مشاركتي قبل قليل على موضوع الأمّ مدرسة إذا إعددتها في مجلة ضفاف القلوب تقديم الأستاذة صفاء قرقوط:
الأمّ، هذه الكلمة العظيمة في معناها، الكبيرة في مقامها، الغنيّة بعطائها، مهما وصفناها فإنّنا لن نستطيع إيفاءها حقّها، فهي أكبر من الوصف و أعمق من المعاني و أعظم من المفردات و الكلمات.
الأمّ إنسانة نذرت نفسها من أجل التّضحية براحتها و بكلّ ما تملك من قوى، فهي تعطي الحياة و من ثمّ تستمرّ في مهمة التنشئة و التربية و البناء، تدفع من حياتها تعبًا و عرقًا و سهرًا، تحاول أن تقدّم كلّ ما تستطيع و تملك من أجل أبنائها و راحتهم و سعادتهم، فإن مرض أحدهم تعيش حالة أسوأ من مرض الابن و إن عانى من أيّ حالة أو ضرر، فإنّ قلبها يخفق و شعورها يحترق خوفًا عليه.
الأمّ مدرسة بكلّ ما في هذه الكلمة من معنى، تعطي دروسًا في الحياة و إرشادات و معارف و نصائح لا تجدها بين دفّات الكتب و لا في فصول الدراسة و لا في صفوف المدارس، هي تعطي بلا أدنى مقابل، لأنّ مهمّتها إنسانية إلى أبعد حدّ و أقصى درجة.
الأمّ وجودها يُشعر الأبناء بالراحة و الأمان و يُدخل إلى قلوبهم الاطمئنان و ينقلهم إلى عالم كلّه سلام و هدوء و راحة بال. لهذا قيلت فيها مآثر الكلام و نُظمت فيها درر القصائد العصماء، ضُربت فيها أمثلة كثيرة في الوفاء و التضحية و العطاء والمحبة و الحنان و غير ذلك من العبارات الإنسانية التي تختصر أجزاءً قليلة من عملها في الحياة. و من أجمل ما قيل فيها: إنّها مدرسة. و الجنة تحت أقدامها. و حين تهزّ السرير بيمينها فهي تهزّ العالم بيسارها و غيرها من الأقوال المأثورة التي تعبّر عن معاني الأمومة الكبيرة و الكثيرة، و مهما قالوا و نظموا و كتبوا عنها و فيها فهو يبقى قليلًا لا يعبّر عن كلّ ما تعطيه، أدام الربّ القدير كلّ أمّ لتكمل مسيرة الحياة بعطائها الذي لا ينضب.
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
المانيا في ٢١ آذار ٢٠٢٤