Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
دهاليزُ الأبالسة بقلم: فؤاد زاديكه الجزء الرابع
دهاليزُ الأبالسة
بقلم: فؤاد زاديكه الجزء الرابع هناك أقوال و حكمٌ و أمثالٌ و غيرها مما نستخدمه في حياتنا اليومية، يجب النظر بمضمونها و إعادة صياغتها على نحو أكثر منطقية و موضوعية و قربا من ملامستها لواقع الحياة، فإما أنها قديمة ظهرت لأسباب و مواقف و ظروف معيّنة انتفى وجودها و زالت أسبابه و بهذا أسباب الاستمرار بالتعاطي معها على أساس أنها حقائق أو شبه حقائق دامغة لا تقبل الجدل، و إمّا أنها صيغت لاعتبارات معيّنة من خلال إطلاق أحكام عشوائية. لا يجب أن يكون تقديس لما لا يقبله العقل و لما يرفضه المنطق بحكم كونه غير ذي مصداقية و لا دقّة في التعبير و لا أمانة في صياغة هذه الأقوال، و حين نستطيع التصدي بجرأة و بحرفيّة المتفهّم العالم لمنطق الأمور و حيثيات الأوضاع و المواقف فنكشف اللبس برفع الغطاء عنها من أجل تصحيحها أو وضعها في مسارها اللازم لها، و إن اضطررنا لإلغائها متى وقفت حجر عثرة في طريق الفهم و الاستيعاب بفرض نفسها على أنها واقع موروث صار بحكم المقدّس أو المنزل فلا يجب المساس به. من هنا يمكن العمل على بعث روح معرفة جديدة حيّة و متفاعلة لا تكون غريبة عن الواقع المُعاش و الملموس و كذل غير متناقضة مع مفاهيم روح الحداثة الفكرية و المعرفية و التي تغتني كلّ يوم بمفاهيم و بمعارف جديدة متطورة قابلة للحياة. دائما يبقى الخوف هو الهاجس الذي يعثّر لدينا أية عملية فكرية انتقالية نوعية كانت أم كمّيةً. لا يجب الركون للخوف و الخضوع له بحجة أن الجديد مجهول الهوية، لا نستطيع إطلاق أحكام مسبقة على أية فكرة أو تعريف أو مفهوم، علينا أن نضع هذه الأفكار و القيم الجديدة و المعارف المنتخبة على أرضية الواقع و الممارسة العملية اليومية لها من قبلنا و الآخرين هي التي ستتوصل إلى خلاصة أحكام بكل تأكيد ستكون منطقية لذا فهي سوف تُرفض عندما لا تتلاءم مع واقع الحياة و الفكر و التطور الاجتماعي أو ستحترم على أساس نجاحها في التعبير عن مضمونها من خلال تلك الممارسة الحياتية _ العملية. و إني قمت باختيار نخبة من بعض الأقوال و الأمثال و الحكم الشائعة في التراث العربي دون أية دواعي أو رؤية مسبقة لهذا الاختيار فهو جاء بمحض الصدفة التي تبعها البحث بعد ذلك فقمت بالمقارنة و بالدرس لما صار من هذا الاختيار الذي كما قلت لم يكن مقصوداً البتة. و سأذكر منها ما يلي على سبيل الذكر لا الحصر راجياً ألا يُساءَ فهمُ المرمى و المقصود من مسعاي هذا فهو من أجل المعرفة ليس أكثر و كلنا نحتاج لتقييم أفكارنا و وجهات نظرنا و رؤانا بما يتفاعل من جديد الحياة و منها تستلزمه الظروف المستجدة و المواقف الطارئة على مسير حياتنا اليومية " المتّهم بريء حتّى تثبُتْ إدانتَهُ " و أرى من الأصح و الأفضل أن تكون صياغة هذا القول الشائع الاستعمال و التداول في عالم القضاء و المحاكم و الاتهام على هذا النحو " المُتّهم مُذنِبْ إلى أنْ يُثبِتْ براءَتَهُ " " الولد ولد و لو عمّرْ بلد" أولا الذي يستطيع تعمير بلد _ بحكم هذه الفرضية المطروحة هنا _ فهو برأيي ليس ولداً أو لا يصحّ أن نطلق عليه هذه التسمية، إن الولد القادر على بناء بلد (و المقصود هنا طبعاً القيام بعمل له شأن و أهميّة ) سيكون جديراً بالاحترام مني و من جميع الناس و من المجتمع لأنه أضاف لبنة جديدة إلى الحياة بمعيار إيجابيّ مقبول و معقول و محترَم. " لا ينفعُ الندم بعدَ فوات الأوان " من خلال التأمل البسيط و السريع لهذا القول المثل يمكن أن يخطر ببالنا أنه قيل من أجل الدعوة للتروّي و الصبر و الأناة في محاولة لعدم الوقوع في ما يمكن أن يدفع إلى الندم و الأسف، لكننا و حين نريد استخلاص العبرة من روح هذا القول لما يمكن أن يكون حافزاً للأفضل بسلوكية و تصرف فإن الشخص الذي يندم على فعلٍ قام به و جلب له أو لغيره ضرراً أو حزناً أو نتيجة غير جيدة فهو بالطبع بل من المؤكد أنه راجع من خلال فعله و نتائج هذا الفعل و انعكاسه السلبي بالمحصلة نفسه و دقّق بسلوكه و قيّم تصرّفه فندم عليه بدافع شعوره بالذنب، و من خلال هذا الشعور المُبَكِّت و هذا الإحساس المجروح فمن المنطقي ألا يكرّر فعلته هذه، بل سيحاول جاهدا عدم الوقوع بها أو بغيرها في المستقبل و من هنا أقول: إن شعور هذا الشخص بالندم سيكون بداية جديدة لعلاقاته مع الآخرين و سلوكيّتها تجاههم. " ظنُّ العاقل خير من يقين الجاهل " كيف يمكن للظنّ أن يكون أفضل من اليقين؟ مهما كان مصدره. فالظنّ حالة شعورية تنتاب الفكر و النفس تكون مختلطة بكثير من الشك أو ببعضه، بينما اليقين يكون خالصا من أيّ شبهة للشّكّ حتى و إنْ جاء من جاهل، فالعبرة بالنتيجة و ليس بالقول أو بالمصدر. " كذبَ المنجمون و لو صدقوا " الكذب مناقض للصدق و هو مختلف عنه كلّ الاختلاف إذ من المستحيل أن يصير الكذب صدقا و كذلك الصدق كذباً. مهما تكن دواعي هذا الكلام فهو ضعيف و يفتقر إلى الدقة و المصداقية، لهذا لا يحق لنا أن نسمع كلاما صادقاً من شخص ما فنقول له أنت كاذب. الكذب هو قول ما يخالف الحقيقة و الواقع المنطقي الذي يدركه العقل و قد تأكد من عدم صوابيته، و الصدق بالمقابل هو قول الحقيقة التامة أو المطلقة دون أي معايير التباس أو عدم وضوح، و لهذا الاعتبار المنطقي و الموضوعي فإنّ العمل بمضمون هذا القول هو إجحاف بحقّ الناطق بالصدق و بالحقّ و هو تشجيعٌ لممارسة مفهوم الباطل على حساب الحقّ. " الخط ُالحسنُ يزيد الحق وضوحاً " ما علاقة حسن الخط أو رداءته بقول كلمة الحق؟ إنّ هذا القول يأتي من رجل ذا علم و معرفة و بلاغة و بيان، إلاّ أن هذا لا ينفي واقع أنه قال هنا كلاما غير دقيق و لا يمكن اعتباره مقياسا لاقرار الحق أو لتوضيحه، فوضوح الحقّ لا يحتاجُ حُسنَ الحرف مثلا. قد يقول أحدنا أراد بهذا تشجيع الناس على تعلّم الخطّ و ممارسة فنونه و إتقان أصوله، هذا أر جميل لكن أن يربط هذا النصح و هذه الدعوة بإظهار جلال الحق و جلائه أكثر من الخطّ الرديء فهو بعيد عن الإقناع المنطقي. إنّ الحق يبقى حقّا و لو كُتِبَ بأسوإ خط. كان من الأجدر قوله مثلا: إن الخطّ الحسن يزيد وضوح الفكرة. بكل تأكيد هناك أقوال مأثورة و أقوال غير مأثورة و أمثال شعبير أو عربية قديمة و جديدة أو مما جاء من نصوص التراث و كل ذلك فيه الكثير مما يمكن إعادة النظر بها مجدداً من حيث ملاءمتها أ عدمها أو موضوعيتها أو منطقيتها التي صارت موضع شك أو عدم قبول. الأمثال و الأقوال و الحكم تكون عادة هي التعبير عن ثقافة المجتمعات و الشعوب و عن أفكارها و مفاهيمها و تطلعاته و وجهات نظرها لأنها تختصر حال المجتمعات بلحظة معينة أو موقف بحد ذاته أو بحالة قد لا تتكرر مرة أخرى و ظلّت تمارس مع الأيام ليصبح بعضها شبه مقدس أو مسلمّاً به. و لكي ننوّر أفكارنا علينا أن نغربل بعض هذه الأمثلة و أن نعيد تقييمها من خلال الكفّ عن ممارستها في الحياة اليومية من خلال الاستشهاد بها كوقائع منطقية و أحكام مسلّم بها. يتبع...... |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|