Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
عُملةُ النِّفاق بقلم/ فؤاد زاديكى
عُملةُ النِّفاق بقلم/ فؤاد زاديكى كثيرًا ما ترد كلمة (نفاق) في سياق ردود بعض المشاركين على منشورات عندما لا تناسب هذه المنشورات أمزجة هذا البعض أو هي لا تتوافق مع أهوائه وميوله الفكرية, ولا أعني بهذا القول أشخاصًا معيّنين بل أنّه حكمٌ عامٌّ أردت من خلاله اليوم أن أتوقّف عند مفهوم كلمة النّفاق هذه الكلمة, التي لها معانٍ كثيرة منها ما هو ذو دلالة اجتماعية أو أكاديميّة أو سلوكيّة وقد استطاع الإسلام أن يحشر هذا المفهوم في الشّريعة لِتوضَع له أحكامٌ وأنواعٌ وتُكتب فيه اجتهادات وبحوثٌ الخ... فالنّفاق لغويًّا: هو من (نافقَ) نفاقًا وهو إِظْهَارُ الْمَرْءِ خِلاَفَ مَا يُبْطِنُ. وهو مأخوذ من النّافقاء: أحد جحرتي اليربوع، إذا طُلب من واحد هرب إلى الآخر وخرج منه، وقيل: هو من النّفق. وقد استنبط الإسلام من هذه الكلمة حكمًا شرعيًّا وقسمه إلى قسمين: "نفاق أكبر وهو الذي يخرج من الملة، وهو ما تعلق بالقلب، فيكون صاحبه مظهراً للإيمان ومبطناً للكفر، وأمّا النّوع الثّاني فهو النّفاق الأصغر، وهو ما تعلق بالعمل والجوارح، ويسمّى كذلك بالنّفاق العملي، وهو الذي قال عنه نبي الإسلام:" أربعٌ مَنْ كُنّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النّفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" لكنّ المسلمين, وبكلّ أسف هم أكثر شعوب العالم عملًا بالنّفاق فمبدأ التقيّة في الإسلام هو ممارسة النّفاق بروح جوهره والتقيّة كمصطلح ديني هي اخفاء معتقد ما خشية الضرر المادي أو المعنوي. و أهل السنة والجماعة والاثنا عشريّة متفقون على مسألة التقية ولكنّ الخلاف في معناها واستخدامها.وقد صدق الغزالي عندما قال :"ذو اللسانين من يتردّد بين متعاديين، ويكلّم كلاً بما يوافقه، وقلّ من يتردّد بين متعاديين إلاّ وهو بهذه الصفة، وهذا عين النفاق . أمّا النّفاق الاجتماعي فإنّ مِنْ أهم ظواهره هو السكوت عن الخطأ، والتملّق لنيل الرضى خوفًا من الفقدان والخسارة لمن هم في مواقع السلطة وصنع القرار. وقد ينشأ النفاق الاجتماعي بسبب شعور الشخص بالنّقص محاولًا التعويض عنه, وقد يُستخدم كنتيجة لحاجة هذا الشخص بسبب حالة الفقر والعوز والحاجة التي يعاني منها, ولا يمكن اعتبار هذا ذكاءً اجتماعيًّا فهناك مَن يخلط بين الذكاء الاجتماعي والنّفاق الاجتماعي وربّما تكون التحولات الاجتماعية والتغيرات البنيوية في تركيبة المجتمع هي السبب للجوء الشخص إلى مسعى النّفاق, لكنْ ومهما يكن السبب فإنّ النّفاق حالة مرضيّة تضرّ بالعلاقات الاجتماعية وتساهم في زعزعة الثقة وبالتالي انعدامها بين النّاس على حساب المصلحة الشخصيّة. قرأت مقالًا لصديقنا الكاتب المغربي الأستاذ (سعيد ناشيد) في الكترونية (العرب) بعنوان (ما هو النّفاق؟) وبالمناسبة فإنّي أوجّه له كلّ التحيّة والتقدير على صراحته وجرأته فهو وضع اليد على نزيف الجرح بل الجروح وسأختصر من مقاله هذا إشاراتٍ إلى روح النّفاق التي يمارسها بعض العرب والمسلمين من أجل الحصول على مكاسب بفعلٍ يتناقض مع ما يعلنونه أو يُظهرونه أمام الملأ: "ليس هناك من نفاق أسوأ ولا أدنى من أن تطالب بتطبيق الشريعة في بلدك ثم تهاجر للعيش في بلد علماني" "ليس هناك من نفاق أوقح ولا أقبح من أن تطالب بزيادة مواد الإسلام في المنهاج المدرسي ثم تسجل أبناءك في إحدى مدارس البعثة الفرنسية أو الأميركية" "ليس هناك من نفاق أسخف ولا أقرف من أن تطلب من "بائعة الهوى" أن تقول لك زوّجتك نفسي على سنّة الله ورسوله وفي الصباح تمنحها بعض المال وتقول لها أنت طالق" "ليس هناك من نفاق أبشع ولا أشنع من أن تدخل المسجد لتدعو على الكفار بالويل والثبور وعظائم الأمور ثم تخرج منه لتطلب المعونات من الكنيسة" "ليس هناك من نفاق أصغر ولا أحقر من أن تشتُم أميركا وتحرق العلم الأميركي في كل مناسبة أو دون مناسبة ثم تقف في طابور سفارتها أو قنصليتها لأجل الحصول على التأشيرة" "النفاق هو أن تبتهج بوجود مساجد كبرى وفاخرة في قلب نيويورك ولندن وباريس، أو تبتهج بمشهد شاب غربي يردد الشهادتين ولو بصعوبة خلف شيخ في مسجد من عواصم الغرب، لكنك في الأول وفي الأخير تعتبر ذلك انتصارا للإسلام! ولا تراه انتصارا لقيم حقوق الإنسان وللحريات الفردية والحريات الدينية داخل الحضارة الغربية. بل، تقيم الدنيا إذا علمتَ أنّ قسّا قام بتعميد مسلم واحد ولو داخل الفاتكان، وتظنّ ذلك مؤامرة ضدّ الإسلام والمسلمين!" "النفاق هو أن لا تكترث لفساد الرّشوة، وفساد جهاز القضاء، وفساد التهرّب الضريبي، وفساد تبييض الأموال، وفساد الغش في السلع، وفساد مافيات المخدرات والميليشيات الجهادية وتهريب الأسلحة، ثم ترى الفساد كل الفساد في مجرّد تنورة أو سروال قصير أو قبلة في لوحة إشهارية" "النفاق هو أن تعلَم علم اليقين وبالأرقام بأنّ المجتمعات الأكثر تدينا في العالم هي أيضا الأكثر فسادا في الإدارة، والأكثر ارتشاء في القضاء، والأكثر كذبا في السياسة، والأكثر هدرا للحقوق، والأكثر تحرّشا بالنساء، والأكثر اعتداء على الأطفال، ثم تقول للناس: إنّ سبب فساد الأخلاق هو نقص الدين. فيا للوقاحة!" "النفاق هو أن تشعل الفتنة الطائفية في العراق وسوريا وباكستان..، وتوقظ الحرب القبلية في ليبيا واليمن وأفغانستان..، ثم تقول إنك تقاتل من أجل وحدة المسلمين. فيا للمصيبة!" "النفاق هو أن تعتبر كل نساء الأرض ناقصات عقل ودين، وعورات، وحبائل الشيطان، وحطب جهنم، إلا أمّك فإنّ الجنة تحت أقدامها!" "النفاق هو الجحيم. لهذا، (إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار) صدق الله العظيم" وأختمُ منشوري هذا بتوجيه القول إلى هؤلاء المنافقين: "رغم كلّ هذا الحرص على التخفي وإبقاء النفاق مضمرًا في القلب لابدّ أنْ تأتي اللحظة التي لا يملك فيها المنافق أقواله وأفعاله، عندئذ تخرج الأضغان ويفتضح الأمر، وحينها يُعرف المنافق (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ) وأقول أيضًا ما قاله الشاعر: ومهما تكنْ عند امرئ من خليقة *** وإنْ خالها تَخفى على الناس تُعْلَمِ إنّ نتيجة النّفاق معروفة فهي تقود إلى نهاية سيئة, لأنّها تقوم على أساس باطل غير حقيقي همّه الوحيد الكسب والفائدة يبرّره بأفعال أكثر نفاقًا, وسيتمّ كشف هذا النّفاق وينفضح أمر صاحبه. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|