Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
مَنْ نحنُ؟ بقلم/ فؤاد زاديكى
مَنْ نحنُ؟
بقلم/ فؤاد زاديكى ... لأنّنا حَشَريون, نَحْشِرْ أنوفنا في كلِّ شيء, كلّ أمر, كلّ حركة, كلّ حالة, نريدُ إثبات قدراتِنا الخاصة ومهارتنا المسمّاة بالذكية تجاوزًا ضمن مُعترضتين, أمام الآخرين على حساب طاقاتهم التي نغفلها و نتغافلُ عنها عمدًا لِنُقصيها عُنوةً, ليس بما يدعو للتفاهم ولا ما يوجبُه السلوك السويّ القويم. دفعنا بكلِّ هذا المجهود كي نجعل الشمس تُشرق من الغرب في محاولة لخَرق طبقة الأوزون, وقَلبِ معايير الحياة. أجل إنّنا حَشَريون, هكذا تَعَلّمنا في المدارس وعلى هذا النّحو كانت تربيتنا الأُسريّة وثقافتنا التي جاءت مفروضة علينا, ضمن توجّهٍ مُعيّن أدركنا مدى خطورتِه فيما بعد. نحنُ حَشَريون نعتبر أنفسنا أفْهَمَ الناس وأعلاها شكيمةً ثقافية وأكثرها غرورًا مَعرفيًّا, لا نُريدُ الخيرَ لغيرِنا, نَسْعَد عندما يشقى آخرون و يتألمون, نهلّل ونكبّر عندما يكبو جارنا فيسقط أو تحلُّ عليه مصيبة, نسخرُ من فشلِ علاقة حبّ بين متحابّين ناضل كلاهما من أجل هذا الحبّ, نبحث عن منفذٍ للوصول إلى امرأة تمّ تطليقُها حديثًا, ننظرُ إلى مالِ غيرنا لنشتهي أن يصيرَ لنا, يَضعفُ إيمانُنا بالحياة, لأنّنا بعيدون عن معرفة الحقّ. نحن حَشريون ومنافقون و "مصلحجيون" لأبعد الحدود, مَلّاقون نُخفي عيوبنا تحت ألف صخرة وصخرة لنُظِهر عيوب غيرنا وننشرها على حبلِ غسيل, نحنُ نكذب كثيرًا على الغير كما على أنفسنا. حين ينفردُ أحدنا بنفسه وقبل خلوده للنّوم قد يفكّر بما فعله اليوم وقد لا يُفَكِّر لتبقى أنانيّته وحَشَريّتُه ودواعي كذبه ونفاقه ليومٍ آخر. نحنُ لا نستحقّ النّعمة التي نحن عليها, مهما كان مصدرُها ولن نَختلفَ معًا في وجهاتُ نظرٍ حولَ مصدرِ هذه النّعمة, لأنّها موجودة بيننا و هذا هو الأهمّ, إذ علينا أن نستغلّ وجودَها لننعمَ بهِ دون إنكارٍ و نُكران أو إجحافٍ لامتنان و غباءٍ يسيطرُ على الإنسان. نحنُ أُناس مُفْرِطون بكلّ جمائل الخير ومُغتالون لكلّ أزهار الفضيلة في مجتمعاتنا, نحن قُساة القلوب, ضِعافُ الإرادة, عديمو المعرفة. لهذا سنبقى على حَشَريّتنا إلى أبد الآبدين. نحنُ حَشَريّون لأنّ قابليتنا للتفاعل مع منطق الشرّ أكثر من الجهة الأخرى المُقابلة للخير فينا. عندما نمارسُ إنسانيّتنا بعمقٍ صحيح و بسلوكيّة أمينة, و عندما يقوى إيماننا بوجوب مُحافظتنا على ما في الحياة من جماليّات و فضائل و نِعَم و خيرات عندئذ تقلّ حِدّةُ حَشَريّتنا بل هي ستنعدمُ في ظلّ هذا التغيير الحاصل, لكنّ السؤال كيف يمكن ذلك؟ أو كيف سيكون ذلك؟ بكل بساطة سيكون كل ذلك مُيسّرًا وحاصِلًا عندما نضعْ أنفسنا موضع الآخرين في أحكامنا وسلوكيَاتنا وقراراتنا وتعاملِنا مع النّاس. فلا أحد يرمي إلى إلحاق الأذيّة بنفسه, وحين نكون على هذا السعي فمن المنطقي أنّنا لن نسعى لأذية الآخرين لكونهم نحن. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|