Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-02-2021, 08:40 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,001
افتراضي آثارُنا السريانية تحكي بقلم/ فؤاد زاديكى

آثارُنا السريانية تحكي
بقلم/ فؤاد زاديكى

منذ مدّة خطرتْ على بالي فكرة أن أقوم بالكتابة عن بعض مدننا و قرانا السريانيّة, المنتشرة في جميع أراضي دولة تركيا الحالية, بهدف إلقاء الضوء على تاريخ أجدادنا السريان الغيارى, الذين أسهموا مساهماتٍ فاعلةً في الحضارة البشرية على اختلاف المراحل و في جميع العصور. و كنت خلال بحثي عن مدينة (ديريك) ديرِكِهْ التابعة لماردين و التي كانت في أوّل عهدها سريانيّة صرفة, ثم دخل إليها الأرمن بعد ذلك و صار لهم فيها كنيستان إحداهما كاثوليكيّة و الثانية غريغوريّة أرثوذكسيّة, كما كانت دخلت إليها البروتستانتية في أوائل القرن التاسع عشر بفعل الإرساليات التبشيرية. أما السريان فكان لهم فيها كنيستان إحداهما للسريان الأرثوذكس و الثانية للسريان الذين دخلوا في الكثلكة اعتبارًا من سنة 1881م.
كلمة (ديريك) سريانية تعني الدير و هي تشير بوضوح إلى سريانيّة المدينة, ( من كتابي عن ديريك – ماردين أقتطف التالي) "كلمة ديريك[1]آراميّة سريانيّة لا علاقة لأيّة لغة أخرى بها, فهي لا ترتبط بأيّة لغة من حيث اسمها ما عدا السريانيّة و هذا ما ينفي كلّ الاجتهادات و التفسيرات التي تحاول نزع الصفة المسيحية عنها, و هي تعني الدير و يلفظها الناس و أهلها (ديْرِكِهْ) و يُقال إنّ اسمها ورد قبل 1100 سنة. و قد ظهرت كلمة ديريك لأول مرة في القرن السادس الميلادي حين أورد ذكرها مؤرخو السريان ففي الفترة ما بين 756 - 758 شاد البطريرك أثناسيوس بطريرك السريان الأرثوذكس ديرًا عند (تل بسم) غربي ماردين ما تزال أطلاله ظاهرة لغاية اليوم, و يمكن أن يكون هو نفس الدير الذي شاهده و ذكره المستشرق السويسري - الألماني Socin عندما زار بلاد ما بين النهرين و ديركه بالذات في رحلتين كانت الأولى ما بين الأعوام 1868 - 1870 و الثانية في سنة 1873 و هو باحث و خبير و عالم في اللهجات العربية خاصّة لهجات طور عبدين و العرب و الكرد و له أيضًا كتاب في قواعد اللغة العربية. ولد في بازل بسويسرة سنة 1844 و توفي في مدينة لايبزيغ 1899. زار هذا الرحالة المنطقة و شاهد و هو في طريقه من (ديرِكْهْ) إلى حاح كنيسة مار اشعيا. تقول الألمانية (هيلجا أنشوتز) في كتابها (السريان المسيحيون في طور عبدين) في ص 125 و تحت عنوان (قضاء كربوران) ما ترجمته:" في هذه القرية (ديرِكْهْ) و التي تقع 20 كم جنوب غرب من (مديات) بالقرب من (حاح) يسكن فيها اليوم (أي في أيام زيارتها) 323 شخصًا منهم 274 كرديًا. في القرن التاسع عشر (و تقصد بذلك بعد وقوع المجازر) لم يعد يتواجد أيّ مسيحي في قرية ديرِكِهْ" أمّا بخصوص البطريرك أثناسيوس المسمّى السّندلي فهو بطريرك غير شرعي كان أسقفًا على ميافارقين. يُقال عنه أنّه صاحب قلاقل و فتن مات شرّ ميتة. عارض البطريرك أثناسيوس البطريرك يوحنا الثاني و تقلّد البطريركية بأمر من الخليفة المنصور كسابقه و لما أراد أن يُنَصِّب (عبدني) تلميذ اسحق سلفه مطرانًا على حرّان ناهضهُ الحرّانيون و عاندوه و دخلوا عليه ليلًا فخنقوه, فأقبل رهبان دير قرتمين (مار كبريئيل) و نقلوه إلى ديرهم. قال عنه ابن العبري:"لا يجمل أن نذكر هذين البطريركين (اسحق و اثناسيوس) لأنّهما خرقا حرمة النّواميس البيعيّة و نُصِّبا خلافًا للشريعة".
يوجد في (تلبِسم) ديرٌ قديم باسم شميتا, و دير أثناسيوس و دير أثونس عند تل بِسم. كما يوجد (دير العرب) بقرب تل مَوزل بينها و بين تلبِسم بُني في القرن الخامس و ذكره التاريخ سنة 521 حتى سنة 845 تخرّج عنه أربعة أساقفة, و دير اسحق للسريان الأرثوذكس قرب (ديرِكِهْ) كما بنى مطران ماردين يوحنا الرهاوي فيها كنيسة من الحجر و الكلس, و أعاد ترميم الأديرة.
تقع ديرِكِهْ (و قد أصبحت منطقة يدير شؤونها قائم مقام) في جنوب شرق ماردين و هي تحدّ ولاية ديار بكر و ولاية شانلي أورفا, حيث تقع فيها المدينة السورية القديمة حرّان إلى الجنوب من الرها (أورفا) على مسافة 45 كم. كانت عاصمة الدولة الآشورية و الدولة الأموية, عرفت حرّان عند الآشوريين باسم: "شاريا"، و عند اليونان "خاران"، و عند الرومان الغربيين "كاريا"، و عند الروم البيزنطيين "هللينوبوليس"، وعند المسلمين باسم "حرّان". كانت بدايتها منذ 2000 قبل الميلاد، و ذكر اسم حران في مجموعة متنوّعة من الروايات التاريخية باعتبارها واحدة من المدن الأكثر بروزًا في شمال بلاد ما بين النهرين و لها ذكر كثير في التاريخ الكنسي, كانت مركزًا لعدة أساقفة.
بعد المجازر التي وقعت بحق المسيحيين في تركيا و منها مدينة ديريك سنة 1895 و التي أُبيد فيها كثيرٌ من الأرمن و غيرهم من الطوائف المسيحية, ثمّ جاءت جرائم العصر و هي المسمّاة بسيفو لتقضي على النَّفَس الأخير لمسيحيي تركيا فتمّت تصفية الأرمن و السريان و البروتستانت و الكلدان في مدينة ديريك تصفية تامّة لم يبق منهم سوى الذين استطاعوا النجاة هربًا من سيف الحقد الأعمى, و خلال مذابح 1915 كان في البلدة 250 عائلة مسيحية، منها عشرُ عائلاتٍ كلدانية. عاد بعد ذلك بعض هؤلاء إلى مدينتهم لكن و لسيطرة الأغلبية الكردية و الأقلية التركية بعدما تمّ تفريغها من أهلها المسيحيين لم يشجّعهم على البقاء في مدينتهم فغادروها إلى ديار الله الواسعة في مختلف أقطار المعمورة. في شهر آب من سنة 1924 تمّ الاستيلاء على الكنائس الأربعة، فحُوِّلت كنيسة الأرمن الكاثوليك إلى جامع، أمّا الكنائس الثلاثة الأخرى فقد بِيعت لمسلمي البلدة.
في شهر سبتمبر من العام الماضي (2020) تمّ العثور على فسيفساء قديمة عمرها يزيد عن 1642 عامًا, و هي باللغة السريانيّة, و كانت أعلنت عن ذلك بعض وسائل الإعلام التركيّة منها موقع (AA) :" عثرت فرق التنقيب عن الآثار في قضاء "دريك" بولاية ماردين جنوبي تركيا، على لوحات فسيفسائية في كنيسة عمرها 1624 سنة. و أفاد مراسل الأناضول، الثلاثاء، أنّ أعمال التنقيب بدأت في 5 يوليو/ تموز الماضي، بمشاركة خبير الآثار فولكان باغلايجي، و مدير متحف ماردين عبد الغني تاركان، و فريق من مختبر ديار بكر للترميم. و كشفت أعمال التنقيب عن لوحات فسيفسائية عليها أشكال بشرية و حيوانية و زخارف هندسية، إضافة إلى كتابات سريانية قديمة. و في حديثه للأناضول، قال تاركان، إنّهم صادفوا لوحات فسيفسائية في قاعدة كنيسة يعود تاريخها إلى عام 396 للميلاد.
و أضاف أنّ اللوحات تتضمن أشكالا بشرية و حيوانية و كتابات يعتقد أنها تحوي أسماء الشخصيات الروحية التي ساهمت في بناء الكنيسة.
و أشار أنّه عقب انتهاء أعمال الكشف و الترميم، سيتم عرض هذه الآثار للزوار من قبل مديرية المتاحف في الولاية."
و كان قبل ذلك أيضًا تمّ العثور على فسيفساء رومانية في المنطقة كما تقول وكالة الأناضول:" ذكرت وكالة الأناضول للأنباء في شهر أيلول من العام 2019 أنّه عُثر على فسيفساء من العصر الروماني يُعتقد أنّ عمرها لا يقلّ عن 1500 عام خلال عملية بحث غير قانونية عن الآثار في ولاية ماردين جنوب شرق تركيا. 18/9/2019 و قد أبلغ أهالي بلدة جوكتاس Göktaş في منطقة ديريك وحدات الدرك يوم الأربعاء بشأن عمليات التنقيب غير القانونية التي أجريت في المناطق الريفية و التي اكتشفت خلالها الفسيفساء. و تمّ تسليم الفسيفساء المكتشفة حديثًا, و التي يُعتقد أنّها تعود إلى القرن السادس الميلادي، إلى متحف ماردين فيما لا يزال التحقيق جارياً لإلقاء القبض على المشتبه بهم المسؤولين عن تلك الحفريات غير القانونية. باريش يشار، رئيس البلدية، قال لوكالة الأناضول إنّهم يعتقدون أنّ المنطقة كانت مستوطنة منذ آلاف السنين، مضيفاً أنّه بعد استكمال أعمال الحفر و التنقيب الرسمية، سيتم افتتاح الموقع أمام السياحة. هذا و يُلقى كلّ عام القبض على مئات الأشخاص الذين يسعون لاستخراج كنوز تركيا التاريخية بتهمة التنقيب غير القانوني."
إنّ شعبنا السرياني و المسيحي عمومًا غادر تركيا تحت الضغط و التهديد و بفعل الجرائم و التعدّيات و أعمال النهب و السلب و القتل, إلّا أنّ الصخور و أوابد التاريخ القديم لا يمكن لأي أحد أو قوّة أن تقضي عليها, فهي تنطق بسريانيتها و بمسيحيتها على الرغم من جميع المحاولات الرامية إلى إنهاء هذا الوجود. ستبقى شاهدًا و سوف تظهر هنا و هناك آثار أخرى و أخرى لتحكي قصة شعوب مضطهدة عانت من أعمال الظلم و الإجرام و التعديات التي لا حصر لها و بجميع الأنواع و الأشكال بصور بربريّة و همجيّة تدلّ على وحشية القتلة و المجرمين.

[1] - ديريك: في محافظة الحسكة هي الأخرى بلدة سريانية تحمل نفس الاسم و هي بلدة المؤلف. تقع في أقصى الشمال الشرقي من سورية على المثلث الحدودي المعروف بمنقار البط تأسّست من جديد أيام الانتداب الفرنسي على سوريا بناها أهل آزخ و البلدات الأخرى الذين هاجروا من تركيا عقب المجازر و التعديات. كانت آهلة بالسكان المسيحيين قبل غزوة تيمور لنك في القرن الرابع عشر حيث قضى على أهلها و نجا الباقون فهربوا إلى مناطق أخرى. و هي كلمة سريانية تعني الدير الصّغير أو مكان الدّير.


__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:10 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke