Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
اللمسةُ الأولى بقلم/ فؤاد زاديكه
اللمسةُ الأولى بقلم/ فؤاد زاديكه مدّ يده صوب يدي ولمسها بحنان بارع, فارتعش جسدي, وأحسستُ بشعور غريب تملّكني وبنوع من الارتياح العميق يتسلّل إلى مسامات جسدي بشكل غير معقول, فقد كانت المرّة الأولى التي يلمس شاب يدي وأنا في هذه السنّ البالغة. لم تكن الرّعشة التي سرت في كامل جسدي غير إنذار بأني بدأت أحسّ به ودليل صارخ على ارتياحي الشديد نحوه, والذي غمرني في كل ناحية من نواحي وجداني وكياني. ظلّ ممسكاً بيدي لا يتركها, ويقترب مني أكثر فأكثر وكأنه يريد أن يهمس في أذني بنبأ أو يلقي على سمعي مفاجأة, شئتُ أن يدنيني منه أكثر وفتحت آفاق أذني بقدر ما أستطيع لأتلقّى ما كان موعودا من إيماءاته وواضحا من سلوكه المنفعل والذي وشّاه الحذر وغطّاه القلق.أخيراً نطق بها, فكانت دويّا عظيماً فيما هو جاء بها همساً رقيقاً اتسم بكل دعة وهدوء, لكنّي هكذا أحسستُ وأنا أسمعه يقول أحبّك! قالها وتراجع قليلا بجسده نحو الوراء, كأنه توقّع ردود فعل معكوسة تصدر عنّي بما لا ينسجم مع ذلك البوح الهامس وهو يدغدغ مشاعري ويتفاعل مع حواسّي كلّها. كانت تجربة فريدة وكنت لأول مرة أسمع أحدا يقول لي أحبك بما تحمل من معنى حب الشاب للفتاة, فكان اضطرابي واضحاً وحيائي أكثر وضوحاً من كل ما عداه, أحسست بميل شديد يدفعني إليه وبرغبة ملحّة على ألا أشعره بخجل الندم برفض يكون وقعه عليه ثقيلا. كانت عبارة (أحبك) تفاعلت مع جميع شرايين جسدي بما يجري فيها من دفق الراحة وشعور الغبطة وإحساس السعادة. سرحتُ بعيداً في عوالم أخرى, فقد كان والده وهو من العائلة كلّما قدم في زيارة إلينا, يكرّر عبارة تعوّد عليها وهو ينظر إليّ ويجاملني بعباراته الجميلة قائلا: سأضعك خلفي على حصاني وأذهب بك بعيداً إلى حيث ابني لتكوني كنّة لي. كانت كلماته قد سرت بشكل لا شعوريّ إلى عقلي الباطن وانغرست فيه قناعة بريئة ونوعا من الإحساس بالراحة لم أكن أجد لهما تفسيراً. وما أن بادرني بتلك الكلمة لافظاً إيّاها حتى استعدتُ شريط أقوال والده حين كان يأتي إلينا, وكأن موافقتي على مصارحته كانت قد سبقتها بوقت طويل! لم ينقطع شريط التأملات من أمام عيني, ولم تخبو ذاكرة تلك الأحاديث الممتعة البريئة, وأدركت أني لم أعد واقفة على أرض الواقع بل أعيش محلّقة بين الغيوم, في سماء غير هذه السماء التي تظلّلنا بالراحة وتمنحنا الأمان. اشتهيتُ أن يجري وأجري وراءه لنختفي بعيداُ خلف ضباب كثيف لا يرانا فيه أحد, نشبع من همس الحب وأحاديثه ونجواه. بقي ممسكاً بيدي لدقيقتين, أحسستهما دهرين كاملين, قبل أن يترك يدي فور إعلانه عن شعوره الغامر بالحبّ, كان