ,
(العقائدي والسياسي) , فالأمر متداخل بينهما الى درجة يغدو معها من العبث التمييز بين النصوص الدينية وفعل الحركات الأصولية المنتشرة على الساحة والتي تسعى الى السلطة بأي وسيلة , حتى لو كانت التحالف مع الشيطان نفسه .
وما أراه شخصيا من محاولة البعض ,الذين أسميهم ب (أصحاب الأعراف ) , هو محاولة الفصل بين الأسلام كنص وعقيدة ودين... وبين سلوك الجماعات الأرهابية بمختلف أنواعها , ماهو إلا تذاكي من جانبهم مكشوف للجميع ,
بل إن أول المعارضين لذلك التفريق بين الأثنين , هم مشايخ الأسلام نفسه وعلماؤه إن صحت التسمية , وحتى مَنْ يسمون منهم بالمتفتحي" .

أما لكي يكون الشخص المسلم مسلما حقيقيا يعمل بما يدعوه إليه الإسلام، فينبغي عليه أن يكون كارها للغير و حاقدا عليهم(عملا بفكرة الولاء و البراء) . أن يكون إقصائيا فلا يقبل الآخر (لأنه الدين الوحيد الصحيح الذي أنزله الله) أن يشككوا بالآخر بسبب عدم ثقتهم بنفسهم و لضعف حجتهم و انعدام المنطق عندهم (عملا بنظرية المؤامرة المعمول بها منذ أيام الإسلام الأولى). أن لا يثقوا بالآخر(لا تأخذوا اليهود و النصارى أولياء لكم, فهم أولياء بعض). أن يكفّروا الآخر (كفر الذين قالوا.... و الآيات كثيرة, و للتكفير عند المسلمين ثماني حالات). أن يهاجموا الآخر فيشتموه و يلعنوه و يطلقون عليه أقذع الصفات (لعن الله... هناك أكثر من مائة حالة في الإسلام للعن و كذلك الشتم). و متى التقيتَ مسلماً مسالماً و معتدلاً و منفتحاً و متحابّاً مع الآخر (و الحمد لله هم الفئة الغالبة من المسلمين) فإن سلوكهم هذا لا علاقة له بالدين و لا بتعاليم الدين، إنّما هو نابع من طبيعة هؤلاء الأشخاص و من عقلهم النيّر و فكرهم المنفتح، و هؤلاء يمكن العيش معهم بدون أي شعور بالخوف، أما للذين هم على النحو المخالف، فكيف يمكن لهم العيش مع الآخرين، أم كيف سيعملون على إقامة فكر الحوار؟ هذا صعب جداً.
يتبع....
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:27 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke