Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-05-2019, 12:22 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,049
افتراضي لماذا خلقَ اللهُ الإنسان؟ بقلم/ فؤاد زاديكى

لماذا خلقَ اللهُ الإنسان؟



بقلم/ فؤاد زاديكى




لماذا خلق الله الإنسان؟ وما هي غايته من عمليّة الخلق هذه؟ بالطبع سؤالٌ ليس بجديد البتّة فهناك كثيرون تناولوا هذا الموضوع بالنقاش وبعمق فكري لكنّ الصفة الغالبة من خلال الردود إنّما حَصرتِ الإجابةَ على ذلك في جانبها الدّيني أكثر من جوانبها الإنسانيّة – الحياتيّة والمعرفيّة الأخرى. فإذا كان قصدُ الخالق من خلقه هو أن يعبده كما جاء في سورة الذاريات الآية 56 (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وفي (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلصينَ لَهُ الدّين) فهل الله الخالق بحاجة لأنْ يخلق إنسانًا فقط ليعبده؟ أليس في هذا الفهم والتصوّر جانب أناني من الله الخالق متى كان غرضه من عملية الخلق هو هذا؟ هل هو ضعيف إلى درجة أنّ غرضه هو تعظيمه وتمجيد اسمه وتسبيحه ليل نهار؟

إذًا للخالق هدفٌ من خلقه للإنسان إذ ليس من المعقول أن يكون الخلق عملية عبثيّة دون هدف أو غايةٍ أو قصد (وَما خَلَقنَا السَّماءَ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما لاعِبينَ) فالخالق لا يلعب ولا يلهو من خلال غايته من الخلق. فما هي الغاية الأساسيّة من عمليّة خلق الإنسان والحياة ككلّ؟ يقول القرآن: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ومع أنّ المعنى المُراد هنا من الخلق هو أن يعيش الناس مع بعضهم حياة اجتماعية, يتعارفون فيها على بعضهم البعض إلّا أنّه يعود ليؤكد حقيقة وجوب عبادة الله أي سببه هو العبادة.

يُمكن القول بأنّ الخالق كرّم الإنسان بالعقل والذي من خلاله يُدرك الأمور ويفرّق ما بينها وهو يعمل على تحسين ظروف حياته المعيشيّة والإنسانيّة ليكون أكثر التصاقًا بروح الخير من أجل الحياة في طريقة إغنائها بالمزيد من الخبرات والمكتسبات والإنجازات التي تُريح حياته وتوفّر له سُبُل عيش رغيد وكريم وتساهم في تطوّر وتقدّم هذه الحياة.

قرأت نصًّا مسيحيًّا حول الهدف من عملية الخلق أراه أكثر منطقيّة من التصوّر الإسلامي لها وأقرب إلى التحليل العقلاني علمًا أنّه الآخر لا يبتعد كثيرًا عن هذا المنحى أختصر منه التالي: "هل خلق الله الإنسان لكي ما يعبده ويسبحه ويمجده؟

كلا.. لأنّ كل هذه نتائج وليست أسبابًا.. لقد خلقنا الله فنحن مدينون له ولذلك نقدم له العبادة والشكر والتسبيح، ليست كفروض وقيود وواجبات ثقيلة، ولكنها علامة حب وامتنان وتقدير له.. لو خلق الله الإنسان لكي ما يعبده فمعنى هذا أن الله كان ينقصه عبادة الإنسان، بينما الله كامل في ذاته متكامل في صفاته منزَّه عن النقص.. لم يكن الله محتاجًا قط لإنسان أو ملاك لكي ما يعبده.. الله لم يكن يعاني من نقص معين فعوَّضه بخلقه الإنسان، وعلى حد تعبير الآخرين أن الله غني عن عباده، ونحن نصلي في القداس الإلهي (خلقتني كمحب للبشر.. لم تكن أنت محتاجًا إلى عبوديتي بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك. من أجل تعطفاتك الجزيلة كوّنتني إذ لم أكن) كان من الممكن أن لا يخلق الله أيّ كائن آخر ومع ذلك فإنّ كماله لن ينقص ولا سعادته تتغير، وليس كما تصوَّر بعض الجهلة بأنّ السأم والملل تسلّل لله عبر الزمان فتسلّى بخلقه الطغمات الملائكية لكي ما تسبحه، وعندما عاد إليه الملل والسأم ثانية خلق الإنسان لكي ما يعبده"

يقول الكتاب: "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" ولكنْ في البّرّ والتّقوى, و حين تضعف إرادة الإنسان أمام الظروف القاهرة وصعوبات الحياة الكثيرة والمترامية الأطراف فإنّه سيفقد بعض روحانيّة الصورة التي تمّ خلقه عليها, فقد ينحرف أو ينجرف أمام سيول الطمع والأنانية وغيرها من مغريات الحياة لينفصل عن الله الخالق, وبالطبع فليس للخالق أيّ ذنب أو مسؤولية تقع عليه في تهوّر الإنسان حينذاك, فهو خلقه وأعطاه العقل وليس من المعقول و من المنطق أن يفكّر الله عوضًا عن الإنسان أو يتصرّف بدلًا من إرادته, فحريّة الاختيار لدى الإنسان هي التي تقوده إلى فعل الخير أو ارتكاب الشرّ. لهذا من الخطأ القول أنّ كلّ شيء يحدث بإرادة الله الخالق, أجل يحدث كلّ شيء بمعرفته وبعلمه لكن لا يتدخّل بشكل مباشر وإلّا لَصارَ الإنسان عبدًا مُسيّرًا مأمورًا لا قيمة للحريّة ولا للإرادة التي يتمتع بها كمخلوق.

قد يختلف معي البعض وقد يؤيّد وجهة نظري التي أقول من خلالها: إنّ الهدف الأسمى من خلق الإنسان هو أن يُدرك حقيقة وجوده في الحياة وأن يعمل من أجل رفع سويّة عطائه بما فيه خير الحياة والمجتمعات الإنسانيّة, وكذلك أنْ يختبر ذاته وإرادته وأن يساهم في عمليّة التفاعل مع الناس الآخرين من خلال التواصل والتقارب والتراحم فالجميع إخوة في الإنسانيّة, وعندما يستطيع تحقيق مثل هذه الشعارات الإنسانيّة فلا شكّ أنّه سيشعر بالرضا و الطمأنينة و راحة البال التي ستجلب عليه السعادة والشعور بالراحة, قد تكون القيم الإنسانيّة من خلق الإنسان عبر مراحل طويلة من الخبرة والتجارب الحياتية تخلّلتها انتكاسات وإحباطات إلى أنْ تبلور لديه مفهوم لتلك القيم فوضعها كضوابط أخلاقيّة – اجتماعيّة يلتزم بها ويهتدي بهديها فتكون هي بوصلة الأمان.

قد يبحث الإنسان بفطرته عن الله أو القوّة الخارقة التي تتحكّم في مصير الكون بسبب شعوره بالنّقص والضعف, وهذا ليس أمرًا مُعيبًا إذ له تبعات إيجابيّة فالذي يؤمن بوجود قوّة عظيمة في هذه الحياة تسيطر على كلّ شؤون الكون, قد لا ينساق إلى طرق الهلاك النفسي والجسدي لأنّ شعوره بوجود الرّادع سواءً في عالمه الذي يعيشه أو في ما بعد ذلك العالم قد يخفّف من وُغُوله العميق في متاهات الظلمة والشرور والأفعال التي تُلحق الضرر بالحياة والنّاس (فماذا ينفع الإنسان لو ربحَ العالمَ كلّه و خَسِرَ نفسه؟). إنّي واثقٌ مِنْ أنّ لله حكمةً في خلقه للإنسان وقد يُدركُ الإنسان معاني تلك الحكمة الجليلة وقد يجهلها أو يجحدها.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:30 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke