Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
الأسد وولاية الثعالب بقلم/ فؤاد زاديكى القسم السابع
الأسد وولاية الثعالب بقلم/ فؤاد زاديكى القسم السابع أقام الملكُ الأسدُ أسدًا حاكمًا عسكريًّا على ولاية الثعالب, يساعدُه في إدارة شؤونها مجموعةٌ مشتركةٌ من الأسود والثعالب الانتهازيّين, الذين تعاونوا مع إدارة الأسود, إمّا خوفًا أو تملّقًا أو رغبةً بالحصول على منصبٍ أو جاهٍ لدى السلطان الجديد, وبالطّبع فإنّ هذه المجموعةَ من الثعالب الانتهازيّة, التي تعاونت مع الحكم الجديد, كانت فقدت احترامَ أغلبيّة ولاية الثعالب لها بسبب هذا السلوك غير الأخلاقي الذي اتّبعته في التعاون مع المستعمرين. كانت ولاية الثعالب من أكبر الولايات التابعة للمملكة من حيث عدد القاطنين فيها, كما كانت أغناها لما فيها من ثروات وخيرات ومعادن وبترول, وهذه الأسباب مجتمعة جعلت مِنْ ولاية الثعالب هدفًا دائمًا من قبل مملكة الأسود, التي سعتْ وبشتى الوسائل إلى إخضاعها طمعًا في هذه الثروات الغنيّة, والتي كانت المملكة في حاجة ماسّة إليها. بهذا يكون الأسد الملك قد ثبّت أركانَ حكمه, و كان أنْ أعطى الحاكمَ العسكريَّ الجديدَ صلاحياتٍ مطلقةً في أوامرِ وتعليماتِ الاعتقال والسجن بدون محاكماتٍ وغيرها ممّا يندرج تحت باب العمل بالأحكام العرفية, وأطلق يدَه حرّةً في كلّ شيء في تصريف الإدارة كما يريد وفي قمع الحريّات وإسكات الأصوات المعارضة أو تلك المطالبة بجلاء الأجنبي وبإلغاء القوانين العرفية منذ بدأ حكم الولاية من مملكة الأسود حكمًا مباشرًا. لم تمضِ أسابيعٌ وشهورٌ قليلةٌ على ما حصل حتى بدأ التذمّرُ والشكوى والتململ يسودُ كافّةَ أرجاءِ ولاية الثعالب وبدأ الثعالب يُحسّون بالغبن الحقيقيّ من سطوة هذا النظام القاسي, وكان يتمُّ إخراسَ وإسكاتَ كلِّ صوت معارض إمّا بالتصفية الجسدية المنظّمة والمخطّط لها أو بالسجن أو بالنفي إلى مملكة الأسود حيث ينتظرُهم المصيرُ المجهولُ, وكم غاب كثير من الثعالب في غياهب السجون هناك ولم يروا النور بعد ذلك! وكان كلّما زادت طريقة العنف والترهيب التي تمارسها هذه القوّة المحتلة لولاية الثعالب, كان الغضب يزداد بين صفوف عموم الثعالب, فظهرتْ بينهم قياداتٌ ثوريّة تعارضُ وتقاوم الاحتلال, وقرّرتِ العملَ السرّيَّ من خلال تشكيل خلايا تنظيميّة تتشاور فيما بينها في اجتماعات سرّيّة تدعو إلى التخلّص من هذا الحكم الجائر الذي حوّلهم إلى عبيدٍ تابعين وحرمهم من أبسطِ حقوقهم واستغلّ خيراتِ ولايتهم. حاولتْ هذه القياداتُ والتي كان لها وزنٌ عشائريٌّ ودينيّ في مجتمع الثعالب أنْ تتخلّصَ وبأية طريقة من حكمِ الأسد الجائر الذي أذاقهم الويل, وحرمهم من كلِّ شيءٍ, لقد صاروا أذلاّء لا حولَ لهم ولا قوّة, وكان من شأن عملهم السرّي هذا أنْ قرّبَ وجهاتِ النّظر بينهم وأنساهم ولو مؤقتًا خلافاتِهم التي كانتْ قائمةً بينهم منذ زمن طويل, فالعدوُّ الآن مشتركٌ والجميعُ يعاني من ظلمه وبطشه, والأولويّة في الظرف الرّاهن هي العملُ على التخلّصِ من هذا الحكم, والكلُّ عليه أنْ يعملَ بإخلاصٍ وبيدٍ واحدةٍ إلى أن تتحقّق رغبتُهم في التحرّر فالخطر يُحْدِق بهم جميعًا, والكلّ مستهدفٌ في ذلك. كان الاتّفاقُ من قبل الجميع على أنْ يتمَّ تأجيلُ خلافاتِهم إلى أن يتحّقق لهم التخلّص من حكم الملك الأسد, وأنْ لا يصير إلى البحث في المشاكل الخلافيّة التي تُضْعِفُ صفّهم في مقاومة الظلم الحاصل لقاءَ احتلال مملكة الأسود لولايتهم. وإلى أن يصيروا أحرارًا عندها سيعملون بروح المسؤولية على مناقشة وجهات النظر المختلفة والآراء المتباينة, وحيث كان لكلّ مجموعةٍ وجهةُ نظرها الخاصّة, وبرنامجُها الذي تعمل من أجل تحقيقه. تمّ في هذه الاجتماعات الإعلان عن المقاومة المسلّحة المشروعة للتخلّص من الاحتلال الذي بثّ الرّعب في نفوسهم وقلوبهم ولم يَعُدْ يُسْمَعُ غيرُ أخبار الإعدامات والتعذيب والسجن والنّفي, وغير ذلك من الأساليب القذرة التي يمارسها المحتلُّ عادةً في البلدان التي يحتلّها. كانتِ الاجتماعاتُ تُعْقَدُ بعيدًا عن عيونِ السلطة المحتلة الحاكمة, وذلك في أماكن سرّية أو في البراري وكان تحرّكُهم حذرًا للغاية حتى لا يثيروا انتباهَ الحاكمِ العسكري وعملائِه المأجورين. وأدرك هؤلاءُ الثعالب أنّ إمكانية التخلّص من حكم الأسد في الولاية متوفّرة, وأنّ بإمكانهم إنهاء هذا الحكم الاستبدادي العسكري لكنّ الخطرَ في أن يتمّ لمملكة الأسود إعادة فرض السيطرة مرةً أخرى, كان قائمًا بل أنّه كان الهاجس الأكثر إثارةً للقلق والخوف من فشل أية محاولة للتحرّر, لذا وانطلاقًا من هذه الرؤية قرّر الجميعُ أن تتمّ الاستعانةُ بولاياتٍ أخرى مجاورة لهم والتي كانت تعاني هي الأخرى من تذمّر كبير من تصرّفات الملك الأسد في التدخل المستمرّ في شؤونها وإعلان عقوباتٍ عليها وممارسة ضغوطات, معتقدين أن الفرصة الآن سانحةٌ للجميع للتخلّص بشكل تامّ من حكم الملك والعمل على إعلان نظام دستوري في المملكة لا يقومُ على الاستبداد واستغلال النفوذ وتسييس القانون وتجاوز الدساتير العادلة. اتّجهَ هؤلاءُ الزعماء في مهمةٍ سرّيةٍ إلى الولايات التي كانت من ضمن انتمائهم العشائري مثل ولاية الذئاب والضباع, عارضين عليهم الفكرة, وراجين مساعدتهم من أجلِ التخلّص من عدّوهم المشترك, والذي هو الملك الأسد, وكان القبولُ والتجاوبُ من قِبَلِ زعماء ولايَتَي الذئاب والضباع فوريًّا, فصار الاتفاقُ على بنودٍ عامّةٍ وخطواتٍ أساسيّةٍ تنظّمُ العملَ المشتركَ بينهم, ولم يُفاجأْ الثعالبُ بقرارِ موافقةِ الضباع والذئاب لأنّ المعاناة كانت واحدة والعدو هو ذاته لجميع المجتمعين, ولأنّ شظايا هذا الظلم من الأسد كانت قد طالت هذه الولايات فقامتْ عداواتٌ بين المملكة وبينها. استمرّتِ اللقاءاتُ أسابيعَ طويلة وصار الاتّفاقُ على أن يتمّ تطبيقُ بنود خطّةٍ بعد الإطاحةِ بحكم الأسد, والذي شجّعهم على تنفيذ هذه الفكرة والخطة أنّ الأسودَ كانت تعاني من ظلم الملك فصارت تكره حكمه وتتمنّى ساعة التخلّص منه, وهذا ما شجّع المجتمعين على ذلك, فالأسودُ في المملكة وخاصة من الطبقات الفقيرة, كانوا يعيشون ظروفًا سيئةً جدًّا, فيما كانت الطبقة المقرّبة من الملك الأسد تتحكّم في أمور ومقدّرات الشعب, وتنهبُ خيراتِه لمصلحتها الشخصية ومصلحة المتعاملين معها. كانَ من أهمّ البنود التي تمّ الاتفاق عليها وأقرَّ الجميعُ العملَ بها كوثيقةٍ وطنيّةٍ للخلاص وللتخلّصِ من حكم الظلم ولإعادة الأمن والاستقرار والهدوء إلى جميع الولايات من خلال تنصيبِ ملكٍ آخرَ يملك ولا يحكم ولا يكون له دور الحاكم الفرد المطلق الذي بيده كلُّ شيء: - إلغاء قوانين الأحكام العرفية السائدة, منذ زمن طويل. - إطلاق سراح المعتقلين في سجون المملكة, والذين يقبعون في هذه السجون منذ أعوام طويلة ودون محاكماتٍ عادلة, وبدون توجيه تهم محدّدة لهم. - إطلاق الحريّات العامّة. - احترام مبدأ التعدّدية. - احترام مبدأ الاستقلال الذاتي ومنع التدخّل في شؤون الآخر تحت أيّة مبرّرات أو دواع أو ذرائع. - التعاون غير المشروط بين المملكة وبقية الولايات على أساس من العدالة والإنصاف وعدم إجحاف بالحقوق. - تعديل القوانين والدساتير وإلغاء ما كان مجحفًا بحقّ الأغلبية من جماعة الأسود. - نبذ العنف ورفض مبدأ التعامل بالقوة لإسقاط حكم والٍ أو لاحتلال ولاية وفرض الهيمنة عليها. - جميع الخلافات القائمة بين المركز والولايات يتم حلّها بالحوار ولغة التفاهم بعيدا عن استخدام القوة. - اعتبار هذه الوثيقة مُلْزِمَةً للجميع وأنّ أي خرقٍ لأيِّ بندٍ من بنودها من أي طرف يعرّضه للمحاسبة والمساءلة. بعد الاتفاق على مجمل هذه البنود, تمّ التوقيعُ عليها من قبل جميع الأطراف, وصارت وثيقة ملزمة لهم في الحال, ويبدأ التطبيق فورَ إسقاط نظام الحكم العسكري في ولاية الثعالب وبالقضاء على الملك الأسد وتغيير النظام في المملكة, فيما استمرّت القيادات العسكرية وأصحاب الخبرة والكفاءة في مجال الخطط العسكرية في اجتماعاتها وهي تعرض الخطط الكفيلة بإسقاط حكم الملك بأقلّ ما يُمْكِنُ من الخسائر. يتبع... التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 26-04-2024 الساعة 04:40 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|