Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
المقامة النونيّة في الهزيمة الشيطانيّة. يقلم: فؤاد زاديكه
المقامة النونيّة في الهزيمة الشيطانيّة بقلم: فؤاد زاديكه أراد الشّيطانُ أن يختبرَ الإنسان في هذا العصر التعبان، الذي طغى عليه الكفر و ساد الطغيان، فانعدمَ الأمان و فُقِدَ الحنان و صارَ الإنسانُ عبداً للرذيلة و الأضغان و خادماً للمالِ و السلطان. في عصرٍ بيعَ فيه الإنسانُ بأبخسِ الأثمان. أصاب الهلعُ و الرجفانُ قلبَ الشيطان الجبان، و شعر بالخيبة و بشدّة الغثيان، لأنّ شرَّ الإنسان صار في كلّ مكان، و خاف بهذا أن يفقد هيبته و الاتزان فعاش حرقةَ الهم و ذاق مرارة الأحزان. أراد الشيطانُ الانتقامَ من الإنسان الذي خلخل مكانته و زعزع الأركان، فأقسم بالتوراة و بالإنجيل و بالقرآن و بدونيّة الإنسِ و علوّ الجان و بالقمر و الشمس و الأكوان و بالشجر و بالطير و الحيوان، و بكلّ حشرةٍ تدبُّ و عشبٍ يبان أنّه سيلقّنُ الإنسانَ دروساً في الخضوع و الذلّة و الامتهان، و بأن يجعله عبرةً لجميع الأزمان. نصب الشيطانُ الشباكَ و حضّر الأكفان، و تفنّن في إبداع الشرور بحضور جميع الأعوان من مملكة الخبث و الفجور و البهتان ليغزو الإنسان و يسحقه بلا توان. تحرّكتْ الجيوشُ و اتّجهت إلى كلّ صوبٍ و مكان فنشرتْ بذور الشك لزعزعة الإيمان و أظهرت أنّ الخيرَ مضيعةٌ للوقتِ و أن لا خير في الأديان فهي ليست بشأن، لأنها خضوع لله و هي ذلةٌ و هوان، و أنّ كلّ الشأن في شذوذ الفتيان و في ملاحقة النسوان و في شرب الخمر و ملاعبة القيان. أمِلَ الشيطانُ في تحقيق النصر في هزيمة الإنسان، لكنّ أمله ذهب أدراج الريح، و صار إلى الخذلان لأنّ الإنسان فاق عليه في صنع الشرّ الطعّان و في نسيان الربّ الرحمن و قلّة الإيمان، فصار عبداً للخطيئة و بؤرةً للفساد و الأدران. حزن الشيطان لخسارته أمام الإنسان، مع أنه ملك الجان و هو قويّ البنان، شرسُ الجنان. لقد صار الإنسان المنافق و الكذّابُ و الخوّان، ملكَ هذا الزمان صانع بطولات الحروب و الإرهاب و الفلتان و قاتل الأطفال و الشيوخ و النسوان، و سارق أخيه و بائع شرفه لقاء قليل من الأثمان. حزن الشيطان لسيطرة الإنسان على المكان و الزمان، فقدّم استقالته في تصريحٍ و بيان، لأنَّ الإنسانَ صار شيطاناً جديداً في هذا الزمان. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|