مداخلتي هذا المساء في منتدى المحيط العربي للشّعر والأدب في فقرة (أوجاع الغربة):
الغربة وضع خاصّ ومعيّن تفرضه ظروفٌ قاهرة على الإنسان وتكون خارجةً عن إرادته أو عن تأثيره, فيكون مدفوعًا بسببها إلى مغادرة بلده وهذا يحصل كثيرًا في البلاد التي تحكمها أنظمة شموليّة لا يهتمّ فيها المسؤول بالمواطن فيكون المواطن فاقدًا لكلّ شيء ومن أهمّ ما يفتقده ضمان المستقبل و العيش بحرّيّة و كرامة بسبب انعدام الحرّيّات في عموم الوطن العربي. أمّا بخصوص تبعات الغربة فهي كثيرة و ثقيلة منها أنّ الشخص يتمّ اقتلاع جذوره من التربة التي عاش فيها لسنوات طويلة ومن المجتمع الذي خالط ابناءه واختلط بهم فكوّن صداقات وله فيه أقارب و معارف وأصحاب ورفاق عمل وزملاء دراسة الخ.... إنّ مثل هذا الوضع صعبٌ للغاية, فعندما يخرج المواطن من بلده يحاول الحصول على سبل عيش وإمكانيّة تأقلم مع الواقع الجديد والذي على الأغلب يكون غريبًا عنه. لكنّ الإنسان و بفعل تكوينه الاجتماعيّ سوف يتمكّن بعد فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر من التّأقلم مع الواقع الجديد بكلّ ظروفه وأحواله لأنّه مجبورٌ على ذلك. هناك بعض الذين لا يستطيعون التّأقلم بسهولة ولو بعد مرور وقت طويل فهم بحنين دائم إلى الأرض التي غادروها وهي كانت مسقط رأسهم وموطن أحلامهم لكنّ قول الحقيقة قد يكون ثقيل الوقع فالمواطن الذي لا كرامة له في وطنه خيرٌ له ألف مرّة أن يعيشَ غربةً مهما كانت قاسيةً, لأنّها ستكون أرحم من حضن الوطن. لقد قيل في الغربة أمثال كثيرة منها "الغربة تربة" أي أنّها كقبر يعيش فيه الإنسان. وهي غربة الروح كما الجسد. وقيل: "للغربة أوجاع لا يعلم بها إلّا من عاشها" و "لا وجود لأراضى الغربة ، إنّما المسافرون فقط هم الغرباء" وأخرى كثيرة. بالمختصر فإنّ الغربة حالة صعبة تفرضها الظروف على الإنسان لأسباب كثيرة وهي على العموم تحمل معها أوجاعًا مثل الألم و المعاناة و الحزن و الحنين والاشتياق الخ...
الشاعر فؤاد زاديكى