Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-11-2023, 10:45 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,001
افتراضي اِستغراب و استِهجان بقلم: الشاعر فؤاد زاديكى

اِستغراب و استِهجان

بقلم: الشاعر فؤاد زاديكى

عندما يتحوّل المنطق الإنساني إلى إعوجاج شاذّ, و عندما تُصبحُ الفكرة الموضوعيّة تحت حِذاء الغباء و الجهل, و عندما يفقدُ الإنسانُ مصداقيته كشخصٍ في هذا المجتمع, و عندما يُرَادُ بنصاعة البياضِ سوادًا, و بجمالِ الفضيلةِ رذيلةً, فعندئذٍ لا يُمكن سوى القول أنّنا أصبحنا نعيش كالحيوانات المفترسة في غابة الحياةِ هذه, يقضي فيها القويّ على الضّعيفِ, بسبب انعدام مفهوم العقل و اضمحلال فاعليّة المنطق و تناثر أعضاء الإحساس بالواقع في بُعدٍ تامٍّ و مُطلقٍ عن الحقيقة, بل عن أقلّ جزءٍ يَسيرٍ منها.
و كثيرًا ما نُفاجأ بسلوكيّات و بنشر أفكار, غير جديرة بأيّ احترام, لكونها تخرج عن نطاق الموضوعيّة و الواقعيّة و المنطق, و المُثيرُ للسّخرية و القرفِ و الاشمئزاز و الاستهجان هو أن تَرَى مَنْ يدافعُ بشراسة عن الظّلم و التّعدي و التّجاوزات, و مَنْ يسعى إلى قلبِ الحقائق و تشويه معالم المنطق, و مَنْ يتباهى و يتفاخر بإزدواجيّة المعايير, التي لا يستطيع العيش بدونها, فهو يرى ما يريدُ أن يراهُ و يقفل عينيهِ عمّا لا يُريدُ رؤيته, حتّى لو كان ذلك الأمرُ صحيحًا سليمًا و موضوعيًّا منطقيًّا و دليلًا قاطعًا و بُرهانًا لا يُمكِنُ تَحاشيهِ أو الإعراضَ عنه. بهذا يكون البشر, الذين على هذه الشّاكلة من التّفكير و السّلوك أقرب إلى الهمجيّة و التّوحّش و أبعد ما يكونون عن الإنسانيّة, حتّى لمجرّد التّسمية, فهم غير جديرين بِحَمْلِها, ولا الانتماء إليها, لأنّهم يعيشون في عالَمٍ آخر, أو على ظهر أحد الكواكب التي لم يكتشفها العلماءُ بعد. سنضرب هنا بعض الأمثلةِ لِنُشيرَ إلى هؤلاء بالاسم و الصّفةِ, لكونهم قومٌ لا يخجلون مِنْ أنفسهم و لا مِنْ قذارةِ ما يحملونَهُ مِنْ أفكارٍ مريضةٍ, هي سببُ بلاء هذا العالم, و خراب قيمه الإنسانية و اختلال موازين معاييره الأدبيّة و الاجتماعيّة.
فمثلًا عندما يقوم الخليفة الأموي «الوليد بن عبد الملك» بتحويل كنيسة القديس مار يوحنّا المعمدان في دمشق, والتي بناها البيزنطيّون المسيحيّون أواخر القرن الرّابع الميلادي إلى جامع سنة 86ه / 705 م فهذا أمرٌ طبيعيّ لدى هؤلاء الذين أشرتُ إليهم قبل قليل.
و حين يقوم السلطان العثماني محمد الثاني (الشهير بـ"محمد الفاتح") المدينة عام 1453 م بفتح القسطنطينيّة و أسماها اسطنبول ويدخل إلى كاتدرائية أيا صوفيا, التي استغرق إنشاؤها خمس سنين وتمثّل إحدى روائع الفن البيزنطي حيثُ كانت أضخم كاتدرائية للمسيحيين الأرثوذوكس طوال تسعمئة عامًا، ليُصلي فيها أوّل جمعة بعد الفتح، ويجعلها مسجدًا كبيرًا, و كانت أُقيمت أيا صوفيا عام 537 م بأمر من الإمبراطور البيزنطي يوستينيانوس الأوّل (527-565), يَرى هؤلاء هذا الفعل غير شنيعٍ, غير مثيرٍ لمشاعر المسيحيين, و كأنّه عاديٌّ جدًّا.
و عندما يقوم مسلمون متشدّدون بحرق الكنائس و قتل المصلّين داخل الكنائس, فهذا برأيهم, خبرٌ لا يستحقّ الاهتمام و لا حتّى التّعليق عليه.
لكنْ أن يتمّ حرق قرآن هنا أو هناك أو أن يتمّ نشر كاريكاتير عن رسول الإسلام, أو أن ينشر كاتب مثل سلمان رشدي كتابه آيات شيطانية, فإنّها كوارث من وجهة نظر المسلمين, فهي تُثير مشاعرهم, و تُسيء إلى معتقدهم, ولا تحترمُ مشاعرهم. معادلة غريبة و عجيبة!!!
هذا ما أردتُ هذا الصّباح قوله, يقول المسيح عاملوا النّاس كما تريدون أن يعاملوكم, أي عاملوهم بالحُسنى و بميزان العدل, فهل يستطيع الإخوة المسلمون الحكم على الأمور بشيء من العدل و الإنصاف و المعاملة بالمثل؟ إنّي أشكّ في ذلك, فهم بنظرهم دومًا على حقّ, و مهما حصل, و هم الأفضل فلا يجوز الدّوسُ على ذنبِهم و إلّا فإنّك سترى عجبَهم. أيّها الإخوة المسلمون, أُنظروا إلى الآخرين على أنّهم بشرٌ مثلكم, لهم مشاعر و أحاسيس, كما لهم معتقداتهم, فلا يحقّ لكم أن تعتدوا عليهم كما يحلو لكم بطرق مختلفة و متعدّدة, و حين يرفضون ذلك أو يرغبون بالشّكوى, تتّهمونهم بما يطيب لكم من صفاتٍ غير لائقة. هل لا يمكنكم التّعايش مع الآخرين بأمن و سلام و تآخي و محبة و تسامح؟ هل يجب أن تعملوا بفكرة الإقصاء و مشاعر الكراهية, و القطبيّة الأُحاديّة و كأنّكم الوحيدون على ظهر هذا الكوكب؟ اِحترِموا مشاعر و معتقدات الآخرين, كي يعامولكم بالمثل, و إلّا فليس مِنْ حقّكم لومَهم إن هم انتقدوكم على سلوككم الشاذّ, و الضارّ بهم و بكم, و عَيّروكم, لأنّهم سيكونون حينها على حقّ.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:13 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke