Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
هل كان لدى شعب آزخ ذائقة شعريّة؟ بقلم/ فؤاد زاديكى
هل كان لدى شعب آزخ ذائقة شعريّة؟ بقلم/ فؤاد زاديكى قد يثيرُ هذا العنوان استغراب القارئ الفاضل, عندما يسمع مقولة أو قول إنّ الشّعب الأزخينيّ (أجدادنا) كانت لديه ذائقة شعرية بالفطرة, ولكونه فلّاح فهو كان ينصت إلى زقزقة العصافير والطّيور و صوت الرياح و المطر أثناء هطوله و كذلك أصوات الحيوانات على أنواعها و كلّ هذا صقل لديهم الإذن الموسيقيّة, كما أنّ احتكاكهم بالشّعوب الأخرى المجاورة زاد من جوانب ثقافتهم الفكرية و الإنسانية و الاجتماعية وأغنى لديهم مخزون اللغة, نحن نرى أمثالًا كردية تمّ تعريبها كما هي و كذلك تركيّة و غيرها و كلّ هذا يعتبر لبنة من لبنات تكوين اللغة إضافةً إلى أنّ وجود مدرسة في آزخ كان منذ زمن بعيد. إنّ تصرّف الإنسان على طبيعته في كثير من الأحيان تصدر عنه أفكار منطقيّة و أمثال وعظيّة حكميّة وما أكثرها في تراث الشّعب الأزخيني, وحين ننظر إلى ما يحتوي عليه هذا التّراث من طقطوقات شعريّة و أهازيج و أغانٍ وأناشيد تمّ سبكها بقالب شعري جميل أغلبه يأتي سليم القافية و الروّي كما الوزن, دون تكلّف أو صنعة يأتي على السّليقة و الإحساس الموسيقيّ بتذوّقه على نحوٍ سليم غير مضطرب. فأجدادنا لم يدرسوا علم العروض و لا قواعده حتّى أنّ أغلب الشّعراء في العهد القديم كانوا ينظمون على الموسيقى إلى أن ظهر علم العروض على النّحو الذي نراه عليه اليوم. لقد نظمَ أجدادنا الكثير من الأهازيج و الطقاطيق الشّعرية في مناسبات اجتماعية مختلفة و الكثير منها يغلب عليه جانب المرح و الفرح وهو بروح عفويّة بسيطة دون أيّة تعقيدات وهو أظهر الإحساس بالواقع والإيقاع الموسيقيّ وبالقدرة على صياغة النّصوص بمهارة و ذوق أدبي. سوف نتناول اليوم واحدة من تلك الأهزوجات الشّعرية الشّعبية وهي غنيّة بأفكارها و بموضوعها الذي تمّ اختياره من الواقع المُعاش, فالمفردات كلّها يكاد يتمّ استخدامها يوميًّا, والقارئ صاحب الحسّ السليم و الأذن الموسيقيّة سوف يُدرك سلامة الوزن و المفردات وكذلك القافية. إنّها طقطوقة چِكْ وچِكْ مَعْلَقَةْ من التّراث الشّعبي الآزخي چِكْ وچِكْ مَعْلَقَةْ ... جَبَشْ وبَطِّيخْ ما بَقََى رِحْنا بَيتْ العَطَايِهْ ... عَطَونَا بِنْدَقَايِهْ زَرَعْنَهَا فِالتِّبِنْ ... حِبْلِتْ وجابِتْ إبِنْ سَمَّيْنَهُو مِصْطَفَى ... طَلَعْ لِسطوحْ وانْطَفَى. شرح النصّ: ----------- چِكْ چِكْ: هو الصّوت الصّادر عن ضرب الملاعق ببعضها البعض مَعْلَقَةْ: هي مِلعقة انقلبت بفعل القلب اللغوي وهي ظاهرة لغوية صوتية دلالية تعني إقامة حرف مكان حرف مع الإبقاء على سائر حروف الكلمة كما نرى هنا. جَبَشْ: نعني به الجبس و هو ما يُسمّى البطّيخ الأحمر. هو من الفصيلة القرعيّة. وبطّيخ: هو البطّيخ الأصفر من نفس الفصيلة القرعيّة. مَا بَقَى: لم يبقَ. انعدم وجوده. لم يعدْ متوفّرًا. رِحْنا: ذهبنا إلى طرف... قصدنا بيت العَطاَيِهْ: بيت المرأة التي تُعطي ممَا لديها لطالب الحاجة. و هي المرأة الكريمة المِعطاء عَطَونَا: أعطونا. قدّموا لنا. بِنْدَقَايِهْ: تصغير لحبّة البندق زَرَعْنَها: زرعناها. قمنا بزراعتها ونقول (حَطّيْنَهَا) بمعنى وضعناها بداخل التّبن. فِالتِّبِن: في التّبن والتّبن: ما تهشَّم من سيقان القمح والشعير بعد درسه، تُعلَفه الماشية حِبْلِتْ: حَملت جنينًا بداخلها. ونقول في لهجة آزخ: حِبْلِتْ المَرَا: أي أصبحت حاملًا (حِابْلِهْ) وهناك مثل أزخيني (كَما مَرَا الحَابْلِهْ) عندما تشتهي بعض المأكولات في فترة الحمل و قد انقلبت الميم باءًا بسبب الإبدال في اللغة و هو وضع حرف مكان آخر. جابِتْ إبِنْ: ولدت ابنًا بعد فترة الحمل سَمَّيْنَهُو: اسميناه. قمنا بتسميته. أطلقنا عليه اسم. مصطفى: اسم علم مذكر مفرد طَلَعْ: صعد إلى فوق. خرج لِسْطوحْ: مختصرة من على السطوح وهي السطح: وسطح كلّ شيء أعلاه. اِنْطَفَى: انطفأ. أي كان مشتعلًا أو مُضيئًا تمّ إطفاؤه. وفيما يخصّ القافية (الرّوي) نرى بوضوح التلازم الصحيح بين نهايات كلّ شطر من الأهزوجة مثل: (معلقَة) و (ما بقَى) (العطايِهْ) و (بِندَقايِهْ (تِبْنْ) و(ابِنْ) (مصطفَى) و (انطفَى). أرجو أن أكونُ قدّمت صورةً واضحةً عن جانب من جوانب حياة شعبنا في آزخ وهو شعب عريق بأصالته وانتمائه ومعروف بصموده و تضحياته ودفاعه عن الحقّ وصون المقدّسات.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|