Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
الأسد وولاية الثعالب بقلم/ فؤاد زاديكى القسم الأوّل
الأسد وولاية الثعالب بقلم/ فؤاد زاديكى القسم الأوّل يُعرف عن معشر الثعالب حيلهم الكثيرة, والتي غالِبًا ما تنطوي على جنس البشر. وكم من أناسٍ وقعوا ضحيّة حبائل مثل هذا المكر والخداع الذي يمارسه الثعالب بكل عناية وقد اكتسبوا مع مرور الزّمن ومن خلال التوارث الثعلبي خبرة ودراية في كيفيّة جعل الحيلة تنطلي على الناس وعلى غيرهم من الحيوانات أيضًا. وعلى الرغم من ذكاء الإنسان الكبير ومن معرفته بأساليب الثعالب وحيلهم فهو لم ينجُ من الوقوع في أحابيل هذه الحيل التي انطلت عليه أكثر من مرة ووقع ضحية لها. أفاق بعد فوات الأوان وعقد العزم الجادّ على ألاّ يقع مرّة أخرى فريسة تلك الخدع لكنّ حظوظه كانت عسيرة وعزمه خرّ صريعًا أمام أُولى محاولاته لكشف ألاعيب الثعالب وتجنّب غدرها. يحكى أنّ ثعلبًا كان بزّ أقرانَه من معشر الثعالب في أساليب الحيلة والذكاء والخداع حتى اعترف به جميع أبناء الولاية التي كان يعيش فيها زعيمًا لها وقائدًا. كان يُحسن إدارة شؤونهم وكانوا راضين عنه كلّ الرّضى, وعن القرارات التي كانت تصدر عنه والتدابير التي كان يتّخذها فيما يخصّ ظروف تحسين معيشة جماعة الثعالب وأحوالهم في تلك الولاية التي كانت تتبع مملكة الأسد, ملك الغابة والحيوانات. لقد أنشأ الثّعلب الجمعيّات الخيرية وأنفق الكثير من الأموال من أجل تقديم إعانات مادية أو عينيّة للمحتاجين من جماعة الثعالب وذلك على شكل مِنَح دائمة تُعطى لهم, وكان بالإضافة إلى ذلك لا يكفّ عن القيام بجولات تفقّدية لأبناء الولاية أحيانًا بشكل علني ومكشوف في وضح النهار يرافقه بعض الثعالب من الحاشية التي كانت حوله, وأحيانًا أخرى كانت زياراته التفقّدية تأتي مفاجئة ودون سابق معرفة أو علم. لكي يقف عن قرب على حالِ مواطنيه ويتعرّف على مشاكلهم ويقوم بإيجاد الحلول الفوريّة لها, ولهذا فإنّ جميع الشّعب من أمة الثعالب - في هذه الولاية - كان يشعر بالأمان والراحة وبالمساواة والعدالة التي لم تفرّق بين هذا أو ذاك فالكلّ كانوا سواسية أمام القانون, ونظرًا لحسن معشر هذا الثعلب الحكيم ولعدالته وتوفيقه المميّز في إدارة شؤون الولاية تمّ انتخابه لعدّة فترات متتالية ولسنواتٍ طويلة. كانت الثعالب في عصره على أفضل ما يكون من الهناء والعيش الرغيد والرّضا, وعرف عن مجتمعه هذا أنّه كان متماسكًا متحابًّا متراصًّا متى هدّدتهم مخاطر خارجيّة, فتقوية الجبهة الداخلية هو السبيل الأنجح لمقاومة أيّة أخطار خارجيّة قد تتعرّض لها الولاية ولهذا فهو لم يترك حاجزًا فاصلًا أقامه بينه وبين الشعب بل على العكس من ذلك فقد أقام تواصُلًا دائمًا واحترامًا بينه وبينهم ولَئِنْ كان هو الوالي عليهم فهو ظلَّ يحترم كلّ ثعلب منهم ولا يُغبن له حقًّا وأستطيع القول - إنّ مجتمع الثعالب هذا وفي عهد هذا الثعلب الحكيم - نفّذ الكثير من بنود جمهورية أفلاطون وطبّقها على واقعه الثعلبيّ! كان الجميع يقف خلف الثعلب الحكيم وقفة ثعلب واحد ليس بسبب ترهيب منه أو تخويف أو أساليب قمع استخدمها ضدّهم ليرضخوا لذلك, بل كان العمل تلقائيًا عفويًّا نابعًا من حبّ حقيقيّ له, ولِمَا قامَ بهِ من إنجازاتٍ عظيمة في جميع الفترات المتتالية التي حكمهم فيها وأدار شؤونهم, وحين كانت تلمّ به وعكة أو يحصل له ما لم يكن محمودًا فإنّ المجتمع برمّته كان يقف إلى جانبه ويؤازره ويعينه على تجاوز المحنة والتغلّب عليها, وبإرادة الصمود التي كانت لديهم في البقاء خلف زعيمهم مهما حصُل من أمر, كانت تقوى عزيمة الثعلب الحكيم ويصبح أكثر رحمةً واعتناءً بشعبه وخدمةً له. عاشت الولاية في عهده حالة جيّدة من الرخاء الاقتصادي ومن الطبيعي أنْ تظهرَ وتوجد بعضُ المنغّصات من فترة إلى أخرى غير أنّه استطاع بحنكته وتعاون الثعالب معه, حيث كان يعتمد عليهم في الاستشارة ولم يكنْ يستبعد أحدًا من حاشيته عن إبداء الرأي بل كان يأخذ بكلام الجميع ويتمّ مناقشة الأمر أو المشكل وبيان وجهات النظر المتعدّدة التي كان يتمّ اقتراحها وبعد ذلك يتوصّل الجميع إلى اتّخاذ القرار الصائب بالأكثريّة الاختياريّة والاستشاريّة وليس بالفرض والهيمنة والغصب, بهذا استطاع هذا الثعلب الذكي أنْ يجعل من ولايته ولايةً قويّةً صارت مَضرِبَ المثل بين الولايات الأخرى من ولايات الحيوانات التي كانت تتبع مملكة الأسد. يتبع ... |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|