غمرني بدفق عظيم من الحنان, وشملني بلطف بالغ من هدوئه ورزانته, فغصتُ عميقاً في عالم ذكائه ومعرفته التي كثيراً ما كنتُ أسمع شباب وبنات البلدة التي يأتي منها وهم يتحدثون عنه وعن مهارات إبداعه, وأدركتُ أنه شعلة من الذكاء وشئتُ ألا أخسره بنفي مجنون يصدر عنّي في غفلة أو بزلة لسان غير خاضعة لعمق في التفكير قبل اتّخاذ قرار الإعلان عن قبول أو رفض. نظرتُ إلى عينيه الصّافيتين والمتّقدتين إعلانا عن حبّ صادق وعميق قرأت كل محتواه وأدركت جميع خفاياه, فالعيون مخبر ذكي عمّا بداخل عمق الإنسان مثله مثل الارتعاش غير المنفعل والبادي على حركة يديه ولعثمة لسانه وانكفاء نظرته الساهية في تأمل مرتقب لما يمكن أن يلده الجواب القادم مني. جعلني في تلك اللحظات أحسّ بنشوة الأنوثة ومتعة الحياة. طال سرحاني في هذا العالم الحالم الجميل المغمور بشعور السعادة والهناء, وأنا أسمع منه تلك الكلمة الجميلة التي يحبّ سماع مثلها كلّ فتى أو فتاة يعيشان عالم أحلام الشباب المحلّق في فضاء الكون المثاليّ. كنت أتمنّى لو أعاد تلك الكلمة ألف مرّة وصرخ بها عالياً ليسمع الدنيا كلّها, تمنّيتُ لو كرّرها إلى ما لا نهاية, لم أستطع تمالك نفسي مع عالم هذا الجو الجميل والمنعش الذي نقلني إليه بكلمة واحدة أسمعني إيّاها! فاض بحر مشاعري وتدفّقت أمواج عاطفتي ببراءة مشحونة بالعنفوان فقلت له: وأنا أيضاً أحبك! قرأت بعد ذلك ما كان صار في عالم عينيه من صفاء وابتسامة هادئة ارتسمت خيوط أشعتها على محيّاه الذي لم أر أجمل منه في تلك اللحظة. أيقن أنّ مشاعري صادقة لأنه لم تكن لي أية تجربة في هذا المجال وكنت زهرة يانعة لم تعبث بها فراشة من فراشات الكون فضمّني إلى صدره بحركة لا إراديّة وبعفويّة ثم أسند برأسي إلى صدره وشاء ألا ينفصل عنّي طول العمر. كنت أتحسّس دقّات قلبه النابض بعنفوان الحب وهي كانت تتلاحق بضربات سريعة تعلن عن بدء عالم جديد من الجمال في حياتنا وهو ولادة هذا الحب الذي كان قبل ثلاثين عاماً, كانت تلك الدقات تتناغم مع همس البلابل التي تشدو غير بعيدة عنّا وكانت نسمات الهواء الباردة ونحن فوق السطح تداعب وجنتينا. عمر تلك اللمسة الأولى والتي دشّنت حبّنا الوليد ومن ثمّ زواجنا الميمون بلغ حوالي الثلاثين حولا وهو لا يزال على ألقه ومحافظاً على هدوئه ومنعته واستقراره, وقد أثرى لنا بورود خمسة هنّ أجمل ما لنا في هذا الكون, كانت الأيام والأعوام قاسية في بعض أحكامها, شديدة في بعض تظلّمها, متعبة في بعض رحلاتها غير أن الرغبة المتبادلة والمشتركة في الاستمرار وفي نبذ الأنانيّات وفي تحدّي الظروف القاهرة بنيّة سليمة وغيرة كبيرة على مصلحة هذا الوليد. كانت جميعها لبنات متينة في