Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-08-2020, 03:56 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,992
افتراضي عادة ذميمة بقلم/ فؤاد زاديكى

عادة ذميمة

بقلم/ فؤاد زاديكى


حدّثتني أمّي (حانة قرياقس صليبا يونو جمعه) نقلًا عن حميها (الياس حنا الياس) قوله: كان رجال آزخ يجتمعون بعد الخروج من الكنيسة في حوش الكنيسة أو يجلسون إلى جانب أحد الحيطان وهم يتسامرون و يتحدّثون عن أمور كثيرة أو مواقف سمعوها أو حصلت معهم مستمتعين بأشعة الشمس وكان هذا سبيل سمرهم لكون التلفاز لم يكن ظهر بعد ولا الراديو حتّى وكثيرًا ما كانوا يتحدّثون عن سلوكهم في البيت مع زوجاتهم حيث كان كلّ رجل منهم يتفاخر و يتباهى أمام الآخرين بأنّه رجل يسيطر على زوجته ويقوم بضربها كلّما رأى ذلك ضروريًا من أجل التأديب أو فرض هيبته بحسب ظنّه, وكان كلّ رجل متزوّج يروي تفاصيل تعدّيه على زوجته فهذا يفخر بأنّه ضربها حتّى انفجر الدّمُ من فمها و أنفها و ذاك يُقسم أنّه كسر عودًا أو عودين على جسد زوجته, وتطول الحكايات والروايات والأحاديث بخصوص ضرب المرأة و إهانتها و إذلالها من قبل الزوج, وكان يقول أيضًا إنّ الرّجل الذي لم يكن يقوم بضرب زوجته كان يشعر بنفسه بأنّه ناقص عن هؤلاء لهذا فهو ولدى عودته إلى البيت كان يتحجج على زوجته ويقوم بضربها وبشتمها وإهانتها أسوة بالرجال الآخرين الذين كان يسمع منهم ما يقولونه بهذا الخصوص.
إنّ الرجل الذي كان يحبّ زوجته ويحترمها ويعاملها بالحسنى والاحترام صار يشعر بأنّه بهذا الفعل لا يكون رجلًا حقيقيًّا أي أنّه فاقد الرّجولة ولا سيطرة له على زوجته لهذا كان هو الآخر يختلق مواقف ليبرر اعتداءه على زوجته. واليوم تغيّرت المفاهيم والعادات نحو الأفضل علمًا أنّه ما تزال هناك بعض الشوائب من هذه الناحية إذ أنّ المجتمعات العربية و الإسلاميّة منها خصوصًا تعتمد على فكرة السيطرة الذكورية فهي مجتمعات تخضع لهذا القانون و تتعامل مع المرأة على هذا الأساس. مما لا شك فيه فإنّ تطوّر الحياة ساهم في تطوّر الأفكار و ظهور قيم اجتماعية جديدة بحيث سادت المحبة والاحترام بين الرجل و المرأة وعندما كانت والدتي تروي لي مثل هذه الأحاديث و القصص كنت أفهم أنّ كل ما كان يجري لم يكن إلّا وليد إرث فكريّ عتيقٍ لم يكن قابلًا للحياة وهو يأتي بنتائج سلبية و خطيرة للغاية وحال أمّي شاهد على ذلك فهي تعاني من كسر في بعض الأضلاع من جراء العنف والقوة المفرطة التي كان والدي يعاملها بها, ولا أنكر بأنّ والدي و في السنوات الأخيرة من عمره كان أصبح رجلًا آخر وكان يقول دائمًا إنّي نادم على كلّ ما فعلته مع زوجتي, فهو كان عملًا غير إنسانيّ وغير لائق بحياة البشر فالمرأة رحمة للرجل و الحياة يلزم أن نعطيها ما تستحق من التقدير و الاحترام و الاهتمام و المحبة و الحنان.
كان ضربُ المرأة وسام شرف يمنحه الرجل الجاحد و الجاهل لنفسه أو يمنحه إيّاه من هم على شاكلته من التخلّف الفكري والحضاري و الإنساني, وهو تخلّف مشوّه بكلّ ما فيه. إنّ المرأة كانت تتحمّل كلّ شيء صابرةً من أجل المحافظة على أسرتها وحماية أولادها, لأنّها كانت تابعًا للرجل من الناحية الاقتصادية فهو الذي كان يعمل ويأتي بمصروف البيت أمّا اليوم فإنّ المرأة هي الأخرى دخلت إلى عالم العمل من بابه العريض و أصبحت حرة بقرارها وتملك إرادتها دون تبعيّة للرجل وهذا ساهم كثيرًا في تغيير النظرة وفي قلب المفاهيم.
بئسًا لهكذا أفكار وتقاليد بالية تحت شعار نخوة الرجولة إنّ مثل هذه المجتمعات ليست جديرة بالحياة, بل هي عبءٌ حقيقيٌّ على الحياة بما تأتي من مخلّفات لهذا الوضع الشاذّ وغير المقبول. فهل تزول هذه النظرة الفوقية للرجل؟ وهل سيعتبر بأنّ المرأة شريك فاعلٌ له؟ أم سيبقى يعيش وهم تفوّقه الذكوري وهو يمارس دكتاتورية مستبدة و تسلّطًا أرعنًا يُبقي هذه المجتمعات على حالها رهينة عادات و أفكار و تقاليد تساعد على ترسيخ الظلم و اللاعدالة كما تخنق الحرية وتمتهن الكرامة الإنسانيّة؟
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:46 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke