Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
موقفٌ ندمتُ عليه بقلم/ فؤاد زاديكى
موقفٌ ندمتُ عليه بقلم/ فؤاد زاديكىفي حياة الناس بعض المواقف, التي يبقى أثرُها وتأثيرُها على الشخص لأمدٍ طويل, وقد يشعر من جرّاء ذلك بخيبة كبيرة و ندمٍ شديد, خاصّةً عندما يشعر ويثق بأنّ النتائج الجيّدة كانت مُستحقّة و في متناول اليد, وما كان ذلك ليتطلّب أكثر من جهدٍ ومثابرة من أجل تحقيق ذلك الهدف. كنتُ في العاشرةِ من عمري (أي في المرحلة الابتدائية وكنّا في تلك الأيام نسكن في حوش بيت المرحوم مراد لوزِه في ديريك مُستأجرين) ولم أكنْ أعرف دواعي ودوافع تلك الفكرة التي خطرت على بالي, وهي أن أقوم بتدوين يومي للأحلام التي أراها ومن المعروف أنّ الحلم هو حالة تنفيس لاشعوري للرغبات المكبوتة في الإنسان وخاصّة تلك التي يصعب تحقيقها في الحياة الواقعيّة, ورؤية الأحلام ظاهرة صحّية في حياة الأشخاص وقد أثبتت الأبحاث والدراسات التي أجريت بهذا الخصوص أنّ عدم رؤية الأحلام ظاهرة مرضية وغير صحية. كثيرٌ منّا يستيقظون صباحًا ولا يستطيعون تذكّر أحلام الليلة الماضية خصوصًا أولئك الذين يغطّون في نوم عميق وطويل وبالعكس من ذلك فإنّ الأشخاص الذين ينامون بشكل متقطّع وخفيف يكونون أكثر قدرةً على تذكّر الأحلام. المهمّ هنا هو أنّني اشتريت دفترًا مخصّصًا لهذا الغرض أدوّن فيه كلّ حلمٍ أراه في ليلتي, على غرار دفتر يوميّات, و استمرّ بي العمل على هذا الموقف لمدة ثلاثة شهور بالتمام والكمال, كنتُ في صباح كلّ يوم أقوم بتدوين الحلم أو الأحلام إنْ كانتْ, وأحيانًا أنتظر لغاية عودتي من المدرسة لأقوم بتدوين ذلك. لا أعرف ما سبب الإهمال الذي منعني من الاستمرار في عملية تدوين الأحلام التي أراها, ولو دام الأمر لغاية اليوم لصار من ذلك مجلدات ولكانت ثروة نفسية وكشف دقيق وعميق لعالمي الشخصي و لاستمتعت اليوم بإعادة قراءتي لتلك اليوميّات من الأحلام المكتوبة, فللأحلام علاقة كبيرة بتحليل الشخصيّة. واليوم أقدّم نصيحة لكلّ شخص يريد القيام بخطوة كهذه, بأن يستمرّ في ذلك دون انقطاع وفي النهاية سيكون حصل على ثروة كبيرة من عالمه الخاص سيكون سعيدًا بها, و متى حصلت معه أزمة نفسية ما – لا سمح الله – فإنّ المعالج النفسي ستكون مهمته أسهل من حيث وسائل العلاج فمن أحلامهم ستعرفون تكوين شخصيتهم والمؤثرات التي تعرّضت لها. إنّه مجرّد اقتراح لفكرة ليست سيئة أعرضه على كلّ مَن لديه مثل تلك الرّغبة. حقيقةً شعرتُ بندم وأسف كبيرين لكوني لم أتابع ذلك المشوار ولم أستطع تحقيق تلك الأمنية, مع أنّ جميع الظروف المؤثرة كانت تعمل في طريق تيسير تنفيذ تلك المهمّة, وحتى في أيام الحرب التي خُضناها في شهر تشرين من سنة 1973 لم يكن هناك عائقٌ في طريق متابعة المشوار, فقد كانت هناك فترات استراحة, كان بالإمكان تدوين الحلم كرؤوس أقلام أعتمدها بعد ذلك في عملية التدوين. أعود اليوم وبعد مضي حوالي الستين عامًا لأُذَكِّر نفسي بارتكابي لهذا الخطأ, الذي جعلني أخسر الكثير ومن ثمّ أندمُ عليه لأنّه لم يتحقّق كمشروع في حياتي إلى جانب أماني أخرى كثيرة كنت أرغب بها لو أنّها حصلت وليس كلّ ما يتمنّى المرءُ يُدركه. 28/5/2019 |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|