مشاركتي على برنامج بوح الخواطر في مجلة أسرة قلم قبل قليل تقديم الصديقة إنصاف ابو تراب

[fouadzadieke]

مشاركتي على برنامج بوح الخواطر في مجلة أسرة قلم قبل قليل تقديم الصديقة إنصاف ابو ترابي و إشراف كلّ من الدكتورة مها يوسف و الدكتور عدنان الطيبي و موضوع حلقة اليوم هو عن الزّمن الجميل

الزّمن الجميل

بقلم فؤاد زاديكى

لكلّ زمن رجاله و عاداته السائدة و تقاليده المعمول بها، كما له ما له و عليه ما عليه، فلا يوجد جيل خاليًا من السلبيات لكن هناك جيل أو زمن تغلب فيه الإيجابيات على السلبيات، و هذا ما يمكن تسميته بالزمن الجميل، أجل الزمن الجميل و هي تسمية ليس مبالغًا بها، لأنّها تعبّر فعلًا عن جمال ذلك الجيل حين كانت تسود فيه بساطة الحياة الخالية من تعقيدات ما نراه اليوم. كانت الحياة تسير على وتيرة هادئة أمينة فيها سلام و طيبة و إنسانية، كان الجيران يلتقون مع بعضهم البعض و يتقابلون و هم يتحدّثون و يتسامرون. لم يكن بعد ظهر التلفاز كنا نتحلّق حول الراديو (المذياع) و كان في أول ظهوره، لقد كانت خطوة كبيرة نحو التقدم، كنا نتابع نشرات الأخبار و نسمع الأغاني و البرامج الثقافية و الترفيهية كلّها من خلال الأذن دون مشاركة العين.
كان زمنًا جميلًا حيث كنّا كأطفال نلعب إلى وقت متأخر خارج البيت مع رفاقنا و زملائنا دون خوف من الأهل علينا لأنّ الأمان و الأمن كانا موجودين، كما كانت المساعدة حاضرة من قبل أصحاب النخوة و أذكر تمامًا حين كنت في المرحلة الابتدائية في مدينتي ديريك بمحافظة الحسكة سورية أنّي كنت في يوم من الأيام أسبح في الچمّ (مجرى مائي صغير) الذي كان بالقرب من بيت ملكي زيرو مع بعض الصبية و لم أشعر إلّا و دماءً غزيرة تخرج من كعب رجلي و تظهر على سطح الماء بسبب دخول عقب زجاجة مكسورة كان في القاع فدخل في كعب رجلب عميقُا، خفت خوفًا كبيرًا و قيّض الربّ لي في تلك الأثناء العمّ يعقوب لوزه، حيث كان ذلك الچمّ (مجرى مائي صغير غير عميق) يجري بجانب أرضه و أرض أخيه المرحوم مراد لوزه، حين رآني و أنا أبكي من شدة الخوف، قدم إليّ و حملني على يديه و مشى بي إلى عيادة الدكتور غسان ناصيف و هي تبعد عن مكان الحادثة أكثر من كيلومترين من تلقاء نفسه، فقام الطبيب بتعقيم كعب رجلي و تضميده و أعاد المرحوم العم يعقوب حملي مرة أخرى إلى بيتنا و الذي كنّا مستأجرين فيه بحوش أخيه العم مراد لوزه.
على الرغم من عدم اهتمام الوالدين بنا كما ينبغي، و توعيتنا كما يلزم إلّا أنّ ذلك لم يقف حائلًا في طريق سعينا قدمًا للحصول على المعرفة من خلال القراءة و المطالعة و حين كنت في المرحلتين الابتدائية و الإعدادية صار لي نهم شديد للمطالعة. قرأت جميع أنواع الكتب دون استثناء.
كنّا في ذلك الزمن الجميل نجلس جميعًا كعائلة إلى سفرة طعام واحدة و نأكل منها جميعًا بمشاركة. كانت لدينا قناعة دون طمع و شعور بالمحبُة دون كراهية أو بغضاء.
على الرّغم من أنّ ظروف الحياة لم تكن سهلة، و عانينا من الفقر و الحاجة، و بقينا في الإيجار إلى يوم زواجي ١٩٧٨ م إلّا أنّ الأمور كانت تسير بهدوء و سلام و استطعنا تحقيق الكثير ممّا كنّا نسعى له و نرغب بالحصول عليه، لهذا يحقّ له أن يُسمّى بالزّمن الجميل بحقّ و حقيقة، فهو اسم على مُسمّى.

[fouadzadieke]

الشكر الكثير و التقدير الكبير لمجلة أسرة قلم و شخص الاديبة الصديقة إنصاف أبو ترابي و كل من الدكتورة مها يوسف نصر و الدكتور عدنان الطيبي لمنحي وسام بوح الخواطر لمشاركتي على فقرة الزمن الجميل