Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الثقافي > المنبر الحر ومنبر الأقليات

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-10-2007, 02:56 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,810
افتراضي هل يحقّ لتركيا أن تغضب؟ بقلم: فؤاد زاديكه

هل يحقّ لتركيا أن تغضب؟
بقلم: فؤاد زاديكه
ربما تكون العلاقة الاستراتيجيّة القديمة – الجديدة بين أمريكا و تركيا تمرّ في هذه المرحلة باختبار صعب, لكون لجنة من مجلس الكونغرس الأمريكي أقرتّ في الأسبوع الماضي بأغلبية ضئيلة قانون يعتبر أن ما حصل للأرمن من تعديات خلال الحرب العالمية الأولى عام 1915 من قبل السلطات العثمانيّة و عصابات الأكراد جرائم إبادة بحقّ الإنسانيّة. من المعروف أن هذا القرار يعارضه الرئيس الأمريكي بوش و حكومته لأنه, من وجهة نظره قد يتسبب بضرر كبير للسياسة الخارجيّة الأمريكيّة و حربها التي تشنّها على الإرهاب في جميع أنحاء العالم, و ربما يحاول السعي إلى عرقلته في مجلس الشيوخ علماً أنه قرار غير ملزم, و ليس هذا غريباً فقد صدر في فرنسا و في غيرها من البلدان الأوربية قوانين بهذا الخصوص تعتبر تلك الجرائم التي وقعت بحق الأرمن و المسيحيين عموما في تركيا بمثابة جرائم إبادة جماعية و على تركيا ليس فقط أن تتقدم باعتذار رسمي عن حصول هذه المجازر بعد الاعتراف بالقيام بها, بل بأن تقوم بالتعويض عن كل ما نتج عن ذلك من أضرار مادية و معنوية و هي لن تكون سهلة أبداً, فتركيا إلى هذا اليوم تقوم باحتلال 6 ولايات أرمنيّة., و تحاول تركيا بكل ما تملك من قوة و لغاية هذا اليوم الهروب من الاعتراف بوقوعها, و تسعى إلى التملّص من المسئولية الكبيرة لقاء تلك الأعمال الفظيعة و التي أدت إلى القضاء على الملايين من الأرمن و غيرهم من المسيحيين في تركيا بتهم باطلة لم يكن لها أي أساس من الصحة.
لعبت تركيا منذ أيام الإتحاد السوفياتي دور الحليف الاستراتيجي القوي و الدائم لأمريكا, فقد كان للحلف الأطلسي قواعد جوية و عسكرية كثيرة في تركيا, لكونها عضواً في الحلف الأطلسي (الناتو) و على الرغم من انهيار السلطة السوفياتية وعدم بقاء خطر رئيسي يتهدد الغرب من روسيا - بل على العكس فإن الغرب هو الذي يهدد روسيا من خلال إنشاء قواعد صاروخية له على الدول المجاورة لروسيا و التي كان بعضها أو أكثرها من دول الكتلة السوفياتية سابقاً- إلا أن تركيا لم تفقد دورها كموقع مركزي هام لأمريكا و قد عاونتها تركيا و لا تزال تعاونها من خلال وضع القاعدة الجوية في (أنجرلك) تحت تصرف الجيش الأمريكي لتقديم الدعم اللازم في حرب أمريكا في أفغانستان و العراق و ربما ستحتاجها في حربها القادمة مع إيران و التي أصبحت وشيكة الوقوع.
مهما يكن من أمر فإنّ منطق الديمقراطية الذي ينادي به الغرب و أمريكا يجب ألا يتم تسويقه لخدمة مصالح ذاتية ضيقة, فالشعب الأرمني و الشعوب المسيحية برمتها لاقت الويلات و القتل و التدمير و التخريب من قبل تركيا و من دعمها من فلول العصابات الكردية الماجنة و الحاقدة. أعني بهذا أنه لا يجب ومن أجل مصالح أمريكا أن تقوم بغض النظر كما حصل لغاية هذا اليوم على ما جرى دون أن تثيره و تدينه و من ثم تطالب بمحاكمة المجرمين. حقوق الشعب الأرمني و المسيحي التي ضاعت في تركيا بحيث دمرت بلداتهم و قراهم و تمّ تهجيرهم بقوة السلاح و العنف و الترهيب و قتل من قتلوا, إن هذه الجرائم التي تمّ ارتكابها من قبل تركيا بتلك الفظاعة و البشاعة, ليس من المعقول و المنطق و الحق أن تسقط لقاء مصالح أمريكا أو غيرها. الشعوب عانت و دفعت الثمن باهظا من حياة أبنائها و من تاريخها و من ثقافتها و من وجودها, ليس من حق أحد التلاعب بذلك المصير و تمييعه بموجب صفقات أو اتفاقات أو غيرها.
واقع الحق و العقل الإنساني و حقوق الإنسان المعترف بها دوليا ينطقون بالحكم الواجب و هو اعتراف تركيا بما فعلت و التعويض عن الخسائر التي تسببت بها. هذا فقط هو ما يمكن أن تفعله تركيا و ليس أن تغضب بمجرد أن يتم اتخاذ قرار في هذه الدولة أو تلك, تدين جرائمها التي يندى جبين الإنسانية لها. كيف تغضب من صدور مثل هكذا قرارات و هذا حق, و لا تغضب على كل ما فعلته بتلك الشعوب؟ إنها مهزلة و تناقض عجيب غريب!!
على تركيا أن تقوم بخطوة جريئة و قوية من شأنها أن يقوي حظوظها في الانضمام إلى صف العملاق الأوروبي, و هو أن تعترف بشجاعة كما اعترفت اليابان بفعل جرائمها و اعتذرت لكل الشعوب التي عانت من اليابان. أجل على تركيا أن تعترف بهذا و أن تعطي مجالا أوسع للحريات الدينية و الفردية و أن لا تحاول بناء دولة على أساس ديني جديد يمكن أن يكرّر الأخطاء السابقة بدل أن يسعى إلى تصحيحها و تحسين علاقة تركيا بتلك الدول التي أساءت إليها مثل أرمينيا و اليونان التي اعتدت عليها باقتطاع جزء من أرضها في قبرص و أعلنته دولة لم يعترف بها أحد لغاية هذا اليوم!
إنّ المشوار إلى أوروبا طريقه طويل جداً أمام تركيا أما محاولتها تحدي أمريكا, فإنّ هذا يكون ضرباً من المستحيل و هو لن يحصل. ففي يد أمريكا الكثير من الأوراق التي يمكن لها أن تستخدمها و متى وقفت أمريكا إلى جانب فرنسا و ألمانيا و غيرها من الدول الأوربية لمنع انضمام تركيا إلى عضوية الإتحاد الأوربي سيقضي على كل حلم تركي في الظهور بقوة اقتصادية و سياسية مؤثرة في المنطقة و العالم, و يمنك لأمريكا أن تبحث عن بديل لها عن تركيا في المنطقة و بهذا تصبح تركيا شأنها شأن أي دولة عادية, و يمكن أن تمنعها من توجيه ضربات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. و من خلال رؤيتي لما يجري فباعتقادي أن هذا الكلام لا يخرج عن حدود كونه فقاعات إعلامية ليس إلاّ. إذ ليس باستطاعة تركيا البتة التخلّي عن مساعدة و دعم أمريكا لها, و كذلك دعم إسرائيل. و من الملاحظ أن موقف أمريكا من تفكير تركيا و سعيها لضرب قواعد حزب العمال الكردستاني المتواجدة في شمال العراق و التي يبلغ عدد مقاتليها على حد قول تركيا 3000 آلاف مقاتل لا يزال هاجس تركيا الكبير في أن تمنعها أمريكا من ذلك و قد أنذرتها قبل أيام قليلة من مغبّة فعل ذلك في الوقت الراهن. تركيا تحتاج إلى موافقة أمريكية لدخول شمال العراق و متى قامت تركيا باتخاذ إجراءات عدائية فإن أمريكا لن تتساهل معها و كلنا يعرف أنه لولا المخابرات الأمريكية لما تمكنت تركيا من اعتقال زعيم الحزب (عبد الله أوجلان), و لولا أمريكا لما استطاعت القيام بعملية غزو لجزيرة قبرص و تقسيمها! إذاً لتركيا و أمريكا معا مصالح مشتركة لا يمكن أن يتنازلا عنها, هذا من ناحية و من ناحية أخرى فإن الحزب الجمهوري في أمريكا فقد السيطرة على مجلسي الشيوخ و الكونكرس, و ما سيتم اتخاذه من قرارات لن يكون بإمكان بوش و حكومته وقفه, خاصة متى كان حقيقة تاريخية دامغة مثل حقيقة مجازر الأرمن و المسيحيين في تركيا في سنة 1915. و نصيحتي لتركيا ألا تغضب كثيراً من قرار الكونكرس الأمريكي, بل عليها أن تغضب من نفسها على الذي فعلته بحق شعوب بريئة فتكت بها و دمرت بلداتها و سحقت كل مظاهر الحياة فيها بدافع الحقد و الغطرسة و الانتقام و حبّ الهيمنة و فرض منطق القوة. إنّ تركيا لها مصالح كبيرة جدا في العراق. منها الوقوف مانعا في وجه قيام دولة كردية مستقلة, و منها قضية كركوك و التركمان, و منها قضية مقاتلي حزب العمال الكردستاني, فهل يمكن لتركيا القفز على جميع هذه المصالح لكي تعادي أمريكا و تقف في طريق مصالحها في العالم و هي التي تحتاجها في كل هذه القضايا الخطيرة على الأمن التركي و المصيرية بالنسبة لدولة (أردوغان) الإسلاميّة؟ أعتقد جازماً لا. ليس بمقدورها فعل ذلك و هو ليس من مصلحتها البتّة.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:22 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke