Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
ولادة الفكرة. شعر منثور: فؤاد زاديكه
ولادة الفكرة الفكرةُ لا تلدُ من فراغِ الوهم
بل منْ رحمِ المعاناة و مِنْ وجعِ الألم. الفكرةُ تيّارٌ جارفٌ حيناً و صمتٌ مُطبقٌ حيناً آخر يجتمع فيها المتناقضان في ساح الوجدان فيتلاقيان و يتباعدان و يتنافران و يتوافقان. الفكرةُ هالةٌ روحانيّةٌ تُدركُ معنى الخشوع و تقوى على تداركِ صنوفِ اللهفة تتركُ بصماتِ عشقها على صفحةِ الذاكرة تبعثُ في الرحيلِ ثغاءَ الحلم تعاني من الوحدة تضجرُ منَ الصخب تميلُ إلى البوح يشدُّها الحنينُ إلى لذة السكوت إلى مرارة الإفصاح. الفكرةُ مجنونةٌ بطبعِها لأنها تشردُ كثيراً في شحوبِ الخوفِ و تشربُ مِن مجاري الفجيعة. الفكرةُ تعبّرُ عن عالمها من خلالِ إحساسها الخاصّ بهذا العالم إنها تتحوّلُ إلى كتلةٍ من شوق الرغبة ثم تخمد و تصيرُ رماداً و يموت دفءُ جمرِها و يخبو ألقُ بهائها. الفكرةُ نورسٌ يحلّقُ في مجاهل الغربة يبحثُ عن وطنٍ لا يتخلّى عنه يحنُّ إلى سلامٍ صار يفتقدُهُ يرغب في نطقٍ عَلِقَ في حنجرتِهِ فنمتْ من حوله أعشابُ الخوف و أشواكُ البلاء. الفكرةُ مقدّسةُ المبدأ، عريقةُ الأصول مضبوطةٌ بشواهدَ لا تستطيعُ التنكّرَ لها. الفكرةُ ابنةُ الحالة النفسية و العقليّة و الوجدانيّة الفكرةُ وحيٌ ربّانيٌّ لا يرغبُ في ارتكابِ الإثمِ و لا يُحسِنُ التعبيرَ عمّا بداخله الخوفُ من الخارج و الداخلِ الحاجةُ إلى الموتِ يدفعُها لكي تُعلنَ عن ولادةٍ جديدة لا تنتمي إلى واقعِ الخوفِ و لا تُخفى خلف ستائر التقاليد المشروخة و لا تنامُ على مضضِ الذلّ. الفكرةُ وُلدتْ حرّةً ستعيشُ حرّةً ستعبّرُ عن نفسها بحريّة إلى أن تموتَ حرّةً ثم تنبعثُ لآلاف المرات و يكون انبعاثها حرّاً فالحريّةُ هي مشيئةُ الله فهل نشاءُ أن نقتلَ فينا مشيئةَ الله؟ روحَ الله؟ عطاءَ الله؟ الفكرةُ قالت: إنّي لستُ من نفسي و لن أكونَ لنفسي فأنا منَ الحياة المقدّسة و سأعود إلى الحياة المقدّسة لأقدّسَ روحَ الله في وجودي. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|