إبقائه على هذا الرونق الخارجيّ وعلى تلك المنعة الداخليّة والتي على صخرة ثباتها تمّ قهر معظم العراقيل والتغلّب على جميع المصاعب. ثلاثون عاماً تمرّ على تلك اللمسة الأولى وهي لا تزال تحمل عذوبتها وتبهجنا برونقها الذي لم يخبُ له جمال, ثلاثون عاماً والإحساس بمتعة تلك اللمسة لم يتغيّر, بل يزداد جمالا روحيّا ويثبت أرضيّة ويتضّح هدفاً. كانت اللمسة الأولى من أجمل اللمسات في حياتنا وستبقى مدلولاتها وعوالم الإحساس بها تبقى أحد مصادر حبّنا المتجدّد. |
#2
|
||||
|
||||
اللمسةُ الأولى بقلم/ فؤاد زاديكه مَدَّ يدَهُ صَوبَ يدي ولمسَها بحنانٍ بارع, فارتعشَ جسدي, وأحسستُ بشُعُورٍ غريبٍ تملّكَنِي وبنوعٍ من َ الارتياحِ العميقِ يتسلّلُ إلى مَسَامات جَسَدِي بشكلٍ غير مَعْهُود, لقد كانتِ المرّةُ الأولى التي يلمُسُ فيها شابٌّ يَدِي وأنا في هذه السنِّ البالِغَة. لم تَكُنِ الرَّعشةُ, التي سَرَتْ بِكامِلِ جسدِي غيرَ إنذارٍ بأنّي بدأتُ أُحِسُّ بهِ, ودليلًا صارخًا على ارتياحي الشّديدِ لهُ و نحوَهُ, والذي غمرَني في كلِّ ناحيةٍ من نواحي وجدانِي وكيانِي. ظلَّ مُمْسِكًا بِيَدِي لا يتركُها, و هو يَقْتَرِبُ مِنِّي أكثرَ فأكثر, وكأنّهُ يُريدُ أنْ يَهْمِسَ في أُذُنِي بِنَبَأ ٍ أو يُلْقِي على مسامِعِي مُفَاجأةً, شئتُ لو أدْنانِي منهُ أكثَرَ منْ ذلك, فقمتُ بَفَتْحِ آفاق أذُنِي بقدْرِ ما أستطيعُ, لأتلقّى ما كان موعودًا من إيماءاتِهِ وواضحًا من سلوكِهِ المُنْفَعِلِ, والذي وشّاهُ الحذرُ وغطّاهُ القلقُ. و أخيرًا نطقَ بها, فكانَتْ دويًّا عظيمًا, فيما هو جاءَ بِهَا هَمْسًا رقيقًا ناعِمًا ودافِئًا, اِتَّسَمَ بكُلِّ دِعَةٍ وهُدُوءٍ و وداعةٍ, لكنّي هكذا أحْسَسْتُها وأنا أسمعُه يقولُها: (أحبّكِ) قالَها وتراجَعَ قليلًا بجسدِهِ نحوَ الوَرَاءِ, كَمَنْ يَتوقّعُ رُدودَ فعلٍ مَعْكوسَةٍ, تصدُرُ عنّي بِمَا لا ينسجمُ ويتوافَقُ مع ذلك البَوحِ الهامِسِ الجَريءِ وهو يُدَغْدِغُ مشاعرِي ويتفاعلُ مع حَواسّي كلّها. كانتْ تجربةً فريدةً, وكنتُ و لأوّل مرّةٍ أسمعُ أحدًا يقول لي تلك الكلمة, بما تحملُ من معنَى حبِّ الشّابِّ للفَتَاة, فكانَ اضطرابِي واضحَ المعالِمِ وحيائي أكثرَ وُضُوحًا منْ كُلِّ مَا عَدَاهُ, شَعَرْتُ بِمَيلٍ شديدٍ يدفعُنِي إليهِ وبرغبةٍ مُلِحَّةٍ وملحاحةٍ على ألّا أشعرَهُ بخَيْبَةٍ أو بخجلِ النَّدمِ بِرَفْضٍ يكونُ ذا وَقْعٍ ثقيلٍ عليهِ. كانتْ عبارةُ (أُحِبُّكِ) تفاعلتْ مع جميعِ شرايينِ جسدِي, بِمَا يجري فيها منْ دَفْقِ الرّاحةِ و مِنْ الشُّعورِ بِالغِبْطَةِ وأحاسيسِ السَّعادة. سرحتُ بعيداً في عوالمَ أخرى. كان والدُه, وهو من العائلة كلّمَا قَدِمَ في زيارةٍ إلينَا, يُكرّرُ عبارةً تعوّدَ عليها, وهو ينظرُ إليّ وهو يُجامِلُني ويداعِبُنِي بعباراتِهِ الجميلةِ قائلًا: سأضعُكِ خَلفِي على حصانِي وأذهبُ بكِ بعيدًا إلى حيثُ ابني لتكوني كنّةً لي. كانتْ كلماتُه سَرَتْ بشكلٍ لا شُعوريّ إلى عقلِي الباطِن فَانغرستْ فيهِ قناعةً بريئةً ونوعًا من الإحساسِ بالرَّاحةِ, لم أكُنْ أجدُ لهما تفسيرًا. وما أنْ بادرَني بتلكَ الكلمة لافظًا إيّاها حتى استعدتُ شريطَ أقوال ِ والدِهِ, حينَ كانَ يأتي إلينا, وكأنَّ موافقتي على مصارحتِهِ كانتْ سَبَقتْها بوقت ٍ طويلٍ! لم ينقطعْ شريطُ التأمّلاتِ من أمامِ عينيّ, ولم تَخْبُ ذاكرةُ تلكَ الأحاديثِ الممتعةِ البريئةِ, فأدركتْ أنّي لم أعُدْ واقفةً على أرضِ الواقعِ, بلْ إنّي أعيشُ محلّقةً بينَ الغيومِ, في سماءٍ غير هذه السّماء, التي تظلّلُنا بالرّاحةِ وتمنحُنا الأمانَ. اشتهيتُ أنْ يجري وأجري وراءَه لنختفي بعيدًا خلفَ ضبابٍ كثيفٍ لا يرانا فيهِ أحَدٌ, نشبعُ من همسِ الحبِّ وأحاديثِهِ ونجواهُ. بَقِيَ مُمْسِكًا بيدي لدقيقتين, أحسستُهما دهرينِ كاملينِ, قبلَ أنْ يَتْرُكَ يدي فورَ إعلانِهِ عن شعورِه الغامرِ بالحبِّ, كانَ غمرَني بِسيلٍ من الحنانِ, وشملَنِي بِلُطفٍ بالِغٍ من هدوئِه ورزانتِه, فغُصتُ عميقاً في عالمِ ذكائه ومعرفتِهِ, التي كثيراً ما كنتُ أسمعُ شبابَ وبناتِ البلدة التي يأتي منها وهم يتحدثونَ عنهُ وعن مهاراتِ إبداعِهِ, فأدركتُ أنّهُ شُعلةٌ من الذَّكاءِ وشئتُ ألّا أخسرَهُ بِرَفْضٍ مجنونٍ يصدُرُ عنّي في غَفلةٍ أو بِزَلّةِ لسانٍ غير خاضعةٍ لعمقٍ في التفكيرِ قبلَ اتّخاذِي لقرارِ الإعلانِ عن قبولٍ أو رفضٍ. نظرتُ إلى عينيهِ الصّافيتينِ والمتّقدتينِ إعلانًا عن حبٍّ صادقٍ وعميقٍ. قرأتُ كلَّ محتواهُ وأدركتُ جميعَ خفاياهُ, فالعيونُ مُخْبِرٌ ذكِيٌّ عمّا بداخلِ عمقِ الإنسانِ, مثلُه مثلُ الارتعاشِ غيرِ المنفعلِ والبادي على حركةِ يديهِ وتَلَعْثُمِ لسانِه وانكفاءِ نظرتِهِ السّاهيةِ في تأمُّلٍ مُرْتَقَبٍ, لِمَا يُمْكِنُ أنْ يَلِدَهُ الجوابُ الصّادرُ عنّي. لقد جعلَنِي في تلكَ اللحظاتِ أُحِسُّ بِنْشوَة ِ الأنوثةِ ومتعةِ الحياةِ. طال سَرَحَاني في هذا العالمِ الحالِمِِ الجميلِ المغمورِ بشعورِ السّعادةِ والهناءِ, وأنا أسمعُ منه تلكَ الكلمةَ الجميلةَ, التي يُحِبُّ سماعَ مثلها كلُّ فتًى أو فتاةٍ يعيشانِ عالمِ أحلامِ الشّبابِ المُحَلِّقِ في فضاءِ الكون ِ المثاليِّ. كنتُ أتمنّى لو أعاد قَولَ تلكَ الكلمةِ ألفَ مرّةٍ ونادَى بَها عاليًا لِيُسْمِعَ الدُّنيا كلَّها, تمنّيتُ لو كرّرَها إلى ما لا نِهاية, لم أستطعْ تَمَالُكَ نفسي في عالَمِ هذا الجَوِّ الجميلِ والمُنْعِشِ, الذي