Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الديني > المنتدى المسيحي

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-04-2011, 12:59 PM
المهندس نعمان صومي المهندس نعمان صومي غير متواجد حالياً
Junior Member
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 29
افتراضي مهندس المسيحية بولس رسول الامم (الجزء الخامس)

الى أورشليم

وفي أوائل ربيع سنة 58 ودّع بولس أهل فيليبي واصطحب لوقا وبعض معاونيه وأبحروا الى طرواس، ولكن الريح جرت بما لا تشتهي السفينة، فبلغوها بعد مشقّة وأقاموا فيها بضعة أيام. وفي ذات ليلة وقد أصغت الجماهير الى بولس مفسّراً آية المعلّم: انا هو القيامة والحق والحياة، وكان في عداد المستمعين شابٌّ جالساً على نافذة الطبقة الثالثة، فاعتراه النعاس فسقط الى الفناء الداخلي ميّتاً، فأصخب الأهل وأعولوا. فهرول بولس وانطرح على الجثة هاتفاً: باسم يسوع المسيح قم!! فقام الشاب، فرجّت المعجزة السامعين فأمسوا كأنهم سكارى وما هم بسكارى. ولكن بولس عاد إلى مكانه موصلاً التبشير، وكأنه لم يحدث شيء.
ولمّا بلغ ميناء ميليته بعث في طلب الإخوة في أفسس، ليودّعهم الوداع الأخير، وكان حاراً فما بقيت عين إلاّ دمعت، ولا سيما لما رفع يديه الخشنتين مُباركاًيدان لم تنبسطا للأخذ قط بل امتدّتا للعطاءوبعد رحلة شاقة، أرست السفينة في قيصرية حيث حلّ بولس ضيفاً على صديقه فيليب، وهو احد الذين هربوا اليها من اضطهاد بولس لعشرين سنة خلت، يوم كان بولس شاول المخيف. وأبلى فيليب بلاءً حسناً في الدعوة متنقّلاً بين السامرة ويافا. وكان أبا لأربع بنات كُنّ في مقدمة العذارى اللائي نذرنَ عفّتهنّ لله في الكنيسة الناشئة. واوحى الروح الى أغابيوس القاطن في أورشليم أن ينحدر الى قيصرية. فلما بلغها أخذ منطقة بولس وأوثق يديه ورجليه قائلاً: هكذا يفعل يهود أورشليم بصاحب هذه المنطقة ويسلمونه الى الأمم. فشقّ الخبر على أصدقاء بولس، وضرعوا اليه أن يكفّ عن المسير. وأراقوا دموعهم بين يديه. ولكن الدمع لم يفلّ من عزيمة الرسول شيئاً. فنظر اليهم قائلاً: لماذا تكسرون قلبي ؟إني لمستعدّ للموت في سبيل يسوع فكيف بالقيود؟. واستأنفت القافلة مسيرها الى أورشليم، وقد اكتظّت المدينة بالحجّاج قادمين ليقيموا سُنّة العنصرة، فنزل بولس ضيفاً على مناسون، احد تلاميذ الرب.اما الكنيسة الرسميّة فلم تستقبل أجلّ الرسل شأناً وأطولهم جهاداً، وأطلقهم لساناً، واعمقهم بياناً فيا لسخرية الأقدار!!.
وكان الإرهابيّون اليهود، أعداء بولس يسيطرون على الشارع، وشاركهم في بغضائهم متنصّرة الفريسيّين، وكان يعقوب أخو الربّ قد بلغ من الكِبَر عتياً، فهو أعجز من ان يبسط عليهم هيبته. اما الإخوة الذين فرحوا بقدوم بولس فكانوا من الوثنيّين الذين اعتنقوا المسيحية. ومثَلَ بولس ورفاقه أمام يعقوب والكهنة وقدّموا لهم ما جمعوه من عطايا المحسنين. وقصّ عليهم بولس بعض مآتيه وفلاحه في الدعوة، فانبسطت أساريرهم ولكنهم بدلاً من الثناء عليه ألقوا عليه باللائمة فقالوا له: كم ربوةٍ من اليهود قد آمنوا، وكلهم ذوو غيرة على الناموس، ولقد بلغهم عنك انك تصدُّ عن موسى فتنهي عن الختان والشريعة. فافعل إذن ما نحن آمروك به (إن عندنا هاهنا أربعة رجال عليهم نذر، فخذهم معك وطهّر نفسك معهم، وأنفق عليهم ليحلقوا رؤوسهم فيعرف الجميع أن ما بلغهم عنك ليس بشيء، بل انك ايضاً تسلك محافظاً على الناموس) وكان هذا الطلب أشدّ عليه من الصاعقة. أتراه يضحّي بحرّيته مذعناً للأمر؟ وفي إذعانه نكوص عن الميدان الذي فَيّحه ونقضٌ لما بشّر به. أفلا يتطرّق الشك به الى رفاقه من المسيحيين الذين نشّأهم على الحرية والتفلّت من قيود الناموس البالية التي أطاح بها الفداء؟
ونظر من جهة ثانية الى العاقبة الوخيمة التي تنجم عن تمرّده فخاف الانشقاق والتصدّع في أركان كنيسة لم تبرح في مهدها. ذلك الصراع المُرّ حزّ في قلبه ففطره. وكان عليه أن يختار أهون الشرّين من أجل المسيح، فلوى النسر عنقه وأطاع ليوفّق بين الكنيسة الأمّ وكنيسة الأمم. ألم يقل في رسالته الى الكورنثيين: (إني وإن كنتُ حراً حيال الجميع فإني عبدٌ للجميع). وبينما كان بولس ورفاقه في الهيكل يوم العنصرة رآه اليهود المتآمرون، وبينهم جماعة من أهل أفسس الذين شهدوا مواقفه وسمعوه فامتلأت صدورهم غيظاً عليه فصرخوا على الجاحد على الجاحد. هلِمّوا يا بني اسرائيل هذا هو هادم شريعتنا ومدنّس هيكلنا بالوثنيّين رفاقه. ثم تبادروا اليه من كل صوب، وجرّوه الى المكان الذي جرّوا اليه اسطفانوس قبل عشرين سنة، فخيّل اليه أنه سيلقى المصير نفسه بعد قليل، فانشرح صدره للقاء المعلّم، لكن ليسياس قائد الفرقة الرومانية أنقذه من بين أيديهم مُخدّش الجسد، ممزّق الثياب ولمّا بلغ أسفل الدرج حمله الجنود حملاً ليصدّوا عنه الجماهير الثائرة. وبرغم الألم الذي ناله والدم السائل من وجهه، ظل بولس مالكاً أعصابه ورُشده، فالتفت الى قائد الفرقة قائلاً: إني يهودي من طرسوس، مدينة غير مغمورة الصيت، فأرجو منك ان تأذن لي أن أكلِّم الجماهير. فأذن له فخاطبهم بالعبرية فازدادوا هدوءً فقال إني رجل يهوديّ، وقد ولدتُ في طرسوس، بيد أني ربيتُ في هذه المدينة وتأدبتُ في مجلس غامالائيل) ثم قصّ عليهم اضطهاده للكنيسة واستشهاد استفانوس وظهور يسوع له على طريق دمشق وانتدابه إيّاه رسولاً للأمم. فلما سمع اليهود لفظة الأمم استشاطوا غيظاً ورفعوا أصواتهم قائلين: خُذ مثل هذا من الارض لانهُ كان لا يجوز ان يعيش. فأمر قائد الفرقة ان يدخل بولس الثكنة ويُمتحن بالجلد، لكي يعلم لأيّ شيء يصيحون عليه هكذا. واقتيد بولس الى مكان الجلد وعرّي من ثيابه وشُدّ وثاقه. ولما بسطوه ليجلدوه قال بولس لقائد المئة المشرف عليه أوَيجوز لكم ان تجلدوا رومانيّاً ومن غير محاكمة؟ فلمّا سمع قائد المئة اقبل على قائد الفرقة خائفاً إذ علم انه روماني وقد كُبّل بالسلاسل فَحُلّت قيوده. وسلخ بولس ليله سجيناً في قلعة انطونيا. وفي الغد اجتمع مجلس السنهدرين لمحاكمته في الغرفة نفسها التي حُكم فيها اسطفانوس لعشرين حولاً خلت. وعرف الرسول كثيراً من الوجوه القديمة، ومنها وجه قيافا، وما زادته السنون إلا دمامةً فأصبحت غضونه اعشاشاً للشرّ والنفاق. وقلّما تُبدّل السنّ من طبع صاحبها. فأن السمّ لا يفارق الأفعى ولو شاخت. ولمّا همّ بولس بالدفاع عن نفسه، أمر حننيا رئيس المجلس خادمه فصفعه صفعة قويّة على فمه، رمزاً إلى قطعه من بني إسرائيل. وكان حننيا هذا فاجر فاسق، فالتفت اليه بولس وقال له: تحاكمني استجابة للقانون وتنتهك حرمة القانون فتضربني، فليضربك الله أيها الحائط المبيّض، فذكر السامعون قول المعلّم للفرّيسيّين إنهم كالقبور المكلّسة، ترى من الخارج بيضاء ملساء وحشوها عظام منتنة. ولقد استجاب الله دعوة بولس فيه، فقُتل غيلةً في مخدعه. ثم اثار بولس قضية القيامة فضحك منه الصاددوقيّون، وانتصر له الفرّيسيَيون، فتشاتموا ثم تضاربوا وساد الهرج و المرج، بسمع القائد الروماني ليسياس وبصره وهولا يعي من أمر الخصومة شيئاً.
ورُدّ بولس الى سجنه المظلم، وفكر في عزلته تلك أن ينفصل انفصالاً تامّاً عن الشعب اليهودي ويولّي وجهه شطر المدينة الخالدة روما. وما ان غمضت عيناه في الهزيع الأخير من الليل (بعدما نهكه التعب لكل ما مرّ به من احداث جسام أقلّها الضرب) حتى بدا له المعلّم واقفاً امامه، فقال بولس : يارب إيذن لعبدك أن يسأل، أتراني حسناً تكلّمتُ عنك أمام شيوخ إسرائيل؟ أجبني يا سيّد إن عبدك يسمع فقال له السيّد: طِبّ نفساً فكما شهدت لي في أورشليم فكذلك ينبغي أن تشهد لي في روما أيضاً.حينئذٍ استفاق بولس نشيطاً فرِح القلب، فما همّه حكم الناس ما دام المسيح راضياً عنه. ولما كان النهار إئتمر اربعون رجلاً من اليهود فأقسموا ألاّ يذوقوا طعاماً ولا يشربوا شراباً حتى يقتلوه. وأوطأهم رؤساء الكهنة والشيوخ، فطلبوا من القائد الروماني أن يسوقه الى السنهدرين ليدقِق في أمره فيثبّ عليه الكمين في الطريق فيبطش به. ولا غروى فاليهود أساطين الغدر وأعلامه على مر العصور، فليس بالمستغرب أن يتطوّع اربعون ذئباً، من ورائهم الشيوخ والكهّان ومجلس الأعيان لقتل الرسول الأعزل إلا من الحق، الفقير إلا من الروح، يحمل اليهم رسالة الحياة فيجزونه برسالة الموت. ولكن ابن أخت بولس علم بالمكيدة، فأسرّ الأمر الى الأمير قائد الفرقة فسيّره محوطاً بالحرس الشديد، متّخذاً من الليل مجنحّاً الى فيلكس والي قيصرية، مصحوباً برسالةحاوية هذه الصورة:(كلوديوس ليسياس يهدي سلاماُ الى العزيز فيلكس الوالي. هذا الرجل لمّا امسكه اليهود وكانوا مزمعين ان يقتلوه أقبلتُ مع العسكر وأنقذتهُ اذ أُخبِرتُ انه روماني، وكنتُ اريد ان أعلم العلّة التي لأجلها كانوا يشتكون عليه فانزلتهُ الى مجمعهم فوجدتهُ مشكوّاً عليه من جهة مسائل ناموسهم. ولكن شكوى تستحق الموت او القيود لم تكن عليه. ثم لمّا أُعلِمتُ بمكيدةٍ عتيدةٍ ان تصير على الرجل من اليهود ارسلتهُ للوقت اليك آمراً المشتكين ايضاً ان يقولوا لديك ما عليه. كُن معافى).. فلما قرأها الوالي قال: سأسمعك متى حضر خصومك. ثم أمر بحفظه في قصر هيرودس، ذلك القصر الذي شهد من مآسي القتل والفحشاء والمنكر، ما تكاد تحمرّ له الجدران خجلاً. وبعد بضعة ايام هبط حننيا من أورشليم إلى قيصرية، يصحبه الشيوخ ورؤساء الكهان ومُحامٍ روماني ناشيء يدعى ترتلوس، الذي افتتح المُرافعة بالتملّق والمصانعة والثناء تطرّق إلى الدعوى فأسندها إلى مزاعم ثلاث. أوّلها ان المتهم (بولس) ثائر شديد الخطر على الأمن، وثانيها أنه زعيم شيعة لم يؤذن لها بإقامة شعائر دينها، وثا لثها أنه دنّس الهيكل. وكانت كل واحدة من هذه التهم تستوجب عقوبة الموت. وكان الحاكم - على مُجونه ومظالمه – زكناً عليماً بحننيا وعصابته الأرذال، فالتفت إلى بولس مشيراً اليه أن يدافع عن نفسه، فانتصب المتهم واقفاً ويداه في الوثاق وقال للحاكم: إني لعلى بيّنة من أمري، وأنت بشأن هذه الأمة خبيروكأنه يقول له: أنت أدرى بمثالبهم. ثم دَحض مزاعم خصومه فمحاها كما تمحو الشمس الغمام. ولو كان فيلكس شجاعاً مُنزّهاً لقضى ببرائته، ولكنه جبان يستطيب الرشوة. ولمّا استفاض بولس في الكلام عن الطهارة والبرّ والقيامة والدينونة انخلع قلب فيلكس وتراءت له نيران الجحيم، فصرف بولس قائلاً: سأدعوك فيما بعد، وردّه الى السجن طامعاً بالرشوة. ولكن الوالي لم يضيّق على سجينه، فأباح له كثيراً من الحرية وأذن له في استقبال زائريه في سجنه، وكان يدعوه ويحدثه. وربما كانت بريسكلا امرأته تحدوه على ذلك، وكانت امرأة متّقدة الفهم تحبّ الاستطلاع وارتياد المجهول، وكان بولس في نظرها لغزاً.
ولا يحسبنَّ أحد أن بولس المحجوز الحرية كان يتثاءب ، فلئن قطعه الحبس عن التبشير الشفويّ، فلقد زاده تأمّلاً وتعمّقاً وادّخاراً للمستقبل. وكان يوآزر تلك الروح النبويّة الطبيب لوقا، المؤرخ الصافي الذهن، يستقي الأمور من مصادرها ومن الشهود الذين عايشوا المعلّم. ويرجّح أن صديقه الروماني تاوفيليوس الذي اعتنق الإيمان يسّر له سُبل البحث فكافأه لوقا بأن وجّه اليه مُستهل إنجيله. ولا ريب أن لوقا، في تلك الفترة جابَ الأماكن المقدّسة، وسعد بلقاء العذراء مريم، وعن لسانها الطاهر نقل أمر البشارة والميلاد والطفولة الحميمة، وكل الأمور التي حفظتها في قلبها الذي جار فيه الرمح، بحسب نبؤة سمعان الشيخ..
وخلَف الوالي فيلكس على سدة الولاية بروكوس فستوس. وكان قد مرّ على سجن بولس سنتان، لا لذنب جناه بل إرضاءً لليهود. وما كان حبس الرسول طوال تلك المدة كافياً لإخماد بغضاء اليهود، فما إن قدم الوالي الجديد، حتى خفّ اليه أقطابهم يسألونه أن يشخصه إلى أورشليم، وفي نيتهم أن يقتلوه في الطريق، فأبى عليهم الوالي ذلك، لتعذّر محاكمة رومانيّ، لدى محكمة مذهبيّة بدون رضاه. فخيّره في الأمر فقال بولس أنا واقف لدى منبر قيصر، وهناك ينبغي أن أُحاكم، الى قيصر أنا رافع دعواي. فقال الوالي، بعد استشارة مجلسه، إلى قيصر رُفِعت دعواك فالى قيصر تذهب.
ثم قدم قيصرية هيرودس أغريبا ملك فلسطين الشمالية، وكان يهوديّ الأصل، روماني الثقافة، عليماً بمذهب اليهود، وجيهاً مسموع الكلمة في روما وبيده تولية الكاهن الأكبر والرقابة على خزانة الهيكل. وعرف أغريبا بأمر بولس، وكان يسمع الكثير عنه فأمر بإحضاره إلى البلاط في اليوم التالي. وحفل البهو الكبير بأعيان البلد وأساطين الرومان، وخرج عليهم أغريبا بالحلة الملكية المشبّكة بالفضة والذهب الإبريز، وإلى جانبه أخته رافلة بالحرير يطوّق عنقها ويديها عقود الجمان، ومن حولها الوصيفات ونساء الأعيان. واقتيدا بول شاحب اللون، خلق الثياب، مرقوع الرداء. في ذلك المجلس البَطِر الزاهي زهوّ الطواويس انتصب الرسول، السجين الرثّ الإهاب، للكلام غير هيّاب. فما كانت المظاهر الخلاّبة لتفلّ من عزيمته، وهو مؤمن بأن تلك الابّهة الفارغة، والوجوه المتعجرفة تغطّي نفوساً خبيثة. فعرض في خطابه مَراحِل حياته، وارتداده، وعظمة الفداء، وبرهن أن يسوع هو الفادي المنتظر، وأنّ القيامة حقّ والدينونة حقّ. وكان الملك أغريبا صادوقياً يجحد القيامة، فهزّ رأسه استخفافاً، ولكنه كان عليماً بالتورات والنبوآت مُلمّاً بالنواحي المذهبية. أما فستوس فكان وثنيّاً لا يُعنى بهذه الشؤون. فحسب بولس مهووساً يضرب في الخيال، فقاطعه بصوت جهير قائلاً: لقد جننت يا بولس، إن علمك الكثير يؤول بك إلى الجنون، فقال بولس إني لستُ بمجنون أيها الشريف فستوس، وإنّ الملك الذي أتكلم بين يديه بجرأة لعارف بهذه الأمور فما يخفى عليه منها شيء، لأن ذلك لم يجرِ في زاوية، أوَ تؤمن بالأنبياء أيها الملك أغريبا؟ أنا أعلم أنك تؤمن بهم، فقال أغريبا لبولس انك بقليل ستقنعني أن أصير مسيحيّاً، فقال بولس، شاء الله بقليل كان أم بكثير، أن تصير لا انت فقط، بل جميع الذين يسمعونني اليوم أيضاً إلى ما أنا عليه، ما خلا هذه القيود. ذلك هو الروح الذي كان ينطق بفم بولس، لكنه لم يصادف موقعاً في القلوب المُصفِرة من الإيمان. أمّا الرومان فضحكوا، أمّا الملك فتكلّف الابتسام، ولكنه كان بقرارة نفسه منفعلاً بكلام بولس، معجباً بذلك الدفاع القيّم، لذلك قال للوالي فستوس، لقد كان ممكناً اطلاق سراح هذا الرجل، لو لم يرفع دعواه إلى قيصر. ولم يبلغ انفعال أغريبا درجة الانقلاب النفساني الداخلي الذي يزهّد المرء بالدنيا فيضحّي بملذاتها ويعمل للآخرة. وكان أغريبا وزوجته آخر سلالة هيرودس، تلك السلالة القاتلة للأنبياء والمرسلين، فتوارت في الزمن إلى غير رجعة.
ولم يكن ليخطر ببال أحد من شهود ذلك المجلس أنّ الرسول العليل النحيل البدن، الرثُ الثياب سيُخلّد إلى الأبد. وأنّ الملك والوالي والشيوخ سيذهبون مع الريح غباراً، وأن أسماءهم يمسكها التاريخ بسببه، فيكون هو النصّ وهم في باب التعليق على الحاشية، وأنّ الأوّلين يصيرون آخرين، ويصير الآخرون أوّلين، تلك هي سُنّة الله ولن ترى لسنّة الله تبديلا.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-04-2011, 08:17 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,567
افتراضي

كلمات الشكر وحدها لا تفيك حقك يا أستاذ نعمان على هذا الجهد المبارك الذي خرج غلينا بهذه السلسلة من المقالات القيّمة عن الرسول بولس مؤسس الكنيسة. الرب يبارك جهودك الخيّرة. و كل عيد قيامة و أنت بألف خير مع العائلة الكريمة.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-04-2011, 03:43 PM
المهندس نعمان صومي المهندس نعمان صومي غير متواجد حالياً
Junior Member
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 29
افتراضي

شكراً يا أخينا العزيز فؤاد...
صدقاً ياغالي.. مرورك الكريم وتعليقك الجميل يُسعداني..
مع مودتي وتقديري..
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:43 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke