Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
شُعُوبٌ قَتَلَها الجهلُ بقلم/ فؤاد زاديكى
شُعُوبٌ قَتَلَها الجهلُ بقلم/ فؤاد زاديكى شُعوبٌ أضاعتِ البُوصلةَ باتّجاهِ سُبُلِ التّقدّم و النموّ و التّطوّر, سُبُلِ الحرّيّةِ والعدالةِ الاجتماعيّةِ والدّيمقراطيّة, سُبُلِ السّلامِ والاستقرارِ. سُبُلِ الاعترافِ بالعَجزِ وعدمِ الإقرارِ بواقعِ وقوعِها في براثنِ الجهلِ, الذي قادها إلى التّخلّفِ والانغلاقِ, الذي خنقَ كلَّ أحلامِها و دمّرَ حياتَها. شُعُوبٌ أمعَنَتْ في تَضخيمِ ماضيها, والعيشِ فيه دون إمكانيّةِ الخُروجِ مِنْ قَوقَعتِهِ المُظلمة وقُمقُمِهِ العَفِنْ شُعُوبٌ لم, ولنْ تُؤمنُ بحقِّ الآخر, ذلك الذي ترى فيه عَدُوًّا متآمِرًا وخَصمًا يضمرُ لها الشّرّ, لأنّهُ مُختلفٌ معها بالرّؤيةِ والرأيّ. شُعُوبٌ مُثْقَلَةٌ بأوجاعٍ لا تستطيعُ التخلّصَ منها, ولا التّغلّبَ عليها, ومع ذلك فهي تحاولُ إقناعَ نفسِها - بالوهمِ و اختراعِ الأكاذيبِ ,و أساليب المراوَغَةِ الفَذّة - على أنّها مُحِقَّةٌ ممارسةِ هذا السّلوكِ الأعوَجِ و الأسلوبِ الأهوَج. شُعُوبٌ لا ترَى سوى نفسِها وتعتقدُ بأنّها الأفضلُ, على مرِّ التّاريخ والعُصُور, متوهّمةً أنّها على حقٍّ, وأنّ جميعَ الآخرين هم على باطل. شُعوبٌ لم تَستَطِعْ فَهمَ دروسِ التّاريخ, لاستخلاصِ العِبَرِ منه, في محاولةٍ للتّخلُّصِ مِنْ آفاتِها, لِخَلْقِ رؤيةٍ صافيةٍ واضحةٍ صحيحةٍ تَكْفَلُ حصولَ ما يُمكِنُ أن ينتَشِلَها مِن هذا النّفقِ المُظلِم, فَيَضْمَنَ لها سلامةَ الوُصُولِ إلى برِّ الأمانِ و السّلامةِ. شُعُوبٌ قرّرتْ, وعن سابقِ إصرارٍ و ترصُّد أنْ تَبْقى ساكنةً في مكانِها, دونَ أن تقومَ بأيّةِ حركةٍ إيجابيّةٍ تدفعُها إلى الأمام, وعلى العكسِ من ذلك فهي تقومُ بحركاتٍ بهلوانيّةٍ لا معنى لها لِذَرِّ الرّمادِ في العيونِ, بِقَصْدِ التّعمِيَةِ, كي تُخفي عورتَها. شُعُوبٌ تُخْضِعُ كلَّ شؤونِها, وأمورِها وقضاياها ومصيرَها لحُكمِ الدّين و أحكامِه, مُتَغافِلةً, مُتنَاسيةً أنّه السّببُ في كلِّ ما هي عليه من واقعٍ مريرٍ, وكُلِّ هذا التّقهقُرِ والتّخلّفِ والانبطاح. شُعُوبٌ عَقَدتِ العَزْمَ على ألّا تَنْظُرَ إلى نفسها في مرآةِ النّقد و التصحيحِ كي لا تَرى قُبْحَ عُيوبِها, وكَثْرةَ ذُنُوبِها. شُعُوبٌ جاهِلةٌ, مُتَخَلِّفَةٌ, مُنْغَلِقةٌ تعيشُ على عُنصُريّةِ الفِكرِ والعقيدةِ بإيمانٍ أعمًى واستسلامٍ غبيٍّ لا مَثيلَ لهُ. شُعُوبٌ مُسْتَهْلَكةُ العزيمةِ والإرادةِ عاقِرةُ العطاءِ والإنتاج, تعيشُ على هامِشِ الواقعِ وفوقَ قارِعةِ الطّريق, دونَ تفاعُلٍ فاعِل ولا تَواصُلٍ عاقِل, فهيَ دائمًا شُعُوبٌ مَفْعُولٌ بها, إذ لم تَكُنْ في يومٍ مِنَ الأيّام فاعِلةً, و إنْ حصلَ هذا وكان فإنّها كانتْ, وما تزالُ فاعلةَ الإجرامِ والسُّوءِ والشّذوذِ والإرهابِ والغَزو و السّبي والدّمارُ والخرابُ والقتل والعُنصريّة, هذه كانت على الدّوام مُنْجَزاتُ هذه الشُّعوب.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|