Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
صفحة من تاريخ ديريك. بقلم: فؤاد زاديكى
صفحة من تاريخ ديريك بقلم: فؤاد زاديكى إنّ أوّل مَن أدخلَ ماكنة الگاروز لبيع و تعبئة الگاروز و السّيفون و لبيع البوز (الثّلج المجمّد) في ديريك كان السيد مراد بهنام مراد, الذي تُوفي في ألمانيا في مدينة أوغسبورغ بولاية بايرن (أخو ببو الخيّاط الذي توفي في ديريك بتاريخ 1/3/1990) و توما موسى عيسى الملقْب بتوما الحجّي و ذلك في بداية الستّينيّات من القرن الماضي. و كانا شريكين بها، اشترى والدي گبرو الياس زاديكى حصّة العم مراد فصار شريكًا لتوما الحجّي في ماكنة الگاروز ، و كان توما نشيطًا و له أسلوب طيب في معاملة الزبائن بنجاح مما زاد من نسبة الأرباح العائدة عليه وعلى والدي و لهذه الصفة الحسنة في توما أطلق عليه والدي لقب (الحَجّي) بقي هذا اللقب ملازمًا له بعد ذلك، بعد هذا اشترى والدي حصة توما أيضًا فصار هو مالك ماكنة الگاروز و البائع الوحيد للبوز في قطع و للخرط (البَشرَة) في ديريك، لا أعلم سبب مشاركة والدي للعم شكري ملكي خَلو (أبو گبرو) سوى انّ الطلب زاد على البضاعة فتمّ شراء ماكنة ثانية، تمّ توقيفها أمام دكان العمّ صليبا الصّولكرين ابو يعقوب صليبا، الذي كان له دكان بنفس الشارع مقابل دكان والده يبيع فيه الراديوات، و كان هذا أوّل دكان لبيع أجهزة الراديو في ديريك في بداية الخمسينيّآت من القرن الماضي. كانت ماكنة الگاروز التابعة لنا واقفة أمام دكان السيد غانم بدرية طوبية المعروف بأبو جاك، و كان الدكان مخصّصًا لبيع المشروبات الكحولية. استطاع بعد ذلك والدي شراء فروغية الدكان من السيد غانم و شارك أبي في الدكان السيد جوزيف بطرس بيكندي، و بطرس بيكندي المعروف باسم أبو جميل, هذا كان مالك هذا الدكان، قبل هذا التاريخ كان والدي يشارك العم عيسى مراد پسي (أبو مراد) في دكان لبيع البصل و الثوم و البزر و غير ذلك، كان هذا الدكان ضمن الدكاكين التي كانت تعود بملكيتها للسيد عيسى شيرينة والد شمعون و جوزيف و سامي شيرينة.. جوزيف الذي كان له دكان لبيع الأقمشة في نفس الشارع يشاركه في الدكان فهمي ابن گبرو خِتّنِي. كان دكّان والدي و عيسى في الشارع الذي فيه مقهى السيد اسحق عيدو (والد الصديق عيد اسحق عيدو) حيث كان المقهى مقابلًا للدكان, بنفس شارع بيت أبو سمعان, الذي كان لزوجته (سَفْره) تَنَور للخبز تخبز و تبيع الخبز أمام باب دارهم, و كان ابنها ماجد في فترة دراستي في دار المعلمين مديرًا لدار المعلمين بالحسكة. بعد اختفاء السيد جوزيف بطرس بيكندي في ظروف غامضة، قيل وقتها إنّه كان مديونًا لأشخاص من القومية الكردية، قاموا باختطافه و اعتقاله في إحدى القرى القريبة من نهر دجلة، كان يُسقى ماءً مع الملح إلى أن اهترأت أمعاؤه ففارقَ الحياة، و لغاية اليوم لم يُعرف الفاعلون، أو أنّهم عُرفوا لكن لم يتمّ اتّخاذ أيّة إجراءات بحقّهم. عرض العم عيسى مراد پسی على والدي مشاركته الدكان بحصّة المرحوم جوزيف بطرس بيكندي، فوافق والدي خاصّةً أنّهما كانا شريكين في عمل آخر قبل هذا العمل. كان ذلك في حدود سنة ١٩٦٥، كنت وقتها طالبًا في دار المعلمين بالحسكة. سارت أمور ماكنة الگاروز و بيع الخرط و البوز على أفضل حال خصوصًا أنّه لم تكن لدى الناس في تلك الأيّام برّادات أو ثلاجات في بيوتهم، و إنْ كان فهو في بيوت الأغنياء و المقتدرين مادّيًا. نظرًا لسير العمل في الگاروز و البوز بشكل جيّد و كذلك في عمل الدكان حيث كان جيدًا جدًا, جنى والدي أرباحًا كثيرةً لقاء ذلك, و ممن أذكرهم من زوّار الدكان و الذين كانوا يشربون و يسهرون أحيانًا لغاية الساعات الأولى من الصباح باسيل سغاتيل باسيل. أحمد حاجي عثمان. أبو ماهر رئيس مفرزة الأمن السياسي. خالي يوسف لحدو مراد (حدو ستّو). جورج إيساكوف و شمعون عيسى شيرينة و عيسى ميرمي (أبو مراد) و سرگون شليمون مظلوم, و ميجر و كنعان أبناء رسول الذي قتلت عائلته المطران الكلداني العلّامة أدّى شير في قصة معروفة. قريبي جورج گبرو الحكيم، و كان العم عيسى پسي يشكو دائمًا من سلوك والدي هذا و عدم انتباهه لقرشه، فأبي كان مسرفًا و لو انتبه لنفسه جيدًا، لكان جمع ثروة طائلة من الدكان و الماكنة. جميع النّصائح، التي كان العم عيسى ينصح بها والدي تدخل من طرف أذنه لتخرج من الطرف الثاني بدون أيّ اعتبار أو اهتمام أو نتيجة، فهو استمرّ على ما كان عليه. وأذكر أنّه كان يقول لوالدي: يا أبو فؤاد اسرقْ منّي لو شئت, المهمّ أن تؤمّن مستقبلًا جيّدًا و مضمونًا لأسرتك و أبنائك. أمّا كيف كان يتمّ تحضير شراب الخرط بألوانه المختلفة, فإنّنا كنّا في البداية نشتري صبغة الألوان و هي عبارة عن بودرة ناعمة بألوان مختلفة حسب الرغبة، من العم حنا حنا (أبو اسكندر) الذي كان يملك هو الآخر ماكنة گازوز في مدينة القامشلي و زوجته (مارتو) من بيت اسفطون من أقرباء عائلة (ساري آدم) أم زوجتي سميرة. كانت والدتي حانة تقوم بصنع مادة الشراب و إعداده في البيت و تعبئته في قناني بحسب الألوان و كنا نستخدم ألوان الأخضر و الأحمر و الأصفر و القرمزي على الأغلب. كانت أمّي تضيف البودرة إلى كمية محدّدة من الماء بحسب القياس للكمّيّة المرغوب عملها, ثم تقوم بتحليته بمادة السكّر و بعد ذلك تضيف إليه مادة تُسمّى (أسانس) و هي مادة لتثبيت اللون و تدخل أيضًا في صناعة العطور و صناعة المسكرة. كنا نقوم ببشر البوز أو بخرطه بواسطة خرّاطة مصنوعة من الحديد لها من أسفل أسنان حادّة و لها غطاء علوي مرتبط بها بواسطة برغي أو بُزال، يُفتح و يُغلق بسهولة، فعندما يتمّ بشر البوز إلى أن تمتلىء الخَرّاطة نقوم بتفريغها في القدح و نعيد الكرّة إلى أن يمتلىء القدح بالمادة المبشورة من البوز الزّبون، ثم نضيف إليه الشراب باللون المطلوب بحسب رغبة الزبون. أمّا الگازوز فكنّا نصنّع مادة السيفون و هي مادة غازية حادّة عن طريق ماكنة الگازوز بواسطة قارورة غاز طويلة يتم ربطها من عنقها بخرطوم يوصلها بالماكنة. كنا نقوم بتقديم الگازوز للزبائن بحسب الطلب إمّا بملئه في أكواب زجاجية مخصّصة للگازوز أو بتعبئته في قناتي صغيرة مٌعَدّة لهذا الغرض نقوم بكبسها بالمكبس, أي بإقفال عنق القنينة (الزجاجة) بواسطة غطاء القناني ليتمّ تبريدها في صندوق مملوء بقطع من البوز لتبقى باردةً، كانت تُفتح بمفتاح القناني لدى بيعها للزبائن و هناك من كان يشرب السيفون على الحلّ لوحده بدون صبغة و هناك من كان يرغب بشرب لون معيّن يختاره هو. أمّا بيع البوز فكان يتمّ قطعه (نشره) بواسطة المنشار بحسب الكمية المطلوبة بفرنگين أو بربع ليرة سورية أو بنصف ليرة أو بربع قالب أو نصف قالب وأحيانًا بقالب بوز كامل للمؤسسات و الأندية و المقاهي. كنا نحصل على البوز من معمل أبو أحمد الكائن على الطريق المؤدي إلى عين العسكرية التي كان أنشاها الفرنسيون مع ما انشاؤوا من مواقع مثل: القِشلَة (الثكنة العسكرية) و السجن و السراي و الجسر فوق المجرى المائي على طريق القامشلي و المستوصف. تقع عين العسكرية على مدخل ديريك القديمة (ديرِكِت العَتيقَة) على طريق عين ديوار (عَندِيوَرْ) كنت و أخي الياس و بقيّة العمال الذين كانوا يعملون لدينا نقوم بحمل قوالب البوز من المعمل إلى مكان العمل و هو دكاننا كان منهم ابراهيم ابن گورگيس پِلحس (باهِي)، و ابن بلقو. كنّا نقوم بلفّ قالب البوز بكيس من الخيش كي نتفادى ضرر درجة التجلّد و كذلك لحماية الكتف أثناء نقل قوالب البوز و كثيرًا ما كنّا نحمل على كتفنا قالبين من البوز دفعة واحدة من معمل البوز إلى دكاننا، و كنّا نقوم بتغطيته و لحمايته من الحرارة كي لا يذوب و كم من القوالب ذابت و خسرنا فيها، عندما كانت تشتدّ درجات الحرارة، لم يكن معمل ديريك قادرًا على تأمين حاجتنا من الكميات المطلوبة لكثرة الطلب على مادة البوز فكنا نضطّر لأن نستورد من القامشلي يتمّ نقله بواسطة بوصطة العم جورج رزقو أو بعض التكاسي التي كانت تعمل على خط ديريك القامشلي لنقل الركاب منهم جورج عرّو و ليفون و ابلحد رزقو و يعقوب سوسي ملّوسي و أبو حاوى و غيرهم، لينقلوا لنا قوالب البوز من القامشلي إلى الدكان, و كثيرًا ما كانت تتأخّر السيّارات في الطريق, فتذوب بعض قوالب الجليد (البوز) و تكون بذلك خسارة مادّيّة, و بجانب معمل البوز كانت رحّان النّار، التي كان أهالي ديرك و القرى المجاورة يقومون بطحن الحنطة فيها للحصول على مادة الدّقيق (الطّحين) لصنع الخبز. و من هذه الطّريق كانت الباقورة تتجمّع ثمّ يقودها (الگاڤان) الراعي إلى أماكن الرّعي ليعود بها عند الغروب, و أذكر أنّنا كنّا نأخذ بقرتنا إلى ذلك المكان لتنضمّ إلى الباقورة. قلّ الطلب على مادة البوز بسبب توفّر البرادات في ديريك حيث كان الصديق شكري سليمان بَرخو فتح دكانًا لبيع البرادات و الغسالات و الثلاجات و كنت اشتريت منه غسالة و برّادًا في تلك الأثناء. لهذا انتهت فترة ماكنة الگاروز و بيع البوز و التي كانت لنا معها ذكريات لا تُنسى. في تلك الاثناء كنّا استأجرنا مقهى نازار لمدة سنتين يُجدّد العقد من السيد حبيب الصائغ فهو كان مالك المقهى و في ذلك المقهى صار حفل عرسي في الحوش بين الأشجار سنة1977. كنتُ و أخي أديب و أخي فهمي نعمل في المقهى إلى جانب عمّال بالأجرة يساعدوننا في خدمة الزبائن. بعد مرور أعوام و انتقال العم عيسى مراد پسی إلى مدينة الحسكة و افتتاحه مطعمًا للدجاج المشوي، انتهت شراكته مع أبي, و أذكر أنّ سبب انتقال العمّ عيسى پِسي من ديريك إلى الحسكة كان سببه, حصول شجار بينه و بين (ي. ل. م) الذي كان يُعدّ خطّة للتّخلص من عيسى بقتله بواسطة آلة مدبّبة كان يعمل على شحذها و تدبيبها, لاحظ والدي الأمر, و لكونه كان يحبّ العم عيسى, أخبره بذلك و رجاه بأن يغادر ديريك و إلّا فإنّ النتيجة ستكون غير حميدة, لهذا اضطّر العم عيسى مراد الذي توفي في السويد, إلى مغادرة ديريك و الانتقال إلى مدينة الحسكة وكانت زوجته (فهيمة) من الحسكة, كان العم عيسى و قبل وفاته زارني في داري بالمانيا مع صهره (زوج أخته) أبو ماهر, شربنا و سهرنا و أعدنا الذكريات القديمة رحمه الرب و رحم جميع الموتى. قام المرحوم أبي بمشاركة أخيه المرحوم عمي حنا في الدكان و الماكنة، لكن و بكلّ أسف حصل ما لم يكن متوقّعًا فقد تمّ التّحايل على أبي من قبل ابن عمي (ع. ح) فصار الدكان و ماكنة الگاروز لملكيتهم، ليفتح والدي بعد ذلك دكّانا في بيته في حارة موتور الماء (حارة كنيسة ماردوو) على طريق قرية گرزرك. و بهذا تنتهي فترة عملنا بماكنة الگاروز و بيع البوز في ديريك إلى الأبد, لتطوى صفحة من تاريخ مدينة ديريك بكل شجونها و شؤونها, أفراحها و أتراحها, فرحها و حزنها, و مفاجآتها. التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 24-03-2024 الساعة 09:23 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|