نقلنِي إليهِ بكلمةٍ واحدةٍ أسمعنِي إيّاها! فاضَ بحرُ مشاعرِي, وتدفّقتْ أمواجُ عاطفتِي ببراءةٍ مشحونةٍ بالعُنْفُوَانِ فقلتُ لهُ: وأنَا أيضًا أُحِبُّكَ! قرأتُ بعدَ ذلكَ ما كانَ صارَ في عالمِ عينيهِ من صفاءٍ وابتسامةٍ هادئةٍ ارتسمتْ خُيوطُ أشِّعَتِها على مُحيّاهُ, الذي لم أرَ أجملَ منهُ في تلكَ اللحظةِ. أيْقَنَ أنّ مشاعرِي صادقةٌ, لأنّه لمْ تكنْ لي أيَّةُ تجربةٍ في هذا المجالِ, وكنتُ زهرةً يانعةً لم تَعْبَثْ بها فراشةٌ من فراشاتِ الكونِ, فضمّّنِي إلى صدرِهِ بحركةٍ لا إراديّةٍ وبعفويّةٍ, ثم أسندَ برأسي إلى صدرِهِ وشاءَ ألّا ينفصلَ عنّي طولَ العُمر. كنتُ أتحسّسُ دقّاتِ قلبِهِ النّابضِ بعُنفوانِ الحُبِّ وهي تتلاحقُ بضرَباتٍ سريعةٍ, تُعْلِنُ عن بَدْءِ عالَمٍ جديدٍ من الفرحِ في حياتِنا وهو ولادةُ هذا الحبِّ, الذي كانَ قبلَ أكثر من خمسينَ عاماً, كانتْ تلكَ الدَّقاتُ تتناغَمُ مع همسِ البلابلِ, التي تشدو غيرَ بعيدةٍ عنّا وكانتْ نَسماتُ الهواءِ الباردةِ ونحنُ فوقَ السَّطْحِ تُدَاعِبُ وجنتينا, كما تنادِمُ آمالَنا و أحلامَنا. عمر تلك اللمسة الأولى والتي دشّنتْ حبَّنا الوليدَ ومن ثمّ زواجَنا الميمونَ بلغ حوالي ال 44 حولا وهو ما يَزالُ على ألقِهِ محافظًا على هدوئِهِ ومَنْعَتِهِ واستقرارِهِ, وقد أثرى لنا بخمسِ ورداتٍ, هنّ (هم) أجملُ ما لنا في هذا الكون, ومن بعد ذلك ثَمَرُ الأحفادِ, الذين ميّزوا حياتنا و أمتعوها ببهجةٍ و فرحٍ و هناء. كانتِ الأيّامُ والأعوامُ قاسيةً في بعضِ أحكامِها, شديدةً في بعضِ تظلّمِها, مُتْعِبَةً في بعضِ رحلاتِها, غير أنّ الرّغبةَ المتبادَلَةَ والمشترَكَةَ في الاستمرارِ وفي نَبْذِ الأنانيّاتِ وفي تَحدّي الظّروفِ القاهرةِ بِنِيّةٍ سليمةٍ وغيرةٍ كبيرةٍ وحِرْصٍ شديدٍ على مصلحةِ هذا الوليدِ و حياتِهِ, كانتْ جميعُ هذه المواقفِ و السّلوكيّاتِ لَبِنَاتٍ متينةً في إبقائِهِ على هذا الرَّونقِ الخارجيّ وعلى تلكَ المَنْعَةِ الدّاخليّةِ والتي على صخرةِ ثباتِها تمّ قَهْرُ مُعْظَمِ العَراقيلِ والتغلّبُ على جميعِ المصاعبِ والصّعوباتِ. ما يزيدُ عنِ الخمسينَ عامًا, يَمرُّ على تلكَ اللمسةِ الأولى وهي لا تزالُ تحملُ عُذوبَتَها وتُبْهِجُنَا بِرَوْنَقِها, الذي لم يَخْبُ جَمالُهُ, خمسونَ عاماً والإحساسُ بمِتْعَةِ تلكَ اللمسة لم يَتَغَيَّرْ, بلْ اِزدادَ جمالًا رُوحيًّا, وثَبُتَ أرْضِيَّةً واتَّضِحَ هَدَفًا. كانتْ اللمسةُ الأولى من أجملِ اللمسَاتِ في حياتِنا, وستبقَى مَدلولاتُها وعَوالِمُ الإحساسِ بها أحَدَ مصادرِ حبِّنا المتجدِّدِ هذا. __________________ |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|