المعلّمُ و شيخُ القريةِ بقلم: فؤاد زاديكى قصّة حقيقيّة بكلّ تفاصيلها ٢ كانت أغلبُ

[fouadzadieke]

المعلّمُ و شيخُ القريةِ

بقلم: فؤاد زاديكى

قصّة حقيقيّة بكلّ تفاصيلها

٢

كانت أغلبُ الأخبارِ، فيما يخصُّ موقف شيخ القرية من المعلّم الجديد و الذي كان مديرًا للمدرسة في الوقت ذاته، تصلُ أوّلًا بأوّل، إلى معلّم/ مدير المدرسة، من قبل الشباب، الذين كان آباؤهم يحضرون مجلس الشيخ، لأنّهم كانوا يحذّرون بدورهم أبناءَهم، من مغبّةِ الاستمرار في زيارة المعلّم و التقرّب منه، او حتّى التّعامل معه. لم يكنْ باستطاعةِ المعلّم أن يفعلَ شيئا، بهذا الخُصوصِ، و كان كلُّ ما يُمكنُ فعلُهُ، هو أخذُ الحيطةِ و الحذرِ، فقد يتمّ شحن البعض و الطّلبُ منهم، القيام بعمل جسدي ضدّ المعلّم، يستهدف حياته، كمحاولةِ اعتداءٍ أو ما في ذلك.
كان في تلك الأثناءِ تمّ تعيين معلّم جديد للمدرسة، إلى جانب المعلّم المدير، و كان هذا المعلّم من فوميّةِ الشّيخِ و من دينِهِ، أصلُهُ من قريةِ (آلة قوز)، كلّ هذه التّعيينات كانت تجري من قبل الموجه التربوي، محمد عبيد الصّالح و كان ذا نزعة إخونجيّة دينيّة متزمّتة، في عهد مدير التربية في محافظة الحسكة (عبد القادر خلف البرخو)، كان المعلّم الجديد يحضر مجلس الشّيخ مع رجال القرية، و بالطبع، كان من المنطقيّ أن يتمّ استخدامه كأداة في تنفيذ جريمة الإساءة إلى المعلّم. مدير المدرسة، من خلال كتابة تقارير سياسيّة، ضد المدير، الذي كان هدفًا من قبل شيخ القرية، تمّ رفع هذه التّقارير عن طريق شيخ القرية إلى مديرية التربية و فرع الأمن السياسي في القامشلي، تمّ تلفيق تهم سياسية للمدير، كانت كفيلة بأن تتمّ محاكمته و اتّخاذ أقسى العقوبات المسلكية بحقّه، بسبب أنّ النّظام الحاكم في سورية كان شموليًا، لا يعترف بأي حق للمواطن، و لا بحرية التعبير الخ... و ما يزال هذا النظام القمعي البوليسي الأمني لغاية اليوم يحكم في سورية.
كان من جملة التّهم التي وُجّهت للمدير، هي:

عدم تنظيم طلائع البعث في المدرسة
عدم ترديد التلاميذ لشعار الطلائع كلّ صباح
عدم رفع علم البعث على بناء المدرسة
التقصير في التوجيه السياسي للتلاميذ
و غيرها من التّهم و الاتّهامات، الكفيلة بِتوقيف ايّ معلّم عن عمله، و منعه من ممارسة عمله كمعلّم.
على أثر ذلك تمّ استدعاء المدير، إلى لجنة تحقيق في مدينة الحسكة، و لأنّ المعلّم المدير كان على ثقةٍ تامّةٍ من أنّ حضورَه للتحقيق أمام لجنة، تختارها هذه الفئة الحزبية، او عدم حضوره سيّان، ستكون قراراتهم معدّة سلفًا، حتى قبل حصول التّحقيق، فقد قرّر المدير عدم المثول أمام لجنة التحقيق الصّوريّة، ممّا أثار جنون الموجه التربوي و مدير التربية و اللجنة المعدّة للتحقيق مع المدير، فتمّ نقل المعلم/ المدير إلى منطقة الهول بالقرب من مدينة الحسكة (في ريف الحسكة). رفض المدير تنفيذ قرار النّقل، لهذا لم يلتحق بالمكان الجديد، الذي تمّ نفيه إليه. على الرّغم من طلب معلمين كثر من أصدقائه، كي يذهب إلى المدرسة الجديدة، ليكتب مباشرة عمله من هناك، و عندها سينظر الموجه التربوي في موضوعه، أي قد يقوم بتعديل الوضع، لم يكن المعلم على أيّ يقين من أنّ مثل هذا الامر، سيحصل، بدليل لو كان هذا صحيحًا، لما وقعت أية مشكلة بالأصل.
على أساس ذلك، تمّ توقيف المعلّم عن عمله، كمعلّم مدرسة ابتدائية، و عندما تقدّم بطلب عودة إلى وظيفته، فوجئ بقرار خطّي من وزير الداخلية آنذاك عدنان دبّاغ، برفض طلب العودة لأسباب سياسيّة. هذا ما أنعم به على المواطنين السوريين نظام طائفي شمولي فاشل.
ظلّ المعلّم لعدّة سنوات بعيدًا و مُبعَدًا عن ممارسة عمله، لكونه يحمل فكرًا سياسيًّا مغايرًا لفكر الحزب الحاكم و سياسته الجائرة.

يُتبع...