Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
الإنسان و المعرفة بقلم: فؤاد زاديكه
الإنسان و المعرفة بقلم: فؤاد زاديكه تزداد معارف الإنسان, و تتسع مداركه كلّ يوم و ساعةٍ و لحظة, عندما تختمر لديه الأفكار, و تتعمّق جذورها في تربة العقل, فتخلق فرصاً أكيدة للنهوض بالوعي, الذي يقتنصها ليحوّلها إلى إبداع فكريّ متألّق و متفاعل مع حركة الكون و صيرورة الحياة, و مع ما يحيط به من أطراف تشاركه هذه الحياة. إنّ هذا التفاعل المتواصل, يفتح آفاق جديدة من ضروب الثقافة المتنوّعة, و بالطبع فإنّ هذا الخلق الجديد لأيّة فكرة لا يكون بمعزل عن الماضي و تأثيراته و مؤثراته, لأنّ ماضي الشخص هو الركيزة الأولى لتكوين المعرفة و الإدراك, و هو اللبنة الأساس التي بنيت عليه الشخصية ككيان حيوي فاعل و واعي. يقول ( جوزايا رويس ) " أن الأفكار تعني المعلومات القابلة للمعرفة ولا يوجد شيء غير قابل للمعرفة عقلاً وإلا فإنه بمثابة الرمز عديم المعنى لا يمكن قبوله والاعتراف بوجوده والإقرار به لتناقضه مع آليات العقل." من المؤكد بأنّ العقل البشري هو عبارة عن موضع تتخزّن فيه الأفكارو المعارف و كلّ ما يستجدّ من أمور و خبرات و مواقف حياتيّة ممّا يطوّرها في وقت ما و تحت ظروف ما لتكوين الخبرة و المعرفة و إطلاقها إلى حيّز العمل و التنفيذ. يقول (( نبيل علي )) : " إن علم النفس المعرفي أثبت أن هناك علاقة عضوية بين الكيفية التي يصنع بها العقل المعرفة والكيفية التي تصنع بها المعرفة العقل، ولإدراك مغزاها لابد من فهم منهج التربية في مجتمع المعرفة وتساؤلاته التي لا تقتصر على : كيف تصنع المعرفة العقل بتنمية قدراته لاكتساب المعرفة وحسب، بل كيف يصنع العقل المعرفة بتنمية قدراته لإنتاج معرفة جديدة ؟ ".فالمعرفة لا تأتي من ذاتها و إنّما من تفاعل بين الحدث المعرفي و الجديد من الأفكار تفاعلاً فاعلاً مع العقل, لأنّ العقل هو الذي سيقوم بالمحصّلة الأخيرة, و بعد خلق التوازن و التقييم و الاستنتاج و الاستخلاص, بتكوين هذه المعارف, لتصبح رصيداً للإنسان في معركة الوجود. و لهذا فإنّ المجتمع المتخلّف ليس بمقدوره أن ينتج معارف و أنْ يكوّن خبرات لتعطيل مفعول العقل و لتهميش دوره في الحياة. إنّ المعرفة هي الخبرة المكتسبة, و لن تأتي أية خبرة مكتسبة إلاّ عن طريق التفاعل و الممارسة و العمل الدؤوب. تزداد معارفنا غنىً بالقدر الذي نولي العقل اهتماما و نعطيه الأولوية في حسم الأمور, لأنّه الفاعل المؤثر الحقيقي و هو مصدر الطاقة المعرفية بعد بلورتها و تكوينها على ما تكون صارت إليه بالنهاية. أمّا الثقافة و مصادر الثقافة فهي سبيل واسع و كبير لدخول باب المعرف و لاستكشافها و لتحصيلها, لذا يجب التواصل الدائم مع كلّ مصادر الثقافة على تعدّد مضاربها و اتجاهاتها و توجّهاتها. تتوفّر معلومات هائلة و غزيرة و كثيفة في فترة زمنية وجيزة, قد تكون أقصر ممّا نتصوّر, و من أجل هذا فإنّه ينبغي على العقل أن يكون يقظاً متأهباً و متهيأً على الدوام لمواجهة كل جديد و تعقّبه و التفاعل معه لاستخلاص زبدة المعرفة, و التي ستكون زوّادة العقل بمسيرة الإنسان الحياتيّة. و كلّما زادت المعرفة غنىً و تنوّعاً, كلّما كان الإنسان قادراً أكثر على التحمّل و الاستيعاب و التفهّم و الإدراك. إنّ العقول هي التي تنتج المعارف, و ما على الإنسان سوى التعامل مع المستجدات من خلال العقل و الفهم و الإدراك, أما ما عدا ذلك فهو وقوعٌ في ورطة الجهل و التخلّف و الانغلاق, و العزلة عن المحيط و الكون و الناس. عندما تتوافر المعرفة, ينشط العقل و تقلّ بذلك فرص الفشل و تتضاءل إمكانية الانهزام أمام عوائق الحياة أو الوقوع في مطبّات اللافهم و اللاوعي.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|