Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الادبي > نبض الشعر > مثبت خاص بفؤاد زاديكه > خاص بمقالات و خواطر و قصص فؤاد زاديكه

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 06:52 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,026
افتراضي حالةُ الوعي بقلم: فُؤاد زاديكِى

حالةُ الوعي

بقلم: فُؤاد زاديكِى

تُعَدُّ حالَةُ الوَعْيِ مِن أَعْقَدِ حالَاتِ الإِنْسانِ الفِكْرِيَّةِ و الشُّعُورِيَّةِ؛ فَهِيَ مَزِيجٌ مِنَ الإِدْرَاكِ العَقْلِيِّ و الحِسِّيِّ تِجَاهَ الوَاقِعِ و التَّجَارِبِ الشَّخْصِيَّةِ و المَفَاهِيمِ المُجْتَمَعِيَّةِ. تَنْبَعُ أَهَمِّيَّتُهَا مِن دَوْرِهَا المُحَوَرِيِّ فِي تَوْجِيهِ سُلُوكِ الإِنْسانِ و اتِّخَاذِ قَرَارَاتِهِ وَ فَهْمِهِ لِمَعْنَى وُجُودِهِ، لَكِنَّهَا لَيْسَتْ حالَةً ثَابِتَةً بَلْ تَتَعَرَّضُ لِتَأْثِيرَاتٍ و تَنَاقُضَاتٍ مُعَقَّدَةٍ، تَخْلُقُ دَاخِلَ الذَّاتِ الإِنْسَانِيَّةِ تَفَاعُلَاتٍ مُتَجَدِّدَةٍ.

أَوَّلُ هَذِهِ التَّنَاقُضَاتِ يَتَجَلَّى فِي الصِّرَاعِ بَيْنَ الوَعْيِ الفَرْدِيِّ و الوَعْيِ الجَمَاعِيِّ، فَالإِنْسانُ يُحَاوِلُ دَائِمًا إِيجَادَ تَوَازُنٍ بَيْنَ مَا يَعِيهِ و يُؤْمِنُ بِهِ و مَا تَفْرِضُهُ عَلَيْهِ الجَمَاعَةُ الَّتِي يَنْتَمِي إِلَيْهَا. يَضَعُ هَذَا الصِّرَاعُ الفَرْدَ أَمَامَ مُفْتَرَقِ طُرُقٍ دَائِمٍ، حَيْثُ يَجِدُ نَفْسَهُ بَيْنَ رَغْبَةٍ قَوِيَّةٍ فِي الحِفَاظِ عَلَى اسْتِقْلالِيَّتِهِ و فَرْدِيَّتِهِ، وَ بَيْنَ الضُّغُوطِ الاجْتِمَاعِيَّةِ الَّتِي تَمِيلُ إِلَى طَمْسِ هُوِيَّتِهِ الخَاصَّةِ. و لَعَلَّ هَذَا الصِّرَاعَ يَتَزَايَدُ فِي وَقْتِنَا الحَالِيِّ بِسَبَبِ سُرْعَةِ تَغَيُّرِ المُجْتَمَعَاتِ و تَأَثُّرِهَا بِالتِّكْنُولُوجْيَا و أَشْكَالِ التَّوَاصُلِ الجَدِيدَةِ.

كَمَا أَنَّ لِلْوَعْيِ مَعْرَكَةً أُخْرَى، تَتَمَثَّلُ فِي مُوَاجَهَةِ الذَّاتِ و النِّزَاعِ الدَّاخِلِيِّ. فَالإِنْسانُ يَعِي غَالِبًا أَخْطَاءَهُ و ضَعْفَهُ، و يُحَاوِلُ جَاهِدًا تَحْقِيقَ المِثَالِيَّةِ، لَكِنَّهُ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ يُدْرِكُ حُدُودَ طَاقَتِهِ و قُدْرَتِهِ عَلَى تَحْقِيقِ هَذِهِ المِثَالِيَّةِ. تَبْرُزُ هُنَا حَالَةٌ مِنَ التَّنَاقُضِ الدَّاخِلِيِّ بَيْنَ طُمُوحٍ يَدْفَعُهُ لِلتَّطَوُّرِ، و مَشَاعِرَ مِنَ العَجْزِ قَدْ تُثْنِيهِ عَنْ تَحْقِيقِ هَذَا الطُّمُوحِ، مِمَّا يُوَلِّدُ أَحْيَانًا شُعُورًا بِالإِحْبَاطِ أَوِ القَلَقِ.

و لَيْسَ التَّنَاقُضُ هُوَ التَّحَدِّي الوَحِيدَ، الَّذِي يُوَاجِهُ حَالَةَ الوَعْيِ، بَلْ هُنَاكَ أَيْضًا تَفَاعُلُهَا المُسْتَمِرُّ مَعَ المَشَاعِرِ الإِنْسَانِيَّةِ، كَالحُبِّ و الخَوْفِ و الأَمَلِ. فَعِنْدَمَا يَقْتَرِنُ الوَعْيُ بِالخَوْفِ، قَدْ يُصْبِحُ الإِنْسانُ مُقَيَّدًا بِمَخَاوِفِهِ، غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى تَجَاوُزِهَا، مِمَّا يُحِدُّ مِن طَاقَتِهِ الإِبْدَاعِيَّةِ. أَمَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِالأَمَلِ، فَقَدْ يَجِدُ الإِنْسانُ فِي وَعْيِهِ دَافِعًا قَوِيًّا لِلنُّهُوضِ و التَّجَدُّدِ حَتَّى فِي أَصْعَبِ الظُّرُوفِ.

إِذًا، يُمْكِنُ القَوْلُ إِنَّ حَالَةَ الوَعْيِ هِيَ مِيدَانٌ لِتَفَاعُلٍ مُعَقَّدٍ بَيْنَ الفَرْدِ و ذَاتِهِ و مُجْتَمَعِهِ، بَيْنَ الطُّمُوحِ و الخَوْفِ، بَيْنَ الإِيمَانِ والشَّكِّ. فَمَهْمَا بَلَغَتْ دَرَجَةُ نُضْجِ الوَعْيِ لَدَى الإِنْسانِ، يَبْقَى فِي صِرَاعٍ دَائِمٍ، يَسْتَمِدُّ مِنْهُ قُدْرَتَهُ عَلَى النُّمُوِّ و تَطْوِيرِ ذَاتِهِ و تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ، الَّذِي يُجْعِلُهُ يَتَقَبَّلُ الحَيَاةَ بِكُلِّ تَنَاقُضَاتِهَا.

المانيا في ١٣ نوفمبر ٢٤
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; يوم أمس الساعة 11:47